|
الثورة العاقلة
إياد الغفري
الحوار المتمدن-العدد: 6077 - 2018 / 12 / 8 - 02:27
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
ينسب قول معين لأحدهم، طبعاً غالبية الأقوال لا علاقة لها بمن تنسب إليهم ولكننا نتقبلها على أنها من بنات أفكارهم. فنحن محكومون بالتصديق. قضية توثيق من قال ماذا... ولماذا...؟ دونها خرط القتاد، لذلك نتجاوز التوثيق ونحسب الأقوال لمن نسبت إليهم، مع العلم والله أن غالبية مبتكري "الإيفيهات" الحالية من أصحاب البوزات والغلايين والكروش والسكاسيك، قد سبقهم لها رجال رعى القمل في لحاهم في العهود البائدة... وأغلبهم أطلق عليه يومها لقب درويش أو صعلوك وليس أستاذ... ونهايتهم كانت على يد أبي عمرة أو بالسل وليس بالتخمة والشحوم الثلاثية. **** في فترة الدراسة الثانوية كتبت في امتحان مادة الديانة "إني أرى في الرياضة حياة".... ونسبت القول المذكور للنبي العربي أخرجه البخاري، مدرس الديانة لم يعترض على إشكالية نسبة القول... ومنحني العلامة التامة. أنا أفهمه اليوم خصوصاً أن هذا حصل في ثمانينات القرن المنصرم وأي اعتراض على نسبة النص يومها كان يمكن أن يؤدي لفرم المعترض، وفقهياً لا يوجد إثبات عقلي أو نقلي على أن الرسول العربي لم يقل هذا. **** **** سبب هذه المقدمة هو القول الذي ينسب للعشرات ولا يعرف من قاله أول مرة إلا الله: من لم يكن شيوعياً عندما بلغ الثامنة عشر فليس لديه قلب، ومن ظل شيوعياً حتى بلغ الثلاثين فهو بلا عقل. قول على قسوته إلا أنه يحمل الكثير من الحقيقة في طياته، كذلك هي الثورة السورية، من لم ينحز لها في 2011 و 2012 فهو بلا قلب. **** **** البعض يحمل علم الثورة بغض النظر عن تطوراته، بنجمتين أم بالشهادتين أم بالسيف... يناضل وهو على قناعة تامة بأهمية دوره في الحراك، يتكلم عن الثورة وكأنه يمكن لها أن تقاد من باريس و إسطنبول، ويتناسى أنه لا يوجد ثورات بالتحكم عن بعد، سيدي... تلك التي تحرك عن بعد تسمى حروب أهلية، ومن يقرعون لها الطبول يسمون أجهزة استخبارات ومرتزقة وليس نخباً، ومن يموت فيها يسمى ضحية وليس شهيداَ. **** نحن خوارج سوريا، من غادروا لحماية أقفيتهم الشخصية، أو "والله مو مشاننا... مشان ها الأطفال يكون عندهم مستقبل أفضل" كما أسمع من العشرات. نحن أخر من يحق له المزاودة وبيع المواقف، أقول لمن يدعي أنه ضحى بمنزل في بساتين العدوي، تذكر بأنك حصلت على منزل في البلاس دي إيتالي، وهي والله أجمل من العدوي وبساتينها كلها... **** ذكاء النظام الذي يحكم سوريا منذ بداية الخمسينات، يكمن في قدرته على تفريغ البلاد من النخب... وما قامت به السلطة في التسعينات وما تلاها من سنوات عجاف، هو نفخ أشباه النخب ومنحها الثقة بأنها نخب. بينما توارى من يمكن أن تكون لهم قيمة أدبية أو فنية، في دوائر الترجمة، في مهن وحرف يدوية، أو في مصحات العلاج النفسي. **** لنعد إلى نجوم الثقافة والحراك الثقافي الثوري.... غالب من طبلوا للثورة "إلا من عصم ربي" تناسوا مصادر رزقهم قبل 2011 تناسوا إمكانياتهم، خلفياتهم، صداقاتهم.... وعلاقة تمويلهم بجهات مشبوهة من أمثال أبناء المسؤولين وشركاتهم الإنتاجية أو الدعائية. اليوم وبعد أن انكشف غبار المعركة، وصار بالإمكان رؤية بصيص نور لنهاية المأساة، سيعود الملايين ممن غادروا.... طوعاً أو مكره أخاك... ولا يوجد مشكلة في هذا... لكن النخب التي تحسب نفسها على الله نخباً والتي لم يُقدِّر لها المولى أن تلقى وجه كريم، عندما ستعود... هل ستتابع مسيرتها النخبوية كالسابق؟ هل يعود نجوم الثورية ليستكتبوا في الصحف النظامية؟ وهل سنشهد على صعيد الفكر ومدعيه من سيرقص بأكثر مما يقرع له بالطبل؟ أحد قادة الفصائل في دوما، أرسل لصديق صورته في مكتبه الجديد... أقسم لي الصديق أن مكتب ضابط في الأمن لا يحتوي صور للقائد وأبيه وأخيه كما يحتوي المكتب العقاري للثائر السابق. هل نتوقع في سفر العودة القادم، مقالات لمفكر ثوري "حالياً" تتحدث عن المنطلقات النظرية وقدرتها على استيعاب متطلبات العصر والمستقبل؟ **** أرجو أن يتمكن من أقصدهم من التصالح مع أنفسهم، وأن يتذكروا بأنهم كانوا جزء من المشكل ولم يكونوا في يوم من الأيام عنصراً من عناصر الحل، وأن تكون لديهم الشجاعة كيلا ينسلخوا عن جلودهم ثانية ليرتدوا الجلود التي خلعوها سابقاً. طبعاً هناك جيل الفيلة، التي ستنسحب إلى مكان قصي، ولن يسمح لها كبرياؤها بالتحول، وهم قلة لا أعتقد أن العمر سيطول بها لعيش هذا الصراع الداخلي. **** عندما تكف النخب المرتزقة عن التلون حسب البيئة المحيطة، وعن الانسلاخ، عندها ستحين الساعة، سيتحول بعض من الرماديين، لينسلخوا عن رماديتهم.... لن يتحولوا كبقية المرتزقة من ضفة لأخرى.... بل سيعلنون الثورة، الثورة على القيم التي أنجبت هذه الأنظمة وهذه المعارضات. تلك ستكون ثورة عاقلة، محكومة بالفشل، لكنها عاقلة.
#إياد_الغفري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإدمان
-
رسائل إلى سميرة (1823)
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|