|
من أجل نصف كرون
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 6075 - 2018 / 12 / 6 - 23:15
المحور:
الادب والفن
كانا من شبه مدينة، تقع في الشمال السوري ( أو الكردي لو شئتم! ). لقد وجدا نفسيهما مرة أخرى في مدينة صغيرة، تعدّ أيضاً في جهة الشمال السويدي. أحدهما، وليسامحني القارئ لو دَعَوته ب " الخسيس "، كان يقيم على الجانب الأعلى من الشارع الرئيس، الذي يشق الضاحية السكنية وصولاً إلى شاطئ بحيرةٍ تتصل بالبحر ومن ثم بالمحيطات. الآخر، مواطن الخسيس، وكان صديقه أيضاً، أوى إلى شقةٍ تقبع تحت ذلك الشارع مباشرةً. لقد كانا وحيدين، تقريباً. ولو أنهما على شيء من الوفاق، في الطبع على أقل تقدير، لأقاما معاً بغية طرد الوحشة وبالأخص في ليالي الشتاء الطويلة. كذلك كان من الممكن أن يوفرا بعضَ المصاريف غير الضرورية، وفي المقابل، أن يكسبا سويةً من تأجير إحدى الشقتين بمبلغ ضخم ـ كما يفعل الكثير من الأجانب، ودون حاجة لإعلام السلطات بطبيعة الحال. ذات يوم صيفيّ، تلقى الخسيسُ صديقه متذمراً حينَ زاره هذا في شقته: " إنك لا ترد على نداءاتي، سواءً في الماسنجر أو الفيسبوك؟ ". وكان جواب الآخر، أنه جاء بنفسه على أيّ حال بدلاً من تجشم الرد على نداءاته. تمتم الأول بامتعاض: " ولكنك لم تكن لتخسر شيئاً من جيبك لو رديت ". ثرثرا لبعض الوقت، ثم ما لبث المضيف أن قام إلى المطبخ ليعد الشاي. لما كان الضيف يرشف من قدحه مستمتعاً بمذاق الشاي الساخن، أنصتَ لصديقه دونما رغبة. إلى أن قال له هذا الأخير: " أعرفُ أنك تصرف أسبوعياً حوالي مائة وخمسين كروناً.. " " بل وأنتَ الصادق، نصف هذا المبلغ! "، قاطعه مصححاً الرجلُ المتجاوز الخمسين من العُمر. هزّ المضيف رأسه بحركة تفهم: " حسناً، وفي وسعك أن توفر هذه الخمسة وسبعين كروناً إذا شئتَ. أضف إلى ذلك، أنك ستتمتع بطعام وفير ونزهة ممتازة ". اكتفى الضيفُ بتحرك حاجبيه، كعلامة استفهام. هنا، شرحَ له الآخرُ أنهما سيقومان بزيارة صديقهما، فلان، المقيم في مدينة تبعد ساعةً بالقطار: " كلانا بإمكانه الركوب مجاناً، كون بطاقة الأوتوبيس الشهرية تصلح للقطار أيضاً ". أما ما جرى مع الصديقين ثمة، في تلك المدينة، فإنّ رواية كلّ منهما كانت مطابقة نوعاً لرواية الآخر. باختصار، أنهما حالما دلفا هنالك من القطار اختلفا حول مَن منهما سيأخذ على عاتقه الاتصال بصديقهما. هذا الصديق الفلاني، كان بالطبع يجهل أمرَ زيارتهما الكريمة. الخسيس، قال لمعارفه فيما بعد يشكو رفيق الرحلة الخائبة وهوَ يغلي سخطاً: " ياو، ياو..! لقد فضّل أن نؤوب على أدراجنا إلى القطار، العائد إلى مدينتنا، لأجل فقط أن لا يخسر نصفَ كرون ثمن مكالمة هاتفية ".
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شيرين وفرهاد: الفصل السابع 1
-
لقيط
-
شيرين وفرهاد: الفصل السادس 5
-
شيرين وفرهاد: الفصل السادس 4
-
شيرين وفرهاد: الفصل السادس 3
-
غسق أزرق
-
شيرين وفرهاد: الفصل السادس 2
-
شيرين وفرهاد: الفصل السادس 1
-
شيرين وفرهاد: بقية الفصل الخامس
-
تورغينيف وعصره/ القسم الخامس
-
شيرين وفرهاد: الفصل الخامس 2
-
شيرين وفرهاد: الفصل الخامس 1
-
شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 5
-
طريدة منفردة
-
شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 4
-
تورغينيف وعصره/ القسم الرابع
-
شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 3
-
تورغينيف وعصره/ القسم الثالث
-
شيرين وفرهاد: الفصل الرابع 2
-
تورغينيف وعصره/ القسم الثاني
المزيد.....
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|