أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حاتم جعفر - حميد محسن: سلاما على روحك الطاهرة















المزيد.....

حميد محسن: سلاما على روحك الطاهرة


حاتم جعفر

الحوار المتمدن-العدد: 6073 - 2018 / 12 / 4 - 15:06
المحور: الادب والفن
    


حميد محسن: سلاما على روحك الطاهرة

في هذا النص بعض خيال

طيب الذكر حميد محسن وبعد أن تولّى إدارة مقهى الشبيبة بمساعدة ولده اﻷكبر وعلى ما أظن إسمه سعد، بدأت تدب بينهما العديد من الخلافات، سببها الإثنان معا، فاﻷول شديد التوتر والعصبية والثاني عنيد وملحاح. للحديث عن هذا الموضوع والذي مضى عليه قرابة اﻷربعة عقود، سنختصره على الشكل التالي: الإبن، تعوَّدَ على ملاصقة المذياع ومنذ لحظةدخوله المقهى وحتى مغادرته، وليس مهما في ذلك إن كان البث متوقفاً أو يأتيك متقطعاً ومشوشاً، بل حتى لو كان المقهى مزدحماً برواده، والمشكلةستكون أكبر فيما لو تصادف تنقله من موجة الى أخرى مع وقت الظهيرة، والتي عادة ما تشهد إقبالاً وإزدحاماً شديدين. اﻷنكى من ذلك هو موقع الرف الذي يحمل المذياع، حيث ينتصف المقهى، بعد أن عجز أبو سعد عن إيجاد مكان آخر أفضل منه، رغم كل المحاولات التي بذلها في سبيل ذلك، كي لا يتسبب في إزعاج رواده، أو ما سيترتب على تشغيله ما يعكر صفو أحاديثهم واﻷهم من ذلك راحتهم، لكن للأسف هذا ما جرى.
فمن غير سابق إنذار تجد سعد وقد إتجه مباشرة نحو المذياع، ليعبث بموجاته وتغيير محطاته وبأعلى صوت وعلى غير هدى، ومن دون أن يبالي أو يعير إهتماماً لشروط المكان، مما سيتسبب في إحداث فوضى عارمة ستعمُّ أرجائه، وسيترتب على ذلك أيضا في أن يبدأ البعض من جلاّسه بالتسلل والخروج من المقهى فرداً فردا وأحيانا زرافات، وبشكل خاص من قبل الغرباء وممن لم يستوعبوا بعد طبيعة المكان وما يتخلله من (طقوس منغصة) مصدرها سعدُ و(أنامله الذهبية)، حتى ان أعداداً غير قليلة، قرروا مغادرتها والبحث عن أماكن أخرى أكثر راحة، تنسجم وتستجيب لرغباتهم، ليهتدوا ويعثروا على ضالتهم أخيراً في المقهى المقابل، الواقع في الطرف الثاني من النهر، على الرغم من وضاعة بنائه وضعف الخدمات المقدمة من قبل القيمين عليه، ولكنهم سرعان ما سيتراجعون عن قرارهم نادمين.
يعقب تلك المماحكة والتي طرفاها الإبن وأبيه، قيام أحدنا أو البعض منا ممن لهم القدرة على التأثير، ببذل جهود جبارة، من أجل تهدئة وثني أبو سعد عما كان ينتوي ويخطط له، وبشكل خاص بعد أن يُشاهد خارجاً من المقهى، وفي كل مرة تتكرر فيها المشكلة مع ولده، وهو في حالة من الإنفعال الشديد، حاملاً مذياع المقهى العتيد، قاسماً بأغلض الإيمان وبطلاق زوجته (المكَرودة) والتي كثيراً ما تطالها المشكلة ومن غير ذنب إقترفته، بأنه سيرمي المذياع في نهر خريسان المقابل للمقهى والتخلص منه، ليضع كما يقول حداً نهائياً للصداع المزمن الذي يسببه له ولده كل يوم.
بالمناسبة فقد سبق لأبي سعد أن رمى في ذات النهر وبسبب إنفعاله مذياعين، عزيزان على قلبه ومن ماركات معروفة ومشهورة آنذاك، تعود صناعتهما الى ثلاثينيات القرن الماضي، وكم من شخص ساومه على شراءهما قبيل رميهما، أو إن شاء ووافق تبديلهما بجهازين آخرين، بمن فيهم المدعو صبري الدلال، المختص ببيع اﻷجهزة الكهربائية المستعملة، مع إستعداد اﻷخير على دفع الفرق بين السعرين، الاّ انه كان يرفض كل تلك العروض رفضاً قاطعاً. وبعد فترة ليست بالطويلة من الزمن سيُعلن أبو سعد عن ندمه عما فعلت يداه، ليدخل من جديد في عالم البحث عن مذياع آخر يلبي رغبته ورغبة زبائنه، مع إشتراط عدم إقتراب ولده سعد منه، ولكن لا حياة لمن تنادي.
وعلى ذكر صاحب المقهى والعهدة على مجايليه وحافظي وناقلي أخباره، ولعلَّنا استطعنا اللحاق والإطلاع عن قُرب على الجزء اليسير من طباعه تلك، فهو وكما سبق ذكره، وعلى الرغم من طيبة قلبه، فهو سريع الغضب والتوتر، وهذا ما لمسناه أيضاً نحن أبناء الجيل الثاني أو الثالث أثناء فترة ترددنا على مقهاه. ففي حادثة نُقِلَت عن شهود عيان كانوا حاضرين فصولها، ونظرا ﻷهميتها وطرافتها، فقد ظلَّ سكان ذلك الحي والقريبين من المسجد يتداولونها ويتناقلونها حتى وقت قريب، ولم يتوقفوا عن ذلك الاّ بعد تلقّيهم نبأ وفاة السيد كريم (مؤذن المسجد)، ليغفروا وليترحموا على روحه.
أمّا أصل الحكاية فهي وباختصار: في أحد الأيام وقبل طلوع الفجر بساعتين تقريباً، إضطر أبو سعد أن يدخل وللمرة اﻷولى في حياته المسجد، الواقع في حيّهم والذي لا يبعد عن بيته سوى خمسين مترا على أكثر تقدير، وذلك بعد أن وصل مسامعه صوت المؤذن والملقب أبو الكركم أو أبو باﻷحرى الكؤكم وكما تأتي على لسانه، لصعوبة لفضه حرف الراء، وهو يرفع آذان الفجر بعد توهمه والتباس الوقت عليه، داعياً الناس الى التوجه للصلاة، فهي خير من النوم. ومما ضاعف من مشكلة أبو سعد في حينها، هو صعوبة ركونه الى النوم، رغم حالة التعب التي كان يعاني منها أثناء عمله في المقهى.
وبالعودة الى تفاصيل تلك الليلة النحسة أو قُل الفجر وما جرى خلالها، وبعد أن إنبرى السيد كريم، مؤذن المسجد برفع اﻵذان، وفي ذات اللحظة التي كاد أبو سعد يغفو فيها، مما أدى بهذا الصوت الصادر من مكبرات الصوت المعلقة على أعلى المنارة ﻷن يقطع على أبو سعد نومته ويصحو تماما. لذا ما كان أمامه من خيار سوى التوجه مباشرة وهو لم يزل بعد في ملابس النوم الى الجامع المذكور، رغم محاولات أم سعد ثنيه عن ذلك، ليدخل اثرها في تلاسن واشتباك حامي الوطيس مع المؤذن، حتى أنًّ صوتهما وبسبب من علو نبرته راح متسللاً عبر الأثير ومن خلال مكبرات الصوت الأربعة أو الخمسة الكبيرة جداً والمعلقة على مأذنة المسجد وبمختلف الإتجاهات، لتصل الواقعة بينهما مسامع البعض من سكان المحلة، وبشكل خاص كبار السن منهم، فَهُم وعلى عادتهم يُعدّون من أكثر الفئات العمرية يقظة في مثل هذه الساعة من الوقت.
ودرءاً للمشكلة وما قد يترتب على هذا التصرف والإلتباس الذي حصل من تفاعل وتبعات لا يُمكن التكهن بنتائجها، فقد إرتأى إثنين أو ثلاثة من كبار أهل الحي ووجوهه، التدخل وبشكل فوري، ليهدأوا من روع وإندفاع أبو سعد. في ذات اللحظة وجدوا ان الفرصة باتت مؤاتية لمعاتبة المؤذن سيد كريم على فعلته هذه، وكذلك لعدم مراعاته وتقديره لأوضاع الناس وإلتزاماتهم صبيحة ذلك اليوم وكل يوم. وﻷنهم أيضاً ذاقوا اﻷمرين بسبب تجاوزات السيد المؤذن المتكررة في أوقات سابقة، حيث إستغلَّ فيها وبشكل سلبي تعاطف الناس معه، تحت حجة ما يقدمه من خدمات جليلة للجامع، فقد وجدوا في ذلك فرصة مناسبة للـ(إنقضاض) عليه وتفريغ مافي جعبتهم من خزين، كان قد تراكم وعلى مدى سنوات ليست بالقليلة، ولعلهم في ذلك قد أشفوا غليل أبو سعد وغليلهم على حد سواء.

حاتم جعفر
السويد - مالمو



#حاتم_جعفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة من على بوابة السجن
- هاشم القريشي وليلة الحلم اﻷخيرة
- مقهى الشبيبة… هل تذكرون؟
- مسعود، أصغر أخوته
- وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (قرآن كريم)
- جليل حيدر .... ترنيمة بغدادية
- سفرة إفتراضية لزمان ومكان قضيا قصراً
- على هامش المقابلة الدكتور رائد فهمي والقناة العراقية
- آذر نفيسي ...... ما لها وما عليها
- ناظم متي وأشياء اخرى
- حيرَة عزيز الحسك ومحنته
- سنوات الحشر العشرة
- طائر حطّ على سبأ ( الانتماء والرحيل )
- هدأة الروح
- نحن ويالطا والروس
- ساسة العراق والكيل بعشرة
- المالكي ميكافيليا
- هنا العراق ... هنا الكرامة
- قريبا من المتنبي
- النص بين الرواية والتدوين


المزيد.....




- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حاتم جعفر - حميد محسن: سلاما على روحك الطاهرة