أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - مجدي الجزولي - البجا: السالمة تمرق من النار















المزيد.....

البجا: السالمة تمرق من النار


مجدي الجزولي

الحوار المتمدن-العدد: 1518 - 2006 / 4 / 12 - 11:36
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


في ختام الكلمة السابقة جاء ذكر اصطراع المصالح والأهداف من عدة أطراف في مسألة البجا، حيث تحولت الأرض المسروقة من أهلها إلى مجال للتنافس بين أهل الشوكة المحلية المؤتمر الوطني والحركة الشعبية كل يبحث عن وكيل بجاوي، واللاعبين الإقليميين خاصة ليبيا وأرتريا والكويت، والقوى الدولية مجتمعة عبر المنظمة الأممية أو كل على انفراد خاصة المملكة المتحدة وإيطاليا وهولندا من أعضاء الإتحاد الأوروبي، والنرويج من غير أعضاءه، والولايات المتحدة على استحياء. على هذه المائدة، وفيها من اللئام العديد، يجهد أهل الحق في البحث عن مخرج من نكبتهم. بطبيعة الحال البجا هم الأكثر دراية بأمرهم وبرشدهم وصلاح حالهم لا ريب في ذلك، لكن إذا كان في قلوب كل أهل الأرض شفقة ولو ذات غرض على البجا ومصيرهم فما بال الداخل السوداني، والفرض عليه عين، على الأقل لما للبجا من دين على رقاب كل السودانيين فهم حماة البلاد وحراس الثغر ومستودع التاريخ والحضارة كما سبق التفصيل.

في مقال له منشور على الإنترنت بعنوان: (the Plight of the Beja People in Eastern Sudan) أرجع الأستاذ سليمان صالح ضرار جذور نكبة البجا إلى تخريب الدولة الاستعمارية وعقيدة تنميتها الاستغلالية، ثم انتقال نفس الدولة ونفس العقيدة إلى السلطة الوطنية فجارت بها وفحشت حتى استدار الزمان كامل الفساد والسلطة إسلامية؛ والزمان كما يقول السودانيون "يوريك رحط أمك"! إن صيرورة الاستبعاد التي يعاني البجا منذ فجر الدولة السودانية الحديثة مرتبطة لا شك بمحاصرة طريقة حياتهم وأنماط معيشتهم بل إعدامها وفقاً لمظان عقائد التنمية الرأسمالية، يدفعها نهم مستعمر "خواجه" بين ظلمه؛ ثم مستعمر "ود بلد" حشد من فجور الآيديولوجيا الدينية والعرقية ما يسند ويشرعن كسبه الحرام. هذا في أتون تحول بيئي يهدد الوجود الإنساني على إطلاقه، حيث تعرضت المنطقة خلال الخمسين سنة الماضية إلى زحف ثابت غير مردود للجفاف والتصحر، دامت موجته الأولى ثلاثة أعوام من أربعينات القرن الماضي الباكرة؛ ثم استمر خلال السبعينات حتى أجبرت مجموعة سكانية بحالها – الأمرأر – على التخلي عن تربية الإبل وهي مهنتهم المألوفة والرضا بحيوانات أصغر أو العمل بأجر في الميناء؛ ثم جاءت موجته الأشد في 1983 – 1985 عندما فقد الرعاة البجا 80% من قطعانهم (عبد السلام سيد أحمد، تقرير "ماينوريتي رايتس قروب"، 1995). وهم يواجهون تحدي البيئة لم يجد البجا في الدولة السودانية ولياً أو نصير، بل ربما كانت سياسات الدولة ومشاريعها سبباً مباشراً في التردي البيئي الذي حاق بالمنطقة، فالدولة كعادتها لم تر فيهم أهل حق وأرض بل فقط شاغلي مكان، وما نظرت إلى معيشتهم وحياتهم بغرض التحسين والتطوير وإنما فقط تدخلت بغرض الإزاحة كلما كان وجودهم الحياتي مانعاً للتقدم الرأسمالي. مشاريع العهد الاستعماري في المنطقة شملت زراعة القطن في دلتا توكر والقاش وتشييد الميناء البحري بورت سودان ما مثل في المقام الأول عامل جذب لمجموعات سكانية أخرى فلاحية المعيشة إلى المنطقة من غرب ووسط السودان، حيث ما اشتغل بالزراعة إلا قليل من البشاريين والهدندوة بصورة موسمية كعمال زراعيين في هذه المشاريع، وتحول بعض الأمرأر إلى العمل بأجر في الميناء، لكن ظل غالب البجا على بداوتهم ورعيهم. العلة انقطاع "التنمية" المزعومة وترفعها عن الاقتصاد المحلي وذلك فساد أصيل في فقه الاستعمار وتناسله فيما بعد عبر العهود الوطنية. في دلتا توكر انتزعت الإدارة الاستعمارية الأرض انتزاعاً من الزراع المحليين بنص قانون الأراضي الصادر في أول عام من الحكم الثنائي والذي جعل كل الأراضي غير المثبتة ملكيتها بوثيقة رسمية أرض مملوكة للدولة، وترجمته مصادرة مساحات شاسعة لصالح الدولة رغم ثبوت ملكيتها الأهلية (تيسير محمد أحمد، 1989: 38). نفس النمط الذي بدأ على العهد الاستعماري أي مصادرة الأرض واستغلالها من خلال مشاريع الزراعة المروية والآلية استمر عبر العهد الوطني وأدواته منشور الأراضي لعام 1905 الذي منعت بموجبه الإدارة الاستعمارية السودانيين من التصرف في أرضهم بأي شكل كان بيعاً أو تأجيراً أو رهناً إلا بإذن مكتوب من الحكومة (المصدر السابق: 38)؛ ثم قانون الأراضي لعام 1925، وعام 1971. في العام 1967 اكتمل بناء السد العالي، وتحمل السودانيون جراء ذلك تبعات التنمية المصرية باختيار دولتهم حيث تم تهجير 8 آلاف أسرة نوبية وإعادة توطينهم في 25 قرية نموذجية وفي مدينة حلفا الجديدة بعد بناء خزان خشم القربة على نهر أتبرا في الحدود الجنوبية الغربية لمناطق البجا، فكانت الكلفة مضاعفة أولاً باستئصال النوبيين من أرضهم وإغراق حضارتهم، ثم ثانياً بتوسيع المناطق الزراعية على حدود مراعي البجا. منهج الدولة في التنمية جاء متكاملاً مع تخلق البرجوازية الزراعية والتجارية، بما أن الأولى كانت رافعة للثانية ثم أداة طيعة في يدها، ونتيجة إطباق الإثنين على أرض البجا بالقانون وبغيره أن تناقص نصيب البجا في ذات أرضهم لصالح المشاريع الزراعية المملوكة لغيرهم، حيث انحصرت المناطق الصالحة للرعي أي المجال الحيوي للرعاة البجا في أحزمة ضيقة تنقصها موارد المياه. منتهى ذلك أن أجبر الرعاة على بيع ما تبقى من قطعانهم لأصحاب المشاريع بأسعار بخسة وتحولوا تدريجياً إلى مشردين بين الريف والمدينة كعمال زراعيين في ذات المشاريع أو عمالة هامشية يحصد أرواحهم سوء التغذية والدرن (سليمان صالح ضرار). بحسب ما توفر من إحصاءات فإن الأدلة قائمة على إعدام نمط المعيشة الرعوي للبجا بشكل تدريجي، حيث كانت نسبة الرحل بين سكان منطقة كسلا تساوي 45% عام 1956، تناقصت بشكل مضطرد حتى وصلت نسبة 6% في العام 1993؛ في منطقة القضارف إنخفضت النسبة من 47% عام 1956 إلى 3% عام 1993. في العام 1956 كانت نسبة سكان الحضر في منطقتي كسلا والقضارف 12,2%، أعلى قليلاً من النسبة الكلية في السودان حينها 11%. وفقاً لإحصاء عام 1993 ارتفعت هذه النسبة إلى 28% أدنى قليلاً من النسبة الكلية 29% (ف. إريتون، في ك. ملر "محررة"، 2005: 60 – 68). من المذكور يتضح أن حمل هذا التغيير القسري وقع على الشبكة الريفية الضعيفة أصلاً حيث إرتفعت نسبة سكان الأرياف المستقرين في منطقة كسلا من 42,8% عام 1956 إلى 66% عام 1993؛ وفي منطقة القضارف من 40% عام 1956 إلى 69% عام 1993.

أصبح حصار معيشة البجا في مجال ضيق علة بنيوية لتنافس دائم على الأرض والموارد في المنطقة، حيث فقد الهدندوة جزءاً كبيراً من مراعيهم التقليدية جراء مشاريع توكر والقاش. ثم اضطر البشاريون إلى الزحف جنوباً حيث مراعي الهدندوة بسبب بناء السد العالي، وحاصرت مشاريع الزراعة الآلية ومشروع خشم القربة البجا من ناحية الجنوب والجنوب الغربي، ومشروع الرهد من جهة الغرب، ما ساهم بحسب التقديرات البيئية في التسريع بالجفاف نظراً لتعرية الغطاء النباتي الطبيعي وتغييرات المناخ. أيضاً وبسبب الحرب الأرترية المتطاولة زحف البنو عامر من مناطقهم على الحدود الأرترية السودانية إلى ناحية الشمال والشمال الغربي أي إلى عمق مناطق البجا (عبد السلام سيد أحمد). التغييرات الاقتصادية والبيئية والسكانية في المنطقة، بجانب الهجرات إليها بجذب المشاريع الزراعية نزوحاً ثابتاً أو موسمياً، وكذلك حركة اللاجئين عبر الحدود السودانية الأرترية أفرزت وضعاً صراعياً من الدرجة الأولى: في دلتا القاش حيث يعتبر الهدندوة هم الملاك الأصليون للمنطقة وفي يدهم ما زالت 65% من الحيازات الزراعية يشتد التنافس بينهم وبين البرنو والهوسا شركائهم في المحصول وكذلك السودانيين النيليين من أصحاب الحيازات والبساتين؛ في خشم القربة تم نزع مراعي الشكرية المتاخمة للبجا لصالح النوبيين المهجرين؛ في الجزء الجنوبي الشرقي من القضارف تحولت أراضي البني عامر إلى ملكية السودانيين النيليين والشكرية في هيئة مشاريع الزراعة الآلية؛ في منطقة الشوك أصبحت مراعي اللحويين مشاريع آلية خاصة مملوكة للبوادرة؛ على نهري أتبرا وستيت يتنافس الهوسا والبرنو من جهة والرعاة السابقين كاللحويين من جهة أخرى على الجروف الزراعية؛ الرشايدة والذين تركزوا في السابق شمالي كسلا ينتقلون تدريجياً إلى المنطقة الواقعة بين الشوك ودوكة جنوبي القضارف؛ وتزحف مجموعات أخرى من عرب رفاعة وغيرهم من الرعاة الرحل إلى جنوب ولاية القضارف (ك. ملر "محررة"، 2005: 37 – 38). العامل المضاف إلى هذه "الشِبْكة" الديموغرافية هو الهجرة الدائمة بنوعيها الداخلي والخارجي، فمن الخارج أتي أهل غرب إفريقيا ونيجيريا قاصدين حج مكة واستقر منهم من استقر خاصة في مناطق كسلا والقضارف لتتزايد أعدادهم بالتوالد الطبيعي، ثم جاءت موجات اللاجئين الارتريين والاثيوبيين منذ أواخر الستينات هرباً من الحروب الأبدية والجفاف والمجاعات. أما من الداخل، مستثنين تهجير النوبيين القسري، فقد استقبلت المنطقة أعداداً متزايدة من مزارعي كردفان ودارفور الذين قصدوا العمل في المشاريع المروية والآلية يدفعهم تفكك وانهيار الزراعة المعيشية التقليدية في مناطقهم. في العام 1993 كان مجمل تعداد البجا في منطقتي كسلا والقضارف يساوي تقريباً 630 ألف نسمة أي ما يعادل 26,4% من إجمالي السكان 2,4 مليون. لم تجد هذه الأوضاع المعقدة عند الدولة السودانية سوى العقلية الأمنية لتتصدى لها فالاعتبار الأول هو حماية المشاريع من أي "شوشرة" أهلية تستعر موسمياً عند دخول الرعاة إلى المزارع. على هذا الأساس ومنذ العام 1973 تمركزت قوات مسلحة تابعة لقيادة الفرقة الثانية في رئاسة مشروع الرهد، وكذلك اللواء 20 في مدينة ود مدني واللواء 4 في مدينة القضارف بشكل دائم في زمام سهول البطانة لحماية المشاريع الزراعية طوال العام (محمد سليمان، 2000: 295 – 296). والحق أن الأمن المهدد في المقام الأول هو أمن السكان الغذائي والمعيشي وحقهم في الحياة، وليس بأية حال الأمن الوطني!

وفقاً لما سبق يبدو أن قضية شرق السودان هي في الحقيقة كغيرها من نكبات البلاد قضية كل السودان ولا يمكن بأي حال التعاطي معها كمسألة محلية محدودة تختص فقط بقسمة المقسم مرة أخرى إنما هي انعكاس قاتل آخر لكساد منهج الدولة السودانية عبر حقب متطاولة، وبالتالي ليس من طريق قصير إلى مواجهتها عبر مفاوضات تكتيكية بين جانبين إثنين وكفى الله المؤمنين شر القتال. تبصر هذه القضية يشد الذهن إلى تطور نضال البجا السياسي في سبيل إسعاف أنفسهم. المذهل أن البجا قد صبروا سنين على العمل السلمي علهم يفوزون ببعض حق لهم في الدولة المركزية وريعها فأسسوا نادياً يجمعهم في العام 1951 واشتركوا مثابرين في الكفاح الوطني ضد الاستعمار، ثم أسسوا حزبهم السياسي "مؤتمر البجا" في العام 1958 يؤالف بين الأفندية وشيوخ القبائل صنواً للأحزاب السودانية الكبرى الأمة والإتحادي، إلا أنه كان حزباً مطلبياً، وتقدمياً منذ ولادته أثبت ضرورة الحكم الإقليمي في برنامجه الأول وأكد على اهمية التنمية الاجتماعية والتحرر من علاقات الاقتصاد الاستعماري. نسبة للنفوذ الغالب للطائفة الختمية في المنطقة كان على البجا أن يجدوا سبيلاً إلى فك أسرهم بالمراوغة بين الحزبين الكبيرين الأمة والإتحادي، وأول ذلك انحياز الشيخ محمد محمد الأمين ترك (1880 – 1957) ناظر الهدندوة إلى حزب الأمة مؤيداً لسياسة السيد عبد الرحمن المهدي الاستقلالية رغم أنه ظل على ولائه للطائفة الختمية دينياً (محمد أدروب أوهاج، 1986: 108 – 109). تطور مؤتمر البجا واتسعت دائرة مؤيديه من الأطراف جميعاً حتى حقق نصراً ديموقراطياً لافتاً بعيد ثورة اكتوبر المجيدة 1964 عندما استطاع الدفع بأحد عشر نائباً إلى البرلمان خلال انتخابات 1965 لتتآمر عليه الطائفتان في الانتخابات التالية عام 1968 حيث لم ينتزع سوى ثلاثة مقاعد برلمانية. خلال هذه الفترة برز تياران رئيسيان داخل الحزب أحدهما أكثر جذرية تأثر بأدبيات ونفوذ الحزب الشيوعي السوداني، ليتآزر والقوى الاقليمية من دارفور وجبال النوبا حيث دفعوا ككتلة متحالفة بمطلب الحكم الإقليمي لمناطقهم إلى طاولة مؤتمر المائدة المستديرة عام 1965 في الخرطوم، وتيار آخر فضل مغازلة حزب الأمة في معارضة الأحزاب الإتحادية على قاعدة "عدو عدوك صديقك". ظهر التياران إلى الوجود مرة أخرى بعد انتفاضة أبريل 1985 يضاف إليهما عاملان جديدان: الأول دخول الجبهة القومية الإسلامية إلى المنطقة منافسة للجميع، والثاني تبلور الكتل القبلية داخل مؤتمر البجا نظراً لتحركات السكان وإزدياد نسبة التمدن وتنافس المجموعات القبلية فيما بينها على الموارد الشحيحة والنفوذ القليل (عبد السلام سيد أحمد، 1995). النتيجة كانت أن فاز مؤتمر البجا بمقعد واحد فقط في انتخابات 1986.

بعد انقلاب 30 يونيو 1989 انقطع صبر البجا على السلم من جهة واحدة إذ أثبتت لهم الأحداث أن "الحار يعصر على أحر منه" فأعلنوا الكفاح المسلح رسمياً بتاريخ 10 أبريل 1995 في مدينة كسلا. خلفية ذلك المباشرة سلسلة من التطورات المتتالية أولها قيام السلطة الجديدة بعزل الضابط بالمعاش محمد عثمان كرار حاكم الإقليم من الأمرأر خلال معظم العهد الديموقراطي، ثم إعدامه و27 من الضباط و200 من جنود القوات المسلحة عديد منهم من البجا عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في أبريل 1990. تبع ذلك استيلاء السلطة على مساحات واسعة من الأراضي التابعة للميرغنية في نواحي كسلا، وخصخصة مشروع دلتا القاش وهو في معظمه حيازات مملوكة تاريخياً للهدندوة ببيع ثلثي أراضيه للمستثمر السعودي حينها أسامة بن لادن (تقرير مجموعة الأزمات الدولية، يناير 06). إذا تركنا العمل المسلح جانباً تظل القمة المشهدية لصراع البجا المدني ضد السلطة الحاكمة هي أحداث بورتسودان بتاريخ 29 يناير 2005 التي راح ضحيتها 27 متظاهر سلمي وأضعافهم من الجرحى رفعوا مطالبهم في وثيقة مكتوبة إلى حكومة الإقليم، لم تفدنا الحكومة السودانية وأجهزتها العليمة حتى الآن بنتائج التحقيق فيها. على مستوى آخر إنضمت الحركة الشعبية لتحرير السودان إلى "برتيتة" الشرق عام 1996 بتكوين لواء السودان الجديد وتوحيد القيادة العسكرية للتجمع الوطني الديموقراطي تحت إمرة المرحوم د. جون قرنق. فرضت ديناميات السياسة الدولية والسودانية طاولة ثنائية للتفاوض بين الحركة الشعبية وحكومة السودان رغم عضوية الأولى في التجمع الوطني الديموقراطي ما نتج عنه استبعاد الأطراف الأخرى الحليفة منها للحركة وغيرها من "منصة التأسيس" الموعودة، وتبعاً لذلك جاءت إتفاقية السلام تعكس جدل الطرفين لا غير. من بنود الإتفاق انسحاب قوات الحركة الشعبية من مواقع تمركزها في منطقة همشكوريب في تاريخ أقصاه 9 يناير 2006، وتشكيل نواة الجيش السوداني الموحد (ربما) من فصائل الجيش الشعبي والقوات الحكومية ومن إنضم إليهما دون اعتبار لغيرهما. لم تنسحب الحركة من همشكوريب حتى الآن، والمنطقة أصبحت مسرحاً لعراك الفيلين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية – مجرد مسرح – إذ غابت القضية وانطمرت بين مصالح شريكي الحكم. على كل و"حكومة الوحدة الوطنية" قائمة بدستورها ووثيقة الحقوق المثبتة فيه ما تزال "نكبة" الشرق معروضة على المزاد الدولي، كل يفتي بما يريد، بين طرابلس وأسمرا ونيويورك وروما والخرطوم والكويت، وإذا تحدث البجا وعلا صوتهم الوطني يكون نصيبهم الاعتقال والكبت وحالة طوارئ أبدية، لا فرق إن هموا بالمفاوضات أو رفضوها! آخر ذلك اعتقال سلطات ولاية كسلا لقياديين من مؤتمر البجا بينهم نائب رئيس المؤتمر محمد عثمان الخليفة، والناطق الرسمي بإسم مكتب مؤتمر البجا هاشم هنقاق المحامي وعضو الأمانة بكسلا الأمين القيادابي (الأيام، 5 ابريل 06). ليأتي الخبر في اليوم التالي على لسان د. أحمد الحسن أوشيك أمين إتصال الولايات بمؤتمر البجا أنه تم إطلاق سراح خمسة منهم بعد ضغوط أميركية مورست على السلطات في ولايات كسلا إبان زيارة مبعوثة الخارجية الأميركية إلين تاريوت إلى المنطقة (الأيام، 6 ابريل 06). طبعاً بعد وساطة زوليك بين عبد الواحد ومني "كلو جايز"!

أبريل 2006



#مجدي_الجزولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلنا في الهم بجا
- السودان الجديد: لأهله نصيب الطير
- السودان الجديد: الإنسان من أجل الدكان
- أميركا اللاتينية: اليسار هَبْ نَسِيما - الأخيرة
- أميركا اللاتينية: اليسار هَبْ نَسِيما 2
- أميركا اللاتينية: اليسار هَبْ نَسِيما
- السياسة الدولية في دارفور: كش ملك
- خصخصة المثقفين: أقول الحق واتعشّى في بيتنا
- عن ثقافة الرأسمالية
- الكونغو الديمقراطية: متحزم وعريان
- غربة الحق: المانفستو الشيوعي في طبعة جديدة
- النيباد: سنار من عماها يبيعو ليها ماها
- بعد الاستعمار قبل التحرير: في الذكرى الخمسين لاستقلال السودا ...
- ثورات بوليفيا
- عن نضال المزارعين
- ملاحظات ما قبل المؤتمر: حول مصائر اليسار الجذري - الأخيرة
- ملاحظات ما قبل المؤتمر: حول مصائر اليسار الجذري - الأخيرة
- ملاحظات ما قبل المؤتمر: حول مصائر اليسار الجذري 4
- العدالة الانتقالية
- ملاحظات ما قبل المؤتمر: حول مصائر اليسار الجذري 3


المزيد.....




- دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك ...
- مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
- بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن ...
- ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
- بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
- لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
- المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة ...
- بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
- مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن ...
- إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - مجدي الجزولي - البجا: السالمة تمرق من النار