أحمد الشطري
شاعر وناقد
(Ahmed Alshtry)
الحوار المتمدن-العدد: 6068 - 2018 / 11 / 29 - 23:26
المحور:
الادب والفن
من على شرفة قصره ظل الخليفة المعتضد ينظر اليه مستمتعا وهو مشدود من يديه ورجليه الى عمود اوثق ربطه بشكل افقي بعمود اخر ثبت في الارض، واوقد تحته حطبا ظلت ناره تستعر وشرره يتطاير، ادير العمود الذي ربط فيه فصار جسده باتجاه تلك النار المستعرة، كانت النار تلهب ظهره العاري، وكلما ذابت الشحوم ونزلت على تلك النار اشتد اوراها وكأنها تصرخ بدلا عنه من شدة الألم، كان قد كتم على صوته فلا يسمع له صراخا او تأوها، سوى تلك الحركات التي تعتري الجسد دون ان تزحزحه عن النار ولهيبها المستعر، بينما كان الخليفة المعتضد ووزيره يتبادلان الضحك والأنخاب في الوقت الذي راحت بضعة جوار تدور من حولهم بغنج ويظهرن ما ستر من محاسنهن بين فينة واخرى، غير ان نظر الخليفة كان مشدودا الى ذلك المعلق بالعمود الذي راحت النار تنخر جسده مزيلة الجلد و نافذة الى ما تحته من لحم وعظم لتبعث منه رائحة شواء مقززة ولكن تلك الرائحة لم تكن لتشيح بنظر تلك العيون المليئة بالحقد والتشفي الذي يعتمل في صدر الخليفة ولا لتخفف من غليانه، وعبثا كانت محاولات تلك الجواري الحسان اللواتي اشمأزت نفوسهن من تلك الرائحة وتوسلن بالخليفة مستعينات بأكثر مفاتنهن اغراء لإبعاده عن ذلك المكان الذي بدا مثيرا للقرف اكثر منه للاستمتاع مهما كانت البواعث.
شيئا فشيئا سكنت حركات ذلك الجسد الذي بدأ ظهره يتفحم، ولم يعد في ذلك المنظر ما يثير الفضول او يطفئ غليان بركان الحقد والتشفي، فأمر الخليفة بإنزاله من العمود و حمل الى منتصف المدينة و صلب على عمود اخر ليكون عبرة للخارجين عن طاعة الخليفة.
لم يكن محمد بن الحسن بن سهل المعروف بشيلمة يجهل مصيره عندما قال للخليفة الذي سأله عن صاحبه الذي يدعو له: (لو كان تحت قدمي ما رفعتهما عنه). غير انه لم يدر بخلده انه سيشوى كما تشوى الشاة.
#أحمد_الشطري (هاشتاغ)
Ahmed_Alshtry#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟