|
الاجبارعلى اعتناق المعتقد الدينى
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 6062 - 2018 / 11 / 23 - 20:12
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كنتُ أتصوّرأنّ الدعوة لإعتناق الإسلام- إذا كانت مُـلائمة وتتناسب مع فترة بداية الدعوة الإسلامية، ستتوقف (وبصفة خاصة فى العصرالحديث) عصرالعقل الذى من حقه أنْ يختارمعتقداته وميوله..وحقه فى أنْ يظل على ما رسخ فى وجدانه وعقله (منذ طفولته) وحقه فى أنْ يتخلى عن معتقداته السابقة، ليعتقد فلسفة أخرى أودينــًـا آخرأومذهبــًـا آخر..هكذا كنتُ- نظرًا لشدة سذاجتى- أتصورأنّ عصرإجبار الإنسان على اعتناق ما لايؤمن به قد انتهى، خاصة بعد عصرالسماوات المفتوحة، وبعد ثورة التنويرفى العصرالحديث..ولكن أحد الشيوخ هزم تصورى الساذج، حيث كتب مقالادعا فيه نجيب ساويرس إلى الدخول فى الإسلام..ولكى يـُـشجـّـعه أضاف ((وبذلك تكون قد اكتسبتَ الدنيا واكتسبتَ الآخرة..وكسبتَ المسيح ومحمدًا)) (جريدة الفجر،المصرى اليوم والوفد21/11/2018) وكنتُ أظن (نظرًا لسداجتى المُـتأصلة فى طبعى) أنّ ساويرس لن يلتفتْ إلى هذه الدعوة العبثية..ولن ينشغل بها وسيتجاهلها..وبالتالى لن يرد على تلك الدعوة، ولكنه استسلم وامتشق صفحته على تويتر..وكتب ردًا على دعوة الشيخ (عملا بمقولة الصاع بالصاع أوالعبث والعبث المُـضاد) فقال يا شيخنا الفاضل ألاتعلم أنّ الله واحد للكل..وأنّ ربك لوشاء لوحــّـد الأديان..وأضاف: أنا مبسوط فى دينى..ويا فضيلة الشيخ خللى كل واحد على دينه..وما فيش حد بيختاردينه.. وإحنا- كلنا- بنتولد ونلاقى نفسنا كدا (مسلمين أومسيحيين أوهندوس..إلخ) وكمان يا فضيلة الشيخ إزاى نسيتْ ما جاء فى القرآن الكريم ((لكم دينكم ولى دين)) فلماذا انساق ساويرس (والأدق انزلق إلى هذه المتاهة) والدخول فى مباراة عبثية، لأنّ الدخول فى تلك المنطقة (منطقة الأديان) هى (بالمعنى المادى وليس المجازى) أشبه بالدخول إلى متاهة يصعب العثورفيها على باب الخروج، أوكما كنا ونحن أطفال ندخل (بيت جحا)..وأعتقد أنّ تلك المباراة العبثية سببها النص الكارثى الذى (جعل للدولة دين) حيث وضعه أصوليون إسلاميون..وارتفع سقف التملق فى عهد السادات، الذى فرح بإضافة الألف واللام على كلمة مصدرلتكون المصدرالرئيسى للتشريع، فى إطارصفقة شريرة بينه وبين التيارالإسلامى بكل فصائلة، وكانت نهايته على أيديهم. وأعتقد أنّ الكارثة الأكبرهى صمت أغلب المتعلمين المحسوبين على الثقافة المصرية السائدة (من شعراء وروائيين وباحثين وإعلاميين وسياسيين) أى أنهم لم يـُـحاولوا مقاومة التيارالأصولى والدفاع عن مفهوم الدولة العصرية. رغم أنّ الدفاع عن هذا المفهوم أمرٌبسيط ويسير..ويعلمه طلاب كليات الحقوق، حيث يدرسون الفرق بين الشخصية الطبيعة والشخصية الاعتبارية..وأنّ الأولى تشمل الأفراد مثل (محمد أوجرجس) أما الثانية فتشمل الهيئات والمؤسسات والشركات والوزارات إلخ..وإذا كانت تلك الجهات ينطبق عليها مصطلح (الشخصية الاعتبارية) فمن باب أولى ينطبق على (الدولة) لأنّ الدولة State لاتتعامل بالدين وليس لها دين، إنما الدين يحمله الشخص الطبيعى ومن ممتلكاته الشخصية..ورغم كل ذلك تجنــّـب المتعلمون الخوض فى هذا الموضوع، بما فيهم قطاعات عريضة من المسيحيين، بل إنّ بعضهم بالغ فى تملق السلطة..وقال إنّ الإسلام فيه حماية للمسيحيين. 000 يظن البعض أنّ دول أوروبا وأمريكا هى الوحيدة التى تحرص على (علمنة مؤسسات الدولة) وبالتالى يختفى من دساتيرها أى نص أوأى تلميح لدين الدولة. بينما دول عديدة فى أفريقيا انتهجتْ ذات المنهج الإنسانى بعدم التفرقة بين المواطنين على أساس الدين، مثل دستور جمهورية الكمرون الصادرفى 4مارس1960..ونصّ فى الديباجة على ((مبدأ العلمانية الذى يضع الشعب الكمرونى جمهوريته تحت لوائه يعنى الفصل بين الكنائس والدولة..ويترتب على ذلك أنّ الجمهورية ليست كنسية ولادينية..وتــُعلن الدولة حيادها تجاه كافة العقائد))..ونصّتْ المادة (1) من الباب الأول (السيادة) على الآتى ((الكمرون جمهورية علمانية ديمقراطية اجتماعية)) (الموسوعة العربية للدساتيرالعالمية- عام66- ص 467) ونصّت المادة (2) من دستورجمهورية ساحل العاج الصادرفى3نوفمبر1960على ((جمهورية ساحل العاج علمانية ديمقراطية اشتراكية)) (ص505) ونصّتْ المادة (1) من دستورجمهورية غينيا على ((إنّ غينيا جمهورية ديمقراطية علمانية اشتراكية)) وفى المادة (41) ((تكفل الدولة حرية العقيدة لجميع المواطنين وذلك بتقريرعلمانية المدارس والدولة)) (ص517، 521) ونصّتْ المادة (1) من دستورجمهورية مالى على: ((جمهورية مالى ديمقراطية علمانية اجتماعية)) (ص535) والدستوراليابانى الصادرفى 3نوفمبر1963مادة (20) ((لايجوزأنْ تــُـرتــّـب الدولة امتيازًا لأية جماعة دينية أوالسماح لها بممارسة السلطة السياسية..ولايجوزأنْ تقوم الدولة أوهيئاتها بالتعليم الدينى أوأنْ تــُـمارس أى نشاط دينى)) (ص741) ونصّ دستورالجمهورية التركية الصادرفى9يوليو1961فى المادة (2) على ((الجمهورية التركية دولة قومية علمانية واجتماعية)) والمادة (19) نصّتْ على ((يتوقف التعليم الدينى على إرادة كل شخص وعلى إرادة الأولياء الشرعيين بالنسبة للقــُـصر)) (ص751، 754) ورغم أنّ غالبية الشعب الهندى يعتنق الديانة الهندوسية، فإنّ واضعى الدستورالصادرفى 26نوفمبر1949 حرصوا على حق الأقليات الدينية وهومانظمته المادة (25) بالإشارة إلى حقوق السيخ والجانيا والبوذية..ونصّتْ المادة (28) على ((يحظرالتعليم الدينى فى أية مؤسسة علمية يُصرف عليها من أموال الدولة)) وأفاضتْ المادة (29) فى شرح المزيد لدرجة حق كل طائفة الاحتفاظ بثقافتها وتعليم لغتها لأبنائها كما ((لايجوزللدولة أنْ تــُـميّزبشأن ما تقدمه من معونة للمؤسسات العلمية تمييزًا مجحفــًا بإحداها استنادًا إلى أنها خاضعة لإدارة إحدى الأقليات سواء كانت دينية أولغوية)) (ص266، 267) وبفضل العلمانية شهد العالم معجزة ديمقراطية عندما نجح (مسلم) ليكون رئيس الدولة (أقلية دينية) ويكون رئيس الوزراء من السيخ (أقلية دينية) بينما الأغلبية يعتنقون الديانة الهندوسية. أعتقد أنّ إصرارالأصوليين على (أسلمة المصريين المسيحيين) مغزاه ورسالته: أنت أيها المسيحى حبيبى لودخلتَ فى دينى. ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خطورة الخلط بين اللغات واللهجات
-
الأنظمة العربية وتاريخ الاغتيالات السياسية
-
هل وزارة الصحه فرع من فروع الأزهر؟
-
فساد المحليات : مسلسل متواصل الحلقات
-
التوحيدى بين أهمية كتاباته وتناقضاته
-
حسن نصرالله والتطبيع بين إيران وإسرائيل
-
التعليم للأثرياء ولمن استطاع إليه سبيلا
-
حقيقة العلاقة بين تنظيم حماس وإسرائيل
-
هل ممارسة الظلم غريزى أم بيئى؟
-
التوسع الإسرائيلى والتراجع العربى
-
مسلسل قتل المصريين (المسيحيين)
-
العلاقة بين المثقف والسلطة (1)
-
العنف حتى القتل هل هوغريزى أم بيئى؟
-
جنون الأسعار فى سلع الفقراء
-
لماذا جاء ترتيب مصر فى مؤخرة الدول فى التعليم؟
-
القطاع العام : الصراع بين التطوير والبيع
-
صراع القبائل العربية للاستيلاء على إسبانيا (1)
-
سوار الذهب : نموذج نادر للحاكم المثالى
-
خاشقجى : درس المعارضة السطحية
-
الخلافة الإسلامية وصراعات السلطة
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|