أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هشام حتاته - ست الحسن وفارس الفرسان - قصة قصيرة















المزيد.....

ست الحسن وفارس الفرسان - قصة قصيرة


هشام حتاته

الحوار المتمدن-العدد: 6061 - 2018 / 11 / 22 - 04:38
المحور: الادب والفن
    


فى يوم ما من العام 2038
الجده حنان :
ذهب ابنائى الى فرح لاحد الاقارب وسينتهى متاخرا ، وجاء كل منهم بابنائه لقضاء الليلة معى

اجتمع حولى احفادى
احكى لنا حكاية ياتيته
ياولاد انا عايزه انام
ولكنهم انطلقوا فى صوت واحد
علشان خاطرى ياتيته .... علشان خاطرى ياتيته ... علشان خاطرى ياتيته
عايزين نسمع منك حكايه قبل النوم
حاضر ....
احكيلكم حكايه فارس الفرسان وست الحسن والجمال
آه
كان ياما كان ... ياسعد يا اكرام ومايحلى الكلام الا بذكر المسيح عليه السلام
قولوا : عليه السلام
عليه السلام
عرفته ست الحسن والجمال كاتب ومفكر معروف ، كان من طليعه كتائب الفرسان التى وضعت رأسها على كفيها لتصنع لكم هذا المستقبل الذى تعيشونه
كان فى وقته النطق بالعلمانيه كفر والحاد ، ولكنه لم يعبأ وظل ينادى بالدولة العلمانية الذى يتساوى فيه الجميع ، الرجل والمراة والمسلم والمسيحى
وبفضله هو وغيره من كتائب المحاربين من اجل العلمانيه اصبحنا الان نعيش الدولة العلمانيه التى طالما حلم بها وضحى بالغالى والرخيص من اجلها
كان الفيس بوك فى تلك الايام مازال بدائيا لم يتطور الى الرؤية المباشرة بمجرد الحديث والصورة ذات الابعاد الثلاثه التى ترونها اليوم
انه عانى كثيرا ومات من اجل ان تعيشوا هذا الحلم
ست الحسن سمعت عنه ، وسعت الى صداقته والتعرف اليه من خلال الفيس بوك القديم ، استمروا التواصل عبر الكتابه مده طويلة ، ولكن فى النهاية قابلها
كانت فى منتصف الاربعينيات ، وكان فى منتصف الستينات
كانت جميلة لكنها تحمل على اكتافها حزن جيل باكمله ، جيل لم يكن لديه القدرة على الاختيار فزوجها ابيها لرجل دون المستوى شكلا وموضوعا .
وكان رغم سنوات عمره ممشوق القوام ،حاضر البديهه ، حلو الكلام ، ولولا بعض الشعيرات البيضاء وبعض التجاعيد على رقبته لحسبناه فى الخمسينات
كان مسلم فى البطاقة ... وكانت مسيحية ومتزوجه ولديها ولدين وبنت
اتفقوا ان يكونوا اصدقاء
كان ككاتب له العديد من المعجبين والمعجبات ويتواصل معهم ويقابلهم فى الحفلات التى تقام لتوقيع كتبه ، ولكنها كانت اقرب اليه منهم جميعا
ربما فارق السن بينهم ، وربما لحرمانه من البنات او لهذين السببين مجتمعين كانوا سببا ان يجعلها فى مقام ابنته وتجعله مقام ابيها
ست الحسن كانت مخلصه لزوجها ... وكان يقدر فيها هذا ويشجعها عليه ، لم يطلب منها سوى ان تكون فى مقام ابنته وان يتواصل معها باستمرار
كانت فى اعماقها البعيدة تحبة ... وهو ايضا ، ولكن لم يصرح اى منهم للثانى بما فى الاغوار البعيده داخل النفس
كان زوجها مريضا وسرعان ما فارق الحياه

ووجدت ست الحسن وفارس الفرسان انهم امام امر واقع ... وظهر الى العلن المكبوت فى الاغوار البعيدة وتصارحوا على الزواج رغم فارق السن بينهم
ولكن
كان مسلم وكانت مسيحية ... مسلم علمانى وهى الى مسيحية
ولكن ..... هذا الامر لم يتقبله اى من اولادها وخصوصا ابنها الاكبراو اهلها فى وقت انتشرت فيه عمليات خطف البنات المسيحيات واجبارهن على الاسلام وحرق كنائس وبيوت الاقباط واضطهادهم
كان الوضع بينهم مختلف ولكن العقليات فى ذاك الزمان كانت لاتفرق بين مابيينا وبين الواقع
اتفقوا على الزواج على دين الحب دون علمهم
ولكنه كان صريحا مع نفسه ومع ام اولاده وصارحها ، حاولت اثنائه هى وابنائها ولكن امام تصميمة تزوجوا بعد ان اسس لها عش زوجيه صغير
كانت تذهب اليه كل يومين او ثلاثة ... رات معه حنان الاب والاخ والزوج والحبيب ، وراى فيها عمره الذى ضاع هباءا بعد ان علم ابنائه وزوجهم وانفق عليهم معظم مدخراته ولكنهم هجروه بفضل تحريض امهم رفضا لهذا الزواج ، ولكنه كان مرتاح الضمير لان لم يقصر يوما فى تربية ابنائه ولم يقصر يوما فى واجباته الزوجيه مع زوجته
كان رجل بيت من الطراز الاول سواء مع زوجته او مع ست الحسن
كانت تذهب اليه لتناول الطعام ... يضع فى فمها شرائح المانجو ويحضر الفاكهه التى تحبها ، ويقفوا فى المطبخ سويا ليعدوا طعام الغذاء
عاشوا عده شهور فى حاله حب وعشق متواصل ، رأت معه ست الحسن مالم تراه طوال حياتها مع زوجها الذى فارق الحياه
وراى فيها رغم عمرها وزواجها لمده خمسه وعشرون عاما انها مازالت فتاه بكر
بكر فى عواطفها
بكر فى حبها
بكر حتى فى غرفه النوم
واعطاها خبره السنين .. السنين التى تجاوزت الثلاثين عاما
كانت طفله فى الخامسه عشر ، ومراهقة فى العشرين ، وجعل منها إمراة ناضجه فى الخامسه والاربعون
كانت كقطعه الصلصال الطرى ولم يكن عليه الا تشكيلها ... كانت سعيده باعاده اكتشاف نفسها ، اكتشاف طفولتها وهو يضع فى فمها شرائح المانجو ، واكتشاف مراهقتها وهو يحتويها بين احضانه ، واكتشاف انوثتها وهو يضاجعها
حتى حدث مالم يكن يتوقعوه
عرف اهلها بهذه العلاقة ... ولما كانت اصولهم العائلية تمتد الى الصعيد فقد كان الوضع مؤلما عليها
وضعوها تحت رقابه ابنها الاكبر ... ومنعها من الخروج الا للذهاب الى عملها وكان يرافقها فى الذهاب والعودة
وحدث لها ماتوقعه ولم يكن يتوقعه احد من اولادها او اهلها
حدث لست الحسن عمليه انزواء وتقوقع داخل الذات ... وبدات تداهمها الامراض ونطفأت فى عينها بريق الحياه واصبحت مثل الورده التى ذبلت اوراقها وتساقطت واحده تلو الاخرى
لم يكن امامهم سوى اللقاء عبر الفيس بوك ... يتواصلون بالدموع قبل الحروف
كان كل منهم يموت كل يوم .... وضاقت بهم الارض بما رحبت
حاول كل منهم ان ينسى ولكن هيهات ... فالذكريات بينهم مازالت نابضه
قال لها : منذ تقابلنا اول مره قلت لكى اننى مشروع قتيل او سجين ، فما يكتبه سابق العصر ولن يرضى الاسلاميون عنه الا ان يتبع ملتهم
قال الاطفال : مين ياتيته الاسلاميون ؟
انهم فئه من البشر عاشوا تلك الايام وكانوا يرفضوا اى شئ عن العلمانيه التى كان ينادى بها ووهب حياته من اجلها ، وكثيرا ماقتلوا المفكرين من امثاله ، وهم الذين حرقوا كنائسنا وحرقوا بيوت اهلنا فى الصعيد ، ولولاه هو واماثله لكنا حتى الان نعيش فى هذا الرعب ولما قامت فى مصر الدولة العلمانيه التى نتمتع بها الان
وبعدين ياتيته
وبعدين يا احفادى ....
عاشت ست الحسن بين ابنائها ... وهو لما يبارح عش الزوجيه الى بيت اولاده وامهم
حاولت زوجته وابنائه مرارا ان يعود الى البيت ولكنه قال لهم : لن ابارح هذا المكان حتى ينتهى العمر
هذا المكان الذى رايت فيه اجمل ايام حياتى ... هذا المكان الذى عرفت فيه المراة الوحيده التى احبتنى بعد امى رحمها الله
قالت له : لن انساك مابقى من العمر
وكانوا يختلسون عده دقائق من الزمن يتقابلون فيها ، وفى عيون كل منهم حسرة ودمعه ... بل حسرات ودموع
توقف عن الكتابه لبعض الوقت ... كانت ملهمته فيما يكتب ، وتقول له : اريدك ان تكون اكبر كاتب فى مصر ... اكتب ... اكتب ... اكتب
ولكن ضاعت منه الكلمات وماتت الافكار ... وهى عاشت حياتها كالريبورت المبرمج
قالت له : اكتب من اجلى ... اكتب حتى تصنع غدا افضل لاحفادك واولادى واحفادى من بعدنا
سنتلتقى فى الزمان واللامكان .....
وذبلت ست الحسن ومات الشاطر حسن
وكانت آخر امنياته وهو على فراش الموت ان يراها
وذهبت اليه بين الغضب الظاهر على ابنائه وزوجته ، وطلب ان يختلى بها وسط استهجان الحضور وقال لها :
سافارق الحياه الآن ... ولكن روحى ستظل دائما تحميكى وترفرف حولك ، عندما يتزوج ابنائك ويكون لكى احفاد احكى لهم قصتنا
قولى لهم ... مازال هناك فى العالم الاخر روحه ترفرف حولى
قولى لهم ... لقد رحل الرجل الوحيد الذى احبنى فى هذه الحياه
هيا يا احفادى ... صلوا من اجله
صلوا من اجل هذا الرجل الذى فارق الحياه ... صلوا من اجل اخر الرجال المحترمين فى هذا العالم ... ومن اجل المراة التى اصبحت تعيش كالشبح وتتحرك كالريبورت
ولكن نام الاحفاد ... وانحدرت دمعه من عينى على ما آل اليه مصير ست الحسن وفارس الفرسان
وصليت من اجله وتمنيت لها الصبر والسلوان

انتهت



#هشام_حتاته (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسيحيين : اهل كتاب أم كفار ؟
- دواعش المسيحية
- الاصوليه الدينيه ومرض الضلالات الفكرية
- المستشار الدينى للرئيس السيسى
- مجلس النواب المصرى وتجريم الالحاد
- عفوا مولانا الطيب
- محمد بن سلمان والصعود للهاوية
- نعم .. اغلقوا معامل تفريخ الارهاب
- فلسفه الاخلاق (2)
- فلسفة الاخلاق (1)
- انبياء صعدوا الى السماء وآلهه هبطوا الى الارض (2 - اخير)
- انبياء صعدوا الى السماء وآلهه هبطوا الى الارض (1)
- اوزير وترسيخ الاستكانه فى الفكر المصرى
- الجنس وحقوق الانسان
- اشكاليه مريم والنخله والرُطب
- العلمانيه واللادينية: تصحيح مفاهيم
- الى الرئيس السيسى : الخيار الايرانى اصبح ضرورة
- مصر بعد ثورتين : الارهاب والكباب
- بعد انهيار امبراطورية النفط : السعودية الى اين ؟
- تجلى السيدة مريم والهستيريا الجماعيه


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هشام حتاته - ست الحسن وفارس الفرسان - قصة قصيرة