أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي قرة - الولد المشاغب والأم الجاهلة والأب الغول














المزيد.....

الولد المشاغب والأم الجاهلة والأب الغول


سامي قرة

الحوار المتمدن-العدد: 6060 - 2018 / 11 / 21 - 20:42
المحور: الادب والفن
    


من أهم الأسس عند كتابة قصة للأطفال أن تكون بداية القصة مثيرة بحيث تستحوذ على اهتمام الطفل، وتخطف انتباهه وتشّده إليها كما يشدّ الطعم السمكة إلى الصنارة. وهذا ما لم تنجح في تحقيقه الكاتبة فداء سمير أبو كف في قصتها "دقدوق لا تزعج أبوك" (دار الرازي للطباعة والنشر، 2018) على الأقل في الصفحة الأولى من قصتها. فبداية القصة تثير بعض الأسئلة لدى الطفل: من هو دقدوق؟ ما هذا الصندوق الذي يتحدث عنه؟ ما هي الحكايات التي يتكلم عنها دقدوق؟ وما هي أسراره الدفينة؟ وبعد ذلك يبدأ دقدوق بسرد إحدى حكاياته التي تُظهر شخصية دقدوق، وتبيّن طبيعة العلاقة بين الأمّ ودقدوق من جهة، وبين الأب ودقدوق من جهة أخرى. وما يُلفت الانتباه في القصة أن دقدوق يجتمع بأمّه منفردة وبأبيه منفردا، لكنه لا يجتمع معهما الإثنين في آن واحد (إلا في الحلم). ولعل في ذلك دلالة ضمنية على طبيعة العلاقة بين الأب والأمّ والتي تؤثر على الإبن وتجعله ينفر من الأمّ ويخشى من أبيه، كما تؤثر هذه العلاقة على سلوكه وتجعل منه ولدا مشاغبا.
في الصفحات الأولى يروي لنا دقدوق عن ممارسته اللعب داخل المنزل وبجانب المنزل وعلى سطح المنزل. واللعب نشاط جيد للأطفال إلا أن طريقة اللعب التي يمارسها دقدوق ليست اعتيادية، وتكاد تعبر عن غضب كبير في داخله؛ لأن فيها شيئا من إساءة السلوك. فهو يقفز على الكرسي وينثر ألعابه في الغرفة، ويختبئ بين الغسيل ويعتلي السطح. فهل هذه الألعاب عادة يمارسها الأطفال؟ في اعتقادي دقدوق ولد مشاغب يفتقر إلى الانضباط وهذا ما لا نحبذه في أطفالنا. وما يزيد الطين بلة أن الأمّ ترى ابنها يلعب أمامها ويُحدث الفوضى، لكنها لا تكترث لما يفعله ولا تدله على السلوك الجيد في اللعب، بل تكتفي بتأنيبه والصراخ عليه بذريعة أنه يزعج أباه. هي أمّ جاهلة لا شك؛ لأنها من ناحية لا نراها تهتم بتصحيح سلوك ابنها أثناء اللعب، ومن ناحية أخرى لأنها تخلق حاجزا بين ابنها ووالده. فهي تستخدم الأب كأداة (الغول) لتخويف ابنها دقدوق ممّا يجعل دقدوق يعتقد بأن أباه يكرهه. يصرخ دقدوق ويقول: "أبوك .. أبوك .. أبوك. ماذا به أبي؟ إنه يكرهني."
ليس هناك أية إشارة في القصة تدل على أن الأب يكره ابنه دقدوق، وهروب دقدوق إلى الغابة (على الرغم من اعتراف الأب لاحقا أنه هو السبب في هروب ابنه؛ لأن ابنه لا يستطيع الكف عن إزعاجه) ما هو إلا ردة فعل على مضايقة أمّه له أثناء اللعب، وفي نفس الوقت هو ناتج عن صراع داخلي في نفس دقدوق؛ لأنه لا يستطيع أن يصدق بأن أباه يكرهه ويكره طريقة لعبه وإزعاجه له. هذا ما جعلته أمّه يعتقده بسبب تذمرها المستمر منه.
يهرب دقدوق من البيت إلى الغابة (وهروب الطفل من منزله شيء خطير في حد ذاته)؛ لأنه يشعر بأن أباه لا يقبله، وأمّه لا تكف عن مضايقته. والهروب من البيت دلالة على أن دقدوق يعاني من مشكلة في بيته مع أمّه وأبيه. لكن يبدو أن هذا الهروب يساعد في إظهار حقيقة العلاقة بين دقدوق وأبيه؛ لأن الأب يذهب في البحث عن ابنه ويعرف ساعتئذ دقدوق أن أباه يحبه ولا يكرهه. يصرخ دقدوق بفرخ ويقول: :"إنه أبي .. جاء يبحث عني. إنه يحبني، لا يكرهني."
على الرغم من عدم وجود أية إشارة إلى انعدام التواصل بين دقدوق وابنه في القصة، الدرس الذي يتعلمه دقدوق من أبيه هو أن عليه التحدث مع أبيه عما يزعجه، وهنا نرى أن التواصل الإيجابي هام جدا بين الأب (ولكن ليس الأم كما تظهر القصة لأن اهتمامها ينصب أكثر على الاعتناء براحة الزوج) وابنه من أجل حل المشكلات التي تواجه الأبناء.
باختصار تظهر القصة الدور السلبي للأمّ والدور الإيجابي للأب. والقصة تخلو من أيّ حدث مثير يغذي خيال الطفل. واللغة المستخدمة لغة مصطنعة لا تناسب الطفل، ويبدو أن الكاتبة ضحّت بالمضمون لحساب الشكل (فهي تكثر من السجع). كما أن الراوي هو دقدوق نفسه وعادة لا يتحدث الأطفال بهذا الشكل.
أمّا فيما يتعلق بالدروس التي يتعلمها الطفل فليس هناك الكثير. بل أن بعض الدروس سلبية: اللعب بطريقة خاطئة؛ الكره الشديد للأمّ لأنها كثيرة التذمر؛ الخوف من الأب؛ الهروب من المنزل.
أخيرا، قصة دقدوق لا تزعج أبوك ليست أفضل ما قرأت من الكتابات للأطفال. فهي لغويا ومضمونا غير صالحة للطفل على الرغم من الرسومات الملوّنة الجميلة التي تحتويها.



#سامي_قرة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلاج بالقراءة
- ولادة الرواية البوليسية في الأدب الفلسطيني
- رواية شبابيك زينب والوطن المفقود
- قضية امرأة خلف القضبان
- من سأكون؟ من سأكون؟
- أشواك البراري-رحلة مع الذات
- أشواك البراري:رحلة مع الذات
- علي رجل المبادئ والنضال
- نسيم الشوق: أحبها لكنها من دين مختلف
- البحث عن فدوى
- ماذا نتعلم من طلال بن أديبة؟
- الكتابة بالجسد .. وليس بالكلمات
- بعض الأفكار حول قصة -دعسوقة وشموسة في القدس- للكاتب طارق الم ...


المزيد.....






- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي قرة - الولد المشاغب والأم الجاهلة والأب الغول