زردشت صابر
الحوار المتمدن-العدد: 1517 - 2006 / 4 / 11 - 06:11
المحور:
القضية الكردية
كثيرا مايجري الحديث بعد احداث ديار بكرعن مسالة التمثيل الكردي . وتنعق ابواق السلطة والمعارضة من تجار الحروب كانها تغني للموت ,لتدير ظهرها للحقائق كما فعلت الكمالية الطورانية دائما ,تحاول خداع العالم باغنية تقلد فيها اسرائيل وهي "غياب الشريك المفاوض في اي حوار محتمل ", ومن ثم فلا حوار ولا مفاوضات ولا اتفاقات ولا حلول ,ليبقى المر موجها من طرف واحد يجد في نفسه كل المشروعية وينكر حتى وجود الاخر , وهو ما يعني بالمنطق التركي تحويل القضية برمتها الى عهدةالجيش , واعتبارها قضية امنية ,وهذا ما سيعيد الوضع الى بداية التسعينيات ودوامة العنف الاعمى التي لا يمكن التكهن بنتائجها .
الساسة والعسكريون وال"مثقفون "الكماليون, وقسم ممن يدعي الديمقراطية واليسارية زورا , يكررون هذه الكلمات والعبارات او ما يستشف منها نفس النتيجة ,يرقصون على نفس النمط دافعين بالحالة الى مزيد من التازم رغم امكانية وعقلانية طرح ونجاح الحلول الجادة المعقولة والعادلة ولو الى حد ما , اذا تمكنت الاطراف من استغلال الفرصة التاريخية واقتناص اللحظة المناسبة .
هؤلاء يتنكرون للحقيقة ويتجاهلونها بدراية وعمد مع سبق الاصرار والترصد كما يقال ,اهدافهم واضحة ومنابعها ذهنية باتت خارج العصر والتاريخ ,مما يجعل طرح السؤال بنفس الصيغة ومن موقع اخر مشروعا لا بل ضروريا , أي من يمثل فعلا الطرف الاخر من المعادلة ؟ من يمثل تركيا ..؟ هل هي الحكومة التركية ؟...وهل تمثلها حكومة حزب العدالة والتنمية ...؟ التي امر رئيسها بقتل الاطفال والنساء في دياربكر ,ام هو الجيش التركي ومؤسساته الامنية ودوائر الحرب الخاصة ...؟ ام ان الامر غير محسوم على تلك الجبهة وكلنا نعرف بالطبع ان الدولة العميقة الخفية هي التي تقود تركيا فعليا ..؟ .
هؤلاء يطرحون اسئلتهم بخبث معروف عنهم ,وكانهم يشيرون للجواب المحسوم لديهم ضمنا , عن الممثل الشرعي للشعب الكردستاني ,يطرحون اسماء حزب العمال الكردستاني ومن ثم مؤتمر الشعب الكردستاني بقواه السياسية والتنظيمية وحزب المجتمع الديمقراطي ,وزعيم الحركة الكردستانية السيد عبد الله اوج الان , لكنهم يبادرون فور الانتهاء من سردها , الى ردها ودحضها واتهامها ونفي الصفة التمثيلية عنها ونزع حقها في التفاوض باسم الشعب ...لكننا بتنا نقرا جيدا اوراق هؤلاء ,ونعرف ونرى ما وراء اكمتهم .
يتهمون ممثل الحركة الكردستانية بالارهاب ...! تتهمه الدولة التركية ...؟!!
عجيب امر هذا العالم ,والاكثر عجبا هو امر الدولة التركية التي بنيت على جماجم الشعوب ,تنسى حقيقتها وتتهم ضحاياها ,وتردف قائلة ان حزب العمال الكردستاني ومؤتمر الشعب الكردستاني منظمة ارهابية موجود اسمها على لوائح المنظمات الارهابية التابعة لوزارة الخارجية الامريكية ,وان حزب المجتمع الديمقراطي هو امتداد سياسي لحزب العمال الكردستاني ,او انه الجناح العلني الرسمي له ,وهو بالتالي امتداد لمنظمة ارهابية , وأن عبد الله اوج الان هو قائد لمنظمة ارهابية مسؤولة عن مقتل ثلاثين الف شخص ...وما من قوى اخرى فاعلة , اي انها تريد ان تقول باسلوب اخر ان كل الموجود على الساحة هو ارهابي ...!!!! وبالتالي فلا ممثل ولا محاور ولامفاوض معقول ومقبول , ولاحوار ولا مفاوضات , والقضية هي مشكلة ارهاب يمكن حلها امنيا وعسكريا باقتلاعه من جذوره ,عبراطلاق يد الجيش والالة العسكرية والامنية , وتزويدها بصلاحيات وامكانيات استثنائية بما فيها تحديث الجيش واعلان حالة الطوارئ , والتدخل في العراق وضرب معاقل "الارهاب " حسب زعمها ,بعد نيل الدعم والمساندة الخارجية المطلقة .
هل نسيت تركيا ام تتناسى ان سياساتها المستندة الى هذا المنطق افلست وجلبت الدمار للبلاد,حيث صرح حينها الكثيرون من قادة جيشها ,والمشرفين على حربها الخاصة باستحالة الحل العسكري , فلماذا الاصرار والعودة الى تجربة تاكد فشلها...؟!! هل هو غرق في ازمة اللاحل ...؟ ام محاولة لخنق الكرد حتى لو كان ذلك سببا في غرقهم ايضا نتاج حالة سيكولوجية حاقدة متجذرة ,ام اختناق في المذهب الكمالي الشوفيني المختنق اصلا ,رفضا لكل المقاييس الديمقراطية ..؟؟؟ هل هناك مثال واحد لمثل هذا الموقف في اوربا ,وقضايا حريات الشعوب لا تزال عالقة في بعض دولها كاسبانيا واسكوتلندا وغيرها ...؟!
سنوات طويلة من النضال توجت بانتفاضة نوروز هذا العام , اكدت عمليا وبشكل لا لبس فيه ولا غموض , ان هذا التيار أو الحركة ان شئتم تسميتها , هي الوحيدة القائمة الصامدة والموجودة على الساحة الكردستانية , ولا صوت في كردستان الشمالية غير صوتها , فهي بذلك الممثل الشرعي والوحيد للشعب الكردي , مهما كانت مسمياتها حزب العمال الكردستاني او مؤتمر الشعب الكردستاني او اتحاد المنظومات الكردستانية (ك. ك . ك )او غيرها من التسميات المجتزاة ,ومهما كانت الاوصاف والنعوت التي الصقت بها, ومهما كانت التقارير التي نشرت فيها اسماءها . ألم ترفع الجماهير المليونية اعلام وشعارات وشارات وصور هؤلاء بعشرات الالاف ...؟! حيتهم وصرخت باسمائهم حتى ثقبت صرخاتهم آذان الحكام فجن جنونهم وامروا بقتل الاطفال والنساء .
رغم كل شيء ,فان حزب المجتمع الديمقراطي , حزب سياسي علني رسمي ديمقراطي يمثل تاريخا وواقعا معاشا ,عانى من ارهاب الدولة المنظم سنوات وسنوات ,قتل وسجن وعذب وهجر الكثيرون من قادته وادارييه واعضائه, اثبت انه على مستوى المسؤولية في تبني قضية الشعب وتمثيله سابقا وفي الاحداث الاخيرة ..؟! وهو قادر على التفاوض باسم الحركة الكردستانية ,حيث صرح زعيم الحركة السيد عبد الله اوج الان بذلك مرارا , تلافيا لدفع الامور في طريق مسدود ...اي ان الممثل الكردستاني بهذا الشكل بات واضحا معلنا , واكد رغبته وارسل دعواته في هذا الاطار رغم الرفض والعراقيل والتهديدات والاعتقالات التركية لادارييه .
لكن الغموض يسيطر على الجانب التركي ,يصرح رئيس الوزراء اليوم لينقضه غدا , يعترف بالمر هنا لينكره هناك , يطرح احدهم الحلول فتتهمه قناة اخرى بالخيانة ويستمر الضباب مخيما والتمثيل باهتا ,ليحق فيهم قول اوج الان في بداية التسعينات عندما صرح متسائلا ابحث عن مخاطب . الحكومات التركية المتعاقبة - بما فيها الحكومة الراهنة - غير قادرة على تحمل مسؤولية الدخول في طريق الحل , والجيش يمثل الجناح المتطرف غير المهيا للتخلي عن دوره وسلطته لاي اخر يتبنى "الحل العسكري والاصرار على التصفية ", وما تبقى من قوى ومؤسسات فتعمل بكل جهدها لتسجيل نقاط قد تخدمها في انتخابات قادمة بكل دناءة, فمن هو الممثل الجدي والمسؤول والقادر على اتخاذ القرار في الدولة التركية اذا ...؟ سؤال يطرح نفسه بقوة , ويبحث عن حل .
لانها قضية حساسة تستخدمها الاطراف التركية في حسابات سياسية فلا تتجرا اية قوة او حكومة حتى بعينها ان تتحمل تبعات الدخول في حل رغم انه ظهر كثيرون اقتنعوا بضرورة ذلك , وبعضهم دفع راسه ثمنا لقناعاته في الاطار , وربما كان اوزال واحد منهم . هذا بالطبع يفرض قيام الدولة –وليس الحكومة - كمؤسسة شاملة على اعلى المستويات بتبني نهج الحل الديمقراطي , وابعاد القضية عن التجاذبات والصراعات السياسية اليومية باعتبارها قضية حياتية وطنية بامتياز .
كحزب المجتمع الديمقراطي بديلا قادرا على التمثيل والتفاوض , لاغلاق كل الابواب امام محاولات الهروب من الحل .
كل الحقائق تشير الى وضوح مسالة التمثيل الكردستاني , وضبابية التمثيل التركي , ومن هنا فمن حق الحركة الكردستانية ان تسال مرة اخرى : من سيمثل الجانب التركي في حواره مع الكرد ....؟ من هو المعني بهذا الامر فعلا .
ليبقى التساؤل عن او تغييب الممثل الكردستاني مجرد مناورة فاشلة فارغة المحتوى ,بعد ان ظهرت قوة ومشروعية ووضوح التمثيل في عيون الملايين وصرخاتهم وبيارقهم .
#زردشت_صابر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟