جودت شاكر محمود
()
الحوار المتمدن-العدد: 6057 - 2018 / 11 / 18 - 20:45
المحور:
الادب والفن
حينما كنتُ صبياً
كنتُ أبحثُ في متاهات الخيال
عن عالمِ أفضل
عالمٌ جميلٌ أرحب
عالمٌ خال.. من وحوشِ الليل
ومن في السرِ يقتل
كنتُ.. أُقلبُ الصفحات
أتمعن في حروفِ الكلمات
وفي الشوارد من العبارات
أتعثر بين السطور
فلم أجد هناك..
غير عالم يزخر بالجن.. والعفاريت
تملأُ القصص والحكايات
عن عالم من الوهم
والغرائبية من المخلوقات
في عالم جدتي العجوز
حين نبحر بالخيال
لنتخطى الجزر والبحور
وكبرتُ.. لكني..
لا زلت في بحثي محموم.. مهموم
وكلنُا في رحلةٍ..
وليس من شيء يدوم
ورحلت.. جدتي..
إلى عالمها الأغرب
وبقينا نترحم عليها حين تُذكر
نخاف أن يمسُها أذى
أو أن تتعذب
وكبرنا.. ونسينا كيف نلهو.. كيف نلعب
وولجنا في عالم السياسة.. والنفاق
وعرفنا أن عالم جدتي كان هو الأرحب
بكل وحوشه ومخاوفه.. كان أطيب
أما عالمي الجديد
عالمٌ هو الأكثر غرابة
وحوشه تمرحُ في وضح النهار
والقتلُ يجري أمام الأنظار
وأنقلبَ الشرفُ فيه إلى عار
والاحتيال فهلوة وابتكار
وكلنا في دجلٍ واستحمار
بلا خجلٍ..
نزيف الحقائق والأخبار
فالرجعي والعميل والسمسار
الكل يدعي الحرية والثورية واليسار
فأصبحنا لا نفرق بين القرضاوي وجيفارا
فكلهم في عالم اليوم ثوار
حتى ماركس أصبح يدعو الى التطبيق الشريعة
ويؤمنُ بالحجاب..
ويرددُ السور القصار
وأصبح الدين والعمالة
سمة ملا زمة للثائرين في عالمي المنهار
أين هذا من عالم البراءة والاسرار
عالم جدتي..
حين كان يجذب الكبار والصغار
واليوم ليس لنا مناص سوى الانتحار
بعيدا.. بعيدا
عن عالم الجريمة والاتجار
بالفكر ِ.. والبشرِ..
وبالوطنِ.. والديار
وكل شيء..
أصبح سلعة واستثمار
أو لعبُ قمار
مع قوى العمالة والاستكبار
البصرة/17/11/2018
#جودت_شاكر_محمود (هاشتاغ)
#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟