أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - زهير الخويلدي - متاهات مابعد الفلسفة














المزيد.....

متاهات مابعد الفلسفة


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 6054 - 2018 / 11 / 15 - 00:33
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


" لقد نأت مابعد الفلسفةméta philosophie بنفسها بمرور الوقت ، وتكونت كاختصاص مستقل مكرس لكل أشكال تحليل الخطاب الفلسفي ، بما في ذلك مقولات النظريات"
-جورج ليرو-
لكي يفهم المرء التحولات التي تجري في الفلسفة المعاصرة أثناء متابعتها للمشهد الراهن الحري به أن يدرس نقاط الافتراق بين الفلسفة القارية والفلسفة التحليلية ومواطن الالتقاء والاستفادة المتبادلة بينهما.تُعَدُّ الفلسفة التحليلية صورة متقدمة عن الفلسفة القارية وشكل من أشكال الانتشار الجغرافي والتناسل الطبيعي لها وتعتبر الفلسفة القارية بمثابة المصدر الذي انحدرت منه الفلسفة القارية وتفتحت في الخارج.بيد أن المؤرخين أقاموا بينهما العديد من التمييزات المنهجية والمضمونية وأكدوا على الفروق في الاهتمام والتخصص والأساليب المتبعة خدمة لأغراض بيداغوجية توضيحية أو تأكيد لخصوصية فكرية حضارية. إذا كانت الفلسفة القارية تنطلق من أولوية الرؤى والتصورات وتشتغل على مشكلات تاريخية ومنحرفة وتذهب في اتجاه النظر الواسع والمتعمق والشامل وتستخدم الرمز والاستعارة وتبذل جهودا أسلوبية دقيقة وتمارس التأويل فإن الفلسفة التحليلية تمنح الأولوية إلى الحجاج وتعود إلى الإشكاليات في طابعها المباشر وتبحث عن التوضيح والدقة والصرامة والإحكام وتؤثر الصياغة الأدبية وتفتش عن المقاصد الإيتيقية للكلام وتعلن عن أطروحات فلسفية بكاملها في جمل قصيرة وعن نظريات منطقية عبر عبارات مقتضبة.
من جهة أخرى تعرض الفلسفة القارية أطروحة معقدة وفق صورة مكثفة دون استعمال الأمثلة ولا تتمكن من التلفظ بها بصورة وافية إلا نادرا وتطلب من المتلقي أن يقطع المسار التفكيري الذي ذهب فيه المؤلف لكي يقتدر على فهم الأطروحة والإلمام بعناصرها وفحواها واقتحام التأويلات المختلفة التي أعطيت لها والذهاب في اتجاه المشاركة في تطوير صورة الواقع وشكل الحقيقة التاريخية وتستهدف تقديم رؤية شاملة تحدث انقلابا تحرريا في الفكر والواقع ولا تكتفي باقتراح أطروحة واضحة ومحدودة قابلة للبرهنة عليها.
أما الفلسفة التحليلية فتنطلق من فكرة بسيطة ساعية إلى إثباتها أو دحضها وتجعل كل عنصر من النظرية بسيطا من خلال الحجاج والبرهنة وتقوم بتوضيحه بشكل محدد والاستدلال عليه بصورة منطقية صارمة. كما تسمح هذه الاستدلالات بنقد الأطروحات المعارضة والرد على الاعتراضات التي تضاد الأطروحة المركزية والغاية من هذا الشغل المنطقي في التوضيح هو جعل الفكرة مقبولة منطقيا ومفهومة بشكل تام. هكذا يتم استدعاء المستمع أو القارئ لكي يقوم بالتثبت والتحري والتدقيق في كل مرحلة من المراحل المنطقية من قيمة الحجج المقدمة حول الأطروحة ويتم التعويل على صلابتها المنطقية ومتانتها الحجاجية وليس على طابعها المفاجئ والأصيل لتبريرها وتسويغها ومنحها القيمة المعرفية والمعقولية اللازمة.والحق أن الفلسفة القارية تتبع النموذج الأدبي للفيلسوف في مرحلة أولى والنموذج التاريخي في مرحلة ثانية وتتعامل معه من حيث هو مؤلف لجمة من الأعمال والآثار من ناحية وتؤكد على حضوره في الواقع وإصداره لمواقف واضطلاعه بمهام في الحياة الاجتماعية ويرافع على أفكار في مواجهة المجتمع وتعتبر الفيلسوف الحقيقي هو الذي يحصل على اعتراف من الجمهور الواسع ومن الوسائط الإعلامية المتعددة.في حين يشترط أن يكون الفيلسوف في المجال القاري مختصا في مجموعة من المشاكل الفلسفية بعينها وأن يتبع نموذجا جامعيا وأن يتخذ لنفسه منهجا صارما ويبحث عن الاعتراف الأكاديمي عبر مناقشة أعماله من طرف نخبة من المختصين دون أن يعمل على تبليغ مؤلفاته إلى جمهور عريض من المتلقين.
في الواقع تميزت الفلسفة القارية باهتماماتها المتنوعة حول الميتافيزيقا والمعرفة والأخلاق والفن والعلم والسياسة والقانون والمجتمع ولقد أدى بها هذا التعميم إلى التطابق مع الفلسفة الرسمية للمؤسسة التربوية والفضاءات التعليمية ومخابر البحث في الجامعات والمعاهد والصالونات الثقافية والمنابر الإعلامية.في المقابل تنظر الفلسفة التحليلية إلى الفلسفة القارية على أنها اختصاص فلسفي ضمن بقية الاختصاصات وتعتمد على منهج التحليل المفهومي بشكل أساسي وأولي للقضايا المنطقية ولغة المعرفة العلمية والعادية.لقد اعتبرت فلسفة اللغة المنهج الأساسي للفلسفة التحليلية وتنحدر من الوضعية المنطقية والفلسفة التجريبية وتضم مباحث الفعل والذهن والإيتيقا والحق والواقع والتقنية والديني والدلالة والقصدية والسرد والرمزية.
بيد أن الفلسفة الخالصة لا يمكنها أن تتقدم برأسين متعارضين القاري والتحليلي ولذلك تجد نفسه في حاجة إلى العمل على توحيد المجهود الفلسفي ضمن مطلب الكوني من خلال بناء جسور رمزية بين المعسكرين. إن التمييز بين الفلسفة التحليلية والفلسفة القارية يعود له الفضل على الأقل في منج بعض من الترتيب للتفكير في الفلسفة المعاصرة من جهة طرق اشتغالها وأدوات تحليلها ومقاصد مقاربتها وحقول تجريبها.فكيف يؤدي الاتجاه إلى مابعد الفلسفة الذي يراهن عليه بعض التقنيين إلى الخروج من كل فلسفة؟

كاتب فلسفي






#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثنائية في المنهج الديكارتي
- دواعي شجب حنة أرندت للأنظمة الشمولية
- ارتدادات الثورة العلمية على الصناعي والرقمي
- الرد على تحديات المستقبل من خلال قراءة غرامشي لماركس
- طرق الانعتاق من الكولونيالية عند سيزار وفانون
- الدرس الافتتاحي للفلسفة في عيدها العالمي
- التزام الثقافة بالتغيير الاجتماعي
- وظيفة المثقف في الحالة المجتمعية
- الخطابة الجديدة بين اعتباطية الآراء ودقة البرهنة
- الخطاب الديني والحاجة الى الأنسنة
- راهنية التساؤل الفلسفي عن الطبيعة
- المنظور الفيزيائي للكون عند رونيه ديكارت
- سمير أمين بين المركز الامبريالي والتطور اللامتكافئ في المحيط
- مطلب الحرية بين النظر العقلي والفعل الإرادي
- التفكيك والاختلاف عند جاك دريدا
- مستقبل العالم في ضوء المتغيرات
- غاية الفلسفة السياسية
- المقاومة الثقافية بين إحياء حق العودة والمطالبة بالمساواة
- الاصلاح الديني ومشروعية الاجتهاد
- المناحي النقدية في الفلسفة المعاصرة


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - زهير الخويلدي - متاهات مابعد الفلسفة