|
الوسيلة والغاية _ حلقة الختام
حسين عجيب
الحوار المتمدن-العدد: 6053 - 2018 / 11 / 13 - 08:21
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الوسيلة تبرر الغاية ( س –س )
بسرعة لا تصدق _ ويتعذر فهمها قبل تجربتها _ تتحول الوسيلة إلى غاية وعبادة . الإدمان حلقة مشتركة بينهما ، والمثال البارز خلال القرنين السابقين السيجارة والكأس . الإرادة الحرة أو القوية ، بالمقابل ضعف الإرادة وضمورها وغيابها في النهاية ، ظاهرة إنسانية مزدوجة فردية واجتماعية على السواء ، ولا يخلو منها مجتمع أو عائلة . ناقشت ذلك بشكل تفصيلي عبر نصوص عديدة ، منشورة على الحوار المتمدن ، وفي هذا النص سأكتفي بمثال معاكس : كيف يفقد الانسان إرادته بشكل تدرجي وسريع ؟ تتلازم الإرادة القوية والحرة مع اعتماد الفرد ( امرأة أو رجل ) على العقل والضمير . وعلى النقيض من ذلك ، تتلازم عملية ضعف الإرادة وضمورها وفقدها في النهاية ، مع تحويل الاعتماد النفسي إلى الأشياء أو الآخرين بالتزامن مع إهمال العقل والضمير . تقوية الإرادة ، عبر تحويل جزء من الطاقة النفسية الحالية إلى الغد . على النقيض من الإدمان ، حل مشكلة حالية _ ضجر أو قلق _على حساب الغد والمستقبل . المثال التوضيحي والبارز النقود ، والقرض بفائدة مرتفعة جدا ، لحل مشكلة يمكن تأجيلها . الإرادة القوية والحرة تشبه الرصيد المرتفع والحساب الجاري ، على النقيض من ضمور الإرادة وفقدانها حيث تشبه عملية الغرق في الديون وبفوائد باهظة . .... تنمية الإرادة الحرة وتقويتها ، عبر تعلم الهوايات واكتساب العادات الإيجابية . تتميز العادات الإيجابية عن السلبية بعدد من العوامل ، أهمها : 1 _ العادة الإيجابية تجعل اليوم افضل من الأمس ، والسلبية بالعكس تجعله أسوأ . 2 _ العادة الإيجابية صعبة في البداية وسهلة جدا في النهاية أو التوقف ، على العكس تماما من الإدمان وبقية العادات السلبية فهي ممتعة وسهلة في البداية ويصعب التوقف الارادي عنها . 3 _ في العادات الإيجابية يمكن استعادة الوضع السابق بسهولة ، وبشكل دائم ( فهي ترفع مهارات من يمارسها درجة على طريق النمو والتحقق الذاتي ) ، على العكس من العادات السلبية حيث يتعذر استعادة الوضع السابق . 4 _ وربما العامل الأهم ، تتوافق العادات الإيجابية بلا استثناء مع القيم الإنسانية المشتركة ، على النقيض مع العادات السلبية غالبا ، فهي تزيد من شدة الأنانية والتمركز الذاتي . الإرادة الحرة مهارة مكتسبة وفردية ، تشبه اكتساب مهارة جديدة كاللغة أو الموسيقا أو الرياضة وغيرها ، ويسهل ملاحظة العملية العكسية أو فقدان الإرادة أكثر من اكتسابها ، لندرة الثانية وشيوع الأولى ... مثالها فرد ( امرأة أو رجل أو طفل _ة ) في طور تعود التدخين ؟ في المرحلة الأولى ، أو السبب المباشر قد يكون حالة قلق بسيط وعابر أو ضجر أو حتى لمجرد تقليد ومحاكاة الآخرين . كل حركة مكررة أو سلوك روتيني ، يتزايد احتمال تحوله إلى عادة انفعالية ( لا واعية وغير شعورية ولا ارادية ) مع تواتر تكراره . ولو شبهنا الإرادة القوية والحرة بقرب مدار الالكترون من مركز الذرة ، يكون على العكس ضعف الإرادة يشبه انتقال الالكترون إلى مدار ابعد عن نواة الذرة . وكما هو معروف علميا : عملية انتقال الالكترون إلى مدار أقرب تترافق مع امتصاص طاقة ، على النقيض من ابتعاده حيث يترافق ذلك مع فقده للإشعاع أو لجزء من طاقته . وباختصار ، طريقة التعود على عادة سلبية ( انفعالية ) ، تشبه عملية اطلاق الالكترون لقسم من طاقته خلال انتقاله إلى مدار أبعد عن نواة الذرة . .... هامش وخلاصات... 1 التاريخ ذاكرة الأسلاف ، ومكب نفايات الماضي والعالم القديم _ الجديد . قد يحوله الغرور العالمي والجهل إلى مقبرة الانسان والحياة معا ! لدى كل كائن حي أضعاف حاجته من الماضي . الوراثة والبيولوجيا وحدها تغمر الحياة بالماضي كل لحظة ، أكثر من الحاجة . الغد مصدر الحاضر والزمن ، والأمس مصدر الحياة والموت . 2 في الحلقات السابقة ناقشت عدة قضايا هي مترابطة بطبيعتها : الاعتماد النفسي ، حرية الإرادة ، قواعد قرار من الدرجة العليا ، موقف الحب ، أفضلية القيم الإنسانية على الأخلاق الاجتماعية وغيرها أيضا ....وهذه الخبرات والأفكار هي مجموعة مهارات متلازمة عادة _ كما يمكن ملاحظتها في سلوك الأفراد أو الجماعات _ وليست منفصلة . كمثال من تجربتي الشخصية على ذلك ، تشكيل قواعد قرار من الدرجة العليا و تنمية قوة الإرادة هي خبرة ، ومهارة تعلمتها بعد الخمسين وبتحديد أكثر دقة بعد نهاية السنة العجائبية 2011 سنة البو عزيزي كما اسميتها في كتابتي _ وهو اسم على مسمى في اعتقادي _ وانتقلت بشكل فعلي من الحل الفصامي إلى الحل التكاملي ، وبشكل يومي أيضا . حيث يمثل الحل الفصامي الموقف الفكري الأولي والبدائي : موقف الوعظ والتبشير ، فقد يكون الواعظ يعيش في حياته على النقيض تماما من الأفكار والممارسات التي يعظ غيره بسلوكها وتطبيقها بشكل دائم . بينما يمثل الحل التكاملي الموقف الفلسفي الذي كرسه سقراط عبر حياته الشخصية ، بالتلازم بين القول والفعل ، وبعبارة اكثر وضوحا وشمولا ، الموقف الوعظي ربما يكون فيه ، المتكلم أو الكاتب ، منفصلا بالفعل عن موضوعاته ( قد يطابقها أو يناقضها ) ، بينما يشترط الموقف الفلسفي الخبرة والممارسة كمصدر ثابت للتفكير والكتابة والكلام . وفي العصور الحديثة تشكل الموقف العلمي _ ويترسخ على المستوى العالمي لحسن الحظ _ وهو الأقرب إلى الواقع والمصداقية من غيره ، حيث تمثل التجربة الشرط المسبق للفكرة أو الكلام والكتابة . عملية تنمية حرية الإرادة وتقويتها ، مهارة جديدة أو ذاكرة جديدة يمكن اكتسابها وتعلمها في أي عمر أو ظرف بالنسبة لفرد متوسط في درجة الحساسية والذكاء . وتتمثل كممارسة وتجربة عملية بتحويل العادات الانفعالية ( لا شعورية وغير واعية ولا إرادية ) إلى هوايات ( عادات واعية وشعورية وإرادية ) ومثالها النموذجي : تحويل التدخين من عادة انفعالية إلى هواية ، وقد كتبت طريقة ذلك بوضوح وبالتفصيل ( برنامج لتحويل التدخين من عادة سلبية إلى هواية وعادة إيجابية ) والطريقة منشورة على الحوار المتمدن ، وأمارسها بالفعل منذ عدة سنوات ...بعد 2013 بالتحديد . واما قواعد قرار ، فهي مهارة على النقيض من قواعد قرار من الدرجة الدنيا ، العادة المشتركة بين مختلف أشكال المرض العقلي وانحرافاته المتنوعة : موقف التجنب المزدوج ، حيث الرغبة الدائمة بالحصول على جودة عليا بتكلفة دنيا ، بالتزامن مع موقف ثابت يتمثل بالرغبة والسعي إلى توفير الوقت والجهد معا ، وكل ذلك بالتزامن مع توقع الحصول على الاثارة والأمان معا بحركة واحدة ، مفردة ، ومن نفس الشخص أو الشيء أو الموقف . بالطبع ذلك وهم واستحالة ، فهو يتناقض مع قوانين الطبيعة والعلم والحياة . وأختم هذه الملاحظة الطويلة مع مثال أخير على قواعد قرار من الدرجة الدنيا الشره والمقامرة ، مقابل قواعد قرار من الدرجة العليا أعيش وفقه بعد سنة 2013 ...لبقية حياتي أو أنتقل إلى مهارة تتضمن خبرتي وذاكرتي الجديدتين ، أو النكوص بحالة تعرضي لمرض عقلي شديد . المهارة أو العادة الجديدة ، تمثل الحل النموذجي لمعضلة الجدل او الجمع بين نقيضين !؟ وهذه الفكرة ، تعلمتها من تودوروف في كتابه حياتنا المشتركة كما أتذكر ، حيث يقترح الانتقال من النزاع المزمن على السلطة بين الشركاء _ العلاقات العاطفية خصوصا _ إلى القيادة التبادلية للعلاقة ، بشكل دوري ، ومحدد مسبقا بطريقة ترضي الطرفين . وتتمثل إضافتي أو تصرفي بالفكرة ، عبر تحويلها إلى المعيار العشري ، حيث يتقبل الفرد الطبيعي من شريكه_ ت مواقف الاحترام ويقيمها بالفعل ، وهي تمثل المجال بين ( 3 و7 ) كمساهمة في العلاقة من الطرفين بنسبة الاهتمام ( الوقت والجهد ) ... وقد شرحت ذلك بالتفصيل الممل ، وأتوقف هنا تجنبا لإثارة ملل القارئ _ة . 3 العدو الثابت للأفضل الجيد . احتجت 50 سنة لأدرك هذه الحقيقة البسيطة . .... وقبل 18 سنة كتبت في مقدمة " نحن لا نتبادل الكلام " : احتجت أربعين سنة لأدرك أنني أعيش في جهل تام . ..... ماذا عساي أكتب في السبعين !؟ _ وماذا عنك ....
#حسين_عجيب (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوسيلة مصدر أولا
-
رسالة مفتوحة إلى المستقبل _ من أريك فروم
-
الوسيلة تبرر الغاية أولا ( 1 _س )
-
حياتنا ....
-
بعبارة ثانية ....تشكيل قواعد قرار من الدرجتين الدنيا أو العل
...
-
قواعد قرار من الدرجة العليا _ مقدمة ثانية
-
قواعد قرار من الدرجة العليا _ حلقة مشتركة
-
قضية الخاشقجي ونظرية المؤامرة
-
قواعد قرار من الدرجة العليا ( 2 _س )
-
حلقة مشتركة بين الذاكرة الجديدة وقواعد قرار من الدرجة العليا
-
قواعد قرار مزدوجة
-
قواعد قرار ثابتة
-
الذاكرة الجديدة ( س_س )
-
الذاكرة الجديدة ( 3 _س )
-
الذاكرة الجديدة ( 2 _س )
-
الذاكرة الجديدة ( 1 _س )
-
مغامرة فكرية _ خلاصة بحث
-
مغامرة فكرية ( س _س )
-
مغامرة فكرية ( 4 _س )
-
مغامرة فكرية ( 3_ س)
المزيد.....
-
ويتكوف: وفد أمريكي سيتوجه إلى السعودية لإجراء محادثات مع وفد
...
-
إيطاليا.. الجليد والنار يلتقيان في مشهد نادر لثوران بركان إت
...
-
كيف يبدو مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل؟
-
روبيو ونتنياهو يحملان إيران عدم الاستقرار في المنطقة، ويؤكدا
...
-
فيديو: مناوشات مع مؤيدين لإسرائيل أثناء مظاهرة مؤيدة لفلسطين
...
-
رئيس دولة الإمارات يستقبل النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ال
...
-
سوريا.. هجوم على دورية تابعة لوزارة الداخلية في اللاذقية يسف
...
-
سيناتور أمريكي يوجه اتهاما خطيرا لـ USAID بتمويل -داعش- والق
...
-
السعودية.. القبض على 3 وافدات لممارستهن الدعارة بأحد فنادق ا
...
-
الخارجية الروسية تعلق على كلمات كالاس حول ضحايا النزاع الأوك
...
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|