أحمد الشطري
شاعر وناقد
(Ahmed Alshtry)
الحوار المتمدن-العدد: 6053 - 2018 / 11 / 13 - 01:48
المحور:
الادب والفن
كان يسير مسرعا وكأنه يسير لوحده، بينما كان الشارع مزدحما بالمارة، رجالا ونساء واطفالا، الرجال يحدقون بمؤخرات النساء بجرأة واضحة، معتقدين ان لا احد يرى الجهة التي ينظرون اليها، اما النساء فكعادتهن يمشين وعيونهن متجهة الى مكان واحد وكأنهن لا يرين شيئا غير الذي امامهن، بعض المتزوجين يدركون جيدا انهن يرين كل شيء، بينما الرجال الاغبياء لا يرون غير المؤخرات، هو لم يكن ينظر الى شيء، ولا يرى اي شيء، وكثيرا ما كان يرتطم بمن امامه، كان بصره متجها الى داخل راسه، ما ان يغلق صفحة حتى تنفتح صفحة اخرى، لم يعبأ، او هو في الحقيقة لم يسمع الشتائم التي تنهال عليه من هنا، وهناك من الذين ارتطم بهم دون ان يبدي اعتذارا، بعضهم نعته بالكلب، وآخر بالحمار، وآخر بالأثول، كل تلك الاصوات الصارخة والقسمات الغاضبة لم تثر انتباهه، كان سمعه مشدودا الى الاصوات التي تأتيه من مكان بعيد، مكان لا يعرف اين يقع، فهو ليس على الخارطة التي طالما استخدمها في شرحه لطلبته، قد يكون مكانا واحدا، او اماكن عدة، لكنها لا تعنيه بشيء، ما يعنيه هو ذلك الضجيج الصادر منها، وكأنها كلاب تنبحه، وكلما ارتفعت الاصوات زادت سرعة خطواته، وكأنه يحاول الهرب منها، مثلما يهرب من تلاحقه كلاب مسعورة، فجأة وقف جميع الذين ارادوا عبور الشارع الا هو، بقي مستمرا في سيره. اختلط صوت المنبه مع صوت توقف عجلات السيارة مع صوت ارتطام جسده بالسيارة، والارض، كان الدم قد غطى راسه المهشم، بينما عيناه النصف مفتوحتين كانتا تطبقان على دمعة لم تشأ النزول، وكأنها محملة بحلم جميل.
على بعد خطوات تناثرت من كيس كان في يده اوراق من فئة المئة دولار امريكي، وبالقرب من يده الأخرى التي بقيت مفتوحة، كان ثمة هاتف يرن، فتح احد الواقفين الخط، وجعله على مكبر الصوت؛ ليُسمع الجميع، جاء الصوت من الجهة الاخرى بلهجة غاضبة: لقد تأخرت ايها الغبي، ستجد الجثة في الطب العدلي.
#أحمد_الشطري (هاشتاغ)
Ahmed_Alshtry#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟