أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - علي فردان - من قتل -ندى من الرياض-؟















المزيد.....


من قتل -ندى من الرياض-؟


علي فردان

الحوار المتمدن-العدد: 1515 - 2006 / 4 / 9 - 08:00
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


دخلت الأم غرفة ندى بعد أن تمكّنت هي وبنتيها من كسر الباب، فندى لم تجب ولم تفتح الباب وهذا على غير العادة. كانت ندى شبه نائمة على سريرها وصامتة، لا تتحرك، بجوارها ورقة صغيرة مكتوب عليها "سامحيني يا أمي، سامحني يا رب". أجهش الجميع بالبكاء والنواح، فندى ليست فقط أكبر البنات، بل أغلاهن أيضاً وأرقهن، وأكثرهن امتناناً ومساعدةً لأمها ولأخواتها.
ندى .. مثل اسمها، مثل قطرات الندى. فتاة عاشت طفولة صعبة خاصةً بعد وفاة والدها "رحمه الله" الذي عانى من مرض السرطان، فبقيت ندى مع أختيها الصغيرتين وأمها في بيت قريب من أحد المجمعات التجارية. ندى لم تعش طفولتها كباقي الأطفال بسبب غياب الأب، فقد عاشت حرماناً عاطفياً، خاصةً مع بلوغها وخوف أمها عليها من الخروج للتسوق، وهنا بدأت مشكلة ندى.
أنهت دراستها الثانوية وبمعدل مرتفع يمكّنها من دخول كلية الطب، لأن ذلك سيأخذ كل وقتها، وأمها الكبيرة في السن تحتاج للرعاية خاصةً وأنها تعاني من ارتفاع ضغط الدم وضعف في البصر. ربما كان ذلك أحد الأسباب، فالسبب الآخر هو أنها تحب الأطفال وتحلم بالزواج والإنجاب، مثل غيرها من البنات في هذا العمر، فآثرت أن تتخصص رياض أطفال.
لم يكن يشغل بال ندى شيء سوى دراستها، وأمها وأخواتها، فهي من الكلية للبيت، ومن البيت للكلية، وإذا ما ذهبت للسوق، فتكون برفقة أخواتها وأمها، كالعادة. لكن ذلك تغير بعد تعرف ندى على بعض الطالبات اللاتي يتباهين بمعرفتهن لفلان وفلان، وخروجهن مع هذا أو ذاك، وذهابهن للسوق وأيضاً للمطاعم برفقة بعض الشباب. بعض الفتيات في الكلية يتحدثن لندى على أنها منغلقة وأن عليها أن تتعرف على بعض الشباب الجيد من خلال تسوقهن في المجمع حيث هناك وعود بالزواج والبيت السعيد.
البحث عن الحب عادةً ما يصاحب الفتيات اللاتي لم ينعمن بحنان الأب أو الأم لسبب أو لآخر، وندى بسبب فقدانها لأبيها في وقت مبكر، كانت تعيش مرحلة صعبة في هذا الطريق، فهي تتخيل فارس الأحلام، تتخيل رجلاً تحبه ويحبها من كل قلبه، يفيض حناناً، تعيش معه في بيت الزوجية، تنتظره يعود من عمله وعلى وجهها ابتسامة مشرقة تحييه وتعد له طعامه وتغدق عليه بحنانها وتملأ بيته، بيتها، بالأطفال. واحدة من الطالبات قامت بإعطاء ندى رقم هاتف لشخص اسمه "سالم" لتتصل به، فهو كما قالت الطالبة بأنه خجول ولا يتحدث كثيراً وليس له خبرة. اتضح فيما بعد بأن سالم متزوج وله أطفال، وإن كان شاباً، فكان له مع ندى محادثات هاتفية طويلة عن الحب والزواج والمستقبل. انساقت ندى مع عواطفها، لكنها لازالت تأمل في حياةٍ أفضل، فتوقفت عن الاتصال بسالم، وكانت تبكي بكاءً مراً كل يوم وعلى مدار أسابيع لأنها حبته من كل قلبها حتى وإن لم تخرج معه. سالم يعمل في أحد محلات المجمع التجاري، ورأته ندى في أكثر من مرة وتحادثت معه على عجل، لتكمل حديثها معه على الهاتف. مع أن سالم لم يكن من الشباب "الملتزم" لكنه لم يغرر بندى، ولم يطلب منها أن تخرج معه، وقَبِلَ انفصالها عنه كما ُيقال "بروح رياضية".
أمّا ندى، فهي كالتائهة بعد خروجها من هذه التجربة الغريبة، فأصبحت أكثر رغبةً في الحصول على حنان ومحبة من شخص لا يكون متزوجاً ويأمل في الزواج؛ فندى لا ينقصها شيء، فهي على مستوى عالٍ من الجمال، ذات عينين واسعتين، وشعر أسود طويل، وبشرة بيضاء، وصوت جميل وقوام أجمل. ما يميّز ندى ليس جمالها ولا أنها طالبة جامعية ومتفوقة، بل طيبتها، فهي لا يمكن أن تؤذي فراشة، وتحب الآخرين بشكل كبير وتتحدث بعفوية وببساطة، لكن مشكلة ندى أن خبرتها في الحياة قليلة ولم يكن هناك من ينصحها حول "الذئاب البشرية" المنتشرة في الوطن.
تعرفت ندى على شاب آخر، تحدّث لها عن حبه ورغبته الأكيدة في الزواج، وأمانيه في أن يكون له أطفال يملئون البيت سعادة، فهو يجيد العزف على الوتر الحسّاس. حمد له خبرة في اصطياد الفتيات، فكلامه المعسول خدع به الكثيرات، وهو لا يزال يفاخر بأنه اصطاد فتاة من "بنات حمولة"، وأخرى بنت مسؤول الخ. لكنه هذه المرة لم يكن يدري بأن نتيجة مغامراته القذرة ستنتهي بشكل مفجع. المحادثات الهاتفية بين ندى وحمد استمرت لعدة أسابيع، بعدها قام حمد بمحاولته الأولى بأنه فعلاً ينوي الزواج فقال لندى بأنه يريد أن يخطبها من أهلها وأنه فقط ينتظر أن "تشفى والدته" فهي مريضة بعد عملية جراحية لها لأنه يريد أن "يدخل البيت من بابه". ندى تحلم بهذا اليوم الذي سيكون لها بيتاً ومع حبيبها الذي يبادلها نفس الشعور، فكادت تطير من الفرح. قابلت ندى "حبيبها" في المجمع التجاري أكثر من مرة، وخرجا معاً للتسوق وللعشاء. ذلك اليوم كان جمعة حيث طلب منها الخروج معه للغداء وحدّثها عن الشقة التي سيعيشان فيها وطلب منها أن تبدي رأيها في الشقة من أثاث وما تحتاج من ديكور وخلافه.
خافت ندى للوهلة الأولى، ولكنه استمر في الحديث عن رغبته في الانتقال لبيت الزوجية بأسرع وقت فهو يهيم بها حباً، لكنها استجابت في النهاية لقلبها ودخلت معه "شقة الزوجية" وداعبها بكلام معسول وأنه فقط يريد أن يلطف الجو، وانتهى ذلك بأن أعطت نفسها له ونال ما أراد منها. تكررت لقاءات ندى بعد ذلك مع حمد في تلك الشقة، وقام في أحد المرّات بتصويرها بكاميرا الجوال وهي عارية ترتدي ملابسها الداخلية، قائلاً لها "بتمسحيه، بتمسحيه"، أي أنها ستمسح ملف الفيديو الذي قام بتصويره. لم يستغرق الوقت ساعات قلائل، إلاّ وصور ندى في ذلك الوضع قد انتشرت في كل منطقة الرياض، فملف "ندى من الرياض" انتشر كالنار في الهشيم. حتى أن سالم الذي تعرف على ندى في الماضي وتركته شاهد ذلك المقطع وعرفها من الاسم والصورة. أصيب سالم بصدمة، فهو وإن لم يكن "مثالياً" لم يكن بهذه النذالة، فهو لم يتصور أن يرى صورة ندى، ندى البسيطة، لم يكن يتصور أن يرى صورتها بهذا الشكل وفي كل هاتف جوال.
ولأن الأخبار السيئة تنتقل بأسرع من البرق، فقد وصل الخبر بشكل أو بآخر إلى بيت أم ندى، وعرفت والدتها بالقصة فسقطت مغمىً عليها، وبعد أن صحت من إغماءتها قالت لندى، هل كناّ مقصِّرين معك؟ ماذا فعلت بنا وبنفسك؟ لا حول ولا قوة إلاّ بالله، لا حول ولا قوة إلاّ بالله. هنا فقط عرفت ندى بأن الأمر كما تخيّلته، فذهبت لغرفتها ولم تخرج إلاّ جثة.
ندى لم تمت، ندى لم تمت، بل قُتِلَت، قتلها حمد، رحِمَك الله يا ندى، رحِمَك الله.

* قصة من الواقع مع تغيير في بعض الأسماء والأحداث



#علي_فردان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قطيفي في الكونجرس
- في القطيف: العيد عيدان وأكثر!
- خمسة + خمسة + واحد = صفر
- متى يصبح الشيعي مواطنا؟
- لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق – في القطيف
- علي التميمي: أين الأصل وأين الصورة للإرهاب الوهابي؟
- فيدرالية في السعودية!
- لا تُبايع .. لا تُبايع
- أنا إيراني
- إيران .. السحلية !
- نايف ... الإنسان!
- أبو عادل .. أم عادل .. عادل
- بيع الجمل يا علي!
- هل تليق الديمقراطية بالسعوديين؟ جواب إلى الأستاذ شاكر النابل ...
- سجن الإصلاحيين يكشف حقيقة الحكومة السعودية
- تسونامي عسير
- الرئيس بوش للأمير عبدالله: النفط مقابل البقاء ...
- وزيرتان سعوديتان في ضيافة الرئيس بوش
- إيران: ديكتاتورية بلكنة عربية
- سياسي شيعي يرأس مجلس الشورى السعودي


المزيد.....




- السعودية.. توفير خدمة هي الأولى من نوعها للنساء في الحرم الم ...
- وزيرة شئون المرأة الفلسطينية لـ«الشروق»: نواجه واقعا مأساويا ...
- من بطلة إلى ملهمة: كيف غيرت إيمان خليف وجه الملاكمة النسائية ...
- الشبكة السورية لحقوق الإنسان: 878 ضحية في الساحل السوري
- في لبنان: جريمة قتل امرأة سبعينية في الشوف
- شهادات مؤلمة: العنف الجنسي ضد الفلسطينيين في تقرير أممي
- توغو: قوانين الإجهاض الصارمة تدفع النساء إلى المخاطر وتفاقم ...
- كيف يمكن للمرأة العربية الاستثمار في الذات لتحقيق النجاح؟
- سجلي 800..رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت بالجزائ ...
- لماذا عمر النساء أطول من عمر الرجال؟


المزيد.....

- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - علي فردان - من قتل -ندى من الرياض-؟