|
تحليل القرار 2440 لمجلس الامن .
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6043 - 2018 / 11 / 3 - 14:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كما كان متوقعا ، فان قرار مجلس الأمن 2440 ، كان نسخة منسوخة عن القرارات التي اتخذها منذ سبعينات القرن الماضي ، فباستثناء مدة المينورسو التي تم تقليصها للمرة الثانية الى ستة اشهر بدل سنة ، فالقرار هو في صلبه كان إرضائي لطرفي النزاع ، وكأن الدول الكبار تتعامل مع أطفال . كانت هناك قراءات مختلفة للقرار ، وكل طرف حاول شرحه لصالحه ، وكأن الجميع بارع في تحويل الهزائم الى انتصارات كالمعتاد . القرار المنسوخ ينص دائما ، على المفوضات بين طرفي النزاع ، وانّ أي حل يجب ربطه بتحقيق شرطين واقفين ، يستحيل حصولهما ، وهما شرط القبول ، وشرط الموافقة ، يؤدي في النهاية الى تقرير المصير . فرنسا المناورة و ( صديقة ) النظام ، صوتت لصالح القرار الذي اختصرت فيه واشنطن مدة المينورسو في ستة اشهر ، وهو اجراء يتضمن تهديدا مبطنا للنظام المغربي اكثر منه للجبهة ، ومن جهة فان النهاية من المفاوضات ، ستصب في حل الاستفتاء وتقرير المصير ، كحل ديمقراطي منصوص عليه في الميثاق الاممي . من خلال شكل ومضمون القرار ، نستخلص خلاصة أساسية ، هي ان الدول العظمي التي تقف دائما وراء كيفية صياغة القرار ، تُحمّله في طياته أسباب استحالة تنفيذه وتطبيقه . كما تجعل منه قرارا غامضا يُرطّب الخواطر بدل تشنُّجها ، ما دام يصب في مصلحة اطراف النزاع معا . ان تركيز القرار على الحل المرتبط بشرط القبول وبشرط الموافقة ، هو ترضية للنظام المغربي من جهة ، ومن جهة جرجرت الملف الى حين ان يصبح من أولويات الدول العظمى حله ، وهنا فان أي الحل لن يكون ، الاّ متطابقا مع التحولات السياسية بالمنطقة ، وتغيير او بقاء الأنظمة السياسية الحاكمة . اما حين ينص القرار على ان ميكاميزم الوصول الى أي حل ، لن يكون الاّ بالاستفتاء وتقرير المصير ، فهذا إرضاء للجبهة ومعها الجزائر . لكن السؤال الأساسي الذي نطرح : كيف يمكن الوصول الى حل الاستفتاء وتقرير المصير ، دون تحقق حصول شرطي الموافقة والقبول ؟ فإذا كان يستحيل على اطراف النزاع ان يتوافقا ويقبلا بحل يتعارض مع اطروحتهما ، فكيف سيتوصلان الى تطبيق الاستفتاء الذي سيبقى معلقا على تحقيق الشرطين مستحيلي التحقيق ؟ فهل يمكن تصور قبول وموافقة النظام المغربي على أطروحة الجبهة ، وداعمها النظام الجزائري بحل الاستفتاء وتقري المصير ، والنظام يعلم علم اليقين ان نتائج أي استفتاء لن تحيد عن نسبة 99 في المائة لصالح الاستقلال ؟ وهل يمكن تصور قبول وموافقة الجبهة وعرابها ، بأطروحة النظام المغربي بحل الحكم الذاتي الذي لن يكون الاّ طبقا لخصوصية النظام ، وفهمه للتدبير الجديد الذي سيأتي به الحكم الذاتي انْ مرّ ؟ وإذا كان النظام المغربي يربط وجوده من عدمه ببقاء او فقدانه للصحراء ، فهل سيقبل النظام بالاستفتاء الذي سيؤدي الى الاستقلال ، وفي نفس الوقت سيؤدي أوتوماتيكيا الى سقوطه في اقل من أربعة وعشرين ساعة ؟ كذلك هل ستقبل الجبهة والجزائر بانتحارهما ، إذا تنازلا عن حل الاستفتاء وتقرير المصير ، وقبلا بحل الحكم الذاتي ، حتى ولو كانت شروطه ، وتنظيمه من ابتكار الأمم المتحدة ، وليس بمقاس النظام المغربي ، أي التضحية بخمسة وأربعين سنة من الصراع ، منها ستة عشر سنة كانت حربا ، وسبعة وعشرين سنة كانت مفاوضات عاقرة وفاشلة ، وهو دلالة على حتمية نهاية الجمهورية الصحراوية التي اعترف بها النظام ، وحتمية سقوط حزب فرنسا الحاكم منذ ( الاستقلال ) في الجزائر ؟ فهل سيوافق النظام المغربي ، والنظام الجزائري ، والجبهة على صك اعدامهم اذا قبل احدهم بأطروحة الطرف الاخر الأكيد انها ستسبب في سقوطه ؟ يمكن اعتبار الضغط الأمريكي باختزال مدة المينورسو في ستة اشهر ، بمثابة ضغط على النظام المغربي الذي رضخ لواشنطن بقبوله الجلوس وجها لوجه مع الجبهة بجنيف ، وبدون شروط مسبقة ، بعد ان كان يرفض الجلوس معها ، ويتمسك فقط بالجلوس مع الجزائر التي يحملها أسباب المشكل . فأمريكا نجحت في فرض تصورها لمدة المفاوضات ، ونجحت في المساوات بين النظام وبين الجبهة . لكن الخطير في القرار الذي تقف وراءه واشنطن ، انه اعتبر حضور الجزائر سيكون كجار وليس كمراقب . وهنا تكمن الخطورة في ان حضور الجزائر كجار سيخفف من مسؤوليتها السياسية إزاء اطراف النزاع ، بخلاف حضورها كمراقب سيؤدي الى تحميلها جزءا من المسؤولية عن تفاقم الوضع ، وعن النتائج السلبية التي يمكن ان تحصل مستقبلا . فهل نجحت الجزائر في تمرير أطروحة حصر النزاع بين النظام المغربي وبين الجبهة ، بعد ان خلّصت نفسها منها مثلما تُسلُّ الشعرة من العجين . مفوضات جنيف محكوم عليها بالفشل المسبق ، لتباعد مواقف اطراف النزاع . والسؤال ماذا بعد جنيف ؟ وماذا بعد حلول نهاية ابريل 2019 ؟ نزاع الصحراء الغربية هو اقدم نزاع في القارة الافريقية ، وفي العالم . فهل سيستمر الوضع على ما هو عليه أربعين سنة قادمة ؟ ان ضغط واشنطن التي تتحكم في النزاع مائة في المائة ، باختزال مدة المينورسو الى ستة اشهر ، هو رسالة مشفرة الى التطورات التي تنتظر الأوضاع بالمنطقة . فإذا فشل اطراف النزاع في الموافقة والقبول بحل ، وهم سيفشلون ، معناه ان وضع ستاتيكو المخيم على المنطقة حيث لا حرب ولا سلم سوف لن يستمر ، وهنا اكيد ان واشنطن التي تتحكم في كل مفاصل الصراع ، بصدد توجيهه لما يخدم اجندتها السياسية ، وبما يخدم مشروع الشرق الأوسط الكبير ، وشمال افريقيا . فما يجري اليوم بالشرق الأوسط ليس مفصولا عمّا يدُبُّ ، وفي واضحة النهار لشمال افريقيا . القادم سيكون أسواءً على الشعوب ، وعلى الجغرافية ، وعلى مصير الأنظمة خاصة النظام المغربي الهجين . فشل الأطراف في إنجاح المفاوضات ، وفشلهم في الموافقة والقبول بحل ، هو فشل لمجلس الامن . وهنا كيف سيكون الموقف المقبل للمجلس بعد نهاية ابريل 2019 ؟ فهل سيكون لقاء ابريل المقبل آخر لقاء حول نزاع الصحراء الغربية ، ام ان هناك احتمال ان تكون آخر دورة لمجلس الامن لبحث نزاع الصحراء هو أكتوبر 2019 ؟ كل التوقعات تنذر بفشل المفاوضات الحتمي ، بسبب ان أي حل هو مرتبط بمصير الأنظمة السياسية . لكن التوقعات تنذر كذلك بانتقال المجتمع الدولي في فض نزاع الصحراء الغربية من درجة الى أخرى . ان السياناريو المحبوك ، وضمن الشرعية الدولية ، هو طرق أبواب الجمعية العامة للأمم المتحدة برلمان الدول . فحين تفشل حكومة الدول ( السلطة التنفيذية ) مجلس الامن ، طبعا ستلتجأ الى الأمم المتحدة لاستطلاع موقف الدول الأعضاء ، دون تمييز بين من يملك ، وبين من لا يملك حق الفيتو . رمي مجلس الامن بالملف على انظار الأمم المتحدة ، هو تنصل من المجلس الذي ( فشل ) في إيجاد الحل المناسب ، ودعوة للمنتظم الدولي لتحمل مسؤوليته الكاملة بخصوص نزاع عمر لأكثر من خمسة وأربعين سنة ، رغم صدور قرارات في النزاع من قبل الجمعية العامة منذ سنة 1960 ، ومن طرف مجاس الامن منذ سنة 1975 . وبخلاف قرارات مجلس الامن المرتبطة بتحقيق الشرطين الواقفين ( الموافقة والقبول ) ، فان قرارات الجمعية العامة لا ترتبط بالشروط الموقوفة ، بل تنص فقط على الاستفتاء وتقرير المصير طبق للشروط الدولية . ان القرار 1514 يعتبر الأراضي الصحراوية أراضي خاضعة لتصفية الاستعمار ، وحلها ، لا ولن يكون الاّ بالاستفتاء وتقرير المصير . عندما يحيل مجلس الامن الملف على الجمعية العامة ، اكيد ان هذه ستصوت لما يدعم قراراتها التي اتخذها منذ سنة 1960 ، وعند تصويتها على حل الاستفتاء ، وستصوت عليه كل الدول الأعضاء ، وبدون استثناء وبما فيهم اوربة ، او قد تطرح على الدول الأعضاء التصويت المباشر بالاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، فان المرحلة المقبلة من تطور الصراع ، سيكون إحالة الجمعية العامة لقرارها على مجلس الامن لتنفيذه كسلطة تنفيذية . وهنا لا مناص إذا وقف النظام المغربي ضد القرار ، من معالجة مجلس الامن النزاع طبقا للفصل السابع من الميثاق ، واكيد ان فرنسا البارعة في المناورات ، سوف لن تعترض على قرار المجلس باستعمال الفصل السابع ، لأنه لا يعقل ان تبقى فرنسا وحدها حجرة عثرة امام العالم . قضية نزاع الصحراء الغربية قضية وقت دخل المرحلة النهائية من عده العكسي ، ولن يتجاوز آخر سنة 2019 . النظام المغربي مسؤول عن ضياع الصحراء .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أيّ بلاد هذه .... واشْ منْ بلادْ هذي ... ( 3/9 )
-
أيُّ بلاد هذه ... واشْ منْ بلادْ 2/9
-
أيّ بلاد هذه ..... 1/9
-
موت الاحزاب . الدولة البوليسية تفرغ الاحزاب من مضمونها . ( 1
...
-
طلقات في عز الليل
-
آه يا وطني -- يا اجمل بلاد في العالم
-
أراك في عيون إخوتي الصغار . أراك في عيون الثوار ( 1 )
-
الوطنيون في خطاب الملك
-
المغرب الى اين . ( 15 )
-
اجتماعات جنيف المقبلة حول الصحراء
-
وتستمر الدولة البوليسية الفاشلة في سياسة الهروب الى الامام (
...
-
رغم تدمير الدولة البوليسية لكل القيم ، ومع ذلك تستمر في الهر
...
-
عندما تريد افراغ منظمة ثورية مسلحة من ثوريتها
-
خطر الدولة البوليسية اخطر من خطر الدولة الدكتاتورية ( 12 )
-
تتمة الحلقة العاشرة حول رفض الشعب لتغوّل واستبداد الدولة الب
...
-
هل ناصر الزفزافي في طريقه الى الشهادة .
-
هل اقترب حل نزاع الصحراء الغربية .
-
فدرالية أم كنفدرالية لمستقبل الصحراء
-
خريطة الطريق لمواجهة تغوُّل ، وبطش ، وقمع الدولة البوليسية (
...
-
طريق واحد لا طريقان للرد على تغوّل الدولة البوليسية ( 9 )
المزيد.....
-
-المحطة الذكية-.. ابتكار يسعى لتحويل دبي لمدينة صديقة للدراج
...
-
البرغوثي لـCNN: السنوار شجاع وسيُنظر إليه على أنه بطل.. وهذا
...
-
مدفيديف: نظام كييف يحاول صنع -قنبلة قذرة-
-
إسرائيل تعلن تحييد مسلحين اجتازوا الحدود من الأردن
-
علماء يرسمون خارطة للجلد البشري قد تساعد في معالجة الندوب
-
ترحيب غربي بمقتل السنوار: فرصة للسلام والإفراج عن الرهائن
-
مصر.. تفاصيل دستور الدواء الخامس
-
احتجاز جثمان السنوار بمكان سري.. والكشف عن نتائج التشريح
-
خبير روسي: مقاومة ما يحدث في العالم هو ما يوحد -بريكس-
-
عراقجي من إسطنبول: هناك فهم مشترك بالمنطقة تجاه خطورة الصراع
...
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|