أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عبد القادر الفار - حين أخفى تاكاهيرو ذاكرة الرجل المسكين














المزيد.....


حين أخفى تاكاهيرو ذاكرة الرجل المسكين


محمد عبد القادر الفار
كاتب

(Mohammad Abdel Qader Alfar)


الحوار المتمدن-العدد: 6042 - 2018 / 11 / 2 - 20:10
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هل تتذكر أول مرة رأيت فيها وجه أمك؟

الذاكرة بدأت مبكّراً جداً، بل لعلك حملت إلى اللحظة الحالية شيئاً من ذاكرنك الجنينية، بل والجينية (وهذا مبحث آخر).

الأرشفة التي توائم العالم الظاهر هي ما تجعل البدايات تبدو في طي النسيان، وهي مطوية ولكنها ليست منسية.

أنت لم تنس شيئاً ولن تنسى شيئاً، بل يمكن -بتأمّلٍ ما، وباستدعاءٍ محفّزٍ ما، ومستقبلاً بتقنيات طبيّةٍ ما- أن تستعيد كل شيء. ولكن هل ستحتمل أنت كل ذلك التدفق من المعلومات؟

لقد تحطّم مركز ذاكرة رجلٍ ما إثر ضربة أصابت جمجمته، وظننا جميعاً أن ذاكرته تلاشت، ولكنّنا تفاجأنا، أو على الأقل بعضنا، بما قيل في تلك الحضرة.

. لم يكن بين الحضور رجل متدين واحد. كانت في الحضرة امرأة واحدة فقط، وكانت تقرأ في الثيوصوفيا. قالت لنا بثقة: ذاكرته ليست هنا الآن، ولكنها لم تتلاش. كان ذلك مدعاة سخرية الجميع، خاصة شاب وسيم بين الحضور كان مقيم جراحة أعصاب، ولكنه كان مهذباً في الحقيقة ونصحها أن لا تتمسك بالأوهام. الرجل الفاقد للذاكرة كان يستمع للجميع وكانت لغته سليمة. أصابها شيءٌ ما، ولكنها كانت حاضرة. التفت إليها وقال: أريد أن أبحث عن ذاكرتي. ولكنها حذرته أنه حين يجد ذاكرته فهو لن يتفاعل معها كالسابق، من موقع الذي يخوض الشيء، بل من موقع الشاهد على الشيء. وشبهت الأمر بالاطلاع على محتويات فلاش ميموري.

هناك قاعدة بيانات ما، طبيعته ليست مادية بحيث يصيبها تحول وتلف الإنتروبي. من المغري تصوّر أن لفظ "اللوح المحفوظ" ينطبق عليها. هذه القاعدة تسحب المعلومات أولاً بأول من المادة إلى شيء لا يتحول. كل شيء يتخزن. ولكن إلى متى. هل سعتها غير محدودة؟

ثقة المرأة كانت مستفزة، ولهفة الرجل الفاقد لذاكرته كانت محزنة، وارتياب الطبيب كان محبطاً. فقط لا مبالاة تاكاهيرو كانت مريحة بالنسبة لي. وتاكاهيرو هو ماستر زن، راهب بوذي تقريباً، هو أشبه بنسخة إيجابية من عم ضياء الذي شاهدناه في مسلسل الوصية، فهو متكيّف مع الإنتروبي على نحو مبهج وعجيب.

أما أنا فلم أكن مدعوّاً، بل متطفّلا. ولما كان الطرد من الحضرة ممنوعاً بقانونها، فكان عقابهم لي عدم النظر إلي. تاكاهيرو كان أفضل، فقد ساوى بيني وبين الجميع. ولعل شاعراً يابانياً قال شعرا يحمل نفس كلام الإمام علي حين قال:

إني لأفتحُ عيني حين أفتحها .......على كثيرٍ ولكن لا أرى أحداً

تاكاهيرو كان ينظر إلينا ولكن بصره يتجاوزنا. وبصراحة شككت أن تاكاهيرو كان يعرف مكان ذاكرة الرجل المسكين ويخفي ذلك. ولكنني بالطبع لم أقل شيئاً. فلا أملك أن أكون متطفلاً وفوق ذلك مثيراً للمشاكل.

أيام لحسن الحظ أذكرها وأقاوم أرشفتها.



#محمد_عبد_القادر_الفار (هاشتاغ)       Mohammad_Abdel_Qader_Alfar#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعبة الذكريات - 2
- سأبني جداراً
- لهذا السبب، لا أبالغ في انتقاد أردوغان
- مسودّة شعبيّة لصفقة القرن
- جمال المرأة، كحسرة للرجل - 2
- رحلة إلى شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة -4
- فلسطين إذ تجعلنا أناركيين
- قليل من الحقد، كثير من الخوف
- رحلة إلى شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة -3
- معنى الموت في المستقبل
- ما هو الإيجو، وكيف تمنعه من حجب سلامك الداخلي ومحبتك غير الم ...
- متى
- وأنا أيضا لا أنطق عن الهوى
- معنى اليوم الآخر
- فيروز - نص الألف خمسمية
- القادر من يعلم أنه قادر
- معنى الجسم البشري - تجارب (3)
- معنى الجسم البشري - تجارب (2)
- جمال المرأة، كحسرة للرجل
- معنى الجسم البشري - تجارب (1)


المزيد.....




- بطراز أوروبي.. ما قصة القصور المهجورة بهذه البلدة في الهند؟ ...
- هرب باستخدام معقم يدين وورق.. رواية صادمة لرجل -حبسته- زوجة ...
- بعد فورة صراخ.. اقتياد رجل عرّف عن نفسه بأنه من المحاربين ال ...
- الكرملين: بوتين أرسل عبر ويتكوف معلومات وإشارات إضافية إلى ت ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في كورسك
- سوريا بين تاريخيْن 2011-2025: من الاحتجاجات إلى التحولات الك ...
- -فاينانشال تايمز-: الاتحاد الأوروبي يناقش مجددا تجريد هنغاري ...
- -نبي الكوارث- يلفت انتباه العالم بعد تحقق توقعاته المرعبة خل ...
- مصر.. مسن يهتك عرض طفلة بعد إفطار رمضان ويحدث جدلا في البلاد ...
- بيان مشترك للصين وروسيا وإيران يؤكد على الدبلوماسية والحوار ...


المزيد.....

- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عبد القادر الفار - حين أخفى تاكاهيرو ذاكرة الرجل المسكين