أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - حسن رشيدي - أرسلني إلى النار














المزيد.....

أرسلني إلى النار


حسن رشيدي

الحوار المتمدن-العدد: 6041 - 2018 / 11 / 1 - 23:27
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


كثيرة هي المواقف المعادية التي تقف حاجزا بيننا وبين الحقيقة، بل وبين إتاحة الفرص من أجل تقارب الرؤى ووجهات النظر بين الحقائق التي نؤمن بها وبين ما يؤمن به الآخر، فيغدوا أحدنا ساعة قرع الحجج والبيان يشهر كل معلوماته وما يؤمن به في سبيل أن يَظهر بحجته على الآخر، ليردعه عن ما هو فيه ويقهره بالذي كان منه. حينها يصير المغلوب على أمره تابعا لشريعة الغالب.
وفي أحسن الأحوال قد يتجلى مقام رفيع بين الاثنين ينبئ بحقيقة غاية في الأهمية، ألا وهي: احترام وجهات النظر؛ -أخذا بعين الاعتبار أن الحقائق نسبية-. وانطلاقا من أن ما أومن به من أفكار ومعتقدات هو الحق المطلق، فإن أي جهة مخالفة لما أنا عليه يعتبر خروجا وشذوذا لمعتقداتي. وحري لأي جهة أخرى أن تنطلق من هذا الفهم فتؤمن بامتلاكها للحق، ومن ثم تنسف ما عداها من الجهات المخالفة. وهذا بيت القصيد الذي يدعونا بكل رشد وعقلانية، إلى الاستماع إلى الآخرين من أجل تقريب الرؤى، وتوسيع دائرة المشترك، بدل الانزواء وراء أفكار دوغمائية لا تؤمن إلا بأحادية الفكر والاتجاه الوحيد.
ولعل أبرز ما يثار في هذه النقطة هي قضية المعتقد، حينما يرى الفرد أو الجماعة امتلاكهما للحقيقة المطلقة، فيعمد فئام من الناس بدافع التعصب إلى إكراه غيرهم على أن يكونوا مؤمنين. دونما تبصر في ما عليه الآخر من حق، وما قد يعتري طرح معتقداتهم من الباطل. وكثيرة هي الشواهد التي تدل على هذا المنحى سواء أتعلق الأمر بالنص الديني على وجه الحصر، أم ذك الذي ينبع ويستقي أطروحاته من تراث الفكر الديني وما يحمله من تأثيرات. نذكر منها: تلك الواقعة التي حدثت إبان الغزو الاسباني لجزيرة كوبا سنة 1511م، عندما ألقى الزعيم القبلي (هاتوى) بالذهب الذي كان يملكه في مجرى النهر، ولما عرف الإسبّان بأمره عمدوا إلى إحراقه حيا، ثأرا وعقابا له بتضييع ما جاؤوا من أجله؛ حين جاءه راهب من إحدى الأخويات يهديه إلى الدين المسيحي لكي يدخل الجنة، -وإلا: إلى النار زعموا-. عندها قال الزعيم (هاتوى) لرجل الدين: هل هناك مسيحيون في الجنة؟ قال: معظمهم هناك. ثم رد الزعيم من غير تردد: إنني أفضّل دخول النار على أن ألتقي بكم في الجنة، أرسلني إلى النار.
إن الدافع وراء رفض الزعيم للدّين المسيحي، هو ما شاهده من دماء تراق بغير حق، مع الغلظة والفضاضة والوحشية التي تعامل بها الجنود مع الهنود الحمر إبان الغزو.
وإننا اليوم لنرى مشاهدا توجع القلب بدافع نصرة دين أو معتقد ما، بدافع أن يسعد الناس في آخرتهم بجنات مد البصر فيها ما لا عين رأت ولا خطر على قلب بشر. ولعمري هل سيتبع عاقل ذو لب، جاهلا يدعوا إلى القتل والدمار، وهو الذي لم يجسد أخلاقا في يومه، ولم تنعكس على حياته، فضلا عن رسم أحلام وردية قد يتسع الفارق بينها وبين حقيقتها، إذا ما انجلت الغشاوة عن الأبصار.
إن الدين الأسمى الذي دعا إليه الأنبياء والأولياء والفلاسفة والمفكرون هو دين الإنسان، الذي لا غاية له إلا سعادة الإنسان، بعيدا عن أي تعصب أو قتال أو حصر لأفق جلال العقل، في أفكار دوغمائية لا تؤمن إلا بالاتجاه الأوحد والوحيد فيهلك زهرة الحياة، ويدعوا إلى الاحتراب مع كل مخالف لم يلتزم بالشكل الخارجي، ولو غفل عن بناء الجوهر.
ولعل أي أطروحة مهما ادعت امتلاكها للحقيقة المطلقة -هذا إن وجدت- غير كفيلة بامتلاك القلوب، ما لم تقدم برهنة أخلاقية على دعواها، لكفيلة بأن يقول عنها المخالف -وإن كان في ضلال بعيد-، مثل قول الراهب: أرسلني إلى النار، وسحقا لإلهك الذي ستضل عليه عاكفا.



#حسن_رشيدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى مترددة
- صوفيا والقيامة
- الرؤى والأديان
- الحجر المرفوض بين النبوءة والاجتماع
- رمزية الاحتفال بالسنة الجديدة


المزيد.....




- ماكرون يطرد 12 موظفا في الدبلوماسية ويستدعي سفير بلاده في ال ...
- ابنتا بوعلام صنصال تطالبان ماكرون السعي لإطلاق سراح والدهما ...
- الجميع -هدف مشروع-.. محللة توضح أهمية الفاشر لـ-الدعم السريع ...
- إسرائيل: لن تدخل أية مساعدات قريبا إلى غزة للضغط على حماس
- عباس إلى دمشق الجمعة المقبل للقاء نظيره الشرع
- الداخلية التركية تعلن القبض على 89 إرهابيا يشتبه بهم بالانتم ...
- إسرائيل تفرج عن 10 أسرى فلسطينيين من قطاع غزة
- الحكومة اللبنانية تطلق مشروع إعادة تأهيل طريق المطار
- شاهد.. -سرايا القدس- تعرض مشاهد من قصف استهدف الجيش الإسرائي ...
- بكين تمدّ جسورًا مع جنوب شرق آسيا


المزيد.....

- حين مشينا للحرب / ملهم الملائكة
- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - حسن رشيدي - أرسلني إلى النار