أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند الخيكَاني - متحف الحمير














المزيد.....

متحف الحمير


مهند الخيكَاني

الحوار المتمدن-العدد: 6039 - 2018 / 10 / 30 - 22:26
المحور: الادب والفن
    


متحف الحمير

من أغرب الأشياء التي شهدتها في حياتي وأنا أتجول في احد العوالم القديمة ، بصفتي كباحث انثروبولوجي ، مشهد لا علاقة له بالأنثروبولوجية ، يمكننا ان نقول عنه اضافة لتفسير أشياء اخرى ، ستهتم بها علوم أخرى بشكل أدق و أوسع ، هو سقوط الحمار عن الحمار ، وامتعاض الحمارين من بعضهما ، دون أن يدركا أنهما متساويان في كل شيء ، بدءًا من العربة أي الوظيفة ، وانتهاءً بكونهما مخلوقين ضمن حدود النوع والجماعة . ولعلّ الأغرب من هذا ، إنهما يقودان سربا من مخلوقات اخرى ، بفعل السياق والانجذاب حتى تتعرض الى التلون ، فتصبح حميرا ايضا ، وشهدت قاعدة حميرية واسعة على ذلك .
تنتهي المشاجرات الأكثر لطفا بين العربات والحاجة الى العيش ، عند حمار آخر يحل المشاكل ، ويتولى رعاية القضايا العقلية الملحة ، فإذا بك فجأة تفيق من غفلة التأمل الطويل ، لتجد أن القاعدة الحميرية مطواعة ومرنة ، وصارت تتخذ اشكالا مختلفة ، وتضم مساحاة بشرية اكثر ، إنها كما يصفها أحد المشردين الذين يعيشون في صفيحة : ثقب دوديّ أرضي !
وعندما حاول بعض الأشراف عزلهم بعد ان ملّوا من النصح واطلاق المواعظ ، اهتاج الحمار الكبير الذي يبدو للمستمع والقارئ ، انه صاحب رأس كبير ، ويجلس على كرسي ضخم مرصع بالألوان ، ومذّهب قدر المستطاع ، حتى ليبدو وكأنه عرش ملكي ، نعم عزيزي القارئ انه كما تخيلت أنت ايضا ، انا لا أحِد من مخيلتك في هذه اللحظة ، إنما افرضها عليك ، وهذه خدعة لن نتحدث عنها .
ومرة ، اشتعلت الحرب بين المخلوقات البشرية الاصيلة وبين المخلوقات البشرية الحميرية ، المتلونة ب ارادتها أو دون ارادتها ، وحصلت مناوشات بأنواع مختلفة من الأسلحة الخفيفة ، والاسلحة البيضاء ، ولا أقصد النهود و الأفخاذ والأرادف بالطبع ، لان الاسلحة التي اتحدث عنها أقل خطرا ، فهي مميتة وقاتلة ولا تكرر موتك مثلما تفعل تلك . كلما تدَخل الأشراف لتهدئة الوضع ، قُتل أحدهم ، وعندما سمع الأهالي الذين عاشوا وما زالوا يعيشون بمعزل عن الحمير في مناطق معزولة ، هبّوا لنجدة اخوتهم ، لقد تحول الصراع الذي كان مهملا طوال سنوات الى صراع بين مخلوقات تعتبر نفسها الأذكى بشريا واخرى حميرية ، وفي تلك اللحظة المحتدمة من الزمن ، تسلل احد من جانب الأذكياء البشريين كما يرون انفسهم ، الى المنصة المعدّة لخطاب الحمار الأكبر ، وفجّر نفسه بطريقة تشبه الذي نراه في مقاطع الفديو على الفيس بوك ، وشاشات التلفاز ، بتلك الصورة الكارثية المرعبة . الأغرب من الأغرب ، ان الصراع بين الطرفين توقف كليا ، الصدمة غطّتِ المكان وعصفت بالوجوه والقلوب ولم يبق أحد في اللحظة تلك يفهم مايحس به ، من فرح أو حزن ، وبقوا على حالتهم من السكون ، فلا الأذكياء يرون اهميةً للتحرك بعد أن ذهب الحافز وانقضى ، ولا الاغبياء يرون اهمية للقتال ، كانوا يقاتلون من أجل حمارهم المبجل . وبقيت هذه الجموع الى الآن عالقة في تلك الحركة الساكنة ، وعندما حاولت زيارة المكان لأول مرة ووجدت أنه قد تحول الى متحف ، لم استطع ان أميز أي الطرفين ينتمي للحمير ، كان الجميعُ متساووين بطريقة لافتة .



#مهند_الخيكَاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المقدس والقراءة المغلوطة : الفنتازيا في الشعر الحسيني مثالا


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند الخيكَاني - متحف الحمير