|
بشار الأسد بين النفي ونفي النفي
محمد أحمد الزعبي
الحوار المتمدن-العدد: 6028 - 2018 / 10 / 19 - 15:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بينما كنت على وشك الغفلان ، بعد نقاش مطول ومتعب مع بعض الأصدقاء حول مسألة السيد ( أو المرحوم ) جمال الخاشقجي ، وبالذات حول نفي المسؤولين السعوديين علمهم بهذا الأمر الذي ملأ الدنيا وشغل الناس ربما أكثر من شعر المتنبي ، اللهم إلاّ من الإعتراف بأن هذا الشخص قد دخل القنصلية السعودية في اسطنبول ثم خرج منها ، وهذا خلافاً للرواية التركية التي تقول أن الخاشقجي قد " دخل القنصلية السعودية لكنه لم يخرج منها " ، أقول بينما كنت في فراشي على وشك الغفلان ، رن جرس الهاتف ليوقظني أحد الأصدقاء وليتلو على مسامعي عبر الهاتف بعضاً من مقالة أعجبته حول موضوع الخاشقجي ، تشير إلى أن نفي المسؤولين الكبار في الوطن العربي ، مسؤوليتهم عما قام أو يقوم به بعض مرؤوسيهم الصغار ( سواء كان ذلك بأوامر مباشرة أو غير مباشرة منهم ) إنما هو (هذا النفي ) الإبن الشرعي لنفي بشار الأسد في كافة مقابلاته الصحفية والإعلامية علمه بكل ماحدث ويحدث في سوريا بعد الثامن عشر من آذار 2011 من تدمير وتقتيل وتهجير واغتصاب واعتقال وتغييب قسري ، والذي طال أكثر من نصف الشعب السوري و بات بالتالي معروفاً لكل من هب ودب في هذا العالم ، ولا سيما لأطفال ونساء وشيوخ سورية ، الذين كانوا يرون بعيونهم تلك المجازرالوحشية البشعة التي قام و يقوم بها النظام وشبيحته وأعوانه في الشرق والغرب ، والذين ( الأطفال والنساء والشيوخ ) حولتهم طائرات بوتن وبراميل بشارإلى كتل بشرية من اليتامى والثكالى والأرامل والحيارى ، التي ( الكتل ) إن أخطأها البصرفلن تخطئها البصيرة ،وإن تعامت عنها عدالة الأرض ، فلن تغيب عن عدالة السماء .وما عاد مجدياً النفي . إن " صفقة النفي " هذه التي مارسها و يمارسها " بشار الكيماوي " منذ وراثته الحكم عن والده عام 2000 ، والتي ظلت دون مساءلة أو حساب حتى يومنا هذا ، بل وسمحت له بعد انطلاق ثورة آذار 2011 ضد نظامه الطائفي ، أن يسرح ويمرح في سوريا ، تحت سمع العالم وبصره ، بل وتحت سمع وبصر مجلس الأمن الدولي صاحب القرارات الكاذبة ، التي ماتزال تنتظر التنفيذ ، ولا سيما منها القراران : 2118 تاريخ 27.09.2013 و 2254 تاريخ 18.12.2015 ، (وهذا على سبيل المثال وليس الحصر بطبيعة الحال) . هذه " الصفقة " هي التي شجعت برأي صاحب المقال الذي أسمعني إياه صديقي ، الزعماء العرب الآخرين (ومنهم فلان الفلاني) على اقتفاء أثر بشار في ممارسة " النفي " ، أي ممارسة التنصل من المسؤولية ، وإلقائها على عاتق مرؤوسيهم الصغار . بعد أن تلا علي صديقي ماورد في المقالة إياها من العلاقة / الرابط بين نفي بشار ونفي مسؤولين عرب آخرين مسؤوليتهم عما أصاب أوطانهم وشعوبهم من الهلاك والدمار ، شرع يجادلني في أن نصف الشعب السوري ( على الأقل ، والكلام له ) ومعهم نصف " المجتمع الدولي " يصدق ماغرد ويغرد به بشار الأسد لوسائل الإعلام الداخلية والخارجية (!!) . قلت لصديقي على الهاتف ، وأعيد هنا ماقلته له ، في أن الطفل الصغير في سوريا ، لابد أن يفغر فاه وهو يسمع نفي بشارالأسد علمه بما صنعت يداه وفكره المريض في سوريا ، و الذي ( النفي ) بات يتماهى عملياً وواقعياً مع الكذب الصريح ، وبات من المشروع دينياً ودنيوياً إطلاق صفة ال كذاب عليه ، بل وعلى كل مؤيديه ومقلديه من الكذابين إن مانراه فيما يتعلق بهذا ( النفي ـ الكذب ) من قبل بشار الأسد ، لما جرى ويجري في سوريا على يديه ويدي أعوانه وحماته ، من بوتين إلى ولي الفقيه مروراً بداعش وحسن نصر الله ، على مدى ثماني سنوات ، هو أن الخبراء(!!) الداخليين والخارجيين ، الذين يحيطون به إحاطة السوار بالمعصم ، باعتباره الدجاجة التي تبيض ذهبا ، هم ـ برأينا ـ من أشار و يشيرعليه أن يكذب في لقاءاته الإعلامية ، وذلك لكي لايكون اعترافه ( فيما لو حصل ) وثيقة قانونية ملموسة سوف ضده في المستقبل ، إذا ماأحيل ذات يوم إلى القضاء العادل سواء داخل سوريا أو خارجها ، وهو ـ برأينا ـ ماسيحصل قريباً وبالتأكيد إنشاء الله . وليرحم الله الشاعر العظيم نديم محمد الذي يقول : ( إن أنصف الدهر يوماً وهو فاعلها ... فسوف .......... ) ، حيث لايضيع حق وراءه مطالب . إن نفي بشار الأسد ، وغيره من الحكام العرب للأحداث والحقائق المأساوية الملموسة في بلدانهم ، والتي يشاهدها كل الناس ، كل يوم ، بل وكل ساعة ، إنما يضعون أنفسهم واقعياً أمام عدالة السماء، عدالة ( نفي النفي ) وجهاً لوجه . ولعلم القارئ الكريم ، فإننا لانشير بهذا التعبير ( نفي النفي ) إلى أحد قوانين المادية الجدلية المعروف ، وإنما نشير فقط إلى ردة فعل أطفال سورية العفوية على( نفي ) بل قل(كذب ) بشار الأسد , وهم يرون بأبصارهم وبصائرهم ، عكس مايسمعونه منه في آذانهم . مما نشاهده و / أو نسمعه هناك أمور تستدعي الضحك ، وأخرى تستثير الشفقة ،وثالثة تدفع على البكاء ، و يبدو لي ( والله أعلم ) أن " نفي " بعض الحكام العرب وعلى رأسهم بشار الأسد لدورهم الملموس في تدمير بلدانهم ، وتقتيل شعوبهم ، وتقطيع أوصال معارضيهم ، ومحاصرة مطالب هذه الشعوب في الحرية والكرامة وحرية التعبير والديموقراطية والعدالة والتنمية ، إنما تستدعي و تستثيروتدفع الأمور الثلاثة ( الضحك والشفقة والبكاء )، معاً وفي آن واحد ، وتظل ـ برأينا ـ مقولة " نفي النفي " أي نفي تصديق الكذب ، هي الأصدق فيما نراه ونسمعه . ومرة أخرى ، والله أعلم .
#محمد_أحمد_الزعبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الثورة السورية بين المجلس والإئتلاف
-
محاصرة الحصار - إعادة نشر
-
سيرغي لافروف السوري
-
الثورة السورية بين الشمال والجنوب
-
بين بشار وديمستورا شعرة معاوية ( إعادة نشر )
-
مجلس الأمن بين الجعجعة والطحن
-
الغزو الأمريكي للعراق والدور الإيراني
-
ملحمة سجون بشار والديموقراطيات الخرساء
-
أبو هشام في فقرات
-
نظام الأسد وإشكالية الهوية العربية ( إعادة نشر)
-
بعد سقوط درعا بيد بوتن، عود على بدء
-
الثورة السورية وصمت المجتمع الدولي
-
حوران بين فكّي بوتن وترامب
-
المعارضة السورية بين القول والفعل
-
حوران بين المطرقة والسندان في مثلث الموت
-
الثورة السورية وجنرالات الأسدين
-
شاهد عيان على ضياع الجولان
-
القضية الفلسطينية وأعداؤها الثلاثة
-
الرياضيات الأحدث (5+1)=(4+1)
-
موسم التهجير إلى الشمال ونصيحة قلم
المزيد.....
-
على ارتفاع 90 مترًا.. عُماني يغسل سيارته مجانًا أسفل شلال -ا
...
-
في إسطنبول نوعان من القاطنين: القطط والبشر في علاقة حب تاريخ
...
-
بينها مرسيدس تُقدّر بـ70 مليون دولار.. سيارات سباق أسطورية ل
...
-
هل فقد الشباب في الصين الرغبة بدفع ضريبة الحب؟
-
مصدر دبلوماسي لـCNN: حماس لن تحضر محادثات الدوحة حول غزة الخ
...
-
مقاتلتان من طراز -رافال- تصطدمان في أجواء فرنسا
-
حافلة تقتحم منزلا في بيتسبرغ الأمريكية
-
دبابات ومروحيات أمريكية وكورية جنوبية تجري تدريبات مشتركة با
...
-
كاميرا ترصد الاعتداء على ضابط شرطة أثناء المظاهرات في فيرجسو
...
-
طلاب بنغلاديش من المظاهرات إلى تنظيم حركة السير فإدارة الوزا
...
المزيد.....
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
المزيد.....
|