|
في البصرة .. نحو إجراءات رادعة لمفتعليّ الجريمة
احمد ستار العكيلي
الحوار المتمدن-العدد: 6026 - 2018 / 10 / 17 - 23:54
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
انقذوا البصرة من الجريمة المنظمة " هل ما يحصل فيها استجابة لمطالبهم "؟ ! .. نحو اجراءات حازمة ورادعة
عمت مدن بلادنا في الاشهر الاخيرة موجة من الاعتصامات والتظاهرات والفعاليات الاحتجاجية الاخرى. ولم يأت ذلك بمعزل عن اللوحة السياسية المعقدة في بلادنا، والمعاناة المتواصلة - المعيشية والخدمية والحياتية للمواطنين، منذ نيسان 2003 ، والناجمة ايضا عن انتشار البطالة، وتقليص مفردات البطاقة التموينية، وارتفاع الأسعار، والتضخم الذي ابتلع الزيادات في رواتب الموظفين والمتقاعدين وفي اجور العمال ومداخيل بقية الكادحين، والنقص الحاد في تجهيز الكهرباء والماء الصافي والمحروقات، واستشراء الفساد والافساد. تضاف إلى ذلك مساعي التضييق على الحريات العامة وتقزيم هامش الديمقراطية، و تكميم الأفواه، في مخالفة صريحة وواضحة للدستور.
وبعد الموجة الاخيرة لتظاهرات البصرة التي إنطلقت في اواسط تموز 2018 ، والتي لخصت مطالبها بــــ " حل ازمة المياه وملوحتها ، مشكلة الكهرباء وانقطاعها المستمر ، وتوفير فرص عمل للشباب وخصوصاً الخريجين منهم " ، هذه المطالب دفعت أهالي البصرة وخصوصا الشباب منهم الى الاحتجاج السلمي احتجاجا على الأوضاع المزرية التي تمرُ بها محافظة البصرة من أنعدام الخادمات العامة للمواطن وعدم تلبية المطالب المشروعة من قبل الحكومة المحلية والحكومة المركزية التي تتحمل المسؤولية التامة في معاناة أهالي البصرة بسبب عدم اطلاقها للتخصيصات المالية الخاصة بالمحافظة التي تساعد أو تحل كحد أدنى من ما تعانيه البصرة وسكانها العزل ، وتصاعدت حركة الاحتجاج ووصلت الى الاعتصامات كتصعيد اتخذوا المتظاهرين للضغط على اصحاب القرار لتنفيذ مطالب المحتجين من عموم البصرة بما فيها اقضيتها ونواحيها التي اخذت حيز كبير من الاعتصامات وخصوصاً الاقضية التي توجد فيها حقول النقط والمستثمرة من قبل شركات النقط العالمية جراء جولات التراخيص النفطية .. ولكن في نهاية المطاف جوبهت هذه التظاهرات باستخدام الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع والتي راح ضحيتها اكثر من عشرة متظاهر من الشباب فضلا عن اصابات متعددة بين صفوفهم.
وبعد تراجع حركة الاحتجاج وانحسارها نسبياً ، بسبب الاحداث الاخيرة التي مرت بها المحافطة من حرق مقار الاحزاب وفصائل الحشد الشعبي ، اطلقت القوات الامنية والسلطات في المحافظة حملة اعتقالات واسعة لناشطي التظاهرات .. وهذا احد مساعي التضييق على هامش الديمقراطية ، وعلى الحريات العامة والخاصة، اخذت في الفترة الماضية منحى متصاعدا، تجسد في العديد من الممارسات التي اقدمت عليها السلطات المركزية والمحلية ومجالس المحافظات، في خرق جليّ للدستور حينا، وفي اعتماد للانتقائية في تطبيق مواده وتفسيرها حينا آخر، بما يحلو للمتنفذين ويتجاوب مع مراميهم وسعيهم الى فرض نمط واحد من التفكير واسلوب العيش والحياة والسلوك ، تحت ذرائع مهلهلة لا تغطي اهدافهم الحقيقة .
وفي ظل هذه اللوحة المعقدة واستمرار بعض الفعاليات الاحتجاجية ، نشطت اخيرا في البصرة موجة القتل والاغتيالات لناشطات وناشطين وخصوصا الشباب وهذا يتطلب الوقف اليه بشكل جدي من غياب الامن والاستقرار لحياة المواطن ويتطلب في هذا المجال حزمة من الاجراءات اللازمة التي يجب أن تقوم بها القوات الامنية وواضح ان هذا كله وغيره يتطلب من القوى الأمنية التحلي باليقظة العالية، والمراجعة المستمرة لخططها الأمنية، والارتقاء بمنظوماتها وقدراتها الاستخبارية، وزيادة كفاءتها وإمكاناتها، وتحديث تجهيزاتها، وتعزيز ضبطها ومهنيتها، إلى جانب محاسبة العناصر المسيئة والمقصرة. ولا بد من الاشارة هنا الى مسؤولية الكتل المتنفذة وما تسببه منابزاتها وخطابها المهيج من توترات واجواء ارتياب تستغلها قوى الارهاب.
ويتوجب ايضا التشديد على وضع حد لانتشار السلاح، وتفعيل شعار حصر السلاح بيد الدولة، ووضع أشكال التعاون والتنسيق بين الأجهزة الأمنية والمواطنين موضع التطبيق. كما بات ضروريا فرض هيبة الدولة ومؤسساتها على الجميع دون استثناء، وهو ما يعززه كثيرا وضع حد لنشاط أي جهة او تنظيم مسلح خارج عن القانون.
وفي اثناء ذلك غدا الاصلاح والتغيير مطلب جماهير واسعة، يدفعها الحرص على انقاذ البلاد ووضع العملية السياسية على السكة السليمة المفضية الى اقامة الدولة المدنية الديمقراطية. الدولة التي تلح ظروف بلدنا الملموسة، وحالة التعددية المتنوعة التي يتسم بها، على قيامها كضرورة لا غنى عنها لضمان وحدته الوطنية، وتماسك نسيجه الاجتماعي، وصيانة استقلاله وسيادته، وتأمين تطوره الحر المستقل، وتحقيق التنمية المتوازنة المستدامة، وتوفير العيش الكريم والحريات العامة والخاصة لابنائه. وهذا كله يتطلب حشد طيف وطني واسع من القوى الداعمة للاصلاح والتغيير.
تأتي هذا الاوضاع في البصرة ومنها الخلل الامني المنفلت ، وحكومة البصرة عاجزة عن فعل أي تدبير تجاه اهالي البصرة بل أكتفوا بالصراع المحتدم على السلطة .. وتجلى ذلك بصراعهم على منصب المحافظ بعد فوز محافظها بعضوية مجلس النواب والصراع حول رئاسة المجلس .. ناهيك عن عدم اكتراثهم لمطالب المحتجين في البصرة منذ انطلاقه التظاهرات في نهاية تموز 2015 ولحد الآن .
وفي سياق حديثنا عن القضاء على اشكال الجريمة المنظمة التي طالت الناشطين وتهدد ارواح الاخرين يجب الضرورة التصدي الفعال لآفة الفساد يصعب الحديث اليوم ليس فقط عن الحاق الهزيمة بالارهاب والارهابين، بل كذلك عن الاعمار والتنمية الاقتصادية الناجحين، من دون مواجهة حقيقية حازمة مع ظاهرة الفساد المتفشية في البلاد بدرجة مخيفة. وتعني هذه المواجهة الاقدام على معالجة جذرية شاملة، وتجنب اسلوب الهبـّات الوقتية والاجراءات المتفرقة هنا وهناك، ارتباطا بهذا الموقف او ذاك الاصطفاف السياسيين. وتعني ايضا اعتماد موقف سياسي حازم من طرف الجميع، وعلى مختلف المستويات، واستبعاد الانتقائية والكيدية والتسقيط السياسي عند التعامل مع هذا الملف. كما تتطلب تفعيل دور القضاء وضمان تمتعه بكامل صلاحياته في التصدي للفساد والمفسدين، بعيدا عن اي تدخل من جانب السلطات التنفيذية والتشريعية. اضافة الى تهيئة الاجواء والفرص لقيام الاجهزة الرقابية بوظيفتها على نحو حيادي ومهني. وطبيعي ان رؤوس الفساد يبذلون كل جهد للافلات من قبضة العدالة. لكن المؤسف والخطير، انهم يجدون في اجهزة الدولة من يتواطؤ معهم بل ويسهل امرهم . ويبقى التصدي الناجع لاخطبوط الفساد بعيد المنال، ما لم تسهم فيه اجهزة الدولة ومؤسساتها جميعا، التشريعية والتنفيذية والقضائية، ومعها الاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الاعلام وغيرها. كما ان بوسع الجماهير النهوض بدور عظيم الاهمية، عبر تفعيل الرقابة الشعبية.
#احمد_ستار_العكيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تركيا مابعد نتائج الانتخابات وظربة الناخبيين الى طموحات اودر
...
-
الذكرى المئوية لمذابح الأرمن
-
مجدا للذكرى السابعة والستين لتأسيس اتحاد الطلبة العام في جمه
...
-
5أسباب دفعت دول الخليج بقيادة السعودية إلى قصف الحوثيين في ا
...
-
اهم تحديات الواقع الطلابي
-
الديمقراطية
-
المدنية الحل الوحيد للتخلص من عقبات بناء الدولة
-
في ذكرى ثورة 14 تموز
-
ازمة تشكيل الحكومة العراقية
-
الفقع وانتشاره في اسواق الزبير
-
الحركه الطلابيه وتاريخ اتحاد الطلبه العام في جمهوريه العراق
المزيد.....
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|