أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - هشام البستاني - التحوّل الجديد في النمط الإمبريالي بعد 11 أيلول















المزيد.....

التحوّل الجديد في النمط الإمبريالي بعد 11 أيلول


هشام البستاني

الحوار المتمدن-العدد: 350 - 2002 / 12 / 27 - 17:01
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    




بعد انقشاع الغبار الذي غطى نيويورك وواشنطن وآسيا الوسطى بانت ظواهر كثيرة جلية وواضحة للعيان، وان حاول بعض مهندسي تزوير الاعلام بآلياتهم ضبط ايقاع الناس على تانغو الادارة الاميركية. سنعرض في الآتي بعض هذه الظواهر في تناول نقدي وصولاً الى خلاصة تستقرئ بعض ملامح التحول الجديد للامبريالية.
اولا الايديولوجيا النيوليبرالية بالقوة العسكرية المباشرة: ان الحرب ضد ((الارهاب)) ليست حربا ((أخلاقية)) او مبدئية او حربا ضد ((الشر)) Evil (وهو المصطلح ذو البعد الديني/ الاجتماعي العميق في دول الشمال)، بل هي استكمال لوضع اليد الامبريالية على العالم بشكل مباشر هذه المرة، ومن دون رتوش. انها حرب فرض النيوليبرالية بقوة السلاح.
فالولايات المتحدة، المركز الامبريالي الأعتى والأقوى على الصعد كافة، تمركزت عسكريا في جميع أركان الارض بصورة فعلية، عدا منطقة آسيا الوسطى التي استعصت على التواجد الاميركي العسكري المباشر لاعتبارات عدة أهمها التوازن الاستراتيجي مع قوى عظمى سابقة (الاتحاد السوفياتي روسيا لاحقا) وشبه عظمى (الصين) واقليمية مؤثرة (إيران والهند والى حد ما الباكستان) وهي قوى في أغلبها معادية بشكل او بآخر للولايات المتحدة، فكان لا بد هنا من اعادة الحسابات (او خلطها بمعنى أدق) ضمن الظرف المعطى، لتأمين احتلال اميركي ترضى عنه جميع الاطراف (ولو بصورة أولية)، وباستعمال آليات بدائية هي الرشوات السياسية والمالية المدفوعة او المؤجلة (روسيا قضية الشيشان، إيران قضية القضاء على طالبان، الهند إضعاف الدور الباكستاني الاقليمي ومسألة كشمير، الباكستان قروض ميسّرة ومنح مالية..). هكذا أحكمت أميركا قبضتها على العالم في ما يشبه حزاما ناريا، حيث تملك الآن قواعد وحاملات طائرات من المحيط الهادي الى أوروبا وتركيا الى الخليج العربي ودول الجزيرة الى الباكستان والجمهوريات السوفياتية الجنوبية السابقة الى كوريا الجنوبية واليابان.
وبهذا تملك الولايات المتحدة الآن المرونة الكافية وقوة النار ((لتأديب)) اي دولة او مجموعة خارجة عن إرادتها بل وحتى عن مفاهيمها السياسية والايديولوجية، وهي ضرورة تحتمها السياسات النيوليبرالية التي تفرضها اميركا على بقية العالم من خلال صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، ومنظمة التجارة العالمية.
ثانياً النفط مرة اخرى: في مواجهة مراكز امبريالية اخرى صاعدة مثل اليابان وألمانيا، كان من المتوجب السيطرة على احتياطات النفط الكبيرة ((الحرة نسبياً)) الموجودة في منطقة بحر قزوين، وهي احتياطات يقول الخبراء انها تضاهي الاحتياطات الموجودة في منطقة الخليج العربي. ومن المعروف ما يمثله النفط للعالم الصناعي، وربما كانت هذه المسلمة البسيطة هي ما استدعى ألمانيا واليابان، تحديدا، لتعديل قوانينهما للسماح لقوات بلديهما بالمشاركة في عمليات عسكرية خارج أراضيهما، وذلك تمهيدا لانضمامهما الى الحملة العسكرية الاميركية/ البريطانية في آسيا الوسطى، وهذا استغلال سياسي وبعد نظر حاد من قبل الدولتين المهزومتين في الحرب العالمية الثانية.
ثالثاً من احتلال الاراضي الى احتلال المفاهيم:
استطاعت الولايات المتحدة ان ((تشرعن)) مسألة ((الدول المارقة)) من طريق فرض تعريفها وسياستها حول هذه الدول كمفهوم دولي لل((إرهاب))، وانساقت الدول تحت تأثير الغضبة الاميركية و/او الحسابات التكتيكية الى الموافقة المطلقة على التعريف/ السياسة.
لقد تعلّمت الولايات المتحدة دروساً كثيرة خلال مسيرتها العدائية تجاه العالم، فكما مثلت لها هزيمة فيتنام نهاية حقبة التدخّل العسكري التقليدي المباشر في أراض مجهولة، وكما دشّن العدوان على ليبيا نهاية حقبة التدخل الاميركي المنفرد على دولة بعينها، فإن العدوان الاميركي على العراق كان بداية السياسة الاميركية الجديدة القاضية بإشراك قطاعات واسعة من المجتمع الدولي (30 دولة) في الجريمة، تلاها فرض مشاركة العالم أجمع بالعدوان (حالة أفغانستان) وذلك في نقلة نوعية غير مسبوقة لآليات حركة الامبريالية في العالم، أدت بها الى ((عولمة)) المفهوم بالقوة.
رابعاً الامبريالية أولا، الامبريالية أخيرا: يكشف جيمس بتراس، أستاذ علم الاجتماع في جامعة بنغهامبتون بنيويورك، في مقال نُشر على موقع لجنة دعم القضايا العربية في إسبانيا بتاريخ 4/11/2001 حقائق فظيعة في ما يخص أحداث 11 أيلول، وتنسجم كلها مع ما ذهبنا إليه أعلاه. يطرح المقال فرضيات هامة يعززها بالأدلة فمثلا: ((ان انفجار مشاعر الحرب في واشنطن (يقصد الادارة الاميركية) ربما كانت له علاقة ب((نوعية الضحايا (quality) ومقدار تأثيرهم على الأسواق المالية العالمية، لا بعدد هؤلاء الضحايا (quantity))) حيث ان الكثير منهم كانوا من المحللين وراسمي السياسات المالية والمضاربين... الخ.
وبناء على احصائيات الصليب الاحمر الاميركي، فإن عدد الضحايا الفعلي هو 2563، 40 منهم من جنسيات اجنبية، اي ان عدد الضحايا الاميركيين الفعلي هو 1500 مواطن تقريبا، ويرى بتراس ان الرقم المبالغ فيه (4964) الذي نشره مسؤولو نيويورك كان فقط لابتزاز الحكومة الفدرالية لصرف المزيد من الاعانات لاعادة بناء القطاع التجاري في نيويورك وليس لجهود الاغاثة!
ولهذا فإن كاتب المقال يطرح تساؤلا/ استنتاجا مؤداه ان إعلان الحرب لم يكن مبنياً على عدد الضحايا المدنيين القليل بل على المحتوى السياسي/ الاقتصادي لمركز التجارة العالمي والبنتاغون.
ويرى الكاتب ان الادارة والاعلام الاميركيين ((تلاعبا بالمأساة الانسانية (التي تعرّض لها مواطنو نيويورك) لإزاحة التركيز عن البعد الاقتصادي والعسكري للصراع.. وعندما أصبح الضحايا غير مجديين كدعاية سياسية لمصلحة الحرب، تم التخلص منهم ليصبحوا طوابير خارج مكاتب البطالة)) (فقد 45000 عامل وظائفهم خلال شهر تشرين الاول 2001، وهو أعلى رقم لفصل موظفين خلال شهر واحد في التاريخ الحديث).
ناهيك بما تردد عن مكاتب للCIA تحت مبنى مركز التجارة العالمي وما يدل اليه ذلك من استغلال للمواقع ((المدنية)).
الوجه الجديد للإمبريالية
اذا كانت العولمة هي تداعي الحواجز والحدود أمام حركة رأس المال وتصفية دور الدولة الاجتماعي/ الاقتصادي بآليات الخصخصة والانفتاح، فإن مرحلة ما بعد العولمة تقتضي من الدول الرأسمالية إعادة النظر بالحريات الليبرالية التي طالما تشدّق بها الشمال واعتبرها مثالا يحتذى، الى الدرجة التي جعلته يضعها كعنوان لمشروعه الايديولوجي الاستغلالي في محاولة لإخفاء البشاعة، وذلك لمواجهة الاختلالات الهائلة التي أحدثها وسيحدثها الإسفار عن الوجه المتوحش للرأسمالية في المرحلة التي تلت انهيار المنظومة الاشتراكية وانهيار نموذج دولة الرفاه الاجتماعي.
ان مرحلة ما بعد العولمة التي ستؤرخ اعتبارا من 11 أيلول 2001، تستدعي فرض انفتاح المفهوم السياسي/ الايديولوجي للأطراف وارتهانه بالقوة للمركز الامبريالي ضمن برامج رشوات اقتصادية و/او سياسية للانظمة الحاكمة بصفتها ((منظومات أمنية محلية)) او ((شرطة مرتزقة)) لمصلحة هذا المركز، وهو البرنامج الذي لن يطبق في الاطراف فقط، بل ان ((عسكرة الحياة العامة)) ستطول المدنيات الغربية نفسها، وما قانون مكافحة الارهاب ووزارة الامن الداخلي في اميركا، والتعدّي على خصوصيات التراسل في دول الشمال وخصوصاً تلك التي تتم عبر الانترنت، الا تطبيقات أولية في هذا السياق.
كما تظهر ايضا بعض الخلافات حول اقتسام الكعكة الجديدة، فهاينريش فون بيرر (رئيس شركة زيمنز الالمانية المتعدية الحدود) يقسم في مقال له العولمة الى مراحل، يضع في آخرها ((المرحلة التي اصبحت تعرف بمرحلة المواجهة المشتركة ضد الإرهاب))، ويرى ان كل القوى العالمية اصبحت الآن ((شبه متحدة في مواجهة العدو القديم الحديث))، وهو، وإن كان ينتقد بتحفظ شديد جدا الخطوات الاميركية بعد 11 أيلول، الا انه يكشف عن نواياه المؤسسة لهذا الانتقاد حين ينهي مقاله بالدعوة الى ((صيغة لعمل تعاوني في الحرب على الارهاب))، اي بعبارة اخرى: دور أوروبي اكبر في ((الحرب ضد الارهاب))، وخصوصا في ما يتعلق بألمانيا الصاعدة امبريالياً كما اسلفنا.
ان عالم ما بعد 11 أيلول لم يعد يحتمل محوري امبريالية ودولا او مجموعات مناهضة هنا او هناك، بل لم يعد يحتمل ايديولوجيات مناهضة للنيوليبرالية ولو على المستوى الفكري، بل تحوّل الى محور/ دولة امبريالي يملك موظفين كونيين يحملون صفة ((حكومات)) يخضعون له تحت تأثير عسكري مباشر، وصفقات مالية/ سياسية مشبوهة، ويفرضون النيوليبرالية بالقوة.
ربما أصبح قريبا جدا تحقيق ذلك العالم المشؤوم الذي تنبأ به المجتمعون في فندق فخم في الولايات المتحدة عام 1996 بدعوة من غورباتشوف: عالم ال20 من الذين يملكون كل شيء، وال80 من العبيد الذين لا يملكون شيئاً. وهو ما يستدعي اعادة النظر في الأنماط والآليات النضالية، واعادة الاعتبار الى ((الاممية النضالية)) و((تضامن الشعوب)) بوصفها تحالفا عريضا عالميا للمضطَهدين في مواجهة هذا التطور الجديد للإمبريالية.
 كاتب سياسي.



#هشام_البستاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- روسيا أخطرت أمريكا -قبل 30 دقيقة- بإطلاق صاروخ MIRV على أوكر ...
- تسبح فيه التماسيح.. شاهد مغامرًا سعوديًا يُجدّف في رابع أطول ...
- ما هو الصاروخ الباليستي العابر للقارات وما هو أقصى مدى يمكن ...
- ظل يصرخ طلبًا للمساعدة.. لحظة رصد وإنقاذ مروحية لرجل متشبث ب ...
- -الغارديان-: استخدام روسيا صاروخ -أوريشنيك- تهديد مباشر من ب ...
- أغلى موزة في العالم.. بيعت بأكثر من ستة ملايين دولار في مزاد ...
- البنتاغون: صاروخ -أوريشنيك- صنف جديد من القدرات القاتلة التي ...
- موسكو.. -رحلات في المترو- يطلق مسارات جديدة
- -شجيرة البندق-.. ما مواصفات أحدث صاروخ باليستي روسي؟ (فيديو) ...
- ماذا قال العرب في صاروخ بوتين الجديد؟


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - هشام البستاني - التحوّل الجديد في النمط الإمبريالي بعد 11 أيلول