أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الشحماني - أنا لستُ يوسف














المزيد.....


أنا لستُ يوسف


أحمد الشحماني

الحوار المتمدن-العدد: 6025 - 2018 / 10 / 16 - 09:37
المحور: الادب والفن
    




في زيارتي الأولى للعاصمة البريطانية لندن, في تشرين الأول عام 2013 , مكثت هناك حوالي أكثر من ثلاثة اسابيع, ولأن السكن في الفنادق مُكلف جداً, فآثرت ان اسكن مثل الصعاليك في غرفة إستئجار من الهنود والباكستانيين ..
في الأيام الأولى سكنت فندقاً, ولكني شعرت بأن الفندق بدأ يستنزف مني الكثير من الباوند الاسترليني (الخاتلة كما السلاحف في جيبي), فقررت البحث عن طريق الأعلانات الملصقة في المحلات الشرقية عن سكن رخيص ..
أتصلت بامرأة باكستانية كبيرة في العمر, واتفقت معي تلك الباكستانية ان تؤجرني شقة صغيرة في اطراف لندن لمدة ثلاثة اسابيع بمبلغ زهيد, صاحب الشقة كان مسافراً إلى بلده باكستان والشقة فارغة ..

البيوت والشقق في لندن تمتاز برطوبتها العالية جداً وكأنها تذكرني ببيوت العراق سابقاً وتحديداً بيوت (قرية فرحان) ..
ما إن دخلت الشقة حتى شعرت البرد الشديد يهاجمني, فرحت أبحث عن صوبة كهربائية لكي اسخن جو الشقة البارد ..
استقر وضعي في هذه الشقة الصغيرة, وعرفت خارطة الطريق, من أين أتخذ طريقي وكيف اعود إلى تلك الشقة.
ولأن العاصمة البريطانية كبيرة جدا, وفيها شبكة نقل ممتازة, قضّيت الثلاثة اسابيع في جدول زيارتي متنقلاً من مكان إلى آخر لزيارة أكثر عدد ممكن من الأماكن الأثرية والتاريخية, ولأني كائن ليلي بطبيعتي الغريبة (من عشاق الليل) فكانت حصتي السهر ليلاً رغم التعب الذي يصاحبني من مخلفات تعب وارهاق النهار ..
* * *
في احدى الليالي قررت ان اطارد روحي في الليل لأهرب من نهارات العمر المتعب, المقيد بالوجع, فذهبت إلى مكانٍ بعيد ابحث فيه عن ملاذٍ لروحي, وبينما أنا اطارد المسافات والمسافات تطاردني فإذا بمكانٍ تصطاده روحي يسمى النادي الثقافي, فتسمرت قدماي عند المدخل ورأيت مشهداً رائعاً, رأيت العديد من الرجال والنساء يحتفلون ويستمعون إلى موسيقى هادئة, ولأني من عشاق الموسيقى الهادئة, منحت نفسي تذكرة الدخول واذنت لها بالدخول إلى هذا المكان ..
الوقت كان قد تجاوز الواحدة بعد منتصف الليل, جلست في أحد المقاعد المخصصة للضيوف, وقبل أن اسحب نَفَسي الأول, واطلق العنان لناظري ان يجوب في باحة المكان , وإذا بامرأةٍ ثلاثينية العمر تقفز نحوي وتأخذني بأحضانها وتعانقني بحرارة صيفية, صارخة بي:

- حبيبي يوسف كم اشتقت إليك.
- لماذا تركتني كل هذه السنوات, كم انت قاسٍ وظالم, ألم يهزك الشوق؟ ..
- فعلا أنتم معشر الرجال لا تشعرون بنا كما نشعر نحن بكم ..
ولأني شعرت بسخونة جسدها الغض وهو يحاصرني بسخونته المثيرة, فلم انطق ببنت شفه ولم أجرؤ واقول لها أنت واهمة وأنا لست بيوسف ..
آثرت الصمت وتذكرت القول الشهير: عصفور في اليد خير من عشرة نساء في شوارع لندن.

بدأت تلك المرأة المثيرة بعطرها وسخونة جسدها الغض وانوثتها تحاصرني وتسحبني بذراعيها المغناطيسيتين نحو المكان المخصص للرقص, ولأني لأ اجيد فن الرقص, بدأتُ اشكك بقدراتي واتساءل كيف لي أن اجاريها في الرقص أمام العشرات وأنا (لا اعرف اراقص حتى ظلي في الليل) ..
- تعال يا يوسف لنرقص قليلاً تحت انغام الموسيقى الليلية لتحدثك روحي عن عذابات غيابك لأكثر من ثلاثة سنوات..
هنا لم استطع أن امثل عليها الدور بإتقان, لأني لست يوسف ولا اريد أن اكذب عليها واراقصها بغباء فصرخت:
- أرجوك أنا لستُ يوسف ولا هم يحزنون, أنا أحمد ..
لكنها لم تصدقني وبدأت تبكي وتصرخ:

- أنت يوسف ارجوك لا تكذب عليّ, أنت حبيبي يوسف الذي قضّيتُ معك اياماً وليالي جميلة لا انساها ..

- يا امرأة صدقيني أنا لستُ يوسف, أنا أحمد, وأنا لستُ من سكنة مدينة لندن, وهذه هي المرة الأولى التي ازور فيها لندن وسأغادرها في غضون ايام قليلة, وهذه هويتي الشخصية لتتأكدي بنفسك ..
قرأت أسمي (أحمد) المثبت في هوية الإتحاد الأوربي, ولكنها مازالت تصرخ أنت يوسف ولن اصدق هويتك ..

- أنت تكذب, هذه ليستُ هويتك, أنت يوسف, يوسف الذي سرقت قلبي وتركتني يتيمة بعدك.
(يا عمي والله مو يوسف طالبتني بطلابة بيش احلفلچ) ..

بدأت تبكي وهي تحاصرني بالعناق, ويحاصرني جسدها بسخونته المثيرة.

- قلت لها إذن تعالي لنشرب قهوة في المقهى المجاور ..
جلسنا لمدة ساعة نتبادل اطراف الحديث وهي تتنفس دخان سجائرها واحدة تلو الاخرى ..

- اخبريني ما قصة يوسف؟

- حدقت بوجهي بعينيها الواسعتين السوداويتين والصمت يغلفها لأكثر من خمس دقائق ثم اطلقت العنان لدموعها وبكت ..

- ارجوك يوسف لا تتركني, أنا بحاجة إليك, صدقني أنا احبك, ومستعدة أن افعل كل شيء من أجل أن اثبت لك أني احبك ..


- يا امرأة صدقيني أنا لستُ يوسف, وأنا رجل متزوج ولدي اطفال, واعيش في بلد آخر, وأنا في زيارة قصيرة إلى لندن, ولو كنت اعزبا كما كنت سابقا (أيام الزمن الجميل عندما كنت حراً) لأكرمتك بسخاء قلبي, واهديتك روحي, لكنني مقيد بالوجع ..

آه لو كنتُ يوسف, لما تركتك تضاجعين الألم ..
سحبت نفسي من المقهى بهدوء بعدما اقنعتها بأني لستُ يوسف ولم اكن يوماً حبيبها ولا هم يحزنون, وتركتها متوجعة تعيش في اوهام ما يسمى يوسف حبيبها الذي تركها رهينة الوهم متشبثة بماضٍ مؤلم تتنفسهُ ويتنفسها أسمهُ يوسف.



#أحمد_الشحماني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من دفاتر الذكريات ... (2)
- الطغاة والفاسدون يتشابهون في سلوكياتهم
- المتباكون
- الناخب العراقي بين العاطفة والعقل
- الحقيقة المؤلمة . .
- الثلوج هي بكاء الطبيعة بدموع بيضاء
- مارين لوبن وعاصفة الإستياء اليهودي . .!
- دونالد ترمب وبداية المشوار. . .!
- «باراك أوباما في دائرة الأتهام» . . .
- خالد العبيدي . . . «لقد كنت متأخرا في هجومك»
- كونوا نيلسون مانديلا . . .!
- تراتيل في معبد السياسة العراقية المضحكة . . . !
- السياسة في العراق ولعبة الحية والدرج . . .!
- ماذا تعني استقالة وزراء التيار الصدري . . ؟
- هل سيصلح العبادي ما افسدته العملية السياسية . . .؟!
- أيها المتظاهرون: الدموع لا تمسحها مناديل الكلمات . . !
- كامل سواري . . . وصلاة الفقراء. . .!
- جمهورية المنطقة الخضراء في العراق الفيدرالي الجديد. . . نقطة ...
- السياسة ليست كما الحب . . .!
- عبد الفتاح السيسي وسياسي العراق وغدر ابن ملجم . . .!


المزيد.....




- دائرة الثقافة والإعلام المركزي لحزب الوحدة الشعبية تنظم ندوة ...
- Yal? Capk?n?.. مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 88 مترجمة قصة عشق ...
- الشاعر الأوزبكي شمشاد عبد اللهيف.. كيف قاوم الاستعمار الثقاف ...
- نقط تحت الصفر
- غزة.. الموسيقى لمواجهة الحرب والنزوح
- يَدٌ.. بخُطوطٍ ضَالة
- انطباعاتٌ بروليتارية عن أغانٍ أرستقراطية
- مدينة حلب تنفض ركام الحرب عن تراثها العريق
- الأكاديمي والشاعر المغربي حسن الأمراني: أنا ولوع بالبحث في ا ...
- -الحريفة 2: الريمونتادا-.. فيلم يعبر عن الجيل -زد- ولا عزاء ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الشحماني - أنا لستُ يوسف