|
إدارة الصراعات وفض المنازعات
عبد الحسين شعبان
الحوار المتمدن-العدد: 6024 - 2018 / 10 / 15 - 22:25
المحور:
الادب والفن
-1- حين شرعنا في "الكلية الجامعية للّاعنف وحقوق الإنسان" في بيروت، بوضع برامج الدراسات العليا، كان واحداً من الموضوعات والفروع التي توقّفنا عندها والتي تدخل في صميم قضايا اللّاعنف، هو حل النزاعات باللّاعنف، ولعلّ من إشكالات هذا الفرع أو الاختصاص، هو ندرة المصادر النظرية باللغة العربية، وإنْ وفّر "المعهد السويدي بالإسكندرية" مواداً أولية ، بالتعاون مع "معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام" لكن ذلك ليس كافياً كمصادر أكاديمية ومراجع علمية ومناهج بحث دراسية. وكان "مركز دراسات الوحدة العربية" خلال العقد ونيّف الماضي قد بنى علاقة وثيقة مع هاتين المؤسستين السويديتين الرائدتين في إطار شراكة متواصلة، لاسيّما في مجال النشر باللغة العربية للعديد من الكتب والتقارير السنوية المتعلقة بالسلام والتسلّح وحلّ النزاعات، وهذه تشمل مواد نظرية ومعرفية فيما يتعلق بالوسائل والسبل الممكنة لتحقيق السلام وإقامة صرح علاقات سلمية، مثلما نظّم العديد من الفاعليات والأنشطة، في الاسكندرية وبيروت وتونس. - 2 - ولذلك حين اطلّعت على كتاب الدكتور سامي ابراهيم الخزندار والموسوم " إدارة الصراعات وفضّ المنازعات - إطار نظري" توقّفت عنده كثيراً، ووجدت فيه مادة أكاديمية رصينة ويمكن أن تشكّل خلفية لاختصاص جديد، وطلبت من طلبة الدراسات العليا في الكلية المذكورة، ولاسيّما الذين يريدون التخصّص في مادة حلّ النزاعات باللّاعنف، قراءة هذا الكتاب المتميّز في موضوعه وفي محتواه، بل إن أحد الطلبة وهو من الدانيمارك وعراقي الأصول يعدّ أطروحة ماجستير بإشرافي عن الموضوع ذاته. إن موضوع إدارة الصراعات وفضّ المنازعات لا يتعلق بالقضايا ذات البعد العسكري أو الحربي فحسب، بل يبحث في المشاكل والعقبات والتحدّيات التي تواجه المجتمعات والدول للتوصّل إلى حلول مقبولة ومرضية وسلمية وعادلة. والأمر يشمل قضايا السكان والبيئة والتعليم والمرأة واللاجئين والتمييز العنصري وغيرها، بل وكل ما يتعلّق بالتنمية التي نطلق عليها " التنمية المستدامة" لشمولها جميع الفروع والحقول السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والقانونية والتربوية والدينية والبيئية والصحية وغيرها. وتكفل محاولات فضّ النزاعات عبر المفاوضات تسوية المشكلات بوسائل أكثر نجاعة وأقلّ تكلفة وأجدى منفعة، ناهيك عن بعدها الإنساني، لاسيّما في الوصول إلى حلول مشتركة، سواء على الصعيد الدولي أم على الصعيد الداخلي، السياسي منه والاجتماعي والاقتصادي والعلاقات الإثنية والدينية والطائفية، إضافة إلى القطاعات الأخرى. فعلى الصعيد العالمي ومنذ انتهاء عهد الحرب الباردة وتحوّل الصراع الآيديولوجي من شكل إلى شكل آخر، خصوصاً بعد انهيار جدار برلين في 9 تشرين الثاني (نوفمبر) العام 1989، وهيمنة الولايات المتحدة التي أصبحت القوة الأولى والأساسية في العلاقات الدولية، فإن التوجه نحو حل المنازعات بالطرق السلمية واللّاعنفية ارتفع رصيده من الناحية النظرية على أقل تقدير، مترافقاً مع الدعوات لاحترام حقوق الإنسان وقبول الحق في الاختلاف والاعتراف بالتنوّع وإنْ كان هناك نوعاً جديداً من الهيمنة للقوى المتسيّدة، خصوصاً في ظلّ سياسة الكيل بمكيالين، فضلاً عن ازدواجية المعايير. وإذا كان للسياسة استحقاقاتها، فإن هذه المرحلة شهدت محاولات نشطة لبحث المشاكل العالمية المعقّدة عبر مؤتمرات دولية كبرى منها مؤتمر القمة العالمية المعني بالطفل العام 1990 ومؤتمر الأمم المتحدة للبيئة 1992، وللتغذية في العام نفسه، والمؤتمر العالمي الثاني لحقوق الإنسان (فيينا 1993) والمؤتمر الدولي للسكان والتنمية في القاهرة 1994 والمؤتمر العالمي الرابع حول المرأة (بكين 1995) ومؤتمر القمة الاجتماعية في (القاهرة) ومؤتمر قمة الألفية الثالثة أواخر العام 2000 ومؤتمر القمة العالمية لمكافحة العنصرية (ديربن- جنوب أفريقيا) 2001 ومؤتمر القمة العالمي للسكان (كوبنهاغن ، 2005) ومؤتمر الأمم المتحدة الرابع للبلدان الأقل نمواً في اسطنبول في العام 2011 ومؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (ريودي جانيرو - 2012) ومؤتمر الصحة العالمية لمجتمع المعلومات العام 2015 ، وقمة الأمم المتحدة للاجئين والمهاجرين في نيويورك 2016 ومؤتمر المحيط في فيجي العام 2017 ، الأمر الذي وفّر فرصاً أكبر للتعايش والاحترام المتبادل والبحث في حلول سلمية من خلال المفاوضات، بغض النظر عن محاولات فرض الاستتباع وتوظيف بعض تلك المؤتمرات والقمم لأغراض سياسية أنانية ضيقة، بل استخدام بعضها وسيلة ابتزاز ضد آخرين. وكان شهدت تسعينيات القرن العشرين عدداً من الاتفاقيات المتعلقة بالتسوية السلمية للنزاعات الداخلية والحروب الأهلية التي وجدت صداها وانعكاساتها في العديد من البلدان حيث أبرم اتفاق الطائف - لبنان 1990، وتمكن المؤتمر الوطني الأفريقي في جنوب أفريقيا العام 1994 من الوصول إلى السلطة عبر قانون جديد للانتخابات يسمح لجميع الأعراق والانحدارات المشاركة دون تمييز، وقبل ذلك كان أن انعقد مؤتمراً في كمبوديا للتسوية العام 1993 وسبقه تسوية في أنغولا العام 1991. وفيما بعد تسويات في عدة دول منها ليبريا والنيبال والكونغو والسودان. وهناك اتفاقية دايتون للسلام العام 1995 بشأن البوسنة والهرسك واتفاقية الجمعة العظيمة أو اتفاق بلفاست العام 1998 حول إيرلندا الشمالية، وهناك اتفاقية نيفاشا العام 2005 التي مهّدت لإجراء استفتاء جنوب السودان الذي انفصل فعلياً في العام 2011 وإقليم تيمور الشرقية في أندونيسيا الذي كان استقلاله بقرار من مجلس الأمن العام 2002 وإعلان استقلال كوسوفو العام 2008. وهكذا تتحوّل الكثير من القضايا الداخلية والنزاعات المحلية إلى قضايا دولية وإقليمية. وإذا كانت النزاعات تطغى على المشاكل الدولية، فإن هناك قضايا أصبحت أكثر إلحاحاً وتحتاج إلى حلول سلمية أو لا عنفية تتم بين الدول والمنظمات الدولية، لأنها تهم المجتمع الدولي ككل مثل قضايا: الإرهاب الدولي واللاجئين والاتجار بالبشر وغسيل العملة وتجارة المخدرات وتجارة السلاح وغيرها، لما لها من تأثيرات اقتصادية كبيرة على الأوضاع الداخلية والدولية. وبهذا المعنى تزداد الحاجة للتفكير بوسائل جديدة وأساليب متعدّدة لتحليل الواقع الجديد واستنباط الحلول والمعالجات للمشاكل الدولية القائمة، على أساس تحريم استخدام القوة في العلاقات الدولية أو التهديد بها واللجوء إلى الحلول السلمية بين الدول والبلدان على أساس ميثاق الأمم المتحدة والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، بما فيها الشرعية الدولية لحقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي . ***** من هنا يأتي كتاب الدكتور سامي ابراهيم الخزندار ليسدّ نقصاً كبيراً في المكتبة العربية، مع أنني ومن خلال اطلاعي المتواضع، أعرف أن دراسات قضايا إدارة الصراعات وفضّ النزاعات باللغات الأجنبية هي الأخرى لا تزال قليلة أيضاً، علماً بأن المصادر التي اعتمدها د. خزندار يمكن الاستفادة منها لما تشكّله من تنوّع لتوسيع الرؤية والتأسيس لرفد هذا الاختصاص الجديد وقد وجهت طالب الماجستير الذي يعدّ أطروحته حول الموضوع للبحث عن قائمة عناوين دانيماركية - سويدية تلك التي تخصّ الموضوع ذاته والتي جاء على بعضها الدكتور خزندار، ويمكن إعداد بعضها للترجمة العربية. سلّط د. خزندار الضوء على بعض المستجدات المتعلقة بفضّ النزاعات عبر اللّاعنف، لا من أجل معالجة آثاره بعد اندلاعه عبر حمائية طويلة ومتدرّجة فحسب ، بل باستخدام وسائل وقائية تحول دون اندلاعه، لاسيّما وإن بعض الصراعات أصبح معتّقاً ومستديماً، وأخذت آثاره تنعكس على العالم مثل الصراع العربي- الإسرائيلي، ولاسيّما بتنكّر "إسرائيل " لحقوق الشعب العربي الفلسطيني وفي المقدمة منها حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته الوطنية المستقلة القابلة للحياة على أرض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف. ولعلّ إقدام "إسرائيل" حالياً على تشريع "قانون الدولة القومية اليهودية" يعني فيما يعنيه اعتبار سكان فلسطين الأصليين، بما فيهم عرب الـ 48 مجرد سكان مقيمين ، وليس لهم حقوق المستوطنين القادمين من أصقاع الدنيا فما بالك بحقوق عرب فلسطين بشكل عام بمن فيهم اللاجئين الذين لهم الحق في العودة والتعويض في الآن ذاته، طبقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 194 لعام 1948، في حين يتم التنكّر للغة العربية التي تراجعت مكانتها في ظل هذا القانون العنصري وقوانين الأبرتايد الصهيوني . وبتقديري إن المباحث الخاصة بمنع النزاعات كي لا تكون مزمنة أو متجدّدة هي المسألة الأكثر حيوية في معالجات هذا الكتاب، خصوصاً حين يتعلّق الأمر بالسلام والتعاون والمشترك الإنساني. - 3- وباختصار أقول إن الكتاب يتألف من مقدمة كتبها بيتر فالنستين، وهو بروفسور كرسي في داغ همرشولد، قسم دراسات الصراع والسلام - جامعة أوبسالا - السويد، ومقدمة للكاتب، إضافة إلى 4 فصول وخاتمة وثبت بأسماء المصادر والمراجع وقائمة ببعض الأشكال والجداول التي عرضها الكاتب لتوضيح بعض فصوله. وتتناول الفصول الأربعة: الخلفية لإدارة الصراعات وحلّ النزاعات داخل الدولة الواحدة بالوسائل السلمية واللّاعنفية، إضافة إلى امتداداتها على المستوى الدولي وهي نزاعات تعالج آثارها اتفاقيات جنيف الأربعة الصادرة في 12 أغسطس (آب) 1949 وملحقيها بروتوكولي جنيف لعام 1977، الصادران عن المؤتمر الدبلوماسي 1974-1977، البروتوكول الأول الخاص بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلحة ، والبروتوكول الثاني الخاص بحماية ضحايا المنازعات المسلحة غير الدولية. ويبحث الكاتب في الفصل الأول- نشأة وتطوّر علم دراسات الصراع والسلام من خلال رؤية خاصة باعتباره حقلاً علمياً مستقلاً أصبح له مناهجه ومفاهيمه وتطبيقاته، ويسلط الضوء على تاريخ هذا العلم والأفكار والأسس التي تقوم عليها فكرة إدارة الصراعات وحل النزاعات وصولاً لتحقيق السلام، بما فيها أساليب الوقاية لمنع اندلاع الصراعات أو للحيلولة دونه أو الحد من تأثيراته في حال اندلاعه، بتوفير سبل حمايته. ويستعرض الكاتب ذلك منذ الحرب العالمية الثانية ويتناول أهم روّاده، ثم يتناول المرحلة التأسيسية وهي مرحلة الخمسينات والستينات ، أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة السبعينات والثمانينات، ويطلق عليها مرحلة النمو والتوسع، خصوصاً من خلال ما هو منشور ومكتوب، ويتوقّف عند المرحلة الرابعة أي منذ انتهاء عهد الحرب الباردة ويسميها مرحلة الانتشار والرسوخ، خصوصاً بتأسيس مؤسسات بحثية وعلمية متنوّعة. ويبحث في الفصل الثاني: الصراع وضرورته في المجتمع الإنساني في إطارات المنهجية وأبعاده العنفية طبقاً للمفاهيم اللّاعنفية بما فيها مفاهيم الأزمات الدولية وسماتها واتجاهاتها، كما يتوقّف عند مراحل تطور الصراع، مثلما يتناول بعض المصطلحات الخاصة بالحروب والصراعات مثل : الصراع الدولي والكفاح المسلح والصراع العنيف أو المميت والحرب الأهلية وانفلات العنف، وكل ذلك في مباحث مستقلة. وأهم ما في هذا الفصل هو تركيزه على "المنع الوقائي" للصراعات، فحسب معهد كارنيجي للسلام هو " عملية تهدف إلى منع ظهور الصراعات العنيفة أو منع الصراعات الجارية من امتدادها وانتشارها أو منع إعادة ظهور العنف في هذه الصراعات (ص 80) ويستند في تعريفه إلى ما يذهب إليه بيتر فالنستين إلى أن المنع الوقائي هو أفعال بناءة لتجنب تهديد أو لتجنب استخدام أو نشر القوة المسلحة من قبل أطراف متنازعين في خلاف سياسي. ويقتبس من الأكاديمي العربي عمرو عبدالله القول "إن المنع الوقائي هو عملية ترتبط بتوفير بيئة معرفية ومهارات للتعامل الإيجابي مع الصراعات" (ص 81) وبالطبع فهذا ينطبق على الحروب والصراعات الداخلية والدولية، كما يتوقف عند منهج اللّاعنف ويستعرض بشكل مختصر مفهوم المهاتما غاندي . أما الفصل الثالث فإنه متخصص في أسباب وأنماط الصراعات الأهلية والدولية التي تمهد للفصل الرابع الخاص بالتسوية والمنع الوقائي فيذكر الإنذار المبكر ومؤشرات السلام ومنع الصراعات. - 4- وتندرج مثل هذه الموضوعات في الدراسات السياسية والدولية، سواء في إطار العلوم السياسية والعلاقات الدولية أو القانون الدولي، وحرص المؤلف على أن يقدّم مادة رصينة وبأسلوب أكاديمي وبتفسيرات وشروحات وأسئلة، أراها رفداً لفروع عديدة نحتاج إليها في جامعاتنا العربية، خصوصاً في ظلّ ندرة الأدبيات النظرية المتعلّقة بالموضوع، وعليه قدّم خزندار فرضيات مهمة يسعى للوصول إليها، مثلما هي استخلاصات اجتهادية ، خصوصاً تحديد الوسائل المنهجية للتسوية السلمية والحيلولة وقائياً دون وقوع النزاع، ولاسيّما بنشر الثقافة الوقائية وهي مسألة مهمة في ظروف مجتمعاتنا التي تشهد صراعات طائفية وإثنية، داخلية وإقليمية، بما فيها امتداداتها الدولية المتشعبة والمتعددة. وأعتقد أن افتتاح فرع علمي بهذا التخصص يحتاج إلى تأهيل وتدريب أساتذة وأكاديميين وباحثين، وألفت النظر بهذه المناسبة إلى ضرورة اهتمام مراكز الأبحاث والدراسات بهذا الفرع المهم لما له انعكاسات كبيرة على البيئة العربية التي تعتبر بيئة حاضنة للنزاعات بل مولّدة لها ومنتجة ومصدّرة في الوقت نفسه بحكم التعصّب والتطرّف والعنف والإرهاب، والتعصّب إذا ما تحوّل من تفكير إلى سلوك سيكون تطرّفاً وهذا الأخير إذا تحوّل إلى فعل فسيكون عنفاً، والعنف يعني اختيار الضحية بعينها لأسباب سياسية أو دينية أو طائفية أو إثنية أو غيرها، لأن المرتكب يعرف الضحية في حين أن الإرهاب الدولي يضرب عشوائياً، بهدف خلق نوع من الرعب والفزع لدى السكان وعموم الناس لإضعاف هيبة الدولة وزعزعة الثقة بها، كما أن الإرهابي لا يعرف الضحايا، لأنه يمارس الإرهاب في المحال العامة: مدارس، أسواق، مراكز تجمّع، وجوامع ومساجد وكنائس وغيرها. ويتوصّل الكاتب إلى عدد من الاستنتاجات المهمة التي تتعلّق بهذا الموضوع الجديد، ومنها أن الاهتمام الأساسي الذي لحظه بهذا الفرع هو في الغرب والدراسات الغربية عموماً، في حين لاحظ ضعف اهتمام الثقافات والحضارات الأخرى به وهو ما نتفق معه تماماً ، وكان بودي التركيز في مبحث خاص أو فصل مستقل لدور الثقافات الأخرى القديمة منها والحديثة، خصوصاً في المساهمة التي قدّمها المهاتما غاندي في نشر الثقافة المدنية اللّاعنفية ، فهو بحق يعتبر رائداً من رواد المقاومة السلمية ، حيث استطاع إجبار بريطانيا أكبر امبراطورية قائمة آنذاك للانصياع لمطالب الهنود بالاستقلال، حتى وإن ذهب هو ضحية العنف لاحقاً على يد أحد الهندوس المتطرفين، ويحتفل العالم باليوم العالمي للّاعنف كل عام في 2 اكتوبر/تشرين الأول، وهو يوم عيد ميلاد غاندي باعتباره رسول اللّاعنف، وذلك منذ العام 2007 وبقرار اليونسكو رقم 271/61 والمؤرخ في 15/6/2007. كما كنت أتمنى أن يضع الكاتب مبحثاً خاصاً لأطروحة نيلسون مانديلا حول المقاومة المدنية والعدالة الانتقالية واجتراحه لحلول غير مطروقة أو غير نمطية لحل الخلافات الداخلية، وما تركته من تأثيرات كبيرة على المستوى العالمي وتأثيراتها لاحقاً، على العديد من التجارب العالمية، خصوصاً وأن نظام الأبرتايد دام أكثر من 200 عام وتفكّك بفعل توجّه إنساني لإقرار التعدّدية وإجراء انتخابات لجميع الأعراق والأقوام والانحدارات، والتأسيس لنظام حكم ديمقراطي دون ثأر أو انتقام ، وذلك إحدى الحلول الوقائية من اندلاع العنف، وقد سار على هذا الطريق العديد من دول أمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية بعد انهيار النظام الشمولي والعديد من دول العالم. وقد كان مناسباً لو عرض بعض الأفكار والإرهاصات الأولى المناوئة للعنف والتي شكلت مرجعية للمقاومة اللّاعنفية مثل أفكار الروائي الروسي تولستوي حول اللّاعنف. وإن كان قد جاء على بعض الفقرات التي تتعلّق بالحروب والنزاعات في الإسلام، لكنّه كان يمكن وضعها في فصل خاص ومعالجة معمّقة، لأن ما يقدّمه في هذا المجال من تطور يعتبر موضوعاً كونياً وهو لا يخص الحضارة الغربية وحدها، وذلك بالاستناد إلى الأسس الأولية التي جاء بها ميثاق الأمم المتحدة، لكن ذلك لا ينتقص من البحث إطلاقاً ويمكن استكماله في طبعة جديدة، خصوصاً ليكون أكثر قرباً للقارئ والمختص العربي. ويطرح خزندار رأياً وجيهاً لبيتر فالنستين مفاده كيف يمكن لصاحب القرار والمنظمات الدولية غير الحكومية الاستفادة من نتائج دراسات إدارة الصراع وحلّ المنازعات، وأعتقد وبالتساوق مع ذلك، يمكن اقتراح إنشاء قسم خاص في جامعة الدول العربية وكذلك في منظمة التعاون الإسلامي، وكلاهما منظمتان دوليتان إقليميتان مهمتان، يتعلّق بإدارة الصراع ووسائل حل المنازعات، إضافة إلى فروع خاصة في الجامعات العربية والاستفادة من الثورة العلمية والتقنية وثورة المعلومات والاتصالات والمواصلات لتجسير الفجوة في هذا المجال والبحث عن المشتركات التي تربطنا بعضنا ببعض وبالعالم أيضاً، مع الأخذ بنظر الاعتبار المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة على أساس قواعد القانون الدولي والقانون الإنساني الدول والشرعة الدولية لحقوق الإنسان وقيم الحرية والمساواة والعدل والسلام والتسامح. الكتاب مادة نظرية غنيّة تصلح مدخلاً مهماً لمعرفة قضايا إدارة الصراعات وفضّ المنازعات، ويمكن استكماله بتجارب عملية لدول المنطقة أو الإقليم، ولاسيّما للعالم العربي. وهو كتاب يستحق القراءة، ويمكن للباحث المتخصص أن يفيد منه كثيراً مثلما يمكن للقارئ بشكل عام أن يغتني به لما يحتويه من معلومات غزيرة وجديدة في قسمها الأكبر.
الكتاب: إدارة الصراعات وفض المنازعات - إطار نظري- الكاتب: سامي خزندار . إصدار مركز الجزيرة للدراسات والدار العربية للعلوم، بيروت، ط1 ، 2014 ، 295 صفحة من القطع الكبير.
#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اللّا عنف.. القوة الخارقة
-
في استشكال «حوار الحضارات»
-
تونس والعرفان - كتاب جديد عن الدكتور عبد الحسين شعبان
-
روسيا «المسلمة»!!
-
سيناريو ما بعد البصرة!
-
كلام في معنى الحفاظ على الهوية
-
مالمو (السويدية) تحتفي بالمفكّر العراقي عبد الحسين شعبان
-
عن الاختفاء القسري مرّة أخرى
-
هل بات عزل ترامب وشيكاً؟
-
المغطس العراقي
-
قول ثان في الطائفية
-
روح العصر والعمل الحقوقي
-
ثقافة التعايش وفقه الحوار
-
الإرهاب والدين.. علاقة آثمة
-
كلمة الدكتور شعبان في ندوة أعمدة الأمة الأربعة
-
ظاهرة عمل الأطفال في العمل الإسلامي وسبل التصدّي لها
-
الرئيس الأمريكي والكتب
-
هل تفلح انتفاضة الكهرباء في العراق في تعديل مسار العملية الس
...
-
55 عاماً على حركة معسكر الرشيد - استعادة شخصية
-
مستقبل الإقليم.. تكامل أم تناحر؟
المزيد.....
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|