أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند صلاحات - محمد الماغوط ... الاتجاه الخامس















المزيد.....

محمد الماغوط ... الاتجاه الخامس


مهند صلاحات

الحوار المتمدن-العدد: 1512 - 2006 / 4 / 6 - 09:46
المحور: الادب والفن
    


من الماغوط للماغوط تأتي الكلمات...

لا أدري حقيقة هل يجب أن أبكي أم افرح، ولأني متضامن مع الاتجاه الشعري الخامس الذي لم يكن الفرح مهنته يوماً فإني سأبكي، نعم سأبكي دون خجل أو تردد، فمن شرق عدن حتى غرب الله، ومن شمال الوطن حتى جنوب لبنان،هنالك اتجاه خامس لم يكتب عنه في كتب الجغرافيا كاتجاه حقيقي للوسط العربي وغير العربي، إنه محمد الماغوط الذي حمل سيفاً بعد النكسة ليقاتل سياف الزهور.

الزهور، كل الزهور الآن خائفة مرتجفة، فمن سيسقيها، ومن سيحميها، ومن سيعلقها على نوافذ العشاق، ومن سيرتبها على شكل وطن كبير ؟

من سيخون الوطن الآن ؟؟
كثيرون خانوه ويخونوه، لكن من يستطيع قراءة الوطن على طريقة الماغوط ؟
وهل حقاً كان الماغوط يفكر بخيانة الوطن، أم أن الوطن كان يخون الماغوط ؟
وكيف يمكن لهذا الحموي أن يفكر بخيانة الوطن، ويفكر لحظة بأن يكون سياف الزهور في دمشق العظيمة ؟
الماغوط الذي يكتب زهر شقائق النعمان كيف سيستطيع بعد ذلك أن يكون سيافُها، ومن الذي سيكون طبيباً بيطرياً للزهور من الحشرات البشرية والزراعية، والأنظمة الحشرية، والقيادات الحشرية، والهزائم العربية ؟

هذا الجائع أمام حقول دمشق وبيروت وعدن وعمان.. المرتبك أمام أطفال فلسطين والجولان و مزارع شبعا...
هذا العملاق الوافد أمام كل السفارات العربية، يبحث عن رائحة العربي، اللاجئ في الخيمة الفلسطينية والعراقية.

كلما فكرت في كتابة ما يمكن أن يكتب للماغوط، وجدت نفسي أدور في دائرة مغلقة حيطانها كلماته المجنونة المشردة الثائرة، وأجدني أحاول لملمة حطام الماغوط من الشوارع قبل أن تطمره الريح أو يبعثره الكنّاسون، أتكئ على قلمه الذي قاده إلى حتفه، هذا القلم المجنون الملعون الذي لم يترك سجناً إلا وقاده إليه ولا رصيفاً إلا ومرغه عليه.

(الآن في الساعة الثالثة من هذا القرن‏ لم يعد ثمة ما يفصل جثث الموتى‏ عن أحذية المارة) إلا جسد الماغوط الذي لم يرحل بل سكن وجهه موجةٌ لا تعترف بذنوبها. هذا المتشرد على أرصفة الحرف بثوبَ التشرد يستمعَ للوردّ ناطقاً رسمياً باسم الحرائقِ. و يحتسيّ حياته كما وطنه كأساً مع العواصم والمقاماتِ والقرابين.

من قتل الماغوط :
هل هم النواب الجدد في المجالس النيابية العربية، أم التنظيمات التي أسقطت خيار الكفاح المسلح من برنامجها، وسعت خلف الدعارة السياسية، ورفعت صور الشهداء كنوع من الدعاية الانتخابية؟
وهل قتلوه لأنه كان يدعوهم لأن يرحموا الشهداء قليلاً، وأن لا يجعلوهم دعايات انتخابية !!
دعوه يستريح في التراب ...
ولا تصنعوا من قبره لوحة فنية، أو مرثية، فالشعراء يتحولون لشواخص قبور حين يفيق الموت ليأخذهم، ويهوي عليهم هواة الرثاء كأحجار متردية من فوق جبل لا تنفع بل تضر.
أم قتلته الأنظمة والعولمة التي أعطته العطر والخواتم وأخذت منه الحب، والتي أعطته الأراجيح وأخذت الأعياد، وأعطته الحليب المجفف وأخذت منه الطفولة، أم اللذين أعطوه الجوامع والكنائس وأخذوا الإيمان، وأعطوه الحراس والأقفال وأخذوا الأمان، أم المنظمات التي أعطت الثوار وأخذت الثورة ؟؟؟


قَتلَ الماغوط هؤلاء العرب من المحيط إلى الخليج الذين أعطوا الساعات وأخذوا الزمن، أعطوا الأحذية واخذوا الطرقات، أعطوا البرلمانات وأخذوا الحرية.

لقد رحل أخيراً الماغوط أيها العرب فاستريحوا من الخليج إلى المحيط، لن تجدوا هذا العاشق للتسكع والبطالة ومقاهي الرصيف، وعاشق الغابات والمروج اللانهائية والخريف، والمحترف للشهيق والزفير ورياضة الصباح والسعال والدخان مناماتكم، ولن يطرق بعد اليوم أبوابكم ليلقي عليكم خطبته التي تذكركم بتاريخ نكسات وهزائم ونكبات، ولن يحدثكم بعد اليوم عن تشرين، ولن يشرب على الأرصفة الموازية لقصوركم كأسه مع الوطن، ولن يلقي قنانيه الفارغة على أبوابكم وشبابيكم، ولن يكسر نوافذكم كي تسمعوا صوت الجياع.
بإمكانكم الآن أن تناموا بهدوء... فقد رحل الماغوط. رحل هذا الشاعرٌ الشرقي الذي كان يحرض السياح الأجانب عليكم، ويخبر عنكم كل من يعبر صدفة أو بالخطأ إحدى الدول العربية عن أبواب سجون مقفلة، وسعال سجناء سياسيين.
ولن يبوح لأي سائح أخر بسر خطير، ويقول له "إن أيّ فلاح عجوز يروي لك .. بيتين من العتابا كل تاريخ الشرق وهو يدرج لفافته أمام خيمته"

لن يعود الماغوط يا أصدقائي، لذلك يجب أن نتعود على غياب من نحب.
ربما تعود الكلمات، تعود لنا به كلماته كلما فتحنا "سأخون وطني" أو " حزن في ضوء القمر" أو فكرنا في تحديد اتجاهاتنا فقررنا أن نقرأ " شرق عدن غرب الله" أو وجدنا أنفسنا بين جدران تحاصرنا فقرأنا "غرفة بملايين الجدران" سنجد الماغوط. سنحضر روحه من جديد لتعود إلينا.

يقول جمال الدين الأفغاني: "الأديب في الشرق يحيا ميتاً ويموت حياً"
وأنا أرى أن الماغوط لم يولد ميتاً، فقد ولد مجنوناً، وعاش مقهوراً مغامراً بقهره، ومات ثائراً.

اختار ميعاداً جميلاً للموت، للرحيل. اختار بداية نيسان حيث الانقلابات، حيث انقلاب الربيع على الشتاء، حيث السماء في كل الشام تبكي، حيث الأمطار تغسل الأرض، حيث القباب تبدو أكثر سطوعاً بعد رحيل المطر المجنون، حيث كل شيء يتجدد على سطح الأرض، والأرض أكثر اخضراراً.
ولم يزل يحلم بالمرأة التي لا تأكل ولا تشرب ولا تنام، التي ترتعش فقط...ترتمي بين ذراعيّه وتستقيم كسيف في آخر اهتزازه".

رحل الماغوط وهو لم يزل يبحث عن "فكرة مسرحية،مقالة، قصة، حواراً، مقابلة لم تطرق بعد."
يبحث عن " صورة شعرية جديدة ولو محجبة على طريقة طالبان".

دمشق غنِ، غنِ، غنِ، فربما يستفز غناؤك هذا المجنون ليعود إلينا من جديد، يزيح التراب عن لحده وينهض من جديد،هذا العنقاء المتجدد بعد كل هزيمة ينثر بقايا الجمر المطفأ في جسده وينهض.
هذا الماغوط الممدد كجسر عبور للثوار من شرق عدن إلى المغرب العربي، وعلى ظهره ثوار بأيديهم مناديل يمسحون بها الدماء من على جبين الأمة المدمية في الليل.

لا أهل يشيعون، ولا بيوت تطفئ أضواءها، ولا صحف تعلن الحداد، ولا غاضبون يكسرون أقلامهم احتجاجاً على الموت اللعين.

فقط يقيننا بأنه سيعود قريباً. سيعود حتماً يوماً ما حين تستعيد هذه الأمة عافيتها.
سيعود الماغوط حتماً.
انتظروه في المسارح، والأرصفة، والمقاهي القديمة في دمشق القديمة.
حاذروا الاقتراب من القصور والأماكن الفارهة جداً، فهو إن عاد، سيعود ليلبي نداء الفقراء.
فانتظروه لأنه حقاً سيعود.



#مهند_صلاحات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاثة رسائل كتبتها راشيل كوري
- حماس تراود اليسار الفلسطيني عن نفسه وتغلق الأبواب
- اليسار الفلسطيني ... عندما يقتات على الفتات
- فوق القانون ...
- عيب ... هاي مطلقة
- رسالة لصديقتي النحلة
- راديو الحرة -يردح- ديمقراطية
- هنودٌ حمر ... ديمقراطيون فلسطينيون
- قراءة في قصة - لوحةٌ وبزّة متّسخة- للأديبة الفلسطينية انشراح ...
- الاغتيال الأخير لمنظمة التحرير
- ظِلالُ الغُرُبَة ...
- قُبلة العام الجديد
- رحاب ضاهر في -أسود فاجر- : المكان في هذا العصر ضيق، لا يتسع ...
- التكفير والتخوين في مواجهة الديمقراطية بالعالم العربي
- مسرح الجريمة في لبنان ... العرض مستمر
- أَدوار ... - قصة قصيرة جداً
- جُزء مِنَ وَقتِكَ فَقَطْ - قصة
- حوار أدبي ...مع الأديب الفلسطيني -مهند صلاحات-
- لماذا لا يثقُ العالمُ فينا ؟
- أربعُ برقياتٍ ثائرةَ لنساءِ مدينتي ... لإعلانِ الثورة


المزيد.....




- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...
- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...
- -لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مهند صلاحات - محمد الماغوط ... الاتجاه الخامس