أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - أحمد مجدلاني - مخاطر مأزق النظام السياسي الفلسطيني















المزيد.....


مخاطر مأزق النظام السياسي الفلسطيني


أحمد مجدلاني

الحوار المتمدن-العدد: 1511 - 2006 / 4 / 5 - 12:16
المحور: القضية الفلسطينية
    


دخل النظام السياسي الفلسطيني في مأزقه المحتوم ، بعد الانتخابات الفلسطينية التشريعية الثانية التي كان من المؤمل منها أن تشكل مخرجا لمأزقه الذي دام سنوات طويلة تميزت بقدر كبير من الركود والانغلاق سواء بفعل عوامل بنيوية تتصل بتركيبته الداخلية أم بطبيعة القيادة السياسية التي كانت لا تميل إلى التجديد والتغيير بل تخشى منه ، علاوة على أن التجديد الذي كان يحصل في كل دورة من دورات المجلس الوطني الفلسطيني كانت استجابة لضرورات استخدامية سياسية بحتة ولا تمليها وقائع المتغيرات الجارية على الأرض ولا الحراك الاجتماعي الذي كان يدور بمعزل عن الفعل والتأثير في شكل وطابع ومضمون النظام السياسي الفلسطيني .
ولم تقتصر حالة الجمود والترهل التي واكبت م.ت.ف. لسنوات طويلة بل طالت السلطة الوطنية الفلسطينية الوليدة وان حكمتها إلى حد بعيد الاعتبارات السابقة إلا انه أضيف إليه واقع دخول عملية السلام مأزقها التاريخي المحتوم بسبب رفض وعدم استعداد ونضج القيادة السياسية الإسرائيلية بيمنها ويسارها للتوصل لحل تاريخي مع الحركة الوطنية الفلسطينية التي أقدمت قيادتها على اتخاذ خيار الحل السياسي كخيار استراتيجي واستطاعت أن تحشد أغلبية كبيرة مؤيدة وداعمة لها على قاعدة حل دولتين لشعبين استنادا على قرارات الشرعية الدولية .
المأزق الذي دخلته عملية السلام والصراع الذي تجدد مع اندلاع انتفاضة الأقصى الثانية حال دون إمكانية التجديد والتغيير المطلوب بصورة دورية وبوقته في مؤسسات السلطة الوطنية الوليدة وكانت العلاقة التصادمية مع الاحتلال والصعوبات التي وضعها بدعم أمريكي مباشر عاملا أضافيا تلاقى مع الرغبة في الحفاظ على الوضع القائم بانتظار إيجاد حل سياسي لمعضلة حصار القيادة والذي في سياقه من الممكن حل بقية القضايا الأخرى المتصلة بواقع النظام السياسي المنغلق بفعل عوامله الداخلية ومؤثراته الخارجية .
المأزق الذي أفرزته الانتخابات التشريعية الثانية ببروز ثنائية أو(ازدواجية) في هرم قيادة السلطة الوطنية الفلسطينية تكتسب كل منها شرعية مستندة على قاعدة انتخابية عريضة وتفويض شعبي ، يحول دون كل طرف من الأطراف الادعاء بالشرعية لوحده وعدم أمكان نفيها عن غيره . واقع الثنائية بين مؤسسة الرئاسة من جهة وأغلبية في المجلس التشريعي شكلت حكومتها بلون سياسي واحد أسهم في تعميق الهوة ، ليس لجهة واقع تكريس الهيمنة والتفرد للطرف السياسي البديل الذي كان ينتقد ممارسة من سبقه رغم حرص الأول على مشاركة حلفاءه بهذا القدر أو ذاك حتى وان كان يندرج ذلك تحت بند التلوين السياسي .
الازدواجية في النظام السياسي ليس بتعبيرات الانقسام الحزبي الاعتيادي بل هي في واقع الأمر تعبير عن ازدواجية برنامجيه تفاعلت خلال العقود الأربعة الماضية بين طرف كان يمسك بزمام المبادرة ويقود الحركة الوطنية وحقق إنجازات هامة على هذا الطريق، وآخر كان رافضا ومستنكفا لسنوات طويلة من الانخراط والمشاركة ليس على أرضية تعارضه مع البرنامج الوطني فحسب وإنما على شكل ومضمون النضال الوطني وتعفف عن الدخول والانخراط في مؤسسات النظام الفلسطيني الذي نشأ في خضم صراع إثبات الوجود ليس فقط في مواجهة الاحتلال ، وإنما في محاولة الاحتواء ومصادرة قراره الوطني المستقل .
المأزق الراهن لا يبدوا ولا يمكن أن تحل تناقضاته كلمات المجاملة التي يتبادلها كلا من الرئيس ورئيس وزرائه ولا الخطابات المواربة المستخدمة للتعبير عن حالة الافتراق بين نهجين وبرنامجين عبر عنها برفض الرئيس المبطن برسالته العلنية لبرنامج الحكومة المتعارضة كليا من حيث المبدأ مع برنامجه ورؤيته السياسية والاجتماعية .
كما إن الصراع على قيادة السلطة لن يكون النهاية بل سيشكل المقدمة وصولا لحل الصراع على قيادة م.ت.ف وصولا إما إلى السيطرة عليها وتغيير مضمونها وبرنامجها وبالتالي تعترف بها حركة حماس باعتبارها الوريث الشرعي والوحيد لتراث الحركة الوطنية الفلسطينية وإنجازاتها، أو وصولا لشراكة ما بين حركتي حماس وفتح تعيد بناء وتجديد المنظمة على أسس ومضامين جديدة تفرضها وقائع موازين القوى الجديدة ، أو أن الصراع سيأخذ مداه الزمني حتى تستطيع حركة فتح وحلفائها من استخلاص الدروس والعبر من تجربتها السابقة وتحافظ على قيادتها للمنظمة باعتبارها الهوية الوطنية للشعب العربي الفلسطيني وممثله الشرعي والوحيد وإنجازا وطنيا كبيرا للشعب الفلسطيني تحقق بفعل نضالات وتضحيات كبيرة وليس .
وبدون اللجوء إلى التفسيرات الدستورية والتي قد تنشأ اجتهادات كثيرة في سياقها حول أحقية وادوار كلا من مؤسستي الرئاسة والحكومة وحدود صلاحيات كلا منها ، وكذلك دور م.ت.ف. الفلسطينية غير المقبول من قبل حركة حماس ، فإن ما تأسس لغاية الآن من خلال عملية المهادنة بين الرئاستين ينبأ بأن الأزمة السياسية قادمة لا محالة، وقد تتفجر لاحقا وفي أي وقت من الأوقات ارتباطا بتطورات التعايش بين سلطة الرأسين ومدى قدرة الطرفين على التوافق والانسجام طويلا .
ما تأسس فعليا لازمة سياسية لاحقة يطرح تساؤلات من نوع ما هي السيناريوهات المحتملة واقعيا خلال المرحلة القبلة وما هي آفاق الوضع الداخلي الفلسطيني في ظل التحديات السياسية التي تفرضها سياسة إسرائيل الجديدة التي جاءت بتفويض شعبي يقوم على أساس تطبيق خطة الفصل الأحادي الجانب ، والتي توفر الحكومة الفلسطينية الراهنة ببرنامجها وممارستها السياسية الذريعة الإضافية لاستخدامها من قبل حكومة أولمرت القادمة للتذرع بها بان لا شريك فلسطيني ، وخاصة وإن الإدارة الأمريكية قد بدأت تتجاوب مع هذه الطروحات ولنفس الذريعة والسبب.
السيناريو الأول :
استمرار واقع ازدواجية السلطة بين مؤسستي رئاسة السلطة الوطنية واللجنة التنفيذية ل.م.ت.ف والحكومة، وبما يؤسس لازدواجية سلطة مقرة ومتعامل معها واقعيا ، بحيث تتولّى مؤسستي رئاسة السلطة والمنظمة الصلاحيات السياسية سواء بالاتصالات مع العالم الخارجي والمفاوضات مع الطرف الإسرائيلي، وتتحمل جميع التبعات السياسية والأمنية بما في ذلك (المعابر التجارة المعاملات المالية)، في حين تتولى حركة "حماس" إدارة الشؤون الداخلية الأخرى.
ولا شك أن هكذا وضع يتطلب حدا معينا من التفاهم والتعاون والتكامل بين مؤسستي الرئاسة والحكومة وبين حركتي "فتح" و"حماس".
السيناريو الثاني :
تولد واقع متراكم من الصعوبات لا تستطيع فيه حركة "حماس" الاستمرار بإدارة الحكومة ببرنامجها وبتشكيلتها الراهنة ، بحكم رفضها الالتزامات المتوجّبة على السلطة بفعل الاتفاقيات الموقعة والتي من المفترض أن تتحملها الحكومة التي تترأسها ، وكذلك عدم تجاوبها مع مطالب المجتمع الدولي واللجنة الرباعية ،ومع المهلة التي حددها الرئيس لتصويب وضعها انسجاما مع برنامجه ومطالب اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، التي تعتبر بمثابة مرجعية عليا للسلطة. في هكذا حال يمكن أن يلجأ الرئيس محمود عباس إلى استخدام صلاحياته الدستورية،بإعفاء الحكومة الحالية من مهامها وتشكيل حكومة تسيير أعمال مؤقتة، إلى حين إيجاد حل مناسب لهذه المعضلة؛ إما بإيجاد معادلة سياسية تتيح لـ"حماس" مخرجا من هذا المأزق بطريقتها ولغة خطابها الخاصة، أو "حكومة طوارئ"، أو حكومة "تكنوقراط".
السيناريو الثالث :
في حال دخول الأزمة السياسية لمرحلة الاستعصاء، بنتيجة إصرار حركة "حماس" على مواقفها، وإصرار الرئيس على التمسك بصلاحياته الدستورية، للخروج من هذه الدوامة التي قد تكون أوصلت الوضع إلى مرحلة الشلل، يمكن أن يتوجّه رئيس السلطة للمحكمة الدستورية، وذلك باقتراح بشأن حل المجلس التشريعي والإعلان عن تنظيم انتخابات مبكّرة، للرئاسة وللمجلس التشريعي في آن معا، للخروج من حالة الاستعصاء والمأزق المعاش.
السيناريو الرابع :
هناك خشية موضوعية من محاولات الرئاسة للخروج من المأزق السياسي أن يفسر على نحو يبدوا وكأنه قطع الطريق على حركة "حماس" نحو القيادة والسلطة، بوسائل انقلابية دستورية، مما قد يولد حالات رفض عنيفة ، تؤدي لشيوع حالة من الفلتان الأمني والفوضى السياسية في المناطق التي تسيطر عليها السلطة الوطنية الفلسطينية، وتتفاقم ظاهرة قادة المليشيات والجماعات المحلية المسلحة كما هو الحال في نموذج مقديشو بالصومال، على حساب وحدة القيادة السياسية وتمثيلها للشعب وقيادته . هذه التخوفات يعززها رفض حكومة حماس الاعتراف بالقانون الأساسي كمرجعية لها مما يفتح المجال ليس أمام اجتهادات دستورية على الصلاحيات بين الرئاستين ، وإنما حرية قبول أو رفض ما هو يتلاءم مع مصالحها ورؤيتها
السيناريو الخامس :
التوصل إلى أشكال وصيغ من التعاون والتكامل بين "فتح" و"حماس" و قوى سياسية أخرى لمواجهة الاستحقاقات السياسية المقبلة وتحدياتها في ظل إصرار حكومة أولمرت على تنفيذ خطة الفصل الأحادي الجانب، وبما يؤدي لشراكة سياسية تتيح الوقت الكافي لإطالة عمر الحكومة وتأجيل الصدام لمرحلة لاحقة أو للوصول إلى نهاية التفويض الممنوح للمجلس والحكومة الحالية . في حين أن تشكيل "حكومة وحدة وطنية" تستلزم مراجعة برنامجية من قبل حركة حماس تفسح المجال أمام القوى الأخرى من مشاركتها ، الأمر الذي لم يتوفر أثناء مفاوضات تشكيلها للحكومة الراهنة.

ومما لاشك فيه إن السيناريو الأخير هو الأفضل للفلسطينيين في ظل التحديات القادمة، بينما الأسوء هو الخيار الانقلابي على أية إجراءات دستورية قد يقوم بها الرئيس مضطرا لإنقاذ الوضع من حالة الاستعصاء والتردي ، وهو يشكل بالنسبة لإسرائيل أفضل الفرص، لأنها تتمكن عبره ليس فقط من تقويض مكانة القيادة الفلسطينية وإضعاف شرعيتها داخليا وخارجيا، بل يسهل عليها سعيها لإبراز قادة محليين من زعماء الميليشيات للتفاهم معهم على قضايا ومطالب محلية. وهو بذلك يخلق وضعا ملائما لإسرائيل للتنصل من استحقاقات عملية السلام وقرارات الشرعية الدولية وإعطاء مصداقية اكبر لادعاءاتها أن لا شريك فلسطيني مقابل ، ويوفر لها المناخ المناسب لتمرير مخططاتها بشأن فرض التسوية الأحادية الجانب وفقا لرؤيتها الاستراتيجية ولحاجاتها وأولياتها ، ويمكنها أيضا من حشد موقف دولي مؤيد لخطواتها واجر ائتها.
الشيء المهم والأساسي الذي نصل إليه من خلال هذه القراءة للسيناريوهات المحتملة أن النظام السياسي الفلسطيني دخل في مأزقا جديا قد يقوده لازمة مزمنة قد يصعب حلها بالطرق الاعتيادية والديمقراطية ، مما يفرض على الجميع مواجهة المعضلة السياسية القادمة والتعاون على حلها، في إطار من التكامل والتعاضد، بعيدا عن العصبويات التنظيمية الضيقة، وبما يخدم مصالح الشعب الفلسطيني العليا، وعلى قاعدة احترام القانون الأساسي والنظام والخيارات الديمقراطية المتاحة بما في ذلك انتقال وتداول السلطة بشكل سلمي وديمقراطي وبما يفوّت على حكومة أولمرت القادمة من استغلال وتوظيف الوضع الفلسطيني الناشىء لفرض حلها الأحادي الجانب، وتقويض وتهميش الكيانية الوطنية الفلسطينية ، تمهيدا لشطبها وإلغائها، سواء تمثلت بالمنظمة أو بالسلطة.

رام الله – 4-4-2006



#أحمد_مجدلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكاليات التسجيل بالانتخابات كمؤشر على المشاركة فيها
- الانتفاضة في عامها الرابع الأهداف والمهام المباشرة
- نحو إعادة بناء وتجديد اليسار الفلسطيني


المزيد.....




- السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات ...
- علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
- ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
- مصادر مثالية للبروتين النباتي
- هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل ...
- الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
- سوريا وغاز قطر
- الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع ...
- مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو ...
- مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا


المزيد.....

- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - أحمد مجدلاني - مخاطر مأزق النظام السياسي الفلسطيني