أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - سفاح المحارم النفسي -الاينمشمنت- : الطبّ النفسي الاجتماعي- حكايتي 10















المزيد.....

سفاح المحارم النفسي -الاينمشمنت- : الطبّ النفسي الاجتماعي- حكايتي 10


لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)


الحوار المتمدن-العدد: 6015 - 2018 / 10 / 6 - 20:14
المحور: الادب والفن
    


-كثيرون يلبّون دعوتكَ إلى العشاء.. قلةٌ تطعمك و أنت جائع.. و الندرة لا تتركك لتجوع…
-هذا يحدث في العواطف أيضاً.. كثيرون يغدقون عليك النُصْح.. قلةٌ تلبيّ احتياجاتك.. و الندرة تعلّمك أن تقوى بنفسك أولاً…
***************


فيما كتبت هدى:
“بعد طلاقي، أصبح هادي كل شيء بالنسبة لي، أحكي له مشاكلي، ألجأ إليه في الصعوبات.. هادي ابني و صديقي.. بقينا كذلك عشرة سنوات، لكن عندما أصبح بعمر الخامسة عشر.. أصبح يتهرب مني و من مشاكلي.. يلومني على أخطائي .. و أحس أنّ الطفل الذي رهنت حياتي من أجله تحوّل إلى عدو..” .

فيما كتب عبد الله:
“ أعمل طبيباً في ألمانيا، في اختصاص طب العيون، ليس لدى أهلي أولاد غيري.. أنا متزوج من ألمانيّة و عندي ثلاثة أطفال.. أبي يريدني أن أرجع إلى مصر.. هو جرّاح عيون مشهور هناك و يطلب مني حمل اسمه و مشفاه.
هذه ليست أول مرة يتدخل أبي في حياتي و يحاول رسم خطوطها العريضة و الدقيقة.. مشاكلي مع زوجتي زادت كثيراً لأنها تعتقد أني لا أستطيع التصرف مع أهلي، و هم يحمّلوني ما لاطاقة لي به.. لا أستطيع الاستمتاع بالحياة هنا.. الإحساس بالذنب يرافقني و إن نسيته يذكرني أهلي به يومياً…”


الأخت هدى و الأخ عبد الله.. طرحتما في مشكلتكما مفهوماً غاية في الأهميّة في الطب النفسي و هو: التورط النفسي Enmeshment.

هدى مارسته -من دون قصد- على طفلها.. و عبد الله كان ضحية تورط أبيه في حياته!
***********



بشكل بسيط يمكن تعريف: التورط النفسي Enmeshment: بانعدام الحواجز في علاقة ما، بحيث يصبح أحد الأطراف متداخلاً بشكل كبير في حياة الطرف الآخر أو الأطراف الأخرى.

نرى هذا بشكل كبير في عائلات كثيرة، حيث يتحوّل فرد ما إلى ما أدعوه (ملتصق ) بالعائلة.. و يصبح (متورطاً) في خيارات الأفراد و مستقبلهم.
هذا الفرد - و على الرغم من حسن نيته غالباً- يتحوّل إلى عبء على من حوله، و يمارس في حقهم من دون قصد غالباً، و بجهل دائماً نوعاً خطيراً من الانتهاك العاطفي.

قد يبدو هذا مفاجئاً للبعض، وخاصة في مجتمع شرقي.. في عائلات مترابطة بحكم العادات والتقاليد.. و قد يعتقد البعض أن هذا هو الصواب.. و لكن على العكس تماماً يتسبب هذا التورط العاطفي في تضييع حياة الأشخاص بين عقد الذنب و محاولات الهرب من الانتهاك العاطفي.. و يخلّف الضحية عرضة لاضطرابات الشخصيّة، القلق و الاكتئاب.


لا يقصد الطب النفسي أن يمحي من مسؤوليات الأهل تجاه أطفالهم، و لا من بر الأولاد لآبائهم، بل أن يحولها من علاقات مرضيّة إلى علاقات سليمة.

للتبسيط:
جميعنا نحتاج الحب و الحنان، كما نحتاج الماء.. لكن ماذا يحدث عندما تشرب مئة لتر من لماء في اليوم؟ ستموت.. أجل!

هذا ما سيحدث عندما يتدفق عليك الاهتمام.. النصح.. تخطيط المستقبل والرغبة في التملك و تحديد الأولويات.. حتى من قبل الأب أو الأم…

هذا خطير جداً، لدرجة أن هناك من يسميه “ سفاح المحارم النفسي” أي أن الشخص المتورط متداخل في نفسيات أهل بيته و خياراتهم إلى درجة محرّمة.. مما يتسبب في أذية نفسيّة مستقبليّة لأولاده.. و هذا يتسبب في نفورهم منه في المستقبل.. الاعتداء العاطفي الذي خضع له هذا الطفل ليس أقل وطأة بكثير من الاعتداء الجنسي أو االجسدي…
***************



انظر بتمعن و تجد (الاينمشمنت): “ سفاح المحارم النفسي”حولنا بطريقة كبيرة…
ليس هذا فقط، بل للأسف في المجتمع الشرقي.. يتداخل الناس في حياتك و يتورطون في خصوصياتك.. لأنهم هم أنفسهم ضحايا تورط نفسي.. فيسألونك الأسئلة التي تعتبر عادية في عرف المجتمع، لكنها شديدة الخصوصية و يلحون في طلب الأجوبة و المبررات:
من الأمثلة البسيطة: لماذا لم تتزوج؟ لماذا لم تنجب أطفال؟ متى ستنجب طفلاً ثانياً أو ثالثاً؟

و الأمثلة الأكثر تعقيداً:
عندما يتدخل طرف من العائلة دون أن تطلب مشورته و يفرض عليك تغيير حياتك: أنت مخطئ في علاقتك الشخصية هذي.. يجب أن تفعل كذا و كذا…

لنصل إلى الآثار الجانبية ل (الاينمشمنت) على العلاقات الإنسانية عموماً.. و قدرة المتورط على التورط في حيوات الناس أيضاً، و الأمثلة كثيرة جداً.. أذكر منها مثال حصل معي شخصيّاً:

في إحدى المرات، علّقت أم إحدى صديقاتي على وضع طفلتي الوحيدة.. و قالت لي مقارنةً إيّاها مع أطفال ابنتها:
- أطفال ابنتي يخرجون يومياً للتسليّة، ليسوا محتاجين لهذا الجانب في حياتهم.. طفلتك وحيدة و أنتم لا تخرجون كثيراً.. تعملون طول الوقت…

هي اعتقدت أنها تمتدح عائلتها، ربما أرادت المساعدة من وجهة نظرها هي، و ربما أرادت إزعاجي.. و وصمي بعقدة ذنب الأم العاملة..

أنا بالفعل خرجت من منزلهم و أنا أراجع نفسي و طريقة تعاملنا مع ابنتي..
أحسست بالعجز من كوني -ذاك الوقت- أعمل أكثر من اثني عشر ساعة في اليوم.. بعدها قررت أن أقرأ و أتعلم أكثر حول الموضوع ..
قرأت لأشهر عن طرق الاقتراب النفسي السليم من الأطفال، و تعلمتُ:

أن الأطفال لا يجب أن يخرجوا للتسلية يومياً.. و لا يجب أن يكونوا متداخلين في حياة الآباء و الأمهات بشكل كبير.. و أنّ طفلك يقلّدك فيما تعمل و نموذج حياتك اليوم يدمغ طريقة حياته غداً.. دون أن تتداخل في خياراته و لا في عواطفه.

ترك الحياة تعلّم الطفل..تواجده المستقل في المدرسة.. قدرته على رؤية الحياة بكلها و ليس بعيني أبويَه.. لعبه لوحده.. استخدامه لخياله في هواية ما.. بعده عن مشاكل أهله و واجباتهم الاجتماعية.. من طرق محاربة التورط (الاينمشمنت) و رسم حدود سليمة في العلاقات.

الأطفال الذين يشربون أربعة كؤوس ماء يومياً.. يكونون أكثر حناناً و اتزاناً ممن حوّلهم الماء إلى مستنقع!
*************


إذاً التورط العاطفي: سفاح محارم عاطفي و بشكل لا يقبل الشك مسيءٌ كبير لاستقرارنا و توازننا..

فما الحل؟

الحل ببساطة هو الانسحاب من حياة الشخص، و رسم الحدود التي يتوجب وجودها في أيّة علاقة في العالم!

لا يجب أن تبتعد ماديّاً، بل عاطفيّاً.. انسحب بهدوء و بصمت.. و أنت في نفسك تقول: أنتَ عزيز عليّ، لكنك تقتحم تفاصيل حياتي و تريد دمغها بأمنياتك أنت.. أسرارك أنت.. مشاكلك أنت..ألمك أنت.. فشلك أنت!

وهذا لا يعني عقوق الوالدين طبعاً، بل برّهما دون أن تعيش (في جلبابهما).. ولا يعني ترك الأطفال يتعثرون دون نصح، لكن ألّا تحمل أطفالك مسؤولية تحقيق أمانيك المؤجلة و حمل أسرارك و مشاكلك…

ضعوا حدوداً من زهور احترام الغير.. أيّاً كان هذا (الغير)… و إن أحسست أنك خائف أو متشكك حول قدرتك على التعامل مع طفلك أو أهلك.. الجأ إلى الطب النفسي هذا هو الحل الأمثل.
**************


بشكل مباشر، شديد البساطة و خفيف جداً، سأستمر في " حكايتي"...
طرح الحكاية قد يفيد صاحبها قليلاً، لكنه يساهم بشكل كبير في زيادة التوعية بالطب النفسي و محاربة الوصمة تجاه الأمراض النفسية.
في القرن الحادي و العشرين إن شاهدت من يقول لك، لم و لن ألجأ إلى الطب النفسي في حياتي.. اعرفْ أنك تتحدث مع شخص لا يعاني فقط من أعراض بسيطة، بل قد يطول علاجه لسنوات.

أنتَ كما تحلم أن تكون...




لا تنسوا أرسلوا حكايتكم إلى موقع الطب النفسي الاجتماعي: https://www.sociosomatics.com



#لمى_محمد (هاشتاغ)       Lama_Muhammad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اسرائيل و القضايا العالقة-عليّ السوريّ: الجزء الثاني 8-
- جنون العَظَمَة- الطبّ النفسي الاجتماعي- حكايتي 9
- للرجال فقط -الطب النفسي الاجتماعي- حكايتي 8-
- وهم فرويد-الطب النفسي الاجتماعي-حكايتي 7
- مرآتك -الطب النفسي الاجتماعي- حكايتي6
- “ أنا ما قتلت” التي كشفت الكعبة!
- غاردي دبيّ-عليّ السوريّ: الجزء الثاني 7-
- ليثيوم-الطب النفسي الاجتماعي-حكايتي 5
- ثلاث عيون و أنفيَن- عليّ السوريّ الجزء الثاني 6-
- سأضع الحجاب- العلاج النفسي الاجتماعي- حكايتي4
- بين الأكراد و اليزيديين: ضاع الشرف العربي-عليّ السوريّ الجزء ...
- لماذا طلّقني؟-الطب النفسيّ الاجتماعيّ- حكايتي3
- تظاهرات العراق: رعب الحكومات العربية في تجدّد دائم...
- تونس وطن الله على الأرض-علي السوري الجزء الثاني4-
- سيروتونين-الطب النفسي الاجتماعي- حكايتي 2
- حكايتي - الطب النفسي الاجتماعي 1-
- القاهرة و إبريق الحلوى- علي السوري الجزء الثاني-3
- بيروت و إله الحرب - علي السوري الجزء الثاني -2-
- مُتيَّمٌ في بغداد- علي السوري الجزء الثاني- 1
- ثلاثة أزمنة و كفُّ الغول- العلاج النفسي الأدبي 30-


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - سفاح المحارم النفسي -الاينمشمنت- : الطبّ النفسي الاجتماعي- حكايتي 10