مريم نجمه
الحوار المتمدن-العدد: 6015 - 2018 / 10 / 6 - 00:58
المحور:
الادب والفن
روح الأمكنة !
أحب الأمكنة وأتعلق بها أهواها , هي جزء من تاريخي مشواري على البسيطة , يسترجعها خيالي كل يوم بمتعة وفرح .
الأمكنة تتجدد كل يوم على كاميرة العين
هذه الأمكنة وإن كانت لها صفة جغرافية وطابعاً تضاريسياً , لا تُعاد لي كما هي في العالم الخارجي , بل هي كما داخل خيالي وروحي وذاتي , كيف سكنت مع مناظرها ناسها أصحابها شكلها لونها موقعها رائحتها حجمها وظيفتها واستراحاتها -
الأمكنة لها أحاسيس حواس خيال وصور لا تنسى محفورة داخل تلافيف وشعيرات الدماغ ( النخاع ) وفي بؤبؤ العين الإلكترونية نستحضرها عندما يمر أمامها شئ يماثلها وبشبهها
الأمكنة سكنت الذات , تعشّقت الخلايا المريمية , طُبعت رُسمت في تلافيف الدماغ الذي لاتطاله كاميرات التجسس الحديثة , مقيمة في الأعماق العابقة بالحيوات والمواقف والمشاعر والرغبات في صندوق الذكريات والأحاسيس الآنية والمخاوف والأحلام .
للأمكنة روح وحياة
هي الزاد والحصاد
لها جاذبية وسحر خاص وجمال مميز يرتبط برؤية شخص مجموعة حادثة موعد ارتباط كلمة احتفال حزن فرح , بمنظر أخّاذ بعمل , بتغير خط الحياة والإتجاه سلباً أم إيجاباً ...
عندما أبحث عنها أجدها في داخل الصندوق الزمني ومرحلتي العمرية في ذلك المكان والزمان وإن انطبعت في صورة توقف تلك اللحظة بتماس الإنسان على الأرض في بقعة جغرافية ما, وفي بلد ما , حفرت أقدام تربتها وتنشق عطرها ورسم داخل شبكة العين منظرها الطبيعي بصدق ألوانه التي لا تمحى بمرور الزمن .
إنه الإنسان ..هذا المخلوق العجيب وسرّ مروره على الأرض
العلاقة السرية المقدّسة علاقة الإنسان بالأرض .. بالمكان , هي رفقة إرتباط عضوي روحي نفسي فكري وحسّي يلازمه منذ الولادة حتى الرحيل .
الأيام عندما تنطوي
والعمر عندما يتقدم للأمام
المكان ذاكرة حية أساس تكوين الشخصية البشرية من أول عتبة البيت وحوش الدار وخطوة الحي إلى اكتشاف الشوارع في القرية والمدينة حتى حوافي القارات والمحيطات
فالمكان يصبح هيكلاً للصلاة والتعبد , يُسترجع يومياً هذا الشريط الدائري بكل خلفياته وتفاصيله الضاحكة و الحزينة , فهو المحطة التي يمر بها المرء وهو على هذه الأرض , فإما يعطيه روحه وعطره وانسانيته وإنتاجية أنامله وكفوفه ورقي فكره بفرح واعتزاز ووفاء وتصميم وأثار نفوس عالية , أو يدوسه بأقدامه يحتقره يخونه و لا يكترث بمصيره ولايعنيه بشئ يتذكره بكل حقد وكره وأسف وغضب بتعالي ولا مبالاة .. بهذه العقلية الأنانية اللاواعية تندثر الطاقات الخلاقة تتآكل الجذوروالذاكرة وتنتشرالسلبية , والإرتباط بين الإنسان وأرضه وتمحى آثار أقدامه وما ترك من بصمات وينعدم الحب والسلام والوفاء ..
لا تكن ناكرًا للمكان .. للوجود.
مريم نجمه
#مريم_نجمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟