|
اجتماعات جنيف المقبلة حول الصحراء
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6014 - 2018 / 10 / 5 - 17:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد طول مماطلة ، وهروب الى الامام للّعب دائما على الوقت ، وهي العادة التي يتقنها النظام المغربي بامتياز، كلما اشتد الطوق من حول عنقه ، أخيرا يرضخ النظام لدعوة الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة السيد هرنيست كوهلر ، بحضور اجتماع جنيف في الشهر الجاري ، وجها لوجه مع " الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب " . إن هذا الرضوخ يذكرنا بما كان يقوم به الرئيس الراحل صدام حسين ، حين كان يرفض دعوات اللجنة الأممية للتفتيش عن ( أسلحة الدمار الشامل ) ، لكن للأسف وحتى قبل ان يرتد طرفي عينيه ، يعود بسرعة البرق ليقبل صاغرا ما رفضه بعد وقت وجيز . فبعد ان اعلن النظام المغربي رفضه التفاوض مع الجبهة ، واصراره التفاوض مع الجزائر ، وبعد ان شعر بطوق المشنقة يلف عنقه ، وحتى يتجنب اية ادانة من مجلس الامن ، وحتى يتمكن من خلط الأوراق للعب على طول الوقت ، يعود من جديد ويعلن عن قبوله لدعوة الممثل الشخصي للأمين العام ، بالجلوس جنبا الى جنب ، الى جانب الجبهة للتفاوض بجنيف . ونحن الشعب الذين يؤدي مصاريف ونفقات حرب الصحراء منذ سنة 1975 ، سواء من خلال الضرائب المختلفة ، او من خلال أبناء الشعب الفقير الذي يُكوّن قاعدة الجيش ويموت لوحده في الصحراء ، من حقنا ان نتساءل ونطرح السؤال : عن ماذا سيتفاوض النظام مع الجبهة ؟ فإذا كان سيطرح كحل مبادرة الحكم الذاتي ، فباستثناء فرنسا التي تعتبرها جدية وتقبل النقاش ، لكنها تتمسك بالحل الاممي الذي هو الاستفتاء ، فلا دولة وازنة من دول مجلس الامن ، تقبل تعويض الاستفتاء كحل ديمقراطي ، بطرح الحكم الذاتي . كما ان الطرف المعني باقتراح النظام حول الحكم الذاتي ، الجبهة والجزائر ، يرفضانه جملة وتفصيلا ، والجمهورية الموريتانية تعترف رسميا منذ سنة 1979 بالجمهورية الصحراوية . فهل ستنجح مفاوضات جنيف بين الجبهة والنظام، في وضع حد لصراع عمر لأكثر من ثلاثة وأربعين سنة خلت ؟ النظام المغربي ، ومنذ ان دخل صراع الصحراء ، يكون قد تقدم بعدة حلول ، وكل حل لا يشبه سابقه ، وآخر حل ، اعترافه بالقانون الأساسي للاتحاد الافريقي ، الذي من خلاله اعترف بالجمهورية الصحراوية. والسبب طبعا ، توظيف نزاع الصحراء ، لتحصين وجود وبقاء النظام ، والحيلولة دون سقوطه . جبهة البوليساريو ومنذ سنة 1975 ، تمسكت ولا تزال تتمسك بحل واحد اوحد ، ودون تغييره ، هو تقرير المصير من خلال استفتاء حر ، تحت اشراف الأمم المتحدة ، رغم ان هذا الاستفتاء ومنذ 2016 ، قد اضحى متجاوزا لصالح الجمهورية الصحراوية التي اعترف بها النظام . إذن هل هناك من نقط مشتركة حتى نتفاءل باجتماع جنيف خلال هذا الشهر ؟ المفاوضات المنتظرة ستكون كسابقاتها عقيمة وعاقرة ، ولن تؤدي الى نتيجة ، بسبب تباعد مواقف واقتراحات اطراف النزاع . جبهة البوليساريو تتمسك فقط بحل تقرير المصير والاستفتاء ، وهو ما يعكس المشروعية الدولية التي تؤكدها كل قرارات مجلس الامن منذ سنة 1975 ، وآخرها القرار 2414 الصادر في ابريل 2018 . كما تؤكدها قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ سنة 1960 ، خاصة التصويت على القرار 1514 ، والتصويت على القرار 37 / 34 الصادر في سنة 1979 . والنظام المغربي الذي اضحى معزولا دوليا في ملف الصحراء ، وفي ملف الديمقراطية وحقوق الانسان ، يتمسك فقط بحل الحكم الذاتي الذي مات قبل ان يجف الحبر الذي كتب به . المفاوضات القادمة ستكون بالنسبة للجبهة ، مضيعة للوقت الذي سيزيد في معاناة سكان المخيمات . وستكون بالنسبة للنظام المغربي تلاعبا بالوقت ، للهروب اكثر الى الامام ، قصد تجنب ادانة من مجلس الامن ، وقصد خلط الأوراق بما يساعد على جرجرة الوقت ، ومن ثم ابعاد أي حل سيكون حتما مصيريا لأصل النظام السياسي ، الذي وجوده من عدمه ، مرتبط ببقاء او ضياع الصحراء من سيطرته . لكن الى متى سيبقى الستاتيكو على ما هو عليه ؟ العالم اليوم يتغير بسرعة قصوى ، والنظام المغربي الحبيس والسجين لطقوسه الماضوية ، سيتفاجأ بالقادم الذي سيكون صادما له ، لأنه لا يقرأ التاريخ ، والى الآن لم يستوعب التحولات الجارية بسرعة البرق في العالم ، ولن يكون صادما لنا نحن ، الذين نستعمل عقولنا لاستكشاف التحولات المرتقبة ، والانتظارات القاتلة . فإذا كانت الإدارة الامريكية قد أهانت ، وأذلّت النظام السعودي الذي وهبها 450 مليار دولار ، وتهدد بإسقاطه في ظرف أسبوعين ، فكيف لهذه الإدارة ان تنسى تمويل النظام المغربي ، للحلمة الانتخابية الرئاسية ، للسيدة هيلاري كلينتون ضد الرئيس دونالد ترامب ؟ إنّ من يدرك عقلية اليانْكي الأمريكي ، بسهولة سيتصور جواب الإدارة الامريكية ، والذي لن يكون غير الاستفتاء وتقرير المصير . فإذا كانت واشنطن لم تعر اهتماما ولا وزنا ، لمن وهبها مليارات الدولارات ، فكيف ستتصرف مع من يستجدي هباتها ومساعداتها السنوية ؟ الم تقطع الدعم عن الانروا ؟ الم تهن السيسي دكتاتور مصر ؟ الم تهن ملك الأردن في واقعة السّجّاد الأحمر ؟ الم يرفض ترامب لقاء ملك المغرب عدة مرات ؟ . شيء لا يمكن لعقل سليم المرور عليه مرور الكرام . ان ما يجري اليوم من تمثيليات اممية ، باسم المشروعية الدولية ، سيكون له ما له ، وبعده ما بعده . ان الدول المتنفذة ،والمالكة لحل الفيتو داخل مجلس الامن ، إضافة الى كل الغرب ، حين يصوتون داخل مجلس الامن ، او حين يصوتون كأعضاء داخل الجمعية العامة ، على تقرير المصير بواسطة استفتاء تشرف عليه وترعاه الأمم المتحدة ، فهم يدركون كامل الادراك ، ان نتيجة الاستفتاء ستصب لصالح الجمهورية الصحراوية . ورغم انهم يعرفون ان هذه النتيجة ستكون عامل سقوط النظام ، فمع ذلك ، فهم متشبثون بها ، لانهم لم يعودوا يعيرون النظام ، ولا رأسه اية أهمية ولا قيمة . فهل العالم الغربي اضحى رافضا لهذا النظام الفريد بطقوسه الماضوية ، وهل النظام اضحى معزولا ، وكما هو واضح الآن بسبب ملف الماضوية المرفوضة ، وبسبب ملف الديمقراطية ، وملف حقوق الانسان ، وملف الصحراء الغربية ؟ المجتمع المغربي يتموج ، والامواج تزداد ضخامة ، بسبب الفساد المستشري بشكل واسع ، وبسبب تجبر وتغول الدولة البوليسية . إن ملف الصحراء العود الثقاب ، سيكون من سيشعل اللهيب ، او الزلزال الذي سيسبب في تسونامي ، لا ولن يعرف التاريخ المغربي مثيلا له . اننا في مرحلة العد العكسي لنزاع الصحراء . وسنة 2019 ، وفي غضون نهاية سنة 2020 ، ستحسم المعركة لصالح الجمهورية الصحراوية . دول مجلس الامن من تريد هذا الحل ، بسبب طبيعة النظام الفيودالية والماضوية الغير مقبولة غربيا ، واللاّديمقراطية ، وبسبب ان المشروع يدخل ضمن مشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال افريقيا . على نفسها جنت براقيش .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وتستمر الدولة البوليسية الفاشلة في سياسة الهروب الى الامام (
...
-
رغم تدمير الدولة البوليسية لكل القيم ، ومع ذلك تستمر في الهر
...
-
عندما تريد افراغ منظمة ثورية مسلحة من ثوريتها
-
خطر الدولة البوليسية اخطر من خطر الدولة الدكتاتورية ( 12 )
-
تتمة الحلقة العاشرة حول رفض الشعب لتغوّل واستبداد الدولة الب
...
-
هل ناصر الزفزافي في طريقه الى الشهادة .
-
هل اقترب حل نزاع الصحراء الغربية .
-
فدرالية أم كنفدرالية لمستقبل الصحراء
-
خريطة الطريق لمواجهة تغوُّل ، وبطش ، وقمع الدولة البوليسية (
...
-
طريق واحد لا طريقان للرد على تغوّل الدولة البوليسية ( 9 )
-
حين يسرق البوليس الدولة ويحوّلها الى دولة بوليسية . يبقى هنا
...
-
سجل أنا عدمي ( 7 )
-
بعد الخطاب الملكي الذي حرره عملاء الدولة البوليسية ، تبقى طر
...
-
ما العمل في وضع مزري كالذي نحن فيه عربيا ومحليا ودوليا ( 5 )
-
انعكاسات قضية الصحراء على دول الشمال الافريقي ( 4 )
-
حين توظف الدولة البوليسية القضايا الوطنية ضد مصالح الشعب --
...
-
الدولة البوليسية دولة تخريب ( 2 )
-
تحليل بنية النظام السياسي المغربي -- على هامش رسالة مستشار ا
...
-
موقف - حركة لنخدم الشعب - و - منظمة الى الامام - من نزاع الص
...
-
- منظمة 23 مارس - وقضية الصحراء ( 3 )
المزيد.....
-
لأول مرة منذ 9 أشهر.. شاهد إجلاء مرضى فلسطينيين عبر معبر رفح
...
-
السيسي لترمب.. لا لتهجير الفلسطينيين
-
نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة ليكون أول رئيس يلتقي ترام
...
-
-د ب أ-: منظمة الشباب التابعة لحزب -البديل من أجل ألمانيا- ت
...
-
صربيا.. المحتجون يغلقون الجسور عبر نهر الدانوب في مدينة نوفي
...
-
اكتمال تثبيت قلب مفاعل الوحدة الثالثة في محطة -أكويو- النووي
...
-
بعد سحب منتجات كوكاكولا مؤخرا.. إليكم تأثيراتها على الجسم!
-
هل تعاني من حرقة المعدة أو الارتجاع بعد شرب القهوة؟.. إليك ا
...
-
مشاهد للقاء الأسير الإسرائيلي الأمريكي كيث سيغال مع بناته
-
ظاهرة غامضة تتسبب في سقوط شعر جماعي لسكان إحدى ولايات الهند
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|