|
شفيق المهدي يبث روحاً جديدةً في دار الثقافة والنشر الكوردية
سالم بخشي المندلاوي
الحوار المتمدن-العدد: 6011 - 2018 / 10 / 2 - 23:02
المحور:
الادب والفن
شفيق المهدي يبث روحاً جديدةً في دار الثقافة والنشر الكوردية
لقد كان الصدام شديداً بيني وبين إرادة المزوّرين والمنافقين ومنتهزي الفرص البائسة عندما يكون الجاهل في موقع لا يستحقه؛ فإن هذا يعني عبودية للذكي، واستعبادا لأهل الرأي والمشورة والنصح إن ثقافة الكورد ثقافة تأسيس منذ أن كان العراق القديم والوسيط والحديث والمعاصر
أجرى الحوار: الكاتب والفنان سالم بخشي المندلاوي عندما يحدث تغير إيجابي لافت وجهد إنساني ملحوظ في مؤسسة ثقافية معينة، ويكون لهذه المؤسسة نشاط وصدى أكبر مما كانت عليه؛ فهناك بلا شك سبب ما، وربما عدة أسباب أسهمت في تطور عمل هذه المؤسسة. ولعل من أهم العوامل المنتجة لهذا التغيير هو إمكانيات وجهود مدير المؤسسة الشخصية ولعل الدكتور شفيق المهدي وعلى الرغم من المشاكل والشبهات الملفقة التي أثيرت حوله، استطاع أن يبرهن وفي وقت قياسي، بأنه مدير ناجح ورجل ثقافة من الطراز الأول؛ فلا يكاد يمر يوم من دون أن نلحظ نشاطاً ما لدار الثقافة والنشر الكوردية (إقامة معرض لكتب الدار أو الاحتفاء بكاتب أو كتاب جديد أو تنظيم ندوة في شأن ثقافي كوردي ونشاطات أخرى لا حصر لها..) لقد نجح في تحريك المياه الراكدة وخلق استراتيجية ورؤية جديدة للعمل وفقها لتحقيق الغاية المرجوة من تأسيس هذه المؤسسة؛ لتقريب وجهات النظر وتعزيز الأواصر وخلق جسر مشترك للتبادل الفكري والمعرفي بين الثقافتين الكوردية والعربية بما يخدم الشعبين باتجاه الأهداف الوطنية المشتركة. وبغية الوقوف عند شخصية الدكتور شفيق المهدي والسبل التي اعتمدها لتطوير عمل الدار أجرينا معه هذا اللقاء.
* خلال تنقلك بين دائرة ثقافة الأطفال ودائرة السينما والمسرح ودار الثقافة والنشر الكوردية... أين تجد نفسك أكثر قدرة على العطاء؟ ـ عليّ أن أذكر بأن كل دوائر الثقافة مهمة جداً لا فرق بينها. لقد أعطيت هذه المؤسسات الحد الأقصى من جهدي وصحتي ومن وقتي، لم يعد لي وقت شخصي للراحة. أعترف بأني فرّطت براحة عائلتي، لقد سببت لهم الأذى، وفي بعض الأحيان تحوّلت حياتهم إلى ما يشبه الجحيم، مع هذا فإني أعتقد بأني قصرّت في عملي في هذه الدوائر، إنها تستحق التضحية. منذ العام 2003 وفي (إعادة تأسيس دار ثقافة الأطفال) قضينا أياماً مجيدةً بحق، كلنا عملنا بروح الفريق. عملت في هذه الدائرة حارساً ومنظفاً ورئيساً لتحرير مجلتيّ: (مجلتي) و(المزمار) ومديراً عاماً، وأخاً، وصديقاً للجميع. ما زلت أحب هذه الدائرة، وأحب منتسبيها من دون استثناء. وفي دائرة السينما والمسرح عملت منذ الصباح حتى الدقائق الأخيرة قبل منع التجوال. فيها فنانون رائعون، مخلصون لهم مبادئ وأفكار حيوية وفيها نماذج بالضد من هذه المواصفات.. فيها متصوفون وزهاد بالدنيا وما فيها، وفيها الجهّال.. هم خليط غير متجانس! أحنّ إلى جميع منتسبي دار ثقافة الأطفال، وألتقي مع البعض القليل من منتسبي دار السينما والمسرح.. أما دار الثقافة والنشر الكوردية، فهي تجربة مغايرة تماماً، استفدت منها شخصياً في قراءة وتقصي الأدب الكوردي العظيم. لقد وليت مسؤوليتها وليس فيها أموال.. مع ذلك عملت فيها المستحيل. هي أنجح وأعمق وسائط اللقاء بين العرب والكورد في العراق؛ ومن هنا تأتي أهميتها القصوى.. هي الطريق السريع لربط أواصر الشعبين العظيمين.
* خلال سنوات عملك الابداعي في الاخراج المسرحي، قدمت مسرحية (مشعلو الحرائق) وهي مسرحية رائعة نالت استحسان النقاد ... هل يمكن أن نشاهد لك عملاً مماثلاً بنفس المستوى الآن أو في المستقبل؟ ـ ما زلت أطمع لتقديم مسرحية (رمولوس العظيم) أو مسرحية (كاليكولا). (مشعلو الحرائق) عنوان كبير لجيل غاضب، ونبوءة على أن (البيت العراقي) يحترق عن قصد، ما زالت عند من شاهدها بنفس التأثير.. لقد قال عنها الأستاذ سامي عبد الحميد: ((إنها أعظم إيقاع في المسرح العراقي)). كان أبطالها : د. إقبال نعيم، بحسها الفريد، وفارس دانيال، وأياد راضي وهما من أفضل الممثلين العراقيين قاطبة. فارس وأياد لن يتكررا بطريقة أدائهما، ناهيك عن خطة الاخراج المحكمة. تلتها مسرحيتا: (الحارس) التي قلبت موازين مهمة في صناعة الموازين، ثم جاءت مسرحية (ماكبث) التي أحرجت إدارة دائرة السينما والمسرح في كل حركة أو خطوة، ولم تقدم سوى ستة أيام على خشبة مسرح الرشيد، ثم أوقفت بحجة وجود مهرجان للشعر الشعبي ... ثم جاءت الصفعة في مسرحية (الكأس) التي مثل فيها: فلاح إبراهيم، ورائد محسن، وأياد راضي، وناصر طه، وصادق عباس، بالإضافة إلى الفنانة الكبيرة إقبال نعيم. وقال عنها د. مالك المطلبي، بأنها عمل مستحيل وإشارة فاضحة ((إننا نشهد خراب مملكتنا)). هذه صرخة ونداء أخير لي .. بعدها هجرت المسرح في العراق لأواصل العمل في مكان آخر. المسرح على العموم تعبير عن الفداحة ونبوءة عن القيامة وهذا ما حدث.
* في مقابل أعمالك المسرحية الجادة... قدمت عملا أو عملين مسرحيين يمكن أن يصنفا في خانة المسرح التجاري... ما الذي دفعك لإخراج هذين العملين وهل أنت نادم على تقديمهما؟ ـ لست نادما.. لم أندم على ما أفعله، هناك فرق بين المسرح التجاري والمسرح الجماهيري؛ رغم إن في بعض هذين العملين مستوى من مستويات المسرح التجاري. لم أقدم عملاً محلياً، كانت كل أعمالي من المسرح العالمي، بل من أصعب النصوص قاطبة. تصوّر أني قدّمت مسرحية (لعبة حلم) للكاتب السويدي ( أوغست ستراند بيرغ) وهذه المسرحية على حد علمي قدّمت مرتين فقط في العالم، وقدّمتها أنا في العراق عام 1986 وما زال مشاهدوها يتذكرونها جيداً لقد كانت مسرحية، عدت آية من آيات الاحتفال بالجمال والألم وجراحات الروح. كنت أريد أن أعزز نجاحي لدى النخبة، بأن أقدم نفسي للناس العاديين، نجحت في واحدة وفشلت في الثانية، إلا أنني أقول الآن بأنهما عملان بسيطان رغم نجاحهما جماهيرياً؛ لأنهما تتناولان السطح وليس العمق من حياة الناس.
* كيف تعامل النقاد مع مسرحياتك بشكل عام، وهل وجدتهم منصفين في تقييمهم او تشعر أن هناك قصوراً نقدياً تجاه هذه الأعمال؟ ـ لقد احتفى جميع النقاد العراقيين بأعمالي احتفاءً وما زلت احتفظ بالكثير مما كتب عن أعمالي خصوصاً في فترة الثمانينيات. يكفي أن أقول لك، بأن قائمة نقاد أعمالي كبيرة بعددها وعميقة بمضامينها: د. جميل نصيف، د. سامي عبد الحميد، والناقد العريق حسب الله يحيى، د. فاضل ثامر، الناقد ماجد الأميري، الكاتب فلاح المشعل، الذي كتب مقالاً مرعباً عن (لعبة حلم)، الناقد الكبير ياسين النصير، الناقد د. عواد علي، القاص العراقي الكبير عبد الستار ناصر، وليد صديق ملحم، الاستاذ الكبير د. عقيل مهدي، د. قاسم مؤنس، د. محمد المديوني وهو من أعظم الباحثين في المسرح العربي، الناقد التونسي محمد العوني، المفكر المغربي محمد البلهيس ، الناقدة والباحثة الكبيرة د. نهاد مليحة، وأسماء عظيمة في البحث والنقد، كما كتب عن أعمالي رغم قلتها في أكثر من خمسين رسالة وأطروحة ماجستير ودكتوراه. كان خطأ لا يغتفر مني أن أهجر عملي مخرجاً مسرحياً أو أستاذا في جامعة بغداد وفي كلية الفنون الجميلة في بغداد بالذات! هذا ما يؤرقني اليوم؛ لقد حصلت على لقب (أستاذ مساعد) في عام 1997 ، ثم عملت من أجل ترشحي إلى لقب (بروفسور) غير أنني غادرت عملي بوصفي أستاذا جامعيا لاعتقادي بأنني سأواصل عملياً.
* خلال فترة تسنمك لمنصب مدير عام دائرة السينما والمسرح، حدثت بعض المشاكل وكثر اللغط حولها...هل يمكن أن تكشف لنا بعجالة عن حقيقة هذه المشاكل؟ ـ دائرة السينما والمسرح كلها مشاكل. لقد حاولت أن أعيدها إلى مجدها الحقيقي واستطعت إلى درجة ما، بعد أربعة أعوام كلفتني الكثير والكثير جداً.. لقد كان الصدام شديداً بيني وبين إرادة المزوّرين والمنافقين ومنتهزي الفرص البائسة. تسبب لي هذا الصدام بذبحتين في القلب وثلاث نوبات من النزف الدموي، آخرها كادت أن تودي بي. أتذكر بأن السيد مدير مستشفى مدينة الطب قال لي بعد استفاقتي من الغيبوبة: ((لقد كنت ميتاً لمدة ساعتين))! أثناء النزف كنت أعتقد بأنني سأموت، تروي لي زوجتي بأنني أوصيتها. لقد كانت أياماً مريرة وصعبة لي ولأسرتي وأصدقائي اللذين يعرفونني.. إني أدين لهم طوال حياتي. على العموم ، الحياة قصيرة جداً، بل هي أقصر بكثير مما يتصوره البعض؛ لكني واصلت عملي بنفس الإصرار وبنفس التحدي. لقد حاول البعض أن يقتنص فرصةً للإطاحة بي، غير أن هذا سرعان ما أنكشف للجميع. لقد عملت وفق القانون وبنزاهة أعرفها تماماً وأعرف الضمير الذي كان يرشدني والمنهج الذي اتبعته، غير إن البعض من المتاجرين، لا يرغبون في هذا. لقد تحيّن البعض الفرصة للإجهاز على شفيق المهدي. نعم، استطاعوا جرحي لكنني نهضت مرة أخرى، وحاولوا مرات عديدة لكنهم لم يتمكنوا مني. إن من يطلب الموت؛ توهب له الحياة، والثقافة العراقية تستحق كل هذا البذل والعطاء، بل وتستحق التضحية. أعرف تماماً بأن البعض ما زال يحاول، أعرفهم بالأسماء وفي كل ما حاولوا خصوصاً محاولات تدمير سمعتي وإنجازاتي أمام المسؤولين وأمام الناس؛ لكنني لن أخافهم، لقد وطنت نفسي على الجوع، فلم تعد تخيفني مائدة الذل، ووطنت نفسي على المجابهة، فلم أعد أخاف من الطعن، وعرفت ما معنى أن تخلط الأوراق غير أنني أعرف أن حبر الحقيقة لا يمكن خلطه بالمكائد والتشويه. إن ذاكرتي قوية ومتماسكة للحد الذي أعرف به من وقف معي، ومن أراد بي السوء. ما زالوا يطاردونني وهذا ليس من الهلاوس أو الفوبيا أو من جرّاء مرض نفسي؛ لكن الحقائق واضحة بالنسبة لي.. وهناك من أعتذر لي، وهناك من قبّل رأسي. إنني أدرك زمن التحولات الصعبة، وكيف يتعكزون على عصا الديمقراطية وبحجة حرية الرأي لكنني مستمر في عملي الذي تشرفت به. لقد كنت أستاذاً جامعياً لأكثر من عشرين عاماً. لقد أتيت من الجامعة، ومن شهادة دكتوراه بدرجة امتياز بمرتبة الشرف، ومن مكتبة عامرة؛ ولهذا واجهني المزوّرون بأبشع الطرق والوسائل. مزورو الشهادات والدرجات الوظيفية ومزوّرو تأريخهم الشخصي. أتشرف بهويتي وبالثقافة العراقية وأبناء بلدي جميعاً.
* بسبب استحقاقات المحاصصة السياسية المقيتة؛ تسلق بعض الجهلة إلى مناصب مهمة في مؤسسات ثقافية عريقة... برأيك، ما هو حجم التأثير السلبي لهذه الظاهرة على العمل الابداعي والثقافي العراقي؟ ـ التأثير ذاته الذي يحدثه في أي قطاع من قطاعات الحياة والعمل؛ لكن الثقافة العراقية استطاعت أن تنجز قدراً مشرّفاً وسط وضع شائك ومعقد وصعب جداً. إن الاختصاص حل، وإن الكفاءة حل، لا يمكن أن ينطلي على ذوي الاختصاص والكفاءة والعزيمة، الكذب والتسويف. إن من يحرر طاقات الشعوب هو الذي لا يتبع هواه أو مزاجه أو من يريد أن ينطلق من عقدة الطائفية أو القومية. علينا جميعاً أن نعرف إن البعض قد كتبت لهم رسائل الماجستير والدكتوراه. نحن نعرف لكنهم لا يعلمون أننا نعرف، أو أنهم بانعدام الحياء وشرف العلم لا يأبهون بما نعرفه. الديمقراطية مصفاة لا يمر منها الجاهل والمشكك في عمل مؤسسات المجتمع والدولة. كل خطأ مهما كان صغيراً؛ فإنه سيصيب هذه المؤسسات بالوهن والضعف. البعض يعتقد بأن (المنصب) يجد نفسه في المواكب والمطاعم والخدم والحرس وفنادق الخمس نجوم والتظاهر بالورع. مهما حاولنا أن نزّيف الحقيقة، فإنها تظهر ولو بعد حين. في حين أن البعض من المدراء العامين لا يفطرون ولا يتناولون وجبة الغذاء أو العشاء إلا في مطاعم الفنادق ذي الخمس نجوم. لا أعرف من أين تأتيهم هذه الأموال – طبعاً نحن نعرف- كما نعرف أنهم يركبون الطائرة متى ما يشاءون، وإن عوائل بعضهم يسكنون في الخارج، أو يقضون معظم أوقاتهم في الخارج، وأنهم يفتعلون إيفادات كاذبة من أجل الحصول على الأموال. علينا أن نقول بأنهم يتحملون مسؤولية تصرفهم هذا؛ فلن يكون الله غفور رحيم معهم، بل هو شديد العقاب، وهذا هو منطق الحياة. هذا يشمل جميع الوزارات وأماكن العمل. الجهل مصيبة، غير أن الغدر أشد المصائب فتكاً. الجهل مصيبة، غير أن نتحمل رأي الجاهل مصيبة منوع آخر. كل مؤسسة تحتاج إلى عالم بعمل هذه المؤسسة؛ وعليه أن يقول ما يؤمن به من دون لف أو دوران أو تحايل على مرؤوسيه. عندما يكون الجاهل في موقع لا يستحقه؛ فإن هذا يعني عبودية للذكي، واستعبادا لأهل الرأي والمشورة والنصح. سأنشر حقائق موثقة لديّ ومن المؤكد أنها لا تسر البعض!
* في مقالة لك في مجلة فنون، قرنت العمل الذي يؤدي إلى إنجاز، بالمتعة العميقة... هل لهذه المتعة نصيب في عملك الحالي في دار الثقافة والنشر الكوردية؟ ـ لقد دخلت إلى هذه الدائرة بنفس الهمة التي دخلت بها إلى دائرة السينما والمسرح، أو دار ثقافة الطفل، لكنني لم أجد رصيداً مالياً مشجعاً. عليّ أن أذكر بأن السيد الوزير، وافق على جميع ما طلبته من أموال لغرض تنفيذ مشروعات الدائرة. هذه كلمة حق وعندي الكتب التي توثق هذا، غير إني فوجئت بعدم وجود الأموال في الوزارة نفسها. وحاولت جاهداً أن أنفذ بعض المشاريع المهمة وتمكنت غير إن هذا لم يكن ضمن دائرة طموحي. أنت في بقية المديريات تتعامل مع مشروع نوعي، لكنك في دائرة الثقافة والنشر الكوردية تتعامل مع ثقافات شعوب لها انجازاتها التأسيسية على كافة صعد الثقافة. أقصد إن كان الأمر مع فنون وثقافة الكورد أو التركمان أو الأيزديين؛ ومن هنا تأتي أهمية هذه المديرية. لقد قلت لك، بأنها الطريق السريع لخلق حوار مثمر بين ثقافة العرب والكورد. أتطلع للأعوام القادمة بالأمل والدعم لإنجاز مشاريعنا في وزارة الثقافة.
* عند قدومكم لدار الثقافة والنشر الكوردية، حركتم المياه الراكدة؛ ما زاد من وتيرة نشاطات الدار ومشاركاته الثقافية بشكل لافت... ما هي الخطط والرؤى المستقبلية التي يمكن أن تعملوا على تحقيقها من أجل تطوير عمل الدار نحو الغاية المنشودة؟ ـ لقد وافق الدكتور سعدون الدليمي مباشرة على فتح المركز الثقافي الكوردي في بغداد، وعلى هذه الموافقة اعوّل على نجاح كافة المشاريع. بعد صرف الموازنة التي أوقفت لهذا المشروع؛ سننفذ ما تم التخطيط له. علينا نذكر بوجوب علاقة أفضل مع كوردستان وتعاون أعمق، كما علينا أن نذكر بأن هناك عشرات الألوف من الكورد خارج كوردستان. أي في بغداد وواسط والحلة والبصرة، أو في بقية المدن، ومن حقهم متابعة ثقافتهم وفنونهم على مستوى الكتاب أو المسرح أو السينما أو الأزياء أو الموسيقى. إن ثقافة الكورد ثقافة تأسيس منذ أن كان العراق القديم والوسيط والحديث والمعاصر، خصوصاً على مستوى الشعر والتشكيل والمسرح والدراسات الفكرية ومؤسسات البحث العلمي والبحث التاريخي والعمل في الجامعات كافة.
* ما هي أبرز المشاكل والمعوقات التي واجهتكم خلال عملكم في الدار وما زالت والتي تحد من سعيكم في تحقيق عطاء أفضل؟ ـ أتمنى تحقيق وإنجاز ميزانية متميزة لهذه المديرية؛ وسوف ترى بعد هذا نسب الانجاز. كما أتمنى تعيين المنتسبين من الكورد وعلى كافة المستويات؛ فإن عدد الموظفين من الكورد قليل جداً. نخطط مع حصولنا على الموافقات التامة، لإعادة إصدار الصحف الكوردية مع تقديم عروض سينمائية ومسرحية، وكنا قد قطعنا شوطاً رائعاً ومبدعاً في تقديم عروض الأزياء الكوردية التي لاقت نجاحاً ملفتاً، وكذلك طبع الكتب التي تعنى بآداب وثقافة الكورد وبتأريخهم، خصوصاً في طبع كتب الكورد الفيليين واسهاماتهم المهمة. لقد تحركت هذه المديرية كما لاحظتم ولاحظ الكثيرون، وهذا يأتي من الانسجام في العمل واحترام الرأي وصفاء النية. إنني أتوقع حركة أكبر في المستقبل، خصوصاً من المثقفين الكورد، بدأوا بزيارة هذه المديرية للتفاهم حول مشاريعنا في المستقبل.
* إلى أي مستوى نجحت الدار _ برأيك _ في نشر وتعريف الثقافة الكوردية في بغداد، وهل وجدتم تعاوناً مثمراً من المؤسسات الثقافية الأخرى لتحقيق هذه الغاية؟ ـ نعم نجحت هذه الدار في التعريف، ببعض ثقافة الكورد المتنوعة. أنا فخور بهذا، غير أني أكرر، بأنه لا توجد أموال، منذ الشهر الثامن أو التاسع من السنة الماضية؛ وأنا أعاني والدائرة تعاني من هذا.
* لقد انشطر ما سلف من حياتكم بين العطاء الابداعي والعطاء الاداري، وكما تعملون فإن الجانب الاداري غالباً ما يكون على حساب الجانب الابداعي... هل تتمنى أن تتفرغ من جديد للعمل الابداعي؟ ـ نعم، أشعر بعض الأحيان بالندم الشديد؛ لأنني غادرت الجامعة. في العمل الجامعي حياتنا علمية خالصة. الحياة مع الطلاب ومع المحاضرة والبحث، لا تضاهيها حياة أخرى. إنها حياة خالية من الكذب والتلفيق والوشاية، حتى الاختلاف يكون أمراً مهماً ومجدياً. في الاختلاف تقدم واكتمال وصواب، ونتائج مشرفة شخصياً ووطنياً. لقد بذلت الحد الأقصى من الجهد ومن العمل النوعي. لا أذكر بأنني تغيبت يوماً عن عملي، حتى في أقصى الظروف. أتذكر تلك الأيام والشكر لله على أنني ما زلت حياً، وسأواصل جهدي وعملي في أي مؤسسة أعمل فيها رغم ظروفي الصحية.
* كلمة أخيرة تودون نقلها عبرنا إلى القرّاء والمتابعين؟ ـ أتمنى العافية للعراق، أتمنى الخير للجميع، وأتمنى من البعض أن يفهمني أكثر. إن مديراً عاماً لا يعمل بوصفه مربياً؛ سيضطر إلى إعادة أوراقه من جديد، عادلاً ومربياً، مهما تكن الأمور، عليه أن يعمل بموجب القانون. ختاماً أتمنى أن أرى رواية (المخبر السرّي) فيلماً سينمائياً؛ إنها تصلح لذلك، لو توفر لها كاتب سيناريو بارع. هذا العام برز روائي عراقي هو كاتب هذه الرواية( المخبر السرّي). سعيد أنا جداً بنهضة الثقافة العراقية، لقد حصل السعداوي على جائزة البوكر، وهذا يسعدني شخصياً، جعلني أشعر بالفخر، لقد بدأ عصر نهضة الرواية العراقية منذ حين، كما أن اتجاهات الشعر بدأت تتخذ مسارات وتقنيات أخرى. كنا لا نستطيع عد الشعراء العراقيين، الآن صرنا لا نستطيع اللحاق بالإنتاج الثقافي العراقي، ويبقى اتحاد الأدباء مناراً للثقافة العراقية الحرة. صار الكتاب العراقي يقرأ ويطبع في بيروت وعمان وفي الإمارات وفي لندن وفي القاهرة. الفن التشكيلي يستعيد هيبته وتطوره. ماذا أريد، هذه هي سعادتي الشخصية!
#سالم_بخشي_المندلاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حوار مع مدير دار الثقافة والنشر الكوردية الدكتور شفيق المهدي
-
اطلاق منحة الطلاب الشهرية لأسباب انتخابية
-
ظاهرة تعدد النقابات الصحفية في العراق (تحقيق صحفي)
-
عندما تقود جدتي سيارة في بغداد
-
إعلان الحرب على السينما و المسرح
-
حوار مع رئيس الجمعية العراقية للدفاع عن الصحفيين العراقيين ا
...
-
من يكذب على من ؟!
-
آخر الصناعات الصينية... مقالات عربية!
-
لا تهملوا نملتكم النشيطة !
المزيد.....
-
أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد
...
-
الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين
...
-
-لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
-
انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|