أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عادل صوما - ما المانع أن يكون مسلماً كاهنا؟!















المزيد.....

ما المانع أن يكون مسلماً كاهنا؟!


عادل صوما

الحوار المتمدن-العدد: 6008 - 2018 / 9 / 29 - 09:50
المحور: كتابات ساخرة
    


الحزب المسيحي الديموقراطي الذي ترأسه المستشارة الألمانية ميركل هو الأقوى في ألمانيا، وحليف الاتحاد الاجتماعي المسيحي البافاري منذ عقود في الانتخابات والحكم، وقام الحزب المسيحي الديموقراطي بتعيين كونراد أديناور كأول مستشار ألماني للجمهورية الاتحادية، وأدى منذ تأسيسه سنة 1945 إلى طبع المنهج السياسي في ألمانيا ببصمته، وحصل خمسة من اعضائه على منصب مستشار ألمانيا، وهو عدد كبير نسبة إلى ثمانية مستشارين حكموا ألمانيا.
الهدف الأعظم
من هذه المعلومة يمكن فهم طموح مصطفى العمار السياسي الألماني من أصول عراقية، فالرجل ليس مجرد سياسي بل هو واحد من ممثلي عمق النفوذ الذي تملكه جماعة الإخوان المسلمين في أوروبا، بعد مرور ثلاثة أجيال تقريباً على حضور الرعيل الأول من سفرائها إلى بلدان القارة، وهو ممثل تيار يموّل مهمته ومهمة من يشابهه في المجتمع الألماني والأوروبي، واختاروا بدقة العمل في مؤسسات تشكيل الرأي العام ومؤسسات الضغط والاحزاب السياسية.
بدأ مصطفى العمار بالتحضير للترشح في الانتخابات النيابية عن الحزب المسيحي الديموقراطي ممثلاً لولاية بادن فوتنبيرغ في انتخابات 2021، واختياره للحزب المسيحي الديموقراطي له معان ورموز لا تخفى على أحد، والتقى ميركل خلال حفل عشاء للحزب، وحدثها عن طموحه وقال إنها قدمت له دعمها الكامل. وإذا نجح عمار ودخل البرلمان فسيكون الطريق امامه مفتوحا ليفوز بمنصب مستشار ألمانيا يوما ما بفضل الديموقراطية الغربية، وفقه ملكية المسلم لأي أرض يطأها وتتيح له أن يجرؤ ويتقدم لرئاسة حزب مسيحي لأول مرة في التاريخ.
الفكر مستحيلة في دول الشرق الاوسط، فحزب النور في مصر على سبيل المثال يستحيل أن يقبل مسيحي مصري مجرد عضو فيه، وكذلك حزب العدالة والتنمية في أي بلد، وحزب الله لا مسيحي واحدا فيه. والفكرة غير منطقية في باقي دول العالم، فمهما بلغ إنفتاح مصطفي العمار العقلي، كما يشيع الاخوان المسلمون عن أنفسهم، هناك ثوابت يستحيل أن يتجاوزها مستشار ألمانيا المُسلِم المُرتقب، فرغم تنظيم العلاقة بين الدين والدولة في الغرب بشكل عام، يجسد الحزب الديموقراطي المسيحي الألماني تأثير الدين المسيحي على السياسية الألمانية، في ظل عودة الخلاف الحاد حول الإشارة إلى الجذور المسيحية لأوروبا، بعد الرفض الشعبي الواضح لأسلمة أوروبا وليس رفض وجود المسلمين، فأوروبا استقدمت المسلمين فقط لتلبية حاجتها إلى العمال، ونسبة المسيحيين المهاجرين الشرعيين غير المُستقدمين إلى أوروبا لا تتجاوز 2% من اعداد المهاجرين.
هل يؤمن مصطفى عمار بتأثير الدين المسيحي على السياسة الألمانية؟ هل يؤمن بالقيم المسيحية التي بُنيت عليها أوروبا؟ إذا كان جوابه نعم، فهو منافق يناقض إيمانه بآيات القرآن نفسها، فالدين عند الله هو الاسلام ويجب أن ينتصر على الدين كله، والسعي إلى إقامة الخلافة الاسلامية موروث إسلامي لا وجود بتاتا لدولة مدنية فيه، ومن ثمة يجب أن يتحول التأثير الثقافي المسيحي إلى مظلة ثقافية إسلامية في ألمانيا وغيرها. تماما كما حدث لحضارات وثقافات ولغات الشرق الاوسط الأصلية التي اختفت.
هل يؤمن مصطفى عمار بالعلمانية؟ إذا كان جوابه نعم، فهو منافق أيضا لأن العلمانية والدولة المدنية والدساتير والقاتون الوضعي وحرية المعتقد والتعددية لا تتفق مع الإسلام، كما انه يستحيل على إنسان مسلم علماني أن يحظى بالتمويل المالي المتشدد في أوروبا للوصول إلى هكذا منصب، لأن الدعم والتمويل يذهبان بدون مواربة أو كذب لصاحب أجندة أخونة أوروبا بحلول سنة 2030 كما قال ولي العهد السعودي نفسه لمجلة "تايم".
القيّم المُغيبة
الدستور الألماني لا يشير إلى الدين لكن تأثير قيم المسيحية حاضر، كما يُقال، من خلال الحزب الديموقراطي المسيحي الذي يمثل التيار المحافظ في الطيف السياسي الألماني، رغم أن الخلاف بين الدول الأوروبية حول الإشارة إلى الجذور المسيحية/اليهودية لأوروبا يُظهر صعوبة التوصل إلى صيغة مشتركة لآلية فصل الدين عن الدولة، لأن الدول الأوروبية التي تعيش فيها أغلبية كاثوليكية مثل بولندا وإيطاليا ومعها أحزاب المعارضة المسيحية مثل الحزب الديموقراطي المسيحي في ألمانيا، تصّرعلى الإشارة إلى الدين المسيحي كجزء لا يتجزأ من الهوية الأوروبية، فأين يقع مصطفي العمار من الاعراب في هذه الفقرة؟
هل يمكن أن يتبنى مصطفى العمار هذه النظرية ويدافع عن تعددية أوروبا وانفتاحها وعلمانيتها وقيم المسيحية كجزء من هويتها؟ الامر غير منطقي.
إذا كانت أوروبا لا تريد الدفاع عن المسيحية وهذا حق مشروع، فلماذا لا تدافع عن قيمها وثقافاتها ولغاتها وعلومها وفلسفاتها والمجتمع المدني، ولماذا يُنعت من ينادي بالدفاع عن هذه الامور العلمانية بالنازيين الجدد أو الشعبويين؟
المرجح هو المزايدات التي إنتشرت بواسطة المال الحلال والبنوك التي لا تعمل بالربا التي سيطرت على مؤسسات تشكيل الرأي العام بشكل كبير جدا.
السياسة والدين
الدستور الألماني المعادي للفاشية والقائم علي ضمان الحرية والديموقراطية يرى دور الديانة المسيحية كمرجعية قيمية وأخلاقية (رغم أن ما هو موجود في الواقع عكس ذلك تماما ولا يمثل حتى جرأة المسيح في قول لا لقيصر) إلا أنه يرفض التدخل المباشر للمؤسسات الدينية في العملية السياسية الألمانية (وهو أمر موجود). ولكن ذلك لا يعني أن تأثير الدين المسيحي، الكاثوليكي والبروتستناتي، غير المباشر على السياسة الألمانية لا يمر عبر الدور الذي يلعبه الدين في عملية اتخاذ القرار السياسي.
يُقال أن ممثلي الكنائس يحاولون من داخل المنظومة الحزبية اقناع الأحزاب القريبة منهم فكرياً وسياسياً بتبني تصوارتهم، لأن الدستور الألماني يضمن للأحزاب السياسية الأولوية العليا في "صياغة إرادة الشعب". كما أنه يمكن للقوى الدينية كونها جزءاً من قوى المجتمع المدني التأثير على الرأي العام ودفعه إلى تأييد موقف معين ما يضمن لهذه القوى تأثيراً فاعلاً على العملية السياسية الديموقراطية، لكن هذا الدور يظل إستشاريا معنويا غير مُلزم .
ترهل وقصور
الحزب الديموقراطي المسيحي الذي يطمح مصطفى العمار أن يترأسه "يملك مفهوماً سياسياً قائماً على الديانة والقيم المسيحية وعلى مسؤولية الفرد أمام الله"، ويشدد في مقدمة قانونه الأساسي على أنه حزب ديموقراطي ليبرالي محافظ يلتزم بجذور أوروبا التاريخية، ورغم ذلك تبني الحزب سياسيات تتناقض كلياً مع "القيم المسيحية" مثل استخدام تقنية استنساخ الأجنة التي ترفضها الكنائس، والبرنامج الاقتصادي الذي لا يراعي واجب مد يد العون إلى الفقراء وفقاً للمسيح نفسه، ويراعي بدلا منه بدافع إنساني مد يد العون للمهاجرين غير الشرعيين ومنهم مطلوبين أمام العدالة، وأيد موقف الولايات المتحدة الأميركية في حربها على العراق وهذا مناف للقيم المسيحية التي تؤمن بالسلام والمحبة.
الجدل داخل الحزب الديموقراطي المسيحي الذي تتزعمه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بين مؤيدي قبول انتماء المسلمين إليه والمعارضين، يصور بدون مواربة الترهل المنطقي واللامعقولية وقصور النظر في ألمانيا وأوروبا بشكل عام اليوم، والتأثير الكبير للتشدد الذي بدأ فعلا يوجه مؤسسات تشكيل الرأي العام من وراء الكواليس.
درس الوطنية
ما يسترعي النظر هو تنافر البروتستانت والكاثوليك والارثوذكس في أوروبا، وإنفتاحهم على قبول إخواني صاحب طموح لرئاسة حزب مسيحي. نظرتهم المرتابة في مسيحي بملامح شرق أوسطية يذهب إلى كنائسهم للصلاة، وترحيبهم بمؤسسات متشددة بسبب إنفتاحهم. لذلك كان طبيعيا من رجل تدعمه مؤسسة تدرس وتموّل وتخطط وتسخى بالأموال لطمس ثقافات وعلمانية هذه هذه القارة التي بدأت تتخبط لفقدان أية إيديولوجية قوية تجمعها، أن ينزعج من تصريحات فيرونيكا بالمان، العضو في البرلمان عن ولاية ساكسونيا في الحزب المسيحي الديموقراطي، عندما قالت إن المسلمين لا ينتمون للحزب المسيحي الديموقراطي.
قال مصطفى العمار في اتصال مع صحيفة سعودية إن أقوال بالمان لا تمثل وجهة نظر الحزب، وأعطى فيرونيكا درسا في الوطنية الألمانية حين قال للصحيفة نفسها: "إذا كانت تنظر بهذه النظرة العنصرية فهي ليست في البلد الصحيح"، لكن حرارة ألمانيته خانته حين قال: "كيف سأقنع الألمان من أصول مهاجرة والمسلمين منهم بالتصويت للحزب ولي إذا كان في الحزب نَفَس عنصري؟".
نسى العمار أن الألمان العلمانيين لا يصوتون لدين نائب بل لبرنامجه.
عنوان المقال يمكن ببساطة أن يكون السؤال الذي ستتجادل أوروبا حوله بعد عشر سنوات، لو رشح مسلم دارس للديانة المسيحية نفسه ليكون كاهنا، والمرجح طالما كانت عقلية التخبط تحكم أن تكون الاجابة: ولما لا، ما زال الرجل يبغي إصلاح ديننا وشأن دنيانا؟



#عادل_صوما (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الملاك الذي طار من البلكون
- كتاب -امام العرش مرة أخرى-
- الخطر ليس في تآكل الديموقراطية بل زوال التنوير
- نظرية الثقب الاسود الدينية
- مانديلا: وقائع وراء الاسطورة
- العقوبات بأثر رجعي ومفعول ابدي
- الدعوات لم تشفع لخير الفرق
- -عوالم خفية- وراء صناعة الفساد
- ولهم في علمانية أوروبا مآرب أخرى
- إقامة جهادي وترانزيت طفل
- دموع محي إسماعيل
- مطربة ورسالة وبتر ثقافي
- ساعة محمد رشدي وربابته
- مستقبل مملكة ومصير قارة
- قدِّس اسطورتك واحترم اساطير الاخرين
- اليوم العالمي للمواطنة
- عذاب القبر/الجزء الثاني
- عذاب القبر/الجزء الاول
- رسائل مبطنّة في الاغاني الجريئة
- أعمق من الجيم القاهرية


المزيد.....




- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...
- -هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ ...
- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عادل صوما - ما المانع أن يكون مسلماً كاهنا؟!