أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سمر المحمود - لا هندباء في أمريكا














المزيد.....

لا هندباء في أمريكا


سمر المحمود

الحوار المتمدن-العدد: 6004 - 2018 / 9 / 25 - 00:41
المحور: كتابات ساخرة
    


حكي عن أمريكا أنها بلد الحرية وأنها جسدتها بتمثال لسيدة تحررت من قيود الاستبداد وألقتها عند قدميها، والتي ستظل لأبد ما طالما تحيا أمريكا تمسك مشعلا يرمز إلى الحرية، لكن أم كفاح لم تفهم شيئا من هذا الهزر حين تصايح أبناؤها: يجب أن نهرب من هنا، لقد وصلنا إلى قاع الهاوية والحرب التهمت كل ما فينا ومازلنا نتكلم .. اللعنة على الكلام .. لن ينشلنا من بؤسنا
- سنهرب عبر البحر
- يمكننا الاستعانة بأقربائنا هناك لابد ونجد طريق للسفر
- وقالت الصبية: أشكر الله أنني تعلمت السباحة مبكرا
ولما ساد الهدوء كانت أم كفاح تمسك بالمجرفة وترفش التربة بعصبية بينما تتمتم: لن أترك الجنينة
وفي يوم وصلت قذائف الحرب حتى اقتلعت الأخضر واليابس غادروا المنزل والبلاد ولم يكن لأي حجة أن تقنع أم كفاح بالهرب لكن الشظية التي أصابتها جعلت الدم يتدفق من رأسها وحين يصبح له هذه الرائحة الكريهة فلا شيء يقبل التفاوض
وتعاقبت الأيام في أمريكا وملت أم كفاح من الطعام المهروس والمشوي اشتاقت لنعنع جنينتها والبقدونس الطري الأخضر اليانع للهندباء حين كانت تطبخها مع الزيت والثوم
وإذ ألحت عليها تلك الرغبة تناولت سكينا من المطبخ وخرجت جوار المنزل تتفحص الحشائش الخضراء
لتفاجأ بثلاثة رجال من الشرطة لم تعرف متى وكيف ظهروا بوجوه ارتسمت عليها ملامح الهلع والجدية وشرعوا يكلمونها لكنها لم تتعلم الإنكليزية قط وقد ارتبكت حين رأتهم يحيطون بها ، ويهاجمونها بضربة مباغتة من مسدس غريب نزل على صدرها كصاعقة مزقته .. هكذا شعرت، وجع يشبه ما فعلته تلك الشظية ورائحتها ولكن لم يكن هناك دم وغابت عن وعيها

استيقظت أم كفاح في المستشفى يحيط بها أبنائها .. حيث تبين في مركز الشرطة أنها أصيبت بجروح طفيفة بعدما صعقها رجال الشرطة بمسدس الصعق الكهربائي وعلى أثرها تم نقلها للعلاج في المستشفى
كانت ابنتها الصبية تتلمس يديها باكية :
- لقد ادعوا أنها ببحثها عن الهندباء سببت حالة من الهلع وخطرا على المجتمع
- سأقاضيهم
- يقول قائد الشرطة أنهم طلبوا منها أن تضع السكين أرضا (بدى أنها لم تفهم ما طلبناه او أنها تعاني مشكلة عقلية ).. الجبناء
- لم يحدث أحدا أمي عن مسدسات الصعق الكهربائي ولا عن Taser كيف لها أن تعرفهم أصلا
- سنقاضيهم
- أن جهلها بالقوانين الأميركية وحملها للسكين لقطف الهندباء كما جرت العادة في بلدنا يوحيان أنها قادمة جديدة لبلاد العم سام .. سمعتهم يتحدثون في التلفاز .. كيف لأمنا أن تعرف أن قطف الهندباء ....

هذا الحدث البسيط وصل لبعض وكالات الأنباء ما جعل قائد الشرطة
يوجه خطبة مقتضبة للرأي العام ليختمها بانفعالية مبطنة بالتوسل: أمامكم شخص يمشي باتجاهكم حاملا سكينا وتأمرونه بالتوقف فلا يأبه، ماهي الاحتمالات في مواجهة خطر كالموت لو خيرتم؟ هذا ما قرره عنصر من الشرطة مستخدما Taser بدلا من القوة القاتلة ،
الشفقة التي أخذتنا بتلك المرأة المسنة لم تردعنا عن القيام بواجبنا
وكان الرأي العام الذي أصيب بعدوى الشفقة على المواطنة الجديدة المسنة أم كفاح جعلتهم يغفرون لها حملها السكين وتهديدها للأمن العام، قدموا الشكر لتفاني عناصر الشرطة شاعرين بالامتنان لعدم استخدامهم العنف والتيزر Taserعوضا عنه واتجه بعض المتعاطفين يحملون الأزهار لأم كفاح التي مازالت غارقة في حزنها وتمنت أن تشكرهم للطفهم، بحثت عن صوتها لم تجده بأي لغة كانت حتى لغتها الأم المبحوحة، ثم غرقت بالنوم وفي المنام رفعت رأسها للأعلى لترى التمثال الضخم للسيدة الحرية تمسك باقة كبيرة منوعة من النعنع والهندباء والبقدونس



#سمر_المحمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرية باذخة
- ماهو إلا .. خريف
- أنواء
- أنا وأنا
- مشروع ميت
- كرسي مصاب بالزهايمر
- عبوس
- أصغر من سؤال
- هناك دائما طفل ..هناك
- لاجئين
- مرة واحدة
- طبخة موروثة
- الريح العازبة
- رتابة مألوفة
- شرٌّ تبرَّج بمحبَّة إله
- خلفاء التاريخ
- بوصلة
- أرضنا وسماؤنا
- مُرَاهَقة
- نضج


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سمر المحمود - لا هندباء في أمريكا