أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - اغتصاب جثة!














المزيد.....


اغتصاب جثة!


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 6001 - 2018 / 9 / 22 - 22:46
المحور: الادب والفن
    


حينما يمد الليل جناحيه على تلك المقبرة، تصبح المقبرة موحشة جدا، لا يخوض غمارها اشجع الشجعان، الا من اعتاد العمل المستمر فيها وامتهن مهنة دفن الموتى. فعادة دفانو الموتى تكون قلوبهم ميتة كموت الحجر الاصم في قلب الصحراء، ذلك لكثرة ترددهم على هذه الاماكن الموحشة، المخيفة، فهم عندما يدخلونها حتى في الساعات المتأخرة من الليل، فالوقت لديهم كأنه النهار بعينه، خصوصا وأن هناك حالات كثيرة تصادفهم، اذ احيانا تجيئهم جثث لا يمكن تأجيلها الى الصباح الباكر، فيضطرون الى دفنها وقت مجيئها.
في تلك المقبرة تحدث كثير من الجرائم، الجرائم البشعة، التي قد لا يصدقها انسان عاقل، مثل جرائم القتل لثارات أو لغرض التسليب أو لغرض عداوات شخصية، واحيانا تحدث عمليات اغتصاب، اغتصاب فتيات اطفال ولدان، وياما قبضت الشرطة على اناس متلبسين في جرائم اغتصاب وقتل في هذه الاماكن النائية، المرعبة، واحيلت اوراقهم الى الجهات المختصة، لأخذ جزائهم العادل، لكن هل تلك العقوبات حدّت من تلك الجرائم؟، كلا، ففي كل يوم وكل اسبوع نسمع من خلال احاديث الناس القريبين من المقبرة يسردون قصص وحكايات تقشعر من هولها الابدان.
المقبرة حينما يجن الليل يخيم السكون المطبق عليها تماما، خصوصا ايام الشتاء القارص، شديد البرودة والحلكة، اذ تتحوّل تلك المقبرة الى مكان مرعب جدا، حيث لا تسمع أي دبيب ولا موسيقى ارجع انسان تعزف خطواته الحان متكسرة من شدة الرعب. حتى سكان المقبرة، أعني الموتى، فهم ينامون في تلك الساعات بعمق، واكثر هدوءاً واطمئنان، فلا يكاد يشعرون هل اتى نزيلا هذه الساعة وحل جارا عزيزا عليهم ليكسر حواجز المسافة ما بين قبر وآخر؟. بل ينامون مطمئني البال لا تزعجهم تحركان انسان لا زال يقفز على سلم الحياة كبطل افلام سينمائية، ولا يعلم متى تحين ساعة نزوله الى هذه الاماكن ليتخذها الوطر الاخير، والمحطة النهائية.
يذكر الاهالي الساكنين بقرب هذه المقبرة، أن تاريخ هذه المقبرة يعود الى مئات السنين، ولا يستطيع احد أن يحصي عدد النزلاء فيها، فعددهم يقدرّ بالملايين كما يذكر الاهالي، فمساحة المقبرة واسعة ومترامية الاطراف، ولا تخلو ساعة من الساعات وعلى مدار الايام والسنوات، الا ويأتي نزيلا جديدا ومعه وفد من اقاربه وذويه، ليبنوا له منزلا يأويه ثم يغادرون المكان كأنهم لم يفعلوا شيئا. والنزلاء عادة ما يكونون بمختلف الاعمار، ومن كلا الجنسين، رجال نساء، اطفال فتيات، شيوخ كبار السن، شباب بعمر الزهور، اذ أن الموت لا يميز الكبير عن الصغير، الرجال من النساء، الشباب من الشيوخ، الفقير من الغني، الملوك من السوقة، فكلهم عنده سواسية كأسنان المشط.
في ساعة من سعات النهار الربيعية، جاء مجموعة من الناس، رجال ونساء، وعدد من الاطفال وهم يحملون جنازة على اكتافهم. النساء يبكين والرجال يولولون، وعلامات الحزن ظاهرة على وجوه الجميع. الجنازة كانت لفتاة ماتت في اول ساعات النهار أثر سكتة قلبية مفاجئة.
استقبلهم دفان الموتى بصحبة مساعده.. اخذا منهم الجنازة، وتوجها بها الى المسكن الجديد، لتحل ضيفاً مرحب به على اولئك السكان.. حفر الدفان القبر على مقاس تلك الجنازة، وبعون من مساعده وضعها في الحفرة بهدوء، ثم اهال التراب عليها.. وغادر الجميع المكان يخيم عليهم الصمت كأن على رأسهم الطير.
في ساعة متأخرة من الليل، خطر للدفان فكرة جنونية، شيطانية، بل قد لا تخطر على بال الشيطان نفسه، وهي أن يستخرج الفتاة فيغتصبها، بعد أن علم انها لا زالت فتاة ولم تفتض بكارتها بعد... توجه الى المقبرة مع مساعده، وهما يخطوان كخطى اللصوص، ازاح التراب واستخرج الجنازة، فتح الكفن من جهة الرأس وكشف عن وجهها، كان وجهها مشرقاً وملامحها تدل على نضوج، لأنها كانت في مقتبل العمر، وكأنها نائمة لم تمت.. مزق الكفن بحربة كانت معه، وفرج ارجلها، فرأى ذلك الكنز الذي غامر بضميره الميت من اجله، وتنازل عن انسانيته المريضة كي يحظى به، فسلّ سيفة الجائع وراح يطعن ذلك الكنز طعنات جنونية متتالية.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(8)
- تحقيق بجريمة لم تحدث!
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(7)
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(6)
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(5)
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(4)
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(3)
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(2)
- دعوة لكتابة تاريخ العراق الراهن
- الرصافي و(كتاب الشخصية المحمدية)(1)
- أصابع الاسئلة – نص
- ظاهرة استفحلت اسمها- الشعر الشعبي-
- محاولة في تعريف المثقف
- ابن رشد و خلطه الاوراق(3)
- ابن رشد و خلطه الاوراق(2)
- ابن رشد و خلطه الاوراق(1)
- أي جرائم ارتكب هؤلاء الاوباش؟
- لماذا التفلسف
- الافستا- كتاب الزرادشتية المنزّل(4)
- الوحي بين زرادشت وبين النبي محمد(3)


المزيد.....




- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...
- “تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش ...
- بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو ...
- سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - اغتصاب جثة!