أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين التميمي - ثلاثة قتلى - قصة قصيرة














المزيد.....


ثلاثة قتلى - قصة قصيرة


حسين التميمي

الحوار المتمدن-العدد: 1509 - 2006 / 4 / 3 - 10:56
المحور: الادب والفن
    


فيروز تنشد .. (طلعنا على الضو طلعنا على الريح طلعنا على الشمس طلعنا على الحرية) الصوت انساب الينا من علب اربع زرعت في بطانة الابواب المعدنية ، الرجل على يساري صالب ساعديه فالتصقا مع جبهته بالمقود . خيل لي بأن ثمة دموع ستنساب على الجلد الذي حفرت عليه ماركة عالمية واختبأ تحته زر المنبه ، ولشدة ولعي بالتقنيات شط بي الخيال لأرى تلك الدموع المالحة وهي تنساب بين ملامسات المنبه لتغلق الدائرة فينطلق الصوت بشكل مغاير مترجما تلك الدموع بكاء صائتا . انسابت يدي برفق لتلامس كتف صاحبي ، وعلى الرغم من أنها لم تكتشف أي اختضاض داخلي يمكن تحسسه أو قراءته بطريقة ما ، إلا ان حرارة الجسد كانت تشي بتفاعلات قاسية تحدث في الداخل .. لم ارغب كثيرا تقمص او اتخاذ دور مخفف الصدمات في مقدمة ومؤخرة العربة . الأمر بدا لي غاية في السخف ، فأنا ايضا تختض في داخلي أشياء وأشياء وأحتاج بشدة لمن يهون عليّ جراحاتي التي لا تريد أن تندمل لكنها ترفض أي يد حانية (ربما لأنها لم تحظ بمثل هذه اليد) لذا انسحبت يدي بشكل مفاجيء تنبه له صاحبي فنظر ناحيتي ، لم تنقل له ملامحي المحايدة أي فكرة . لكن ادرت نظري يسارا الى النافذة ، وقذفت بعدد هائل من الجمل لم أكن قادرا على احصائها أو السيطرة على مسار تدفقها : صديقنا لم يمت .. واجبه .. الصحافة .. نقاء سريرته .. الطلقات الغادرة .. الارهاب .. الارعاب . الموت .. كان ينقل الأخبار .. صار موته خبر .. العراق .. بهرز .. مجلس متكلس .. عيناه الخجولتان .. رؤى .. دموع .. نحن أيضا .. طلقات الغدر .. لو أبصرت عيناك .. أظنها .. لا أظنها .. تعتذر .. الكلمة في مرمى القناصة .
شعرت بمدى جنون كلماتي من نظرات الذعر التي حلت في وجه صاحبي ، حاول أن يتكلم لكن يبدو أن ريقه قد يبس ، حدقت في عينيه مستفهما ، ومستغربا ان تكون كلماتي قد ارعبته الى هذا الحد ، لكنه وبعناء شديد استطاع ان يرفع يده ليشير بسبابته الى يميني حيث النافذة ، تابعت خط الاشارة ، فانتقل الرعب إلي ، ، فتى كث الشعر غريب الهندام ، توقف على بعد امتار قليلة من سيارتنا وراح ينظر الينا وهو يضع يده اليمنى داخل قميصه القطني الرمادي المتسخ . في تلك اللحظة توقف الزمن بالنسبة لي وبرزت في مخيلتي لحظة اغتيال زميلنا ، تلك اللحظة التي لم اشهدها صارت قاب قوسين منا او أدنى ، وكما يعاد المشهد السينمائي بشكل بطيء رأيت اليد وهي تتحرك بشكل بطيء خلف القميص متلمسة جسما ما اختبأ تحتها ، وفي تلك الأجزاء من الثانية احسست بشكل واضح وجلي بأن الحياة برمتها قد تحولت الى دعابة سمجة ، وبلامنطق ، ظهرت امامي صورة جبل من الطموحات والاعمال التي ينتظر مني ان انجزها فيما تبقى لي من العمر ، وصورة أسرة تشتمل على أم وثلاثة أبناء وبنت بينما الأب متوار .. غير موجود .. مختف .. ماءت .. ثمة فوهة معدنية ستطل علي من تحت ذلك القميص لتحيل هذا الجبل الى كومة رماد تكفي لملئ علبة ثقاب !! الثواني تكسرت تهشمت ومع تهشمها ودورانها الاعصاري الى الأعلى تضببت الرؤية والرؤيا ، ثم خفقت الأجنحة البيض ............. لم اصح الا على دوي قهقات صاحبي وهو يطلق ضحكات معدنية بلهاء ويصرخ : ألم أقل لك انه مجرد طير .. أطلقه الفتى !!



#حسين_التميمي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيء من نار ..نص وقراءة
- لجان مشبوهة
- انفلونزا الفساد الاداري
- في التربية والتعليم
- يوم كأنه العراق .. يوم هو العراق
- مؤيد نعمة.. فنان الشعب .. لن نقول وداعا
- قطعة لحم ... بشرية
- لجان مشبوهة هدفها إدامة الفساد الإداري
- هل يعنيهم الدستور .. حقا !!
- أبو المعالي .. رجل قلّ نظيره
- أرض عراقية صالحة ل .. .زراعة أحلامنا
- الأحلام المزاحة
- فصام
- عراق من ؟ أو أبوة الدكتاتور القسرية وتأثيراتها في حاضرنا
- مفسدو الحلم الجديد
- أيها الجعفري ضع الخطة الأمنية جانبا
- شهداء تحت الطلب


المزيد.....




- ليلى علوي تخطف الأضواء بالرقص والغناء في حفل نانسي بالقاهرة ...
- -شرفة آدم-.. حسين جلعاد يصدر تأملاته في الوجود والأدب
- أسلوب الحكيم.. دراسة في بلاغة القدماء والمحدثين
- الممثل السعودي إبراهيم الحجاج بمسلسل -يوميات رجل عانس- في رم ...
- التشدد في ليبيا.. قمع موسيقى الراب والمهرجانات والرقص!
- التلاعب بالرأي العام - مسرحية ترامبية كلاسيكية
- بيت المدى يؤبن شيخ المخرجين السينمائيين العراقيين محمد شكري ...
- مصر.. الحكم بحبس مخرج شهير شهرين
- مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي بتهم -الاعتداء والسب-
- مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي شهرين لهذا السبب


المزيد.....

- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين التميمي - ثلاثة قتلى - قصة قصيرة