|
بعيداً عن الجد
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 5998 - 2018 / 9 / 19 - 22:24
المحور:
كتابات ساخرة
كُنتُ جالساً في رُكنٍ قَصي من حديقة المقهى ، أتصفحُ مجلةً قديمة ، مُستمتعاً بوحدتي بعيداً عن الصخب .. وإذا بأحدهم يربتُ بِقوةٍ على ظهري مُقهقهاً .. بوغِتُ وإلتفتُ إليهِ ، فإذا هو رجلٌ مُعّمَم وبلحيةٍ مُشّذَبة .. سألتهُ مُستنكراً : مَنْ أنتَ وماذا تُريد ؟ ضربَ الرجلُ كَفاً بِكَف غارِقاً في الضحك .. قال : ألم تعرفني ؟ أنا حمكو ! . إتسعتْ عيناي من الدهشة .. ولما تمعنتُ فيه جيداً وكان قد نزع عمامته وبانتْ صلعته الشهيرة ، تأكدَ لي أنهُ هو بالذات .. حمكو المجنون . قلتُ : ويحك يارجُل .. ماهذا الذي تعتمره وماهذه اللحية وأينَ إختفيتَ طيلة الفترة الماضية ؟ أجابني بتعالٍ مُفتَعَل : كما ترى " ودارَ حول نفسه دورةً كاملة مُستعرِضاً زّيه وعمامته " .. هداني الله .. وحفظتُ العديد من الأحاديث والآيات ، فأنتَ تدري بأنني أعرف اللغة العربية .. وأصبحتُ اُصّلي في الجامع .. ثم ضاحِكاً : بل ان معظم الذين كانوا يلقبونني بحمكو المجنون في السابِق ، باتوا يُنادونني ب مّلا حميد ! . سألته متعجباً : وهل تركتَ أفعالك المجنونة من قبيل ، تكسير الأشياء والصراخ والسباب ؟ إبتسمَ بخباثة وقال : أصدقك القول .. لا أستطيع ترك طبائعي .. لكني وجدتُ حلاً لذلك ، فعندما أحتاج إلى تفريغ إنفعالاتي ، أتوجهُ إلى البيت أو إلى مكانٍ بعيد وخالٍ من الناس ، فأصرخُ على راحتي وأشتمُ مَنْ أشاء وأحطمُ ما يقع تحت يدي .. حتى أهدأ تماماً ! . قُلت : ولماذا بّدلتَ جلدك يارجُل .. ألم تكُن مُرتاحاً مع جنونك ؟ أجاب : إكتشفتُ بأن حياة " المّلا " أكثر سهولة ، وأن الناس يحترمونني بصورةٍ عامة ، بل ان هنالك الكثير من السُذَج ولا سّيما الذين لايعرفوني سابقاً ، يبجلونني ! . المهم .. أنا الآن لا أعمل شيئاً على الإطلاق .. بل مُجّرَد إتقان ترديد بعض الآيات والأحاديث وتقديم نصائح عامة هنا وهناك .. وكُل أموري ماشية ! . سألته بسُخريةٍ واضحة : إذن .. لماذا لم تُكمِل المشوار وتترشح للإنتخابات يا مّلا حمكـــــــــ عفواً حميد ؟ أجابَ بِثقة : ستبقى غشيماً كما يبدو .. فأنتَ تستهزأ بي .. لكن لعلمك ، قدّمتُ فعلاً للترشيح ، فقالوا بأن الأوان قد فات هذهِ المرّة .. لكنهم وعدوني بأن أكون مُرشحهم في الدورة القادمة ! . وهل ان الذين فازوا في إنتخابات مجلس نواب بغداد أحسن مني ؟ أم ان المرشحين الحاليين لبرلمان كردستان أفضل منّي ؟ يارجُل على الأقل أنني أكثر منهم صدقاً .. أحياناً ! . قُلتُ مُماحِكاً : وماذا ستكتُب حينها ، على ملصقاتك الدعائية ، فعادةً يكتب أحدهم أسمه ثم بين قوسَين أسمه الحَركي السابق أو شهرته .. فماذا ستقول أنت : " إنتخبوا مرشحكم ملّا حميد ( حمكو المجنون سابقاً ) " ؟! أجابَ غاضباً : كُنتُ أعتقد بأنك تطورتَ خلال الفترة السابقة وتعلمت شيئاً .. لكن كما يبدو فأنك نفس المُتذمِر وستبقى منبوذاً جالساً وحدك بعيداً عن الناس . قلت : لا تزعل يارجُل .. لكني صريحٌ معك .. كيف تُصّدِق بأنهم سيرشحونك ؟ ان مَنْ تُسميهم الملالي الذين ترشحوا لمجلس نواب بغداد ومرشحي برلمان كردستان ، يمتلكون شهادات عُليا من جامعات ومعاهد دينية وفقهية رصينة ولهم باعٌ طويل في مجال إختصاصهم .. فماذا تملك انت ؟ أنت مُجرّد خريج إعدادية يا رجُل .. وفوق ذلك مجنون ! . أجابَ بعصبية : أنتَ المجنون .. سأدرس الشريعة والقانون أيضاً .. وأحصل على الشهادات خلال بضع سنوات .. وأترشح بعد ذلك غصباً عليك .. وأصبحُ نائباً اُمّثلك شئتَ أمْ أبَيت . عّدلَ هندامه وعمامته وهّمَ بالذهاب .. فقلتُ لهُ : إنتظِر .. إشرب الشاي يارجُل . قال منفعلاً : حتى شايكَ لا أريده ! .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أحاديث نصف عاقِلة
-
إنتخابات برلمان الأقليم 30/9/2018
-
كَرو .. وفرهود
-
مُجّرَد معركة
-
إفعلوها داخل الخَيمة
-
واقِعٌ مُضطَرِب
-
أردوغان ... الزعيم الأوحَد
-
- علي شيش -
-
اللحنُ والكَلِمات
-
وادِيان
-
باي أستاذ
-
بيس ... بيس !
-
شُهداء
-
دِعاية إنتخابِية
-
أثرِياء وسُعداء
-
السياسي .. حينَ يُحّرِك شفتيهِ
-
الخَلاص
-
إسمٌ .. على غَيرِ مُسّمى
-
أوهام
-
لا أؤيِد سياساتِكَ .. لكني لستُ عَدُواً لك
المزيد.....
-
افتتاح التدريب العملي لطلاب الجامعات الروسية الدارسين باللغة
...
-
“فنان” في ألمانيا عمره عامين فقط.. يبيع لوحاته بأكثر من 7500
...
-
-جرأة وفجور- .. فنانة مصرية تهدد بمقاضاة صفحة موثقة على -إكس
...
-
RT العربية توقع مذكرة تعاون في مجال التفاعل الإعلامي مع جمهو
...
-
عاجل | معاريف عن وزير الثقافة الإسرائيلي: نأمل التوصل إلى صف
...
-
نزلها سريعًا!!.. واتساب يُطلق ميزة الترجمة الحية في الدردشة
...
-
أعلان الموسم 2… موعد عرض مسلسل المتوحش الموسم 2 الحلقة 37 عل
...
-
من كام السنادي؟؟ توقعات تنسيق الدبلومات الفنية 2025 للالتحاق
...
-
الغاوون:قصيدة (نصف آخر) الشاعر عادل التوني.مصر.
-
واخيرا.. موعد إعلان مسلسل قيامة عثمان الحلقة 165 الموسم السا
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|