أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زين وآلان: الفصل الثالث 5














المزيد.....

زين وآلان: الفصل الثالث 5


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5996 - 2018 / 9 / 16 - 21:23
المحور: الادب والفن
    


حينَ خطت قدماه فوقَ رخام أرضية مدخل الفيللا، أول مرة عندما جاء مراكش، لم يكن يخطر لذهنه أنّ ميراثاً آخر كان في انتظاره: نساء أخيه الراحل، اللواتي انتمينَ لمشارب مختلفة وجُمع شملهن تحت سماء المدينة الحمراء. ولم يكن ينظر إلى نفسه كشاب لديه مزايا معينة، تؤهله الظهورَ بمظهرَ سلطانٍ يحيطه حريمٌ مجلوبٌ من المشرق والمغرب!
هذا الميراث المفترض، لم يقلل من قيمته ( في نظره بطبيعة الحال ) أنه حصل عليه تقريباً بنفس طريقة استحواذ حصّة أخيه من تركة والدتهما، التي آلت إليها بعد وفاة رجلها. كذلك لم يخفف من شعوره بالخزي والعار، أنه لم يكن كاملاً ذلك الإرث الأخويّ، بل أقتصرَ على " خدّوج " و" تينا ". ولكن ماذا عن " سوسن خانم "؛ عن مرافقتها الأولى، " الشريفة "، المنقلبة إلى لغز عصيّ على أثر هجرها من لدُن زوجها، " فرهاد "، قبل ما يزيد عن ثلاثة أعوام؟
مضت أشهر على استقرار " سيامند " في مراكش، دونَ أن يتمكن من اختراق عزلة السيّدة السورية وهيَ في مقر إقامتها وأعمالها، الأشبه بقلعة حصينة. ذلك كان لسبب بسيط، متمثل بتجاهل كل منهما وجودَ الآخر. ولا كذلك أمرُه مع مرافقتها، مع امرأة أخيه. وكانَ قد حاول مراراً حلّ لغز هذه المرأة الغامضة، مذ لحظة مصادفتها في البار، إلى أن سَئمَ تماماً من المحاولة. وكان سعيداً أيضاً، كونها لم تعُد تعترض طريقه ـ كما في كل مرةٍ، على هيئة شبحٍ ذي شعر أصفر مصبوغ، محشور جسده المكتنز في ثوب أحمر برّاق.
وماذا بشأن " غزلان "، المتعهّدة أداءَ حركات إغواء أمامه في مطبخ الفيللا؟ الحال فليست المرة الأولى، ينحو فيها تصرف كنّة الأسرة إلى الاستهتار والطيش حتى في حضور رجلها. كان " سيامند " لا يشك أبداً بكونها لم تعدُ عن حركات عابثة، وأنّ ابنة حميها مَن حرّضتها الليلة على إتيانها لسبب يعرفه حق المعرفة. تماماً مثلما سبقَ وعرفَ على لسان هذه الأخيرة بالذات، كيفَ تسببت " غزلان " لأخيه بورطة كادت تكلّفه حياته. إنّ " سيامند " يتذكّر الحكاية، كما روتها الفتاة بتفاصيلها المثيرة؛ بطريقة كلامها، الطريفة والمكشوفة في آنٍ معاً.

***
" غني "، ابن أختها غير الشقيقة ويماثلها تقريباً بالسنّ، كان يعمل في مراكش مع أبيه بصنعة زخرفة العمارات القديمة ( الرياضات ). كون الفتى يُشارك " غزلان " في موهبة الرسم، فإن علاقتهما كانت متميزة، تتجاوز القرابة. نظرَ الآخرون، ولا غرو، ببراءة إلى علاقة شاب بامرأة خاله. ولم يكونوا ليتصوروا أيّ شُبهة، مع كل ما في هذه الأخيرة من حركات طيش واستهتار. الحال أنهم دأبوا على أن يتابعوا في قلق وسخط فمَ الشاب، المتفوّه بمواقف سياسية تتسم بالتطرف، متجاهلين ما كانت تلك الحركات تثيره في موضع آخر من جسده.
ولعله وقفَ مُحرجاً من انتصابه، لما تعيّنَ عليه ذات يوم أن يسلّم على الشاب السوريّ، الذي استضافته وشقيقته أسرةُ جدّه لأمه. كل من رأى " فرهاد " لأول مرة، كان يؤخذ بما في هيئته من سحر غريب. بله فتاة في أعوام مراهقتها، المهدورة مع بعلٍ في ضعف عُمرها، وفوق ذلك، حريص شحيح. وبالطبع، فالأمر لم يفُت ابن أخت زوجها؛ هوَ من كان قد خَبِرَ جيداً ما تعنيه حركاتها، المجنونة المثيرة. ولكن " غني " كان ودوداً في مبتدأ تعرفه بالضيف، بالأخص لما جمعهما من آراء سياسية وفكرية. بل لقد عمدَ أكثر من مرة إلى الدفاع عنه أثناء غيابه في جولاتٍ يومية بالمدينة القديمة، معتبراً أنها تشي بالتفكير والهم لا الميل إلى الكسل والبطالة.
فجأة، وعلى حين غرّة، صارَ " فرهاد " عدواً بعينيّ الآخر. فعمد لتأثر خطواته في دروب المدينة، وفي جيب جلابته خنجرٌ مسنون. بقيَ يتبعه لفترة أسبوعين، وكان متردداً ضائعاً، فيما الغيرة ملتهمة عقله. لم تكن تنقصه الشجاعة، طالما أنّ اليأسَ وقودها. ثم إذا بالإشكال يزول من تلقاء ذاته، مثلما يفعل الريحُ بالسحاب في سماء مراكش. ذلك التحوّل، جرى على أثر فض حفل قران الخالة الصغيرة بفضيحة تخللها أصوات اتهام. وكان الأعلى بينها ليلتئذٍ هوَ صوتُ العريس العراقيّ، الموحي بشكه في وجود علاقة بين " خدّوج " وضيف الأسرة. على أنّ من نتائج هذا الحادث، الجانبية، أن حُرّم منزلُ الجدّ على الشقيقين الدمشقيين جنباً لجنب مع أمّ " غني " بالذات، التي طالها الاتهامُ أيضاً في مسألة الفضيحة.

***
لم يسبق له أن التقى " خولة " هذه، وذلك بسبب قلة زياراتها للفيللا. ومع أنّ " سيامند " كان يتوقع رؤيتها مرةً لديهم، فإنه شعرَ بدهشة شديدة آنَ سماعه اسمها ينطق به في الصالة على سبيل الترحيب. كانَ عندئذٍ يهم بمغادرة المطبخ، وفي رأسه صدى ضحك كلتا الفتاتين، الساخر العابث. حال دخوله الصالة، التقط بصره هيئة الضيفة، الشبيهة بامرأة قروية. وكانت ما تفتأ منتصبة بقوامها الفارع النحيل، المكتسي رداءً تقليدياً، فيما رأسها جُلل بغطاء داكن اللون. وما عتمَ أن انتبه إلى حضور ابنتها معها، وكانت قد استقرت على الأريكة بالقرب من سيّدة الدار.
" إنه عم الصغيرة، خدّوج. وأظنك سمعتِ خبرَ قدومه لمراكش واستقراره فيها؟ "، قال لها أخوها غير الشقيق وهوَ يومئ برأسه إلى ناحية الشاب. ومع أنها حيت الأخير بشيء من البرود، فقد تفرست بانتباه في ملامح وجهه وكأنها تقرأ فيها ذكرى ما. ونبسَ " سيامند " إذاك في سرّه: " ربما الأمر يتعلق بذكرى سيئة، كون شيرين تورطت مع شقيقها بجريمة أدت به للسجن، فيما فرهاد أختطفَ امرأته! ". ولكن " خولة " تجاهلت من ثم وجوده في خلال السهرة، اللهم إلا حينَ جرى الحديث عرضاً عن أم الطفلة. وعليها كان أن تنتفضَ، مثل الآخرين سواءً بسواء، لما أفلتت ابنتها هذه الجملة في سياق الحديث: " لقد وعدتني امرأة خالي بأخذي إلى أوريكا، على أن أعود منها بقرد صغير أرغب بتربيته في المنزل ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زين وآلان: الفصل الثالث 4
- زين وآلان: الفصل الثالث 3
- زين وآلان: الفصل الثالث 2
- زين وآلان: الفصل الثالث 1
- زين وآلان: الفصل الثاني 5
- زين وآلان: الفصل الثاني 4
- زين وآلان: الفصل الثاني 3
- زين وآلان: الفصل الثاني 2
- زين وآلان: الفصل الثاني 1
- زين وآلان: الفصل الأول 5
- زين وآلان: الفصل الأول 4
- زين وآلان: الفصل الأول 3
- زين وآلان: الفصل الأول 2
- زين وآلان: الفصل الأول 1
- خجي وسيامند: الفصل السابع 5
- خجي وسيامند: الفصل السابع 4
- خجي وسيامند: الفصل السابع 3
- خجي وسيامند: الفصل السابع 2
- خجي وسيامند: الفصل السابع 1
- خجي وسيامند: الفصل السادس 5


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - زين وآلان: الفصل الثالث 5