مليكة حتيم
الحوار المتمدن-العدد: 5996 - 2018 / 9 / 16 - 15:39
المحور:
الادب والفن
في فصل الصيف طيور السرب تحوم فوق أعشاشها، مغتربة بين أحضان موطنها، فيضج الافق بلغاتها المهجنة وقد تباينت سحناتها، هنا عيون ساهمة تمزقت أرواحها بين عالم الماضي والحاضر، الأنا والآخر، وهناك فارس يمتطي سيارة يجتاح شوارعنا بتبجح، وهنالك مختال ينظر إلينا بدونية، يردد على مسامعنا أغنية نشاز عن الفوضى والفساد وعن دولة الحق والقانون، وكأنه يكشف في كل سنة السر الدفين لتخلفنا، يصف أبناء جلدته بأوصاف شتى ساخرا، ملتهما ما لذ وطاب مما تعده أيدي البسطاء، يصطحب أبناء شبوا على أرض غريبة فسلبت وجدانهم وأسرت حواسهم، غير مدرك أن تذمر ذويهم وما تلهج به ألسنتهم من نقد لاذع لوطنهم يجتث آخر ما قد يصل فلذات أكبادهم بجذورهم....
لكن وعلى راحلة مثخنة بالجراح يصل آخر السرب، بقلب لونه أخضر كمروج وطني، وفي شرايينه يجري ماؤها العذب، يقبل جبينها مجددا عهد الولاء، يحدوه حلم الاستقرار بين احضانها، يتحسس آلامنا لكن لا ينكؤها، ولايتلو على مسامعنا محاضرات عن التغيير، يترقب معاركنا المتوالية بقلب واجف، ويرتج كيانه لانكسارتنا وانهزاماتنا... ونحن الذين امتزجت دماؤهم بهذه الارض، نتجرع المرارة بين جنباتها، ونكتوي بنارها، فهي الأم التي، وإن لفظتنا حينما اصيبت بالزهايمر واعتلى صهوتها فارس بأقنعة مموهة، نفترش في المساء صدرها فتلتف أذرعها العاجزة الحانية حولنا في أحلامنا حينها نستمد طاقة للاستمرار...
لذا يا أخي الذي شرذمت أوصال رحمه بين الأوطان، لا تغادر يانوح بسفينتك وحيدا بعيدا عن الطوفان، وامكث هاهنا حيث نبني السدود الهشة الواحدة تلك الاخرى علنا نصنع قلب جبل يعصمنا، وبعيدا عالم الفوضى وانهزامات لا تحصى، نشيد قلاعنا بين انتصاراتنا الصغرى ... هاهنا حيث نبحث عن شعلة العنقاء بين اكوام الرماد، نربي مهرنا الأصيل، قد يطول بنا المسار، قد لانتذوق طعم الغد، لكننا حتما سنصنعه برفاثنا الذي ترويه الاجيال المقبلة ...
#مليكة_حتيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟