|
على هامش الذكرى الثامنة عشرة لرحيل افروديت
نهاد بشير
الحوار المتمدن-العدد: 1508 - 2006 / 4 / 2 - 05:50
المحور:
الادب والفن
احكم من شئت بما شئت ، وكن حكما ، محكوما ، كن حاكما ، من كل سنين حياتك لم تتعلم غير بناء الكلمات ، تقاطع اغصان الرمان لتصنع اهدابا وعيونا لغزال ضاع كنسمة صيف مرت فوق سطوح بيوت الكرخ ، واليوم ملكت الحبر واكداسا من زهر الليمون ، فماذا تصنع ؟ كيف ستخلق من محض خطوط كونا وحبيبا ؟ قوقعة تهجرها وتعود اليها ، سكرانا ، تعبا ، سأمان ؟ اعترف الآن .... لقد مر زمانك اسرع من كل الأزمان و لامهرب من كونك مقتولا بالورد الأحمر، مخنوقا بالشفة اللمياء، يحاصرك الماضي بتقعر هوته ، تسحبك الذكرى نحو العمق فتطفئها في كأس طقوسك ،لا وقت لديك لقد مر زمانك كله في اول حب وتبعثر عمرك حزنا احمق فوق قصاصات خيالك . اقطع راس الساعة واسلخ جلد ثوانيها ، انظم من فقرات الزمن المقتول قلادة وهم تلبسها ، ستخفف من وهج الذكرى الممتد كخيط النار بتأريخك . كم كنت تقول لنفسك :- لو اني ابحرت بهذا الجسد القمحي أيكفي العمر لكشف جميع مجاهله ؟ كم سنة أقضي بين الثغر وبين النحر !؟ كانت تهتز كزهرة قداح في كفيك ، تقول :-" احبك اكثر مما في نية قصدي ،أوما آن لنا ان نكبح هذا الشوق المجرم ، يا ربي ـــ تضحك من فكرة تخفيف الحب،تحدق في عينيك وتبكي ـــ يا ربي ما اقسى هذا اليجري . .............. ............. ( ما اوسع كونك يا امرأة ستضيع حياتي في شفتيها ) والآن الى اين ؟وكيف ستمشي ؟ تتضائل في رأسك ارض الله وتصغر، يتقازم ظلك بين متاهات الأعصر حتى تتمنى لو انك ابريق في أيدي الزهاد . تهتز مساحات الصدر المرمر ،تهرب من شفتيك بقايا قبلات ،من اين ستبدأ تاريخ الحب لتبدأ حبا تاريخيا ؟ ما أضيع هذا الوقت بدون مدار مفترض فلننتم قبل مرور النجم بنقطة صفر الأنسان لقد دونت عناوين الثوار المشبوهين على قدمي وركضت بها عنوانا عنوان . ************** في النصف الأول من ليل الفتنة ، قبل رحيل السنوات الأحلى اجتمعوا يحكون حكايته ، قالوا :- " مجنونا كان ، غريبا ، ما اوحش غربته . دخل القرية من ثقب في سور سكينتها ، تجول كالأعمى في انقاض خرائبها ، ارتعشت لخطاه الأبواب واحكم اغلاق مسامات الجدران ، تحجبت العذراوات لرؤيته وتلفعن بأكياس الورق الأسمر ، بالمتوفر تحت اياديهن من المفروشات ومن ورق التوت الأصفر . عيناه مخارز تنفذ من أي ستار هذا القادمَ من خلف حدود المعقول يلوث باللامعقول هواء الأجداد ويخدش وجه حياء الناس ببسمته . شيء ما يجري خارج هذا الأدراك ، نبي أم شيء اكبر ام شحاذ هذا المتكاسل في مشيته يتنقل حرابين العين وجوف القلب ، يدوس على ما يلقى بطريقه بينهما . ما كان كذلك في الماضي ، نعرفه قبل تعرفنا بالموت وقبل تعرفنا بالشمس . نعم انه اقدم من شمس الله ومن قانون الموت . جميلا كان ، ذكيا كان ملاكا ، من اين تسلل برق الشيطان الى عينيه ؟ ) قالت راقصة الملهى :- ما اشهى ضحكته ما احلاه ولكن ....... قال البقال :- ألا يأكل ؟ قال الشرطي :- رأيت بعيني ، شاهدت على جيب قميصه نقطة حبر سوداء . قالت حسناء القرية :- كم عمره ؟ ليس باصبعه خاتم . قال العراف ألأعمى وهو يقلب مسبحة الفاصولياء :- عبثت بفؤاده آلهة جنت في القرن السابق للتكوين وغابت تحمل بين مفاتنها سر ضياعه . الذنب ذنبه واأسفاه . كم قالت له ( اعطيك اسما أمنع من كل الأسماء ، أتعشقني ؟) لم ينبس . (أعطيك لسانا يسحر سامعه ، كفا فيها تجتمع النار مع الماء فما قولك ؟ ) لم ينطق . همست وهي تقبل خديه :- " صبرا يا جوهر وجدي ، يا حدا يفصل بين العشق وقانون الملك الا صبرا . باسم السر البارد في صدري اغرز في قلبك هذا المخلب . كن صوتي في الأرض وكن صمتي . جبروتي كن حتى يسقط آخر نجم في البحر . فاذا ما احتشد النلس لتشييعه اغمر وجهك في الماء الساكن واذكرني " . والآن أقول لكم :- لاتخشوه ولا تثقوا به ،فهو الصوت- الصمت- الجبروت . سيظل يدور بهذي الأرض الى ما شاء الله ، يموت وفي قلبه ذاك المخلب .
**************** ********
عمن تبحث يا ابن المطر الصاعدَ نحو سماء ليست ملكك ؟ صدرك ممتليء بالوحدة ، رأسك صارت تابوتا للأشعار وللكتب الممنوعة والأسماء . ستظل تجول باروقة الدنيا تبحث عن شخص ، أشخاص ما عرفوا شيئا عنك ولن يحكوا ، تسال عن أنثى افزعها حلمك فارتعدت . صرخت بكلمات مبهمة آخرها (من انت ؟) ولما انتبهت سألت (هل عاد أخيرا؟) .
************* في الربع الثالث من ليل الفتنة نفذ حكم الاعدام بصورته . تركوها في الشارع سبع ليال باردة .يدعسها الأطفال بشتى الوان الأقدام فلم يتشوه منها غير الشعر وجزء من حاجبه الأيمن . كانت تاتي اجمل عذراوات الحي قبيل الفجر ليمسحن الطين عن الوجه الشاحب، ينظرن اليه مليا ، يتلفتن ويهربن مخافة ان يفضح سر الموعد . تقسم احداهن به ، ثانية تقتلع الموت الجامد قي عينيه، ثالثة تتوضأ بالثلج الذائب فوق جبينه ، أخرى تسرق خصلة شعر من صورته . اما الشبان فقد جعلوا منها رقعة شطرنج بائسة وكؤوس العرق المغشوش حجارتها. ************* ************** في الربع الرابع من ليل الفتنة ، -------------- -------------- نحن نعيش . كركوك 1983
#نهاد_بشير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في الذكرى الثامنة عشرة لرحيل افروديت
-
واحة الندم (قصيدة) مهداة الى كولونيل عربي
المزيد.....
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
-
الكاتبة ريم مراد تطرح رواية -إليك أنتمي- في معرض الكتاب الدو
...
-
-ما هنالك-.. الأديب إبراهيم المويلحي راويا لآخر أيام العثمان
...
-
تخطى 120 مليون جنيه.. -الحريفة 2- يدخل قائمة أعلى الأفلام ال
...
-
جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي تكرِّم المؤسسات الإع
...
-
نقل الموناليزا لمكان آخر.. متحف اللوفر في حالة حرجة
-
الموسم السادس: قيامة عثمان الحلقة 178 باللغة العربية على ترد
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|