|
الصراع بين مراكز راس المال الى اين ؟
حاتم استانبولي
الحوار المتمدن-العدد: 5995 - 2018 / 9 / 15 - 10:41
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
الصراعات الراسمالية المفتوحة الى اين ؟ ادارة ترامب تشن اعتى حرب على مؤسسات راس المال العالمي وتحاول تفكيكها واعادة بنائها على اسس تخدم رؤية فئوية رغبوية لمجموعة وصلت الى البيت الابيض استخدمت الخطاب الشعبوي عبر شعارا ت لاحياء الروح القومية لاعادة الدور لأقتصاد السوق القومي والأهم انها تملك القوة المادية لأستخدامها في تحقيق غاياتها. ما يدور الان هو صراع مركب بين مراكز راس المال الذي وصل لمرحلته العليا (الأمبريالية ) هذه المراكز التي تتصارع في اطار مؤسساتها التي عملت على انشائها للتخفيف من حدة تعارضاتها وابقائها في اطارها القانوني الراسمالي وبين قوى راسمالية ناشئة منها من تريد ان تاخذ حصتها في السوق العالمي (كالهند وروسيا) ومنها من يريد ان يزيد تراكم راسماله وتوسيعه عبر فكرة المشاركة الأقتصادية (كالصين) لنقل نواة مركز راس المال الى حيزه. بحكم ان المؤسسات الراسمالية بكافة فروعها مهيمن عليها من قبل المؤسسات الراسمالية الأمريكية فهذه الأخيرة ترى ان الوقت مناسب لتوجيه ضربات استباقية لحليفاتها من جهة وخصومها من جهة اخرى . فاتخذت سياسة مزدوجة تقوم على الغاء الأتفاقيات السابقة ومحاولة اعادة صياغتها بما يؤمن هيمنة كلية ويحقق اعلى ربحية عبر رسوم اضافية وضرائب تدخل مباشرة لخزينتها لتغطية العجز الدائم في رصيدها الجاري الذي يؤمن عمل المؤسسات الفيدرالية. الولايات المتحدة تعاني من ازمة مالية خانقة يرى الفريق الأقتصادي لترامب ان حله لن يتم الا عبر هيمنة اكبر على اقتصاديات العالم عبر سياسات المجابهة والتفكيك والتغيير . التفكيك للمؤسسات الراسمالية السابقة واعادة هيكلتها وتفكيك الهياكل السياسية للنظم الراسمالية (الاتحاد الاوروبي). المجابهة مع كل من الصين وروسيا والضغط الأقتصادي والمالي عبر سلسلة من الأجراآت العقابية الجمعية لكل منها وحلفائهم (ايران وفنزويلا وجنوب افريقيا والارجنتين وسوريا ). تغيير اتجاه السياسات لكل من الهند والبرازيل وجنوب افريقيا عبر التلاعب بالمكونات الداخلية لكل منها. اما عن البقية فان الادارة الأمريكية تتعامل معهم على انهم مكب نفايات لنتائج شرورها واعمالها وتعيد انتاجها(النفايات) باشكال محلية (ان كانت دينية او ليبرالية وتعزز دور الفرد وتحارب اية محاولة لانتاج عمل جمعي لمواجهة سياسياتها عبر تاجيج النزعات الفئوية والطائفية والمذهبية والعرقية والقومية وتجعلهم في صدام دائم وتتناوب في دعم اطرافها وتنصب عليهم وكلائها ). ان ما تواجهه اوروبا من صعود حاد للاتجاهات اليمينية التي كان آخرها صعود اليمين المتطرف في السويد . السويد التي كانت تفتخر قبل سنوات بان نسبتهم لم تكن تتعدى 4%. ولكن خلال العشرة سنوات السابقة وخاصة بعد احداث المنطقة في 2011 التي كانت تتنازعها التعارضات العبثية نتيجة السياسات الحكومية للنظم الكمبرادورية التابعة لمراكز راس المال . لجأت المؤسسات السياسية والأمنية الأمريكية والأسرائيلية في تفكيك الدول التي تشكل نظمها خطرا سياسيا عليها كالعراق وليبيا واعادة بناء للنظام المصري لدمجه بالمنظومة الخليجية ليشكل رصيدا للمجابهة المقبلة مع ايران تحت عنوان الأمن القومي العربي والمحاولات جارية لتدمير البنية السياسية والأقتصادية والمجتمعية السورية بحده الأقصى ونزع اهم ثروتين تملكهما هما الغذائية والنفطية بحده الأدنى عبر دعم النزعات القمية الكردية شرق الفرات. فلا يمكن ان تتحدث دول الخليج عن امن عربي في غياب كل من سوريا ومصر فلا بد من وجود احداها لأستمرار تضليل شعوب المنطقة. ان نتائج هذا (الربيع الغربي) من ارتفاع معدلات الهجرة الجماعية القياسية الى اوروبا. ادت الى اعادة تركيب المشهد السياسي في الأتحاد الأوروبي بصعود قوى اليمين التي هي مهيئة للانقضاض على الأتحاد الأوروبي ومؤسساته لأعادة تركيبها في حده الأدنى وتفكيكها في حده الأقصى . ان دعم الفوضى في دول الشرق الأوسط وافريقيا لم يكن له اهداف محلية فقط بل اهداف تطال دول الأتحاد الأوروبي والضغط عليها من داخلها تحت ذرائع الهجرة لدعم القوى اليسارية التي ارتكبت خطأ تاريخيا في دعمها للأصولية الدينية التي انتجت القاعدة وتفريخاتها من داعش واخواتها. ان اوروبا تدفع اثمان غالية نتيجة السياسات الخاطئة فقد كلفت اليسار الفرنسي انتهاء الأشتراكيين وصعود اليمين في المانيا والنمسا والدنمارك والسويد وعلت رايات الفاشية في وارسو وبودابست وخرجت بريطانيا من الاتحاد الاوروبي. ان الضربة المزدوجة في الشرق الأوسط ادت الى تفكيك وتدمير المجتمعات المحلية وبذات الوقت كانت مادة لتغييرات سياسية في اوروبا. ان نجاح الثنائي الأمريكي الأسرائيلي في هذه العملية المزدوجة يهدف الى فرض هيمنة سياسة اسرائيلية في المنطقة وهذا ما نلاحظه من نتائج ملموسة عبر تشريع العلاقة السياسية معها والهيمنة الأقتصادية الامريكية على خزائن دول الخليج وفتح حساب دائم جاري بينهم لتمويل الحرب على الشعب اليمني الفقير. اما فلسطينيا فقد بدى النجاح الأسرائيلي من خلال استخدام الادارة الامريكية كاداة لمواجهة الفلسطينيين عبر اسقاط كل الانجازات الوهمية التي تمخضت عن (وادي اوسلو) والوعود بالربيع وشروق الشموس التي اطلقت في اول لقاء اقتصادي شارك به بيرز في عمان . ان اغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن هو مدخل لقرار يعد في الكونغرس لسحب الاعتراف بها واعادة تفويض لكل من الأردن ومصر للشأن الفلسطيني عبر تفعيل عقد التبعية السياسية مع الأردن وتوزيع التبعية الأقتصادية بين مصر واسرائيل بشأن غزة . لقد وصل الأستخدام الأسرائيلي للادارة الأمريكية لشن هجوم شرس على المؤسسات القانونية الدولية من امم متحدة ومجلس امن والمحكمة الجنائية الدولية وتحاول ان تستعيض عن سيادة القانون الدولي كمعيار بالقانون الأمريكي والذي عماده يقوم على الدفاع عن اسرائيل واخراجها من الخضوع للمحاسبة في المنظمات القانونية الدولية تحت عنوان ان اسرائيل يحكمها الحق الألهي وهي ضرورة لتحقيق الحلم الديني وتحقيق الرواية التوراتية. السؤال المهم هل تستطيع الادارة الأمريكية الأستمرار بصراعها المفتوح مع الجميع سياسيا واقتصاديا وهل تكفي اسرائيل وبريطانيا كحلفاء لها . ان استمرار الصراع بهذا الشكل والتي تعتمد الأدارة الأمريكية على النصيحة (الأسراكوشنيرية ) .التي تقول بان على امريكا ابتزاز التعقل الصيني الروسي .
فهل تنجح هذه الوصفة في حل مشكلات وازمات الاقتصاد الأمريكي ومديونياتها الداخلية والخارجية ؟ ماذا لو نفذ القرار الصيني الروسي الأيراني باستخدام العملة الوطنية في التبادل واستخدم المثال الفنزويلي لأعادة تقييم عملتها معتمدة على مخزوناتها الوطنية . ماذا لو اعتمد الروبل على مخزون النفط والعاز والصين والهند على معدلهم السكاني اي نسبة تجارة المفرق الأستهلاك والدخل القومي. النظام الراسمالي سيشهد تعارضات حادة على المدى القريب وتغيرات قد تصل لأعادة تموضع جديدة لمراكزه ومدى تاثيرها . ان ما يشهده العالم من معارك يشبه الى حد بعيد المعارك الضارية بين الدببة والذئاب والتماسيح والأسود والفيلة . كل له ميدانه فلا يمكن حسم المعارك بينهم. بالنهاية ستتغلب قوانين الطبيعة ونظمها على اراداتهم وسيذهب كل الى محيطه ولكن سيكون ثمن معاركهم باهظا على نظمهم وعلاقاتهم وسيكون لبقية سكان الغابة رأيا في مستقبلها.
#حاتم_استانبولي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اعادة تموضع للنظام الراسمالي العالمي
-
ما بين الوطني والديني
-
حول فصل الدين عن السياسة او الدولة.
-
فوبيا البوتينية الروسية اسبابها الفعلية!
-
خطوة للوراء من اجل اثنتين للأمام
-
الأرهاب
-
سيناء الخاصرة الرخوة لمصر
-
محاولة لفهم اعمق للمتغيرات الدولية !
-
لماذا وعد بلفور ؟
-
في ذكرى يوم الأسير والمعتقل الفلسطيني !
-
محمود عباس والوحدة الوطنية
-
الأنتخابات الأمريكية بين هيلاري وترامب - وبرني ساندرز
-
الثورة
-
الأنذار المبكر
-
الجذر المعرفي لداعش واخواتها
-
اعدام الشيخ النمر هل هو اعدام للمذهب
-
الفكرتين الدينية واليسارية
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|