|
جذور وأسباب نقض العهود والمواثيق
تاج السر عثمان
الحوار المتمدن-العدد: 5993 - 2018 / 9 / 13 - 09:54
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
أشرنا في مقال سابق إلي تجربة النظام في الحوار والاتفاقات ونقض العهود والمواثيق بهدف إطالة عمره ، وهذا نابع من السياسات التي خبرتها جماهير شعبنا منذ أكثر من 29 عاما، ومن طبيعة نظام الرأسمالية الإسلاموية الطفيلية الذي ما جاء الا لينسف استقرار البلاد والحل السلمي الذي توصلت له الحركة السياسية السودانية بعد اتفاق" الميرغني - قرنق"، وكان انقلاب 30 يونيو 1989م الذي مكن للرأسمالية الطفيلية الاسلاموية في الأرض، وهو نظام شيمته القمع والمراوغة ونقض العهود والمواثيق، وتغيير جلده بتعديلات وزارية مع الإبقاء علي جوهره، ورفع شعار الحوار بهدف إطالة عمره، والعمل بدأب من أجل تفتيت وحدة المعارضة المدنية والمسلحة، باستخدام سياسة" سيف المعز وذهبه"، وترجع جذور نقض العهود والمواثيق إلي الحفاظ علي المصالح الطبقية للرأسمالية الطفيلية الإسلاموية. معلوم أنه بعد انقلاب 30 يونيو 1989 سيطرت الجبهة الإسلاموية على الحكم ، وهيمنت الفئات الغنية من عناصرها على مفاتيح الاقتصاد الوطني، وراكمت الثروات من المصادر التالية: * نهب أصول القطاع العام عن طريق البيع أو الإيجار أو المنح بأسعار بخسة لأغنياء المؤتمر الوطني الحاكم أو لمنظماته وشركاته. وما زالت عملية الخصخصة والنهب مستمرة. * التسهيلات والرخص التجارية من وزارة التجارة والبنوك التجارية والإعفاء من الضرائب، وعدم إعادة الأموال التي تم استلافها من البنوك مما أدي إلي إفلاسها وأزمة السيولة الراهنة. * الفساد والإعتداء علي المال العام كما هو واضح من التقارير السنوية للمراجع العام، وهو يوضح ما ظهر من جبل الجليد من نهب المال العام، ومن الصعب جدا لغياب المعلومات أن نعمل تقديرا دقيقا لحجم المال المنهوب ، ولكن ما ظهر من تقارير المراجع العام، والاختلاسات التي رصدتها الصحف اليومية في المؤسسات العامة والبنوك،يمكن تقدير أن ما أُهدر من المال يقدر ب 25 مليار دولار في الفترة (1989م- 2009م) بسبب الفساد (سودانايل : 25/2/ 2010م )، وحسب تقرير منظمة الشفافية الدولية " تعد كل من الصومال والعراق وبورما وهايتي وافغانستان والسودان من اكثر الدول فسادا في العالم". * المرتبات العالية لكوادر المؤتمر الوطني الحاكم الذين يشغلون وظائف قيادية. * إعفاء شركات النظام الحاكم وعناصر المؤتمر الوطني من الضرائب والجمارك. * نهب عائدات البترول في سنوات استخراجه في الأعوام :1999م –2011 م ، وتقدر المصادر أنه تم نهب أكثر من 100 مليار دولار من عائدات النفط في تلك الفترة، بينما بلغ الدين الخارجي 55 مليار دولار مقابل 12,9 مليار دولار عام 1989م، ذهبت أغلبها في مشاريع فاشلة تم نهبها مثل سد مروي. إضافة إلي نهب عائدات الذهب واطلاق العنان للتعدين العشوائي الذي أدي إلي تدمير البيئة وموت المئات من المواطنين. * المضاربة علي الأراضي والعقارات ، بيع أراضي السودان أو تأجيرها لمدة 99 عاما، علي سبيل المثال : تم بيع 90 الف فدان للبحرين، أي 42 الف هكتار من الأراضي التي تتميز بقربها من النيل وتحتوي علي مياه جوفية، بهدف استثمارها في الإنتاج الحيواني والنباتي. ومثال آخر الأراضي الشاسعة التي تم بيعها لدولة الكويت والتي تساوي ربع مساحة الكويت كما صرح أحد قادة الكويت.الخ. • تدمير الرأسمالية المنتجة التي كانت تعمل في ميادين الإنتاج الصناعي والزراعي والحيواني، ومحاصرتها بالضرائب وتخفيض قيمة الجنية السوداني ، ورفع الدولة يدها عن خدمات التعليم والصحة ، وإهمال تصريف المياه مما أدي الي كوارث السيول والأمطار ، وسوء التخطيط والفوضي والفساد ببيع أراضي سكنية للمواطنين في مجاري السيول ما أدي الي خسائر مادية وفي الأرواح باهظة زادت المواطنين فقرا علي فقر.كما تم تشريد حوالي 122 الف شخص من أعمالهم بسبب نشاطهم النقابي والسياسي ، وأصبح مجالي التعليم والصحة من مصادر التراكم الرأسمالي ، وصار اكثر من 95 % يعيشون تحت خط الفقر. *خلاصة الأمر ، لا نتوقع بحكم تلك المصالح الطبقية الضيقة أن يستجيب النظام لدعوات الحوار الجاد والتحول الديمقراطي ، ووقف الحرب ، والانتقال من دولة الشمولية والحزب الواحد الي التعددية السياسية الحقيقية ودولة المواطنة الدولة المدنية الديمقراطية، أو الاستجابة لدعوات الحوار علي أساس خريطة الطريق والتغيير علي طريقة " الكوديسا" في جنوب أفريقيا، والتي كانت لها ظروفها وأوضاعها التاريخية ولا يمكن النقل الأعمى لها، إضافة إلي أن الفئة الرأسمالية التي كانت تمثلها الأقلية البيضاء اعترفت بالأزمة واتخذت قرارات جادة في تفكيك النظام العنصري والتحول الديمقراطي، وقبل ذلك كانت قد استقلت عن جهاز الدولة من خلال منشآتها الرأسمالية الخاصة، عكس ماهو جاري الآن، حيث الرأسمالية الطفيلية الإسلاموية لا يمكن أن تعيش بدون الريع ونهب ما تبقي من ممتلكات وثروات البلاد، وبالتالي سوف تستميت في الدفاع عن تلك المصالح الطبقية، فضلا عن أن رموزها مطلوبة في جرائم حرب للمحكمة الجنائية الدولية. لا بديل غير مواصلة التراكم النضالي الجاري وبناء أوسع تحالف لاسقاط النظام وقيام البديل الديمقراطي الذي يتم فيه إلغاء القوانين المقيدة للحريات، ووقف الحرب والحل الشامل لأزمة الحكم عبر المؤتمر القومي الدستوري وقيام الدولة المدنية الديمقراطية التي تسع الجميع، وحل الضائقة المعيشية ودعم الإنتاج الصناعي والزراعي وتحسين علاقات السودان الخارجية، والمحاسبة ورد المظالم، واستعادة ممتلكات الشعب المنهوبة، كل ذلك عبر فترة انتقالية تتم في نهايتها انتخابات حرة نزيهة.
#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الماركسية وأثر الثقافة والهويّة في التغيير
-
تجربة الحوار والاتفاقات مع النظام
-
الذكري 72 لتأسيس الحزب الشيوعي السوداني - 2-
-
الذكري 72 لتأسيس الحزب الشيوعي السوداني
-
كارل ماركس : حياته وأعماله
-
كيف نشأت المسألة القومية في السودان؟
-
29 عاما من الدمار والفشل وأكاذيب الحوار
-
دولة تنموية أم وطنية ديمقراطية 2_2
-
دولة تنموية أم وطنية ديمقراطية؟
-
الكيد السياسي في إعدام الحلاج والسهروردي ومحمود محمد طه
-
طبيعة ووظائف الدولة في سلطنة دارفور
-
انجلز والثورة المهدية : قراءة وتحليل.
-
بمناسبة مرور 200 عام علي ميلاد كارل ماركس
-
أوضاع الطبقة العاملة السودانية خلال فترة الحرب العالمية الثا
...
-
طبيعة ووظائف الدولة في مملكة الفونج
-
خطل دعاوى الحوار والمشاركة في انتخابات 2020
-
لنواصل الحملة من أجل اطلاق سراح كل المعتقلين..
-
أحداث يناير 2018 وتفاقم أزمة النظام
-
الذكري ال 33 لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه
-
طبيعة ووظائف الدولة في فترة الحكم التركي - 1821- 1885م
المزيد.....
-
إيران تعلن البدء بتشغيل أجهزة الطرد المركزي
-
مراسلنا في لبنان: سلسلة غارات عنيفة على ضاحية بيروت الجنوبية
...
-
بعد التهديدات الإسرائيلية.. قرارت لجامعة الدول العربية دعما
...
-
سيناتور أمريكي: كييف لا تنوي مهاجمة موسكو وسانت بطرسبرغ بصوا
...
-
مايك والتز: إدارة ترامب ستنخرط في مفاوضات تسوية الأزمة الأوك
...
-
خبير عسكري يوضح احتمال تزويد واشنطن لكييف بمنظومة -ثاد- المض
...
-
-إطلاق الصواريخ وآثار الدمار-.. -حزب الله- يعرض مشاهد استهدا
...
-
بيل كلينتون يكسر جدار الصمت بشأن تقارير شغلت الرأي العام الأ
...
-
وجهة نظر: الرئيس ترامب والمخاوف التي يثيرها في بكين
-
إسرائيل تشن غارتين في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بعشرات
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|