ياسين عبد اللطيف
الحوار المتمدن-العدد: 1508 - 2006 / 4 / 2 - 05:32
المحور:
كتابات ساخرة
"سوري .....صغير!"
• انزوت الدنيا عنَّا؛ وانبسطت لغيرنا لانحطاط قدرهم، فآثرنا الرحيل إلى أوطان الله بعد أن طالت غربتنا في الوطن. فتناهشتنا المنافي، ونالنا من البلاء ما أفسد روحنا، وصرنا عناوين للمحنة؛ ورغم الأذى والأسى والحنين كان الله غيمتنا التي تظلنا في الغربة والترحال الأليم من شط إلى صحراء. وحقَّ فينا قول القائل وأحسن:
"إنَّ الغريب بحيث ما حطّت ركائبه ذليلُ
ويدُ الغريبِ قصيرةٌ ولسانُه أبداً كليلُ"
• وفي إحدى محطات الترحال الخليجية راعني مرة بلاغة ما سمعت؛ وجسارة ما رأيت من فنون الأذى التي تقع على الآدمي الغريب!
رأيت مواطناً خليجياً وأخاه يضربان فتى هندياً مسلما بقسوة؛ وراحة واستظهار دون خشية من المساءلة ورهط العامة ينظرون ولا يفعلون ما يفعلون!
والفتى الهندي المسلم يتحمل الضرب ويبكي بحرقة واستعطاف شجي حنون ولكنه لم يخفِ وجهه أو يتوقَ من الضرب لأنه يريد أن يشرح وجهة نظره في أمر ذنبه و الضرب المبرح، وبنبرة أمينة يستعطف ضاربيه ـ بالأوردية ـ والعربيةـ بدأ التوسل والكلام الباكي:
"والله بابا مافي معلوم .... والله بابا مافي معلوم .... حرام بابا أنا مسلم صغير!"
والله لو سمع علماء اللغة وفقهها ما سمعت وأبحروا في علم الدلالة لما اهتدوا إلى بلاغة ما أراد الهندي إيصاله إلى سيده القوي وهو يقول:
ـ وأنا هنا أترجم له وعنه ـ:بابا ـ علامة العبوديةـ أنا لا أعرف لماذا تضربني، والله حرام لأني مسلم مسكين من بعدك، ومن أنا حتى أغضبك؟! وأنت الكافل وأنا المكفول!
انشدهت من هذا المنظر، وأخذتني الرعدَة والحال ورحت أردد في نفسي، ثم أرفع صوتي كحال أخي الهندي في العذاب، وبدأت استشعر الألم من ضرب العُقل واللكمات المهينة وأنا أقول باستفهام استنكاري، وبصوت مَّرنم حزين:
"والله بابا ما في معلوم.... والله من أربعين سنة مافي معلوم...حرام بابا أنا سوري صغير؟!".
كاتب وصحفي سوري
#ياسين_عبد_اللطيف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟