|
موقع المرأة في مجتمعاتنا الذكورية وموقف الاسلام منها
ماجد احمد الزاملي
باحث حر -الدنمارك
(Majid Ahmad Alzamli)
الحوار المتمدن-العدد: 5989 - 2018 / 9 / 9 - 22:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
موقع المرأة في مجتمعاتنا الذكورية وموقف الاسلام منها د. ماجد احمد الزاملي أغلب المفاهيم المتداولة في الثقافة الشرق متوسطية هي نتاج العقلية الاجتماعية الشعبية الغريبة تماماً عن النصوص الدينية، التي عادة ما يلصقونها بها، والمرتبطة بظروف المكان والزمان والخاضعة لتغيراتهما. ومسألة الشرف في المجتمعات العربية وصلت إلى حد التطرف، حيث تم التعامل معها قانونياً على أنها مسألة تخص رجال العائلة. لقد دأب المجتمع الشرق الاوسطي ، بنسائه ورجاله على المحافظة على شرف الفتاة. فالفتاة تظهر العفة والبراءة والفضيلة، إلا أنها تخوض مغامرات عاطفية عديدة دون خوف على مستقبلها في الحصول على الزوج والذي يفضلها عذراء. بالطبع، يعود لجوء الفتاة إلى هذا التحايل، كونها لا تجرؤ على البوح بوجود هكذا علاقات، لأن ذلك يسيء إلى سمعتها، وبالتالي يحرمها من الحصول على حياة زوجية مستقرة. أما الشاب، فلا يعيبه ذلك على الإطلاق! ولا يلتصق به مفهوم العفة! حتى أن أهل الفتاة نفسها لا يشكل عندهم فرقاً إذا ما تقدم شاب ماضيه مليء بالمغامرات لخطبة ابنتهم، وغالباً لا يُرفض لسبب كهذا. فهو رجل لا يعيبه شيء!. بينما المجتمع يبحث عن تهم جاهزة للنساء اللواتي خرجن عن العرف السائد وطالبن بما يعتبر من المحرّمات، والخوض في هذا المجال كالسير في حقل ألغام، لكنها وجهة نظر كان لا بدّ لي من عرضها في ظل استخدام الدين عائقاً أمام أي مطالبة بتغيير قوانين الأحوال الشخصية، هي دعوة لجعل القانون كما هو مطلوب منه أن يكون، ناظماً لحياة الناس في المجتمعات المعاصرة. لا بدّ من تغيير الأحكام بتغير الأحوال الشخصية. في بداية الدعوة الاسلامية حملت المرأة عبء نشر الدعوة تماما كالرجل، لأنها آمنت بها دعوة لنصرة المظلومين والمهمّشين، وفي ما بعد عندما نشأت النزاعات السياسية واستخدم الدين فيها أداة لنصرة فريق على فريق، طغت السلطة على الفكرة، وبدأ المتسلطون يسخّرون الأحكام الدينية خدمة لمصالحهم، ولم يُعدموا فقهاء كانوا جاهزين لإطلاق تفسيراتهم وفتاويهم في خدمة النظام التسلطي الذكوري. فظهرت أولى هذه الأحكام بعد خسارة عائشة في معركة الجمل. وتكررت بعد ذلك سبحة الأحكام التي بلغت حد عزل المرأة عزلاً تاماً عن الحياة العامة بعدما كانت متواجدة دوماً في المساجد، التي لم تكن مخصّصة للصلاة فحسب، بل لتسيير أمور الدولة الوليدة . المرأة التي كان ينظر إليها على أنها عالة في الحياة ويستخف بها ويتم احتقارها أولاها النبي محمد (ص) مكانة مرموقة وقدرها، وجسد ذلك بشكل ملموس في زواجه من نساء عديدات منتميات لشرائح مختلفة ولعشائر وقبائل متعددة، ليضمن بذلك حياة المرأة ومعيشتها وبكسبها موقعاً رفيع المستوى. وبهذا الشكل أحدث تغيرات إيجابية ملموسة في وضعية المرأة داخل المجتمع، ونخص بالذكر في هذا المجال مساهماته المؤثرة إيجابيا في إحراز النساء اللواتي عشن معه تطوراً فكرياً ملحوظاً، وتطور ملكاتهن وميزاتهن الإدارية، وكسبهن القدرة على التعبير القوي الجذاب. فكانت هذه هي المعايير التي أتخذها النبي محمد (ص) أساساً في تقربه من المرأة. و من ابرز ملامح الإسلام استقلالية شخصية المرأة فلا اندماج ولا اندراج فالمرأة كائن مستقل تشكل ندا للجنس الأخر ورديفا له وقد جاء في سورة الأحزاب –ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقت– علما ان واوالعطف هنا تعني الإستقلالية. كل هذه الحقوق المدنية كانت قد تقررت للمرأة الشرقية قبل اكثر من الف عام من قبل الاسلام قبل ان تتقرر للمرأة الغربية لا بمقدارها ولا حتى بعضا منها، ولم يعترف لها بهذه الحقوق الا في الفترة الاخيرة، ففي انكلترا وكندا وكثير من الولايات المتحدة الأمريكية مثلا لم تمنح المرأة حق التصرف بمالها دون تصديق الزوج الا في عام 1883. وفي ايطاليا لم يقرر فصل مال الزوجة عن مال الزوج واطلاق تصرف الزوجة بمالها الخاص دون تصديق الزوج الا بعد عام1866. وبالرغم من ان الاسلام حاول تغيير البنية القبلية وجاء بمفهوم بديلا لمفهوم العصبية القبلية، الا ان النظام القبلي بقي مهيمنا على المجتمع والدولة حيث استمرت القيم والتقاليد في تأثيرها على العلاقات الاجتماعية. كما استمرت الصحراء العربية برفد القرى والارياف بموجات بدوية مستمرة خضع لها سكان الارياف والمدن وتأثروا بقيمها واعرافها وعصبياتها وذلك بسبب ضعف الدولة المركزية، بعد سقوط الدولة العربية ـ الاسلامية وعاصمتها بغداد على يد هولاكو عام 1256 مما سبب هيمنة النظام القبلي والمحلي على المجتمع وبصورة خاصة على بنية العائلة الممتدة في علاقاتها الاجتماعية والاقتصادية واستمرت حتى العصر الحديث، بالرغم من دخول كثير من عناصرالتحديث اليه، لان الدولة الحديثة ما زالت لم تكتمل وتنضج بعد، وكذلك مفهوم الوطن والمواطنة والهوية، التي ما زالت مفاهيم هلامية اولا، ولان تركيب بنية العائلة العربية في شكلها الأولي لا يختلف كثيرا عن تركيب بنية القبيلة العربية لعصر ما قبل الاسلام، الا في بعض مظاهرها الخارجية التي تأثرت بالتحديث، وليس في سلوكها ومضامينها وقيمها وذهنيتها ثانيا. كما ان النظام الأبوي هو بنية سايكولوجية ناتجة عن شروط تاريخية وحضارية نوعية تكونت من مجموعة من القيم والاعراف وانماط من السلوك التي ترتبط بنظام اقتصادي تقليدي له خصوصية وبواقع اجتماعي حي، وليس مجرد خاصية من خواص نمط انتاج معين بالعالم العربي. بعد استيلاء الحكام على الإيديولوجية الإسلامية ( توحيد الدين والدولة) تحول الدين إلى وسائط لقمع المرأة وتهميشها في الحياة واستصغارها وسلب إرادتها وفرض الخنوع عليها ، انعكفت المرأة على ذاتها في المنزل وراء الحجاب، وتدنى شأنها، وفرض حصار منيع على علاقات المرأة والرجل. انزواء المرأة في المنزل بحجة( حماية المرأة) أصبح أهم العوامل التي كرست دونية المرأة في هذه المرحلة. وبات الرجل يملك السلطة المطلقة داخل الأسرة، وما على المرأة إلا الطاعة والولاء والإذعان تجاه زوجها، ومنح الرجل حق تعدد الزوجات وهو ولي أمرها، وله حق التصرف المطلق عليها كونه حاميها, ولجأ الرجل بكل جسارة إلى ممارسة العنف والقهر وإدانة المرأة واحتقارها جنسيا.
#ماجد_احمد_الزاملي (هاشتاغ)
Majid_Ahmad_Alzamli#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحرب الاقتصادية التي يقودها ترامب ضد الجميع
-
لا ينتهي التنافس الأقليمي والدولي على الارض العراقية
-
الحصار الاقتصادي والمردود السلبي على المؤسسات المالية العالم
...
-
العوامل التي تتحكم بقوة وضعف الدولة
-
اساليب العمل الديمقراطي ودور جماعات الضغط
-
ما أشبه اليوم بالامس
-
الذكرى الستين لثورة 14 تموز
-
ألتحالفات الانتخابية
-
المساعدات الخارجية للدول الفقيرة وتأثيرها على قرارها السيادي
-
العقوبات الاقتصادية والحصار لا يمكنهما إسقاط نظام سياسي
-
تأثير الاوضاع الامنية والاقتصادية على الاستقر السياسي
-
لأجل ترميم الخراب الذي عمّ العراق منذ عقود
-
عندما تكون الميليشيات اقوى من الجيش الوطني
-
لا يمكن بناء الديمقراطية بدون الاصلاح السياسي
-
لأجل التغيير الإقبال الواسع على صناديق الإقتراع
-
الازمات والتدابير الصحيحة الآنية لمعالجتها
-
تأثير ألآيديولوجية على المجتمعات
-
الدفاع الشرعي
-
قمة الظهران ولدت ميتة
-
كتاب: العدالة الجنائية للأجل مكافحة ألإرهاب في ضوء المعايير
...
المزيد.....
-
-أرض العجائب الشتوية-.. قرية ساحرة مصنوعة من كعكة الزنجبيل س
...
-
فيديو يظهر ضباط شرطة يجثون فوق فتاة ويضربونها في الشارع بأمر
...
-
الخارجية اليمنية: نعتزم إعادة فتح سفارتنا في دمشق
-
تصفية سائق هارب اقتحم مركزا تجاريا في تكساس (فيديو)
-
مقتل 4 أشخاص بحادث تحطم مروحية تابعة لوزارة الصحة التركية جن
...
-
-فيلت أم زونتاغ-: الاتحاد الأوروبي يخطط لتبنّي حزمة العقوبات
...
-
مقتل عنصر أمن فلسطيني وإصابة اثنين آخرين بإطلاق للنار في جني
...
-
بعد وصفه ضرباتها بـ-الوحشية-... إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب
...
-
أكاديمي إسرائيلي: بلدنا متغطرس لا تضاهيه إلا أثينا القديمة
-
كيف احتمى نازحون بجبل مرة في دارفور؟
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|