أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح العبيدي - وما تحالفوا ولكن شُبّه لهم!















المزيد.....

وما تحالفوا ولكن شُبّه لهم!


ناجح العبيدي
اقتصادي وإعلامي مقيم في برلين

(Nagih Al-obaid)


الحوار المتمدن-العدد: 5989 - 2018 / 9 / 9 - 17:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وما تحالفوا ولكن شُبّه لهم!
تفتّت "النواة الصلبة" للكتلة الأكبر بسرعة خارقة لم يكن حتى خصومها يحلمون بها. لم تكد جلسة البرلمان الجديد المخصصة للبصرة تنتهي حتى تُوجت المسرحية العبثية بظهور رئيس كتلة "سائرون" حسن العاقولي في مؤتمر صحفي طالب فيه حليفه المفترض ورئيس كتلة "النصر" حيدر العبادي بالاستقالة من منصب رئيس الوزراء. بهذا التصريح هدم العاقولي عمليا ما دعي بتحالف "الإصلاح والإعمار"، وذلك بعد أقل من أسبوع من توقيعه - إلى جانب العبادي ورؤوساء كتل أخرى – على قائمة ما وصف بالكتلة الأكبر. كان من اللافت للنظر أن يتولى العاقولي بنفسه إعلان الانسحاب من التحالف الهش ولم يترك ذلك لزعيمه مقتدى الصدر الذي يتحكم عادة بكل صغيرة وكبيرة في تياره. ربما يوفر توزيع الأدوار هذا مجالا أرحب للمناورة وللتغييرات المفاجئة في المواقف التي سادت في الأسابيع الأخيرة. بعد الانتخابات بفترة قصيرة أثار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر استغراب الكثيرين عندما أعلن عن تفاهم كتلته مع قائمة "الفتح" للميليشيات الشيعية بزعامة هادي العامري. ولم يكد الشارع السياسي يستوعب هذه الخطوة ، حتى فاجأ الجميع بالإعلان عن تحالفه مع رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي الأمر الذي شكل لاحقا الأساس لتشكيل ما دعي بنواة الكتلة الأكبر مع عمار الحكيم ومن بعدها تحالف الإصلاح والإعمار. الآن تأتي ضربة الصدر المفاجئة ضد طموح العبادي بولاية ثانية لتوفر أجواء مناسبة لعودة التفاهم مع قائمة الفتح التي طالبت هي الأخري باستقالة حكومة العبادي على خلفية تدهور الأوضاع الخدمية والصحية والأمنية في البصرة.
شهية أو شبهة "التحالفات" على أكثر من جبهة لا تقتصر على جهة دون أخرى، وإنما تشمل جميع الزعماء السياسيين العراقيين بلا استثناء الذين يطبقون هذه الأيام حرفيا شعار "كلام الليل يمحوه النهار"، طالما أن الانقلاب على حلفاء الأمس قد يُسهل القفز إلى السلطة ولا تترتب عليها نتائج سلبية مباشرة. والأدهى من ذلك هو أن الشارع العراقي يتقبل هذا التناقض والتضارب في التصريحات والانتهازية في المواقف وكأنه سلوك بديهي.
بطبيعة الحال سيؤدي انهيار تحالف الإصلاح والإعمار بعد أيام قليلة من ولادته القيصرية والغزل المتبادل بين سائرون والفتح إلى خلط الأوراق من جديد وتغيير خارطة التحالفات الأخرى، وفيما مقدمتها "تحالف البناء" الذي ادعى هو الآخر بأنه الكتلة الأكبر والأقرب إلى تسمية رئيس الوزراء . لا يستبعد أن يتضعضع هذا "البناء" قريبا وينفرط عقد التحالف بين هادي العامري ونوري المالكي زعيم ائتلاف دولة القانون الذي ينظر بتوجس إلى أي تقارب مع التيار الصدري. من جهة أخرى ستظهر انشقاقات جديدة داخل الكتل نفسها، ومن بينها قائمة النصر. من المرجح أن يتمرد بعض نواب كتلة النصر على رئيسهم العبادي وأن يحاولوا إنقاذ أنفسهم من خلال القفز من السفينة الموشكة على الغرق.
في الجانب السني لا يقل المشهد ضبابية وعبثية. بعد أيام قليلة من الإعلان عن تشكيل "تحالف المحور الوطني" الذي يضم معظم الكتل السنية، قرر أسامة النجيفي رئيس تحالف "القرار العربي"، أكبر تكتل سني والذي يضم 16 نائبا، الالتحاق بتحالف الإصلاح والإعمار على أمل العودة مجددا إلى مقعد رئيس البرلمان الوثير. لكن سرعان ما أعلن حليفه ومنافسه في نفس الوقت خميس الخنجر زعيم "المشروع العربي" عن انسحاب عشرة نواب من هذا التكتل. وسبق للقوى السنية أن أعلنت قبل أشهر قليلة عن قيام "تحالف القوى الوطنية العراقية" كإطار واسع للأحزاب السنية، ولكن الأيام اللاحقة أثبتت مدى هشاشة هذا التجمع.
من جانبها فضلت القوى الكردية الانتظار وتركت لآخرين مهمة إرسال رسائل متضاربة عن أنها على "وشك" دخول هذا المحور أو ذاك على أمل الحصول على تنازلات فيما يخص الحصة في الميزانية وملف كركوك وغيرها. لكن هذا التكتيك الناجح ظاهريا لن يغطي على حقيقة التشظي الخطير داخل الكتل الكردستانية نفسها واحتدام الصراع على منصب رئيس الجمهورية بالدرجة الأولى.
من الواضح أن التقلب السريع في المواقف وقيام وانهيار التحالفات بين ليلة وضحاها يعبر عن حقيقة مفادها أن الأحزاب والسياسيين لا يعيرون أهمية لمصداقيتهم ويمارسون الكذب والضحك على ذقون الجمهور علانية ودون أي رادع. صحيح أنه في السياسة الداخلية يسري أيضا قول كيسنجر الشهير: "أمريكا لا تعرف أعداءً وأصدقاءً دائمين، وإنما لديها مصالح"، لكن ما نلاحظه في العراق هو ابتذال واضح لمبدأ السياسة الخارجية هذا واستخفاف بإرادة الناخبين، وبما يجعل التعويل على مواقف مبدئية أمرا مستحيلا. ما يساعد السياسيين العراقيين في اعتماد هذا السلوك الضار هو الفوضى السياسية والإعلامية في العراق حيث باتت الأخبار الزائفة أمرا طبيعيا ومؤثرا في المشهد السياسي ومواقع التواصل الإجتماعي. وبالتالي لا يخجل أحد من التصريح بموقف ونقيضه خلال ساعات قليلة. حتى في الدول المتقدمة تغير القوى السياسية مواقفها وتحالفاتها ، ولكنها تحرص عادة على التمهيد لذلك بالتدريج حتى لا تفقد مصداقيتها أمام الرأي العام. في ألمانيا مثلا تدخل الأحزاب بعد الانتخابات في البداية في محادثات تسميها "مشاورات أولية" هدفها جس النبض ومعرفة نقاط الاتفاق والاختلاف. بناء على نتيجة هذه المشاورات تبدأ لاحقا المفاوضات الفعلية لتشكيل الإئتلاف الحاكم والاتفاق على برنامج مشترك. من هنا يمكن القول بأن التخبط في المشهد السياسي في العراق يرتبط بضعف التجربة الديمقراطية وفشلها في إرساء تقاليد واضحة في احترام نتائج الانتخابات واختيار المرشح الأوفر حظا في تشكيل الحكومة.
لكن المشكلة الأكبر التي أدت إلى اختلاط الحابل بالنابل تكمن في تشرذم العملية السياسية وكثرة القوى الفائزة التي تعلن دائما رفضها لنظام المحاصصة المقيت وتكافح في نفس الوقت بكل قواها من أجل الحصول على قطعة مناسبة من الكعكة بدعوى الحفاظ على التوازن بين المكونات والشراكة في إدارة الدولة. وإذا كانت ظاهرة التشتت والتبعثر ترتبط مبدئيا بتنوع الانتماءات الدينية والقومية والمذهبية والعشائرية والمناطقية وتقدمها على الهوية الوطنية، فإن هذه الظاهرة الخطيرة تفاقمت جراء النظام الانتخابي الذي يسمح للكثير من الأحزاب والكتل، وبما فيها الصغيرة والهامشية، بدخول البرلمان. يضم البرلمان الجديد أكثر من 30 حزبا وقائمة وائتلاف – ما عدا ممثلي الأقليات. ولا يحتاج المرء إلى قراءة معمقة لهذه النتائج لكي يعرف بأن التوصل إلى اتفاق حول الكتلة الكبرى أو الحكومة المقبلة هو أشبه بالمهمة المستحيلة نظرا لتضارب المصالح وتشتت التوجهات وعمق الخلافات.
لن يكتب للنظام الديمقراطي في العراق التطور والاستمرار والاستقرار – وكما تبين تجربة جميع الدول التي تطبق نظام التصويت للقائمة – دون اعتماد عتبة انتخابية تبلغ على الأقل 3 % - مع استثناء الأقليات منها بالطبع –، وبما يضمن وصول عدد معقول من الكتل ودون أن يؤثر كثيرا على حرية الناخب في الاختيار. بهذه الطريقة ستختفى معظم القوى الصغيرة من الساحة أو ستُضطر للانصهار في كتل أكبر وبما يُسهل عملية تشكيل حكومة فاعلة و قادرة على اتخاذ القرار ونشوء معارضة قوية تساعد في ترسيخ التقاليد الديمقراطية.
بدون ذلك سيبقى العراقيون يسمعون يوميا بشرى قيام تحالفات وانفراط عقدها حتى قبل أن يجف حبر التوقيع عليها. والنتيجة ستكون اتساع جبهة اليائسين من جدوى الديمقراطية وارتفاع الأصوات المروجة لعودة الاستبداد كحل لمشكلة التشظي السياسي.



#ناجح_العبيدي (هاشتاغ)       Nagih_Al-obaid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكرى ثورة تموز: ليس بالنزاهة يتميّز السياسي
- صحوة الموت للبرلمان العراقي
- الانتخابات العراقية: العتبة الانتخابية وكثرة الطباخين
- مقتدى الصدر وإغراءات السلطة الكاريزمية
- مصر: هل يُصلح الاقتصاد ما يُفسده السيسي؟
- كارل ماركس: نبيّ رغم أنفِه
- ماركس والعولمة
- هل انتهت الأحزاب في العراق؟
- مدافع ترامب التجارية
- الانتحار بين السياسة والدين (الحلقة الثانية)
- الانتحار بين السياسية والدين (الحلقة الأولى)
- الانتخابات العراقية...الناخب الحائر!
- الخمينية والوهابية تترنّحان
- الجوانب المظلمة لأزمة الكهرباء في العراق
- الفساد بين الحيتان الكبيرة والقروش الصغيرة
- تصدّع البيت الأوروبي
- مسرحية الحريري: التغريد خارج النص
- الميزانية العراقية وعقدة حصة الإقليم
- عندما يحلم العراقي!
- فخ المديونية في العراق


المزيد.....




- مقتل يحيى السنوار.. ما عليك معرفته من التعرّف عليه عبر سجل ا ...
- قبرص: حريق في بافوس يتسبب في تدمير جزء من مبنى تاريخي يعود إ ...
- الحزن يعم بوينس آيرس: عشاق باين من فرقة -ون دايركشن- يودعون ...
- أبرز 4 أهداف في -الضوء الأحمر- ضمن قائمة الضربة الانتقامية ا ...
- الولايات المتحدة تفرض عقوبات جديدة ضد شبكة -لتمويل- الحوثيين ...
- برلماني أوروبي: الدعم لنظام كييف قد ينخفض إذا فاز ترامب
- بعد اغتيال السنوار.. الجيش الإسرائيلي يحدد هدفه التالي
- نتفليكس تتوقع مضاعفة أرباحها بعد إضافة 5 ملايين مشترك جديد
- حقيقة فيديو حريق في ثاني أكبر مصفاة نفط إسرائيلية
- قارنت ردة فعله بصدام حسين.. إيران تعلق على مقتل يحيى السنوار ...


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناجح العبيدي - وما تحالفوا ولكن شُبّه لهم!