أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - بائعة الورد : قصة قصيرة














المزيد.....

بائعة الورد : قصة قصيرة


صبيحة شبر

الحوار المتمدن-العدد: 5988 - 2018 / 9 / 8 - 14:21
المحور: الادب والفن
    


بائعة الورد

جلست أمُ عماد أمام المكتب ، تحاول أن ترسم ابتسامة الرضا على وجهها، وتعبر عن واقع مظلم بما يناقضه ،جاهدت بإبداء علامات السعادة والحبور ، على محياها المتألم ، بذلت جهدا كبيرا لطمس دلائل التعاسة الظاهرة على حياتها ، علت الابتسامة على محياها المجهد بعد عناء.
- بكم باقة الورد الجميلة هذه ؟
تتسع الابتسامة على وجهها ، ترحب بالزائر الكريم ، بكلمات عذبة كي تكسبه زبونا ، يرتاد حانوتها يبتاع ما فيه من ورود.
ليس هذا مكانها ، لم تعتد القهر ولا الخنوع ،فيما مضى من أيامها الباسمات ، نشأت في بيت عز وسؤدد ، ولكن الأيام لا تثبت على حال ، ويقع بها ما لم يكن بالحسبان ، تقدم إليها مدعيا الحب وعارضا الزواج ، فصدقت زعمه دون روية ،وأقنعت أسرتها بالموافقة على طلبه ،بعد طول تردد ، وكانت الابنة الوحيدة المدللة بين أربعة إخوة ، فوافقوا على تزويجها من ممثل قدير ..
ورود جميلة زاهية الألوان ، برعت في تصفيفها وإكسابها شكلا رائعا ،مما يشجع المشترين على الإقدام على شراء الباقات ، عمل بسيط تتقنه ، للحصول على ما يسد الرمق في أسرة كبيرة العدد ، تخلى عنها عائلها ، ومضى بعيدا ، يهتم بنفسه ولا يبالي ان شبع أولاده أم جاعوا ، وكيف يقفون أمام عجلة لا ترحم ، تلتهم كل من يبدي ضعفا، في مواجهة ما يتعرض له من عقبات.
- كم بارعة أنت ، أبدعت في التنسيق ، ظننت أنها باقات من الورد الحقيقي.

بعُد عهدها في إمتاع أذنيها بكلمات المديح ،أو عبارات الثناء ، كل ما في حياتها اليوم أصبح علقما مر المذاق ، تبذل جهدا لتجرعه.
كافحت كثيرا لاستئجار هذا المحل الجميل ، وسط المدينة ، تحيطه حديقة غناء ،لتجذب السياح الى معانقة الورود التي تنبع من يديها الفنانتين. ، يأتون أفواجا ، يبحثون عن المتعة والعيش في ربوع الأصالة ، حيث الحقيقة الناصعة ، والإرث القديم ، وعدم الميل الى تزويق ما لا يستحق بعذب الكلام..
- أين هو الآن ؟ لقد رأيته كالطاووس ، يجلس مزهوا تحيطه الحسناوات ، كيف تسمحين له بمصاحبة أؤلئك الفتيات ؟
كل ما في أيامها مر الطعم ، دنيء ، سيء كريه الرائحة ، تكون في أسعد لحظاتها حين يغادرها ،موليا وجهه صوب الأخريات ، ولكن هل هن حسناوات حقا ، حين يرتضين أن يجالسن من يخلو من صفات الرجولة ؟ يحلو له منادمة كؤوس المدام والتقاعس عن القيام بأجمل الواجبات ، في منزل ، يحيط به الأبناء ،متشبثين بدفئك ، وحريصين على أكرامك..
- يا لمهارتك ، يداك هاتان تستحقان آيات التبجيل، والتعظيم ، كيف تأتى لهما ان تصنعا هذه الفتنة الساحرة ، يضوع العطر من ورودك، سيدتي..
يأتيها كل صباح ليأخذ منها مصروفه اليومي ، وليغدق منه على صديقاته العاطلات. ، يحرص على ان ينسيهن فاقة كبيرة يجدن أنفسهن يتعثرن في صهبائها..
- كيف تتحملين بعلك هذا ، بخيل في الجيب، والعاطفة والخصال ، اتركيه وانفذي بجلدك.
- انه القدر..
- رأيته مع حسناواته يتبختر مثل الغراب ، كيف تصبرين مع هذا الحرمان ؟ والنذل لا أحد يجعله يعود الى رشده ؟ يسهر الليالي بعيدا عن بيته بصحبة النساء العابثات وأنت ترهقين نفسك....
أولادها يرغبون بعدة أمور سوف تبتاعها لهم ، هم سلوتها في دنياها البئيسة هذه ، لا يمكنهم أن يفهموا أسباب معاناتها الطويلة، لن يغفروا لمن يتهجم على أبيهم،رغم أنهم لم يروا منه ما يستحق الثناء..
- ما زلت جميلة عزيزتي ، سأعوضك عن سنين مظلمة ، مرت ، واجعل حياتك تبتسم بعد طول عبوس ، وتحلو لياليك ، تعبت كثيرا وأظلمت أيامك واسودت لياليك وآن لك أن تجدي الراحة..
وأولادها ؟ كيف يمكن أن تتركهم ؟
- ان هجرتنا تكونين وحدك ، لن تأخذي شيئا، لا أولادك ، ولا أثاث المنزل.....
هي تعبت في جمع ما في هذا المنزل المتداعي ، وحرصت على لم أشبالها الصغار، في جنة الحب التي غزلتها لهم بعرق جبينها ونبضات قلبها..
ولكن أين قطع الأثاث التي حرمت نفسها لتقتنيها ؟ كلما احتاج إلى نقود باع قطعة منها ، فلم يتبق إلا أسرّة الأولاد ، جاهدت كي تظل لأحبابها....
- كم كنت جميلة تلك الأيام ؟ هل نسيت ؟، سأعيدك إلى روعتك الأولى، وأكثر..
يزداد عدد المشترين ، ورودها تغري ، تدعو الإنسان المتعطش للجمال والحب،أن يبذل كل نقوده كي يحظى ببهاء الفن.... روعة أياد فتانة تغري بصرف النقود ، والتمتع ببهاء ما وهب الرحمن ، سنين طويلة مرت وهي تعاني الأمرين ، كي تجعل الأولاد الأعزاء لا يشعرون بألم فقدان من كان حيا ، ويعيش كالأموات ..
- فكري جيدا ، ما زلت محبّا ، لن تندمي معي ، ولن تمر الدمعة بعينيك ، وأبناؤك سأجعلهم يتمتعون بحبي واهتمامي ، لا تجعلي صبرك يطول ، لن يجديك التغاضي عن هفواته الكثيرة شيئا ، وأنت تعرفين هذه الحقيقة أكثر مني ، لقد تحملت الكثير ، ارحمي نفسك من هذا العناء المتواصل ولا تخيبي رجائي.
أولادها صغار، لا تملك ان تتركهم لمن لا يعرف الرحمة ولا يفهم معنى الأبوة ، هل تستطيع الشعور بالهناء وهي لا تدري كيف يعيشون؟ وكيف تتناساهم وهم بضعة القلب ومطلب الحياة ؟..
يدخل الآخر ، يعد النقود التي استطاعت البائعة جمعها ، يضعها في جيبه:
- عندي سهرة عمل هذا المساء...


صبيحة شبر



#صبيحة_شبر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وصول متأخر: قصة قصيرة
- كيف تنأى عن موقفك ؟
- وأدتُك قلبي: رواية : الجزء الخامس والأخير
- وأدتُك قلبي: رواية : الجزء الرابع
- وأدتُك قلبي: رواية : الجزء الثالث
- وأدتُك قلبي: رواية : الجزء الثاني
- وأدتُك قلبي: رواية : الجزء الأول
- نازك الملائكة عاشقة الليل والطفولة
- لميعة عباس عمارة
- لماذا يتم التحرش بالنساء ؟
- رسالة الى امرأة عراقية في يومها الوحيد
- المساواة بين الجنسين هل هي حقيقة ؟
- التكسب بالقصيدة العربية
- قراءة في المجموعة القصصية ( غسل العار) لصبيحة شبر بقلم يوسف ...
- معاناة الطفولة العراقية
- التعليم في العراق والطريق المسدود
- نضال المرأة من اجل الحياة
- نضالات المرأة من اجل وضع حد للارهاب
- المرأة ومعاناتها الطويلة
- المرأة وعنف الحروب


المزيد.....




- مبادرة جديدة لهيئة الأفلام السعودية
- صورة طفل فلسطيني بترت ذراعاه تفوز بجائزة وورلد برس فوتو
- موجة من الغضب والانتقادات بعد قرار فصل سلاف فواخرجي من نقابة ...
- فيلم -فانون- :هل قاطعته دور السينما لأنه يتناول الاستعمار ال ...
- فصل سلاف فواخرجي من نقابة فناني سوريا
- -بيت مال القدس- تقارب موضوع ترسيخ المعرفة بعناصر الثقافة الم ...
- الكوميدي الأميركي نيت بارغاتزي يقدم حفل توزيع جوائز إيمي
- نقابة الفنانين السوريين تشطب سلاف فواخرجي بسبب بشار الاسد!! ...
- -قصص تروى وتروى-.. مهرجان -أفلام السعودية- بدورته الـ11
- مناظرة افتراضية تكشف ما يحرّك حياتنا... الطباعة أم GPS؟


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبيحة شبر - بائعة الورد : قصة قصيرة