الحلقه الثامنه من مذكرات جنين عراقي تكون في فترة احتلال الطاغيه للجاره الشقيقه الكويت

ناديه كاظم شبيل

الحوار المتمدن-العدد: 1507 - 2006 / 4 / 1 - 01:40
المحور: كتابات ساخرة
    

كانت امنية امي واخوتي هي ان تكتسي ارضية الدار بالموزاييك لان ارضية الاسمنت كانت تثير الغبار عند الكنس وكانت خشنة الملمس مما تتسبب في ان اقدام الجميع اصبحت خشنه وقاسيه ولكن الامنيه الاغلى هوان تزود دارنا بالتيار الكهربائي وذلك عن طريق ربط كيبل بالعمود الكهربائي الذي يزود المنطقه التي تقع فيها مدرسة امي كما فعل جارنا المقاول ولكن تكلفة الكيبل عاليه فمن هو ذلك الشهم الذي يساعدهم على شرائه. لقد قدم والدي الكثير من الشكاوى الى المسؤولين في وزارة الكهرباء فكان يكتب عليها جملة تحفظ بسبب الحصار الظالم .توجهت والدتي لكل الخيرين من الاهل والاقارب فكان السؤال المهم هو:ولكن من اين لكم اعادة المبلغ ومتى يتم استرجاعه فتعرف باختصار ان زمان الخيرين قد انتهى .ففكرت بالتوجه الى رجال الدين ولكن سيدة وقوره طلبت منها ان تنسى الموضوع لانها سبقتها اليهم لمساعدتها بزواج ابنها حفيد رسول الله ولكنهم ساعدوها بمبلغ زهيد لا يكفي لشراءخاتم الخطوبه .اصبح اخوتي يشكون من الحرقه والاحمرار في العينين عند تحضيرهم الدروس على ضوء الفانوس فقامت عمتي الكبرى باهدائنا اللوكس الذي ينير الدار مستمدا قوته من قنينة الغاز .فرحت العائله بهذه الهدية القيمه ولكن دخول الحشرات الضاره كانت تعرقل سير الدراسه بسلام ولهذا اضطر والداي بمهمة قتل الحشرات ريثما يتمكن اخوتي من انجاز واجباتهم المدرسيه.كان اخوتي يتحرقون شوقالمشاهدة الافلام والمسلسلات التي تبثها قنوات التلفاز خاصة عندما يسالهم زملائهم عن رايهم في الفيلم او المسلسل الفلاني فكانوا يردون باستحياء بانه لا يوجد عندهم كهرباء.بدات والدتي تلاحظ ان هنالك فرقا واضحا في حجم عيني شقيقتي الكبرى واخذت تتسائل عن ذلك المرض الذي اصاب تلك العيون الجميله وعندما بثت همها لخالاتي ضحكن منها واتهمنها بالسواس القهري فصدقتهن او تمنت ذلك وتناست الموضوع الذي كان سرعان ما يعود اليها ويثير قلقها وحزنها. لاحت بارقة الامل عندما زارنا خالي الذي كان يعمل محللا كيمياويا في احدى مستشفيات السويد. كان خالي هذا صديقا حميما لابي ان يتم قبل زواجه بامي وكان خالي هذا يثني دائما على كرم ابي ويلقبه بحاتم الطائي وكان ابي هو السبب في اقناع جدتي بقبول زواج خالي من تلك الفتاة التي كانت تحبه وتراسله لان جدتي كانت مصرة على رفضها لاسباب عديده ومقنعه.استدان والدي مبلغا كبيرا من المال واشترى كل شئ لم يذقه اخوتي الصغار ولم يعرفوا حتى طريقة اكله فكان اخي الاصغر ياكل الموز بقشره ثم يلقيه ارضا لعدم استساغته لطعمه وحاول ان ياكل الفستق بقشرته الصلبه فكان يبكي عندما يحاول ابي اخراج القشرة من فمه .كان خالي الحنون ينظر الينا بعطف وشفقه ولكنه لم يحتضننا ويقبلنا كما كانت تتوقع والدتي فلقد كان بحبها في طفولتها حبا جما وكان سندها ومنقذها عندما يحاول اي طفل الاقتراب منها لايذائها وكانت هي فخورة به جدا فيكفيها فخرا ان تهدد باسمه ليقفز الرعب الى عيون الطفل المعتدي فيفر هاربا. طالت جلسة خالي في بيتنا الى ان خيم الظلام في جو الغرفه فصاح خالي باعلى صوته ان ينيروا الغرفه فردت عليه اختي الكبرى بصوت متهدج تخنقه العبرات بانه لا يوجد عندنا كهرباء لعدم تمكننا من شراء الكيبل كما يفعل الاخرون . خيم الصمت والحياءعلى والداي فلقد كانا يتوقعان بان خالي الشهم سيدس مبلغا محترما بايدي احد الاطفال وانه سيغضب جدا لعدم اخباره عن حالة البؤس التي تمر بها العائله بل اجفلا بشدة حين صرخ بامي قائلا اذا كنت في هذا الفقر المدقع فلماذا تكدسين الاطفال بهذه الصوره الم تفكري بمستقبلهم ثم امسك بيد زوجته وفر بها هاربا.بكت والدتي بعد خروجه بكاءا مرا ليس لان خالي قد رفض مساعدتها بل لانها احست بان اخيها قد مات لتوه والى الابد فبكت حرقة عليه.كانت والدتي مستعدة ان تسامح خالي لو انه اعتذر اليها بادب وستصدقه وتعذره حتى وان احست بانه يكذب ولكن ان يخيب امالها بهذه العدوانيه وامام الزوج والاطفال فهذا فوق احتمالها. القت والدتي حملها الثقيل على الله ثانية وعملت بنصيحة جدتي عندما اعتذرت لها هي ايضا قائلة ان سقط الحمل الثقيل عن ظهر صاحبه فهو المسؤول الوحيد عن رفعه ثانية.كانت والدتي تختلي الى الله وتبثه همومها كاملة وتشعر بيده الرحيمة تحنو عليها وتواسيها وتمدها بقوة عجيبة فيسرى السلام الى نفسها وسرعان ما تعود اليها ضحكتها المشرقه وكانها افاقت من كابوس مرعب. بعد هذه الزيارة بايام شح عندنا الغاز وعاد الظلام الى بيتنا من جديد وفجاة سمعت والدتي صوت بائع الغاز مناديالم تصدق والدتي اذنيها لان اي عربة لا يمكنها الدخول الى منطقتنا بسبب الوحل قال لها البائع مستغربا بانه لم يكن يحسب ان احدا يتمكن من العيش هنا وانه جاء الينا عن طريق الصدفه اجابته والدتي بلا ان اختك اضطرتها قسوة الايام على ذلك فما ان سمع بكلمة اختك تنطقها امي صادقه حتى اغرورقت عيناه بالدموع وصاح مخاطبا اياها بنبرة عراقية وبشهامة الاخ الحقيقي: وانا افتخر بهذه الاخت التي رفعت راسي عاليا سوف لن يعوزك الغازما دام اخوك على قيد الحياة قال هذا وهو يدق على صدره بقوه.نظرت اليه امي تلك النظرة الحانيه الممتنه التي كانت تمنحها لخالي عندماكان ينقذها من اعتداء جاراتها الصغيرات عندما يجتمعن عليها وقتالخصام وتقول له اشكر لله ان بعثك من جديد فلقد حسبتك ميتا. ا

#ناديه_كاظم_شبيل (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات