|
الليرة التركية /بين التراجع والهشاشة الهيكلية
عبد الجبار نوري
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 5978 - 2018 / 8 / 29 - 22:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الليرة التركية /بين التراجع والهشاشة الهيكلية عبدالجبارنوري تراجع حاد في سعر الصرف لليرة التركية أمام الدولار الأمريكي وتلك علامات تدهور الأقتصاد التركي والهشاشة الهيكلية لعملتها المتهالكة اليوم ، والحقيقة أن القلق ليس أنخفاض مستوىات سعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية وأنّما في (تذبذب) سعر صرفها وعدم أستقرارهِا عند مستوى محدد صعوداً أو هبوطاً ، ولا يمكن للسلطة الأردوغانية تغطيتها بغربال وهذه الأزمة النقدية والمالية ليست وليدة الأضطهاد الأمريكي كما يدعي أردوغان وحزبهُ الأخواني المتطرف هدفهُ كسب ود الداخل بصبغة دينية ملوثة بالديماغوجية حيث قال : ( أذا كانوا يملكون الدولارات فنحنُ لنا رحمة الله ) فتلك الأزمة قديمة ترجع إلى أتباع الأدارة التركية من توجهات خاطئة مميتة على المستويين الداخلي والخارجي في السياستين الأقتصادية والسياسية وخاصة في السنوات الأخيرة ، فنداءات أردوغان للشعب التركي بدعم الليرة الراقدة سريرياً مسألة مثيرة للتهكم والشفقة . معطيات الأزمة /أرقام مرعبة لتدهور الليرة التركية بتراجع سعر صرفها أمام الدولار إلى ما يقارب نصف سعر صرفها الرسمي مقابل العملات الأجنبية الصعبة الدولار والفرنك واليورو برقم 79-4 ليرة للدولار وكانت تصريحات أردوغان الأخيرة دفعت الليرة إلى المزيد من التدحرج المخيف إلى مستوى قياسي مقابل الدولار في المعاملات الدولية لتصل إلى 9767-4 ، الحجم الكبير للدين الخارجي والداخلي ؟ أختلال الموازين التجارية التركية ، تراجع القوّة الشرائية للعملة التركية ، أزدياد معدلات التضخم لتصل إلى 14 % ، التراجع النسبي في عرض وطلب الأستثمار ، الأجراءات الأمريكية في مضاعفة الرسوم الكمركية الأمريكية على البضائع التركية خصوصاً على الصلب بنسبة 50% والألمنيوم 20% ، خسارة قيمة الليرة التركية بنحو 40% في العام الحالي 2018 ، تعثر الأستثمارات وشلل في تدوير الدين الخارجي وتمحورت المشكلة حول نفسها لتخلق أزمة أقتصادية مستديمة التوجه في الأستثمارات التركية التي ترتكز على الأغلب على القطاع الخاص التي تنجذب مرغمة بأتجاه المديونية الخارجية الذي يجعل دور الحكومة شائكاً وصعباً يضاف إلى تفاقم المشكلة الأقتصادية ، تنامي سكان تركيا بشكلٍ ملفت للنظر حين كان عدد السكان 5-27 مليون نسمة عام 1960 أصبح 7- 80 مليون نسمة عام 2017 ، أضطرار الحكومة إلى الأستدانة الداخلية وبالعملة الصعبة لحل مشكلة ميزان المدفوعات أنتجت تداعيات خطرة في أستنفاذ أحتياطي الغطاء في البنك المركزي . الأسباب / أنخفاض الأهتمام النسبي للزراعة في 55% عام 1960 إلى 10% عام 2003 متأثرة بأتجاه تعبوي أقتصادي معولم بالتحوّلْ إلى الصناعة التحويلية والخدمات ، عجز ميزان المدفوعات متأثرة بالمديونية الخارجية مما دفع بسعر الصرف في سبعينيات القرن الماضي بحيث تعرضت الليرة التركية لحلولٍ عبثية عشوائية في رفع ثلاثة أصفار لتقويته أمام العملات الأجنبية فكان عاملاً مضافاً للتضخم النقدي ، وبتأثير الأنفتاح التجاري تعرض السوق التركي إلى الأغراق الأستيرادي الذي فاق معدلات التصدير الخارجي ، لا تقتصر الأستثمارات الأجنبية في تركيا إلى الأستثمار المباشر بل شراء الأجانب للأسهم والسندات التركية ، أرتفاع أسعار النفط لأن تركيا تستورد 90% من أستهلاكها النفطي وتعتبر تلك فاتورة ثقيلة في خانة المدفوعات الأقتصادية في تركيا ، أحجام وتردد البنك الدولي في الأقراض لغياب الضمان الأقتصادي التركي الآيل للنكوص في الآونة الأخيرة وحتى الأقراض سيكون بمحدوديات متدنية وبشروط قسرية مؤثرة على المؤسسات الأقتصادية والخدمية والمعيشية للشعب التركي ، فوبيا من الوضع الأقتصادي الآيل إلى النكوص دفعت رؤوس الأموال أن تددفق إلى الخارج والذي يؤثر حتما على موجودات البنك المركزي في دعم الليرة التركية ، التضخم النقدي الذي يؤدي إلى زيادة العجز في الميزان التجاري وأرتفاع الأسعار وخصوصاً أرتفاع أسعار الوقود الخاضعة للأستيراد ، تدخل أردوغان في السيطرة على مقومات السياستين المالية والنقدية وفي معظم السياسات النقدية بعد أن وصل إلى رئاسة الدولة أصدر قراراً في عزل محافظ البنك المركزي التركي الخبير في الأمور النقدية والمصرفية وعدم الألتزام بفترة الخمس سنوات للمحافظ وأسناد حقيبة المالية لصهره ( بيرات البيرق ) وهنا تبين لي وبقناعتي الشخصية أن ( أن هبوط الليرة ليس بسبب أقتصادي وحدهُ بل هذا الذي جرى في تركيا بسبب تصرفات اردوغان الكيفية والفردية مما يؤيد هذه القناعة هو تقارير البنك الدولي ووكالات التصنيف الأئتماني حول الأقتصاد التركي ( مسيسة ) أذ لو كان غير أردوغان لتغيرت الأمور لأن التحليل العاطفي غلب التحليل الأقتصادي العلمي ، أن الأجراءات التي أتخذتها الحكومة والبنك المركزي في رفع معدلات الفائدة إلى 75-17% وسعر الفائدة على القروض 25- 19%وطرح سندات حكومية فهي مجرد مسكنات لدعم سعر الصرف لليرة التركية وليست حلولاً جذرية ،أضافة إلى كونها من علامات شحة السيولة النقدية ، وأن دين القطاع الخاص يبلغ حوالي 18-17%من الناتج المحلي الأجمالي ، الأزمات السياسية الداخلية للمعارضة التركية وعسكرة المجتمع التركي وأدارة الأزمات بعقلية عسكرية في معاقبة صارمة للعساكر والمدنيين بتهمة تأييد ذلك ألأنقلاب الفاشل وعدم تمكن أردوغان من تصفير مشاكل تركيا مع دول الجوارالعراق وسوريا والمعالجة القمعية للقضية الكرديةPKK التي باتت حرب أستنزاف للأقتصاد التركي المتعب في الآونة الأخيرة ، سياسة أستعباد الشعوب بنهج عنصري في ثقافة الأقليات القومية تحت ظل سياسة الأخونة التي ثبتت فشلها في عموم العالم العربي ، خسائر كبيرة جراء دعم أردوغان للأرهاب الدولي ، أضافة إلى عدم أستيعاب العقوبات الأمريكية عليها ربما تؤثر على أقتصاديات روسيا والصين وأيران وتركيا ولكن تشكل لدى تركيا عاملا سيئا مضافا إلى مجمل الأسباب التي دفعت الليرة التركية إلى الهبوط الحاد في الآونة الأخيرة . كاتب ومحلل سياسي عراقي مقيم في السويد 30 أب 2018
#عبد_الجبار_نوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أضواء على كتاب - ما بعد الرأسمالية المتهالكة - للدكتور سمير
...
-
تأثير العقوبات الأمريكية على العراق ؟!
-
قانون - القومية- لليهود / أبارتهايد أسرائيلي ؟!
-
هيروشيما والحصار الأقتصادي على العراق / وتزامن الأحداث المفج
...
-
قراءة في كتاب -محطات من حياتي - للدكتور الرفيق خليل عبدالعزي
...
-
غلق مضيق هرمز --- التحديات ورهانات المستقبل !؟
-
توفيق الحكيم / روايته -عصفور من الشرق - وصراع الحضارات !؟
-
الأقتصاد العراقي ---- إلى أين ؟!
-
التصحّرْ --- قاتل يتمدد بصمت!؟
-
التصحر قاتل يتمدد بصمت Silent Killer
-
وتُسرقْ الأسلاميّة!؟
-
- قمة سنغافوره - / ورهانات التوظيف السياسي للسلاح النووي!؟
-
المونديال تمازج ثقافات/ أين العرب منها؟!
-
حكاية فنتازية / أسمها أحتراق ضمائر!؟
-
كتاب - مكرم الطلباني - / أحمد علي سبع - قراءة في رؤى الوزير
...
-
الفنان التشكيلي - نبيل تومي -/ خواطر في الحب والجمال والسلام
-
توسونامي -المخدرات - في العراق /المخاطر والأسباب والعلاج!؟
-
أسباب - العزوف - عن الأنتخابات العراقية للعام 2018
-
سيناريوهات ما بعد الأنتخابات/ وبروستاريكا الرقم الذهبي !؟
-
الفيلم الفرنسي - بنات الشمس - /وكتيبة المقاومة النسوية !؟
المزيد.....
-
ترامب يريد معادن أوكرانيا الثمينة والنادرة مقابل الدعم المال
...
-
الصفدي يكشف عن رسالة لوزير الخارجية الأمريكي بشأن -حل الدولت
...
-
قاعدة عسكرية تركية وسط سوريا.. أنقرة ستوسع حضورها العسكري في
...
-
بعد سنوات في قيادة الناتو.. ينس ستولتنبرغ على رأس وزارة الم
...
-
شتاينماير يتفقد قوات بلاده في الأردن ويجري محادثات مع الملك
...
-
حاكم ولاية تكساس يوجّه الحرس الوطني بفرض قانون الهجرة على ال
...
-
بيدرسون يعلق على -نجاح المرحلة الانتقالية السياسية في سوريا-
...
-
تحذير جديد.. ارتفاع -مقلق- في مستويات البلاستيك الدقيق داخل
...
-
بيسكوف: العالم يصبح متعدد الأقطاب ولا يمكن تجاهل ذلك
-
حل لغز الغبار المشع الذي جاء إلى أوروبا من إفريقيا
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|