جميلة بلطي عطوي
الحوار المتمدن-العدد: 5976 - 2018 / 8 / 27 - 20:58
المحور:
الادب والفن
بحْر السّرد يَمٌّ متلاطم في خضمّه تتدافع المراكب ، أشكال متقاربة ، متباينة ، أشرعة تطول وتقصر والمجاديف يُلهبها الحماس . تركب ظهر الموج مطايا أعنّتُها شامخة ، على ظهرها حُداة يقيمون عرس اللّغة ـ ينصبون موائد البَوْح ، يتفنّنون في رصف ما تشتهيه العين ويقرّه الخاطر.
أطباق فاخرة حرص طبّاخوها على جعل نكهتها تأسر الأحاسيس وتسبي العقول منها ينهل الآكلون ولا شبع.
في خضمّ الرّحلة ينبري مركب غلّقت عليه قناديل كالنّجوم ، شراعه نُسج مِنْ شفيف الصّور ومجدافه نبض حياة خفيّة ، يبدو مختلفا وهو الذي عقد العزم على كسر الحدود بين المناهل الأدبيّة ، في ذاكرته رصّف أنواع البيان ، في وطابه جمع من كلّ المنابع واقتحم الشّطآن.
كان ضمن المجموعة لكنّه نصب رهان الفوز ، حشد الأقلام فتدفّق المداد يهطل سيلا مدرارا ، غيم لا تقيّده الفصول يخصبُ الرّقع البيضاء فيزهر الفنّ على عتبات التّدوين ، براعم متناسقة ، متسابقة لا يهدأ لها بال وهي تذرو عبق الياسمين ، تبتكر من الأشكال صناعة لا قرين لها في عالم القول والتلاوين.
إنّها " أصابع الضّوء"تنسج رداء الدّلال دون تكلّف فتنبري القصائد وقد رضعت رحيقها من شرايين القلوب وترعرعت بين حسّ ووتين لتنشأ بهيّة الطّلعة ، رخيمة الصّوت ، عالية الإحساس ، غيد لا تطولها أحلام العشّاق ولا أقلام النّسّابين.
هنا يتحوّل الشّعر إلى " سباحة في محيطات الرّوح" ، عالم فريد متفرّد ، منهل ترتشف منه النّغبة فيزداد الظّمأ ، ترتمي في خضمّه الهادر فتروقك هدهدة القوافي ، تعبير وعبير ، نشوة الخلق تعتلي ذروة الإبداع ، تلقمك أفانين البوح ، على بساطها الزّمرّديّ تطير، شحرور أنت في عوالم الجمال تغرّد حولك تنشر البهجة ، تهمس في الآذان : طوبى لمَنْ عبق حسّه وسال مِداده، طوبى لمَنْ أتقن هندسة السّرد التّعبيري وكان مِنْ رُوّاده..
#جميلة_بلطي_عطوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟