-1-
أنا قصيدةٌ صفراءُ وشاحبة ،
بسببِ فقرِ الدم ،
بسببِ الحصار ،
بسببِ البي ففتي تو B52 ،
وسجاد قنابلها الوثير.
أنا قصيدةٌ صفراءُ وذابلة ،
من جنوبِ العراقِ الطويلِ كصيهلٍ عندَ الفجر ،
من الفراتِ المغسولِ برائحةِ الطلعِ والغمامِ الأخضر ،
من جبال الكرد الملفعة بالأنين والكوارث ،
من بغداد َ السمراء كلفحةِ السوط ،
على فخذٍ رخص .
أنا قصيدةٌ صفراء ،
وقلبي يرقصُ هلعاً ،
على فتيانِ الكتيبةِ الرابعةِ والخمسين مشاة ،
الفتيانِ المرصودينَ بدقة ،
قرابين َ جاهزة لحربٍ أخرى ،
عمياء وذات أنياب معقوفة ،
كنوايا الزعماءِ اللزجة ،
كأحلامهم المرقطةِ بالسمومِ والإلكترونات .
أنا قصيدةٌ صفراءُ وقد شبعتْ موتا ،
نحتَ الرعبُ تقاسيمَ لهاثي ،
وجعلني كبوصلة من الدمع ،
أتقدمُ الصفوفَ ،
بحثاً عن نهايةٍ بيضاء ،
لهذا الليلِ الطويل ،
بحثاً عن نخلةٍ بكاملِ أعضائها ،
تراقصني الليلةَ ،
في باحة الموت هذه .
-2-
زهرةٌ سوداءُ بعطرٍ أبيضَ ،
على جراحكِ القادمةِ يا بغداد ُ
زهرةٌ سوداءُ مشذبةٌ بالتنهداتِ الحرّى
على جبينكِ أيتها اللعوبُ المشاكسة
أيتها الناسيةُ نفنوفها المشجرَ بالخرافات
نهباً لنسيماتِ الربيعِ الماجنة ،
أ هي النسيمات غنت :
( على شواطي دجلة أمر... يا منيتي وقت الفجر *) ؟
يا مَنْ تشربينَ الماءَ ،
من هواءِ المنايا الأزرق ،
وتتبرجينَ مرةً في العمر ،
لتمضيَن بعدها .. الى المحرقة !
لقد انقضى زمنُ الفرسانِ القساة ..يا بغداد ُ،
وحلَّ عهدُ القتلةِ المبتسمينَ بضراوة ،
هاهم يتسللونَ خلسةً بين إغفاءاتِ الأطفال ،
وغصونِ البخورِ الرمادي ،
تتواشجُ في مجالسِ العزاء .
لقد انقضى زمنُ الفرسانِ القساةِ ...يا بغداد ،ُ
وحلَّ عهدُ القتلةِ الأبرياء ،
الذين خاضوا طويلا في دمنا العبيط
ثم طالبونا بتتويجهم أبطالاً وأنصاف آلهة !
أيُّ دويٍّ كتيم ،
تخلفه ُ قطرات ُ الماء ِ المتساقطة ِ ،
على السعف ِالأبلهِ ،
وغدائرِ الصبايا الغاديات الى المدارس ؟
أيُّ خرابٍ يتراكمُ كما الظنون ،
كما زبد البحر ،
في مفازات العدم ؟
أي صهيل تموزي عميق ،
سيطلقه الحصان العراقي العالي.. ثملا بالضوء ،
و مخددا بنجوم الفولاذ الأمريكية ؟
أي برق أخضر ،
سيلوح بعد الآن ،
بين القبور الجماعية ،
لأولادنا وبناتنا ،
لأحفادنا و جداتنا ؟
أيُّ ترابٍ غريبٍ ،
سيكونُ جديراً ،
بعظامنا الخائنة ،
و راياتنا الصفراء ،
أيتها القصيدة .. ؟
===============
* مطلع أغنية عراقية مشهورة .
nisabaonline.com