أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - حاجتنا إلى الشعر وقفة مع نص للشّاعر فراس حج محمد














المزيد.....

حاجتنا إلى الشعر وقفة مع نص للشّاعر فراس حج محمد


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5971 - 2018 / 8 / 22 - 10:04
المحور: الادب والفن
    


حاجتنا إلى الشعر

وقفة مع نص للشّاعر فراس حج محمد

رائد محمد الحواري

أولا: النص

كلّ ليلة تنفتح الغيمةُ

أشرب نخب جمالك الجسديّ

أتذوّق طعم السّكر المعصور في شفتيكِ

طفلا ليس يعرف غير مائكْ

أبتهل كصوفيّ جريء بين أعضائكْ

خبزك ناضج كثمرة إلهيّة

خمرك مائدة للنّشوة تصحو

وتكبر

تكتبني سفر قصيدة عشق سماويّة

أيّتها المخلوقة من ورق الجنّةْ

محلّاة بعطر ملائكة اللهْ

لا تنامي قبل أن يغسلك اللّيل بي

لأصبح جذرا يرتوي من تربة وردكْ

ثانيا: القراءة

نحن دائما بحاجة إلى الشعر، لأنه يمتعنا، ويفرحنا، ويجعلنا نتقدم من الحياة، في هذه القصيدة نجد نصّاً مطلق البياض، فلا نجد إلا "ليلة، المعصور" جاءتا صعبتين رغم أنهما ضمن السياق وتخدمان فكرة البياض، ودونها تكون القصيدة ألفاظا ومعاني ومضمونا مطلقة البياض، وإذا ما توقفنا عند فاتحة القصيدة سنجدها تفتح أبوبها مشرعا لنا:

"كلّ ليلة تنفتح الغيمةُ" إذا ما توقفنا عند كلمة "غيمة" ستجعلنا نتجه إلى الماء وما يتبعه من أفعال ووصف:

"أشرب نخب جمالك الجسديّ" فالشرب متعلق بالماء، لكن الشاعر يقدمنا من حالة شرب أخرى، شرب ما هو لذيذ ومنعش، فكان جسدها.

إذن الشاعر يقدمنا من حالة شرب الماء العام، المتاح للكل الذي يشربه الناس وبقية المخلوقات الأرضية، إلى حالة شرب خاصة، تقتصر على من يهيمون في عالم استثنائي، من هنا جاءت "نخب" لتؤكد هذه الخصوصية، يدخلنا "فراس" أكثر إلى عالمه الاستثنائي من خلال:

"أتذوّق طعم السّكر المعصور في شفتيكِ" استخدم الشاعر للفعل المضارع "أتذوق" أراد به أن يؤكد استمرارية اللذة والمتعة التي هو فيها، لهذا أعطانا تفاصيل تلك اللذة الحاضرة "في شفتيك" ليتذوق حلاة السكر منها وفيهما.

يعطنا الشاعر صورته مع الحبيبة: "طفلا ليس يعرف غير مائكْ"، فالماء هنا يأخذنا إلى النهدين وإلى ما بين الفخذين، وعندما جعل من نفسه "طفلا" أراد أن يؤكد عدم معرفته إلا لهذا الغذاء/الشراب الموجود في جسد الحبيبة، وكلنا يعلم حاجة الطفل للتغذية.

يتقدم الشاعر أكثر من جسد الحبيبة، فيتوحد به كما يتوحد الصوفي مع ربه: "أبتهل كصوفيّ جريء بين أعضائكْ"، فالحبيبة هنا تتماثل والطبيعة الفسيحة، فهي تمنحه الشعور بمتعة الجمال، وأيضا تعطي حالة من التأمل بخالق، بموجد هذا الجمال، فتجعله "يبتهل" ممجدا هذا الجمال فيقول: "خبزك ناضج كثمرة إلهيّة "، فهذا أول تمجيد للحبيبة، ف"خبزها" ناضج، وبالتأكيد المقصود هنا غير الخبز، لأنه قرنه بالثمرة، والثمرة الناضجة إذا لم نقطفها تسقط، أو تشوه بقية الثمر، من هنا أراد بهذا الخبز الحديث عن جسدها، لهذا يكمل تمجيده لها فيقول:

"خمرك مائدة للنّشوة تصحو

وتكبر"

الشاعر يركز في ابتهالاته عليها من خلال استخدمه لحرف "الكاف" عندما وصفها بالخمر اعطاها حالة الهيام الكلي عن الوعي، وفي ذات الوقت النشوة العارمة والمتجددة والمستديمة، لهذا قال عن أثر الخمر "تصحو/ تكبر"

للشاعر أدواته، كتابة القصائد:

"تكتبني سفر قصيدة عشق سماويّة"

ذروة تمجيد الحبيبة جاء في هذا المقطع، فهي من تكتبه القصيدة، بمعنى هي من تمنحه صفة "شاعر" فبدونها سيفقد الإلهام/ لأنها هي من تكتبه، وليس هو من يكتب.

يتقدم الشاعر أكثر في تمجدها فيقول:

"أيّتها المخلوقة من ورق الجنّةْ" فهنا للورق أكثر من معنى، الورقة الذي يستخدمه الشاعر لكتابة قصائده، والورق الذي أراد به إخفاء عورة "آدم وحواء" وكأن الشاعر أرادها أن ليكتب عليها قصيدته، وأرادها ليغطي عورته/جسده بها، وهذا ما يقدمنا من فكرة التوحد الجسدي بينهما.

يعود بنا الشاعر إلى عالم اللذة والمتعة من خلال:

"محلّاة بعطر ملائكة اللهْ" وكأنه بهذا الوصف أراد أن يعطينا حالته بعد التوحد معها، فهي "محلاة" بحيث يبقى بحاجة إلى البقاء طويلا ليستمتع أكثر بهذه الحلاوة.

ينهي الشاعر ابتهالاته/ تمجيده لها، وينقلنا إلى حالة أخرى:

"لا تنامي قبل أن يغسلك اللّيل بي"

الاغتسال يمثل حالة الطهارة والانتقال من حالة الكفر إلى حالة الإيمان، فالشاعر أرادها أن تكون طاهرة بعد أن تغتسل به، وهذه من أجمل الصور التي استخدما "فراس" ففيها حالة التمازج والتوحد بين الجسدين.

يختم الشاعر القصيدة:

"لأصبح جذرا يرتوي من تربة وردكْ"

وهنا تكمن العلاقة الحميمة بين الغيمة التي جاءت في فاتحة القصيدة وبين الجذر الذي يرتوي، ولا بدلنا أن نتوقف عند الماء الذي جاء في النص: "الغيمة، أشرب، مائك، يغسلك، يرتوي" فهو للتأمل والأمل عندما يكون في غيمة في السماء، وهو للشرب، يروي الظمأ، وهو للاغتسال، للطهارة والانتقال إلى حالة نفسية وفكرية جديدة، وهنا تجتمع كافة صفات وخصائص الماء، المادية والنفسية معا.

أما حالات التوحد فجاءت "أشرب، أتذوق، غير مائك، كصوفي، تكتبني، الليل بي، يرتوي" كلها تعطي مدلول على التوحد والانصهار، وهذا التوحد يأخذ الحالة الجسدية والرواية والجمالية، فالشرب والتذوق والليل بي، ويرتوي، متعلقة بالحالة الجسدية، أما "كصوفي" فهي متعلقة بالحالة النفسية، وتكتبني، متعلقة بالجمالية، فالمرأة هنا تمنح الشاعر عناصر الوجود الإنساني كاملة، بحث يكون إنسانا سويا.

القصيدة منشورة على صفحة الشاعر على الفيسبوك



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أثر المكان في مجموعة -كرز- سليم البيك
- مناقشة ديوان القصائد النثرية -تعويذة الحب والياسمين
- الكلمة والحرف في قصيدة -قلق- -رائد عمر العيدروسي-
- ديوان -تعويذة الحب والياسمين- هادي زاهر كلما ابتعد الأ
- المرأة والمجتمع في رواية -أوراق خريفية- محمد عبد الله البيتا ...
- الأبيض والأسود في قصيدة -غيمة- جواد العقاد
- الواقع في كتاب -جمهورية ساندويتش الديمقراطية- خلدون صبيحي
- الفعل الأسود في قصيدة -خلف هذا الوقت- عمار خليل
- دراسة لمسرحيتي للأديب رائد الحواري مسرحية -غ. ر. ي. ب.- أسام ...
- الموضوع واللغة في ديوان -بانتظار المطر- ماجد أبو غوش
- الذاكرة الخصبة في ديوان -الذاكرة المنسية، بيت الريش- محمد ال ...
- القصيدة المجنونة -آن لي- عبود الجابري
- اللغة والفكر في ديوان -هي عادة المدن- خالد جمعة
- دار الفاروق تناقش ديوان -وأنت وحدك أغنية-
- الزمن الجميل في رواية -ما تترك الأيام- ماجد ذيب غنما
- الصوت والصدى في ديوان -مطر بن الوردية- حمدي مخلف الحديثي
- الومضات في كتاب -ليتها تقرأ- خالد الباتلي
- الفرح عند -محمد دقة-
- الأخلاق في رواية -عائد إلى حيفا- غسان كنفاني
- الصور في قصيدة -عبق الروح- هادي زاهر


المزيد.....




- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - حاجتنا إلى الشعر وقفة مع نص للشّاعر فراس حج محمد