أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - حين يفترسُنا العشقُ سرًّا














المزيد.....

حين يفترسُنا العشقُ سرًّا


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5969 - 2018 / 8 / 20 - 15:20
المحور: الادب والفن
    




الرجالُ المفتونون يُعظّمون ويُهوّلون كل السِّمات البسيطة في حبيباتهم. تحت وطأة الضغط، كل العشاق تقريبًا بوسعهم أن يسردوا الأشياء التي لا يحبّونها في أحبتهم. لكنهم يقنعون أنفسَهم بأن تلك العيوبَ ملامحُ تفرُّد وجاذبية. "هكذا يدير العشاق أسباب عاطفتهم/ لكي يحبوا نساءهم لدرجة عشق نقاط ضعفهن." هكذا قال موليير. بل أن البعض يسقطون صرعى محبوباتهم بسبب عيوبهن.
"ولعُ العشاق بالمزايا الإيجابية في أحبّتهم هو لونٌ من التجاهل الفاضح للواقع. إنها الحياة عبر منظار ورديّ، ما أسماه علماءُ النفس: تأثير العدسة الوردية." هكذا تصف فرچينيا وولف ذلك النوع من الرؤية قصيرة النظر، قائلة: "الحبُّ.... إنْ هو إلا وهمٌ خادع. قصةٌ يحبكها الإنسانُ في ذهنه عن شخص آخر. ويعلم المرءُ طوال الوقت أن الحكاية غير حقيقية. وبالطبع يعلمُ، لماذا يحرص دائمًا على ألا يكسر ذلك الوهم."
النماذجُ التي اختارتها عالمةُ الأنثروبولوجي الأمريكية هيلين فيشر في استطلاعها من العشاق الأمريكان واليابانيين، تعكس بالتأكيد "تأثير العدسة الوردية" تلك. حوالي 65% من الرجال و 55% من النساء في الاستطلاع، وافقوا على عبارة: "حبيبي/خبيبتي لديه/لديها بعض العيوب، لكن تلك العيوب بالفعل لا تُزعجني". و 64% من الرجال و61% من النساء أجمعوا على عبارة: "أحبُّ كلًّ شيء فيمن أحب.”
لَكَم نخادعُ أنفسَنا حين نحبُّ. كان شوسر على حق حين قال: "الحبُّ أعمى."
واحدٌ من الأعراض الرئيسية في الحب الرومانسي هو التفكير الاستحواذي المُفرِط في المحبوب. وهو معروفٌ لدى علماء النفس باسم "التفكير المُقتحِم". فأنت ببساطة لا تستطيع أن تُخرج حبيبك من رأسك.
والأمثلة على التفكير المقتحِم تظهر بغزارة في الأدب. الشاعر الصيني ابن القرن الرابع، تزو ييه، كتب: "كيف يمكنني ألا أفكر فيكِ يا معشوقتي؟!"، وكذا شاعر ياباني مجهول عاش في القرن الثامن كتب وهو يئنّ قائلا: "اشتياقي لها لا نهاية له فمتي ينقطع؟" چيروت دي بورنيل، شاعرُ التروبادور الفرنسي ابن القرن الثاني عشر، أنشد يقول: "عبر عشق عظيم… ثمة أفكارٌ تعذّبني على نحو غير رحيم." أما المواطن النيوزيلاندي فقد عبر عن معاناته بتلك الكلمات: "أرقدُ يقِظًا ليلةً بطول العمر/ لكي يفترسنى العشقُ سِرًّا."
ربما المثال الأكثر إدهاشًا على التفكير المقتحِم يأتي من القطعة الأدبية القروسطية في ولفارم فون إيشنباتش، للأديب بارزيفول. في تلك القصة، كان بارزيفول يركب حصانه ويتهادى به على إيقاع الخبب حينما شاهد فوق جليد الشتاء ثلاث قطرات من الدماء، مختبئات تحت بطة جرحها صقرٌ. ذكّرته قطراتُ الدم بمزيج المرمر مع اللون القُرمزي في بشرة زوجته، كوندويرامورس. مشلولًا بالمفاجأة، جلس بارزيفول في حال من التأمل، متجمدًا على سرج فرسه. "وهكذا، تلبّسه إلهام التأمل، تائهًا في أفكاره، حتى هجرته حواسُّه. العشقُ الهائل أسرَه في حال من الاستعباد."
لسوء الحظ، كان بارزيفول حاملا رمحه المسنون، رمز الفروسية والتحدي. وسرعان ما لاحظه فارسان كانا يعسكران في مرج قريب مع الملك آرثر، فركضا نحوه ليبارزاه. ليس قبل أن يغطي أتباع بارزيفول قطرات الدم بوشاح أصفر، ثم أفاق من غيبوبة العشق، فامتشق سلاحه، وتأهب للمعركة المميتة.
الحبُّ جبّارٌ. وليس مدهشًا، أن 79% من الرجال و78% من النساء في استطلاع الآراء، قد قرروا أنهم أثناء وجودهم في الفصل الدراسي أو في العمل كانت أذهانهم تسرحُ باستمرار في معشوقيهم. وأن 47% من الرجال و 50% من النساء وافقوا على عبارة تقول: "مهما بدأ عقلي في التفكير، إلا ان عقلي سرعان ما ينتهي دائمًا بالتفكير في ---". استطلاعات أخرى سجلت نفس النتائح. وسجل المشاركون في الاستطلاع أنهم يفكرون في "أحبتهم" حوالي 85% من ساعات صحوهم.
كم كان ميلتون ذكيًّا في "الفردوس المفقود" حين جعل حواء تقول لآدم: "باستحوذاكَ عليَّ، أنسى الوقتَ كلَّه."
-
مقطع من كتاب "Why We Love?” تأليف هيلين فيشر، ترجمة فاطمة ناعوت



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دموعٌ على جديلة … وآيسبرج على حُفاة!
- بوق نذير: -أنتِ ماحساش بالناس-!
- هل تعرفون المصريين الأرمن؟
- أسئلةُ -جوجان- الصعبة
- المتحف الكبير … هديةُ مصرَ للعالم
- نادي الشرق الأدنى للأرمن
- قواعدُ الرجال … يا نساء العالم!
- ه. ق. … أقصر رسالة في التاريخ!
- على أبواب الجامعة: كهف الفيلسوف، وحبل الفيل
- الخوف من الخوف
- لماذا الأوغاد لا يسمعون الموسيقى؟
- من الذي جرح ساقها؟
- كتاب الأخلاق … يا وزير الأخلاق
- كارما… المسيحيُّ في قلب المسلم
- لكي لا ننسى صناع الهلاك!
- خطأٌ مطبعيٌّ ... بالقلم الكوبيا
- محمد صلاح ... وجه مصر … من وجوه الفيوم
- باقي زكي … مفتاح كسر صهيون
- جدتي … المعمارية الأولى
- زحام في بيتي ... ولا أحد


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - حين يفترسُنا العشقُ سرًّا