الحلقه السادسه من مذكرات جنين عراقي تكون في فترة احتلال الطاغيه للجاره الشقيقه الكويت

ناديه كاظم شبيل

الحوار المتمدن-العدد: 1505 - 2006 / 3 / 30 - 09:01
المحور: كتابات ساخرة
    

كانت والدتي الحنون تخاف الكلاب بشكل هستيري وسبب ذلك انها تعرضت في طفولتها لهجوم شرس من قبل كلب الجيران اذ انه كان مربوطا وعندما مرت بجواره حاملة بيدها الصغيره قطعة من خبز اللحم كانت تاكلها بتلذذ وبما انه كان جائعا نبح كي تعطيه شيئا منها ولكنها لم تكن تعلم ما كان يدور في خلده فاجفلت منه وارتدت الى الخلف فما كان منه الا ان يهجم عليها ويعض فخذها الغض عضة شرسه فاصيبت بذعر شديد لم تمح اثاره السنين ولهذا ولحد الان ما ان تبصر كلبا حتى تسرع راكضة بدون ان تشعر ولما لاحظت انها بعملها هذا تثير حتى الكلب المسالم فيصر على اللحاق بها قررت ان تترك هذه العاده الجبانه وتتظاهر بالشجاعه والثبات فلا تفر الاعند الضرورة القصوى فتطلق قدميها للريح فلا يلحق بها كلب ولا حتى ابن كلب وبهذا اوصت اخوتي ايضا ولكن اخي الاكبر تعرض لهجوم من عدة كلاب دفعة واحده فلم يستطع تطبيق نصيحة امي الغاليه واستاعت الكلاب ان تحوطه وتلقيه ارضا ولحسن الحظ كان الحارس الطيب مارا من امامه واستطاع ان ينقذ حياته ولكن بعد ان حصل على العديد من العضات المؤلمه فكان قرار العائله هو التوجه باسرع وقت الى مدينة الطب وفي مختبر باسكال اجري له اللازم وزرق باربعين ابرة لمدة اربعين يوما بالتمام والكمال وطلب الطبيب مراقبة اخي والاهتمام به لمدة اثنان وسبعون يوما ان هذه المده كانت كابوسا مرعبا على مشاعر والدي واصبح اخي هذا مدللا محظوظا لدرجة ان جميع اخوتي تمنوا ان يكونوا مكانه وقبل انقضاء المده بفترة قصيره اصيب اخي بارتفاع درجة الحراره يصاحبها النحول والخمول ثم ابتدا يتقيا كلما تناول الطعام انخلع قلب الجميع وبدات الدموع والزفرات تنهمر بحراره ولكن الطبيب ازال كل الشكوك باحتمال اصابته بداء الكلب عندما قال بان اخي يشكو من التهاب اللوزتين الحاد عندها اشرقت الشمس في بيتنا من جديد وزغردت الفرحه في عيون الجميع.كانت اختي الكبرى ورغم صغر سنها تتمتع بذكاء حاد وبمرح دائم ومحبوبة من الجميع وكانت تساعد امي باستمرارفي كل شؤون البيت وكانت محل ثقة امي واحترام ابي فكانت امي تستشيرها في امور كثيره وتعتمد عليها كما لو كانت صديقتها ومعلماتها جميعا يثنين عليها وكل واحده تتمنى ان لو كانت هي ابنتهاوبما ان بيتنا كان يعوزه التيار الكهربائي كانت والدتي مضطرة الى تصحيح اوراق امتحان الطلاب نهارا ولهذا طلبت من شقيقتي ان تاخذ اخوتي وتصعد بهم الى الطابق العلوي كي تستطيع التركيز جيدا فاطاعتها شقيقتي واصطحبت جميع اخوتي ا الى الطابق العلوي وكانت والدتي تناديها بين فترة واخري للاطمئنان على سير الامور فتجيبها شقيقتي بان كل شئ على ما يرام ثم ابتدا اخي الاصغر بالصراخ فحاولت اختي تهدئته ولكن الصراخ استمر فقلقت والدتي وامرتهم بالنزول واستمر صراخ اخي وبعد لحظات اصبح وجه اخي برتقاليا فغسلت والدتي وجهه ظنا منها بان اختي قد صبغته ولكن اللون لم يختف فانزعجت والدتي وسالت اختي الثقه عن السبب فارتبكت شقيقتي كثيرا ولم تجب والدتي بشئ ولما كررت والدتي السؤال اجابتها والدموع تنهال من عينيها البريئتين بانها كانت تمثل دور الدكتوره ثم صمتت فاكملت والدتي وانك اعطيته الدواء واجبرته على تناوله هزت شقيقتي راسها بالايجاب فسالتها والدتي عن نوع الدواء فقالت اختي بانه الحبوب الخضراء التي يستعملها والدي تناولت والدتي حبوب المعده واسرعت ووالدي الى مستشفى الطفل العربي وفي سيارة الاجره اشتد صراخ اخي وبدا وكانه لا يستطيع التنفس فاخذ يضرب وجه امي بكلتا يديه ويرفسها بعنف ولم تفلح امي بتهدئته . كانت صالة المرضى تعج بالاطفال الذين تسمموا نتيجة تناولهم الحبوب لكونها مغلفة بالسكر ولكون الاطفال قد حرموا من السكر بامر القائد الضروره اخذوا يبحثون عنه في ادوية ذويهم كان منظر الاطفال يرثى له فلقد كانوا يصارعون الموت وبعضهم لم يستفق من غيبوبته والسلامه براس السيد الرئيس وكانت دموع الامهات وزفراتهن تقطع اعتى القلوب الا قلب الفارس المقدام .زرق اخي بكميه كبيرة من سائل يساعده على التقيؤ وبعدها راح في سبات عميق اخذ الطبيب يفحص اخي وعلامات الياس بادية عليه خاصة بعد ان فتح عينيه وسلط عليهما الضياء لم تكن هناك ردة فعل للضوء فسالت والدتي الطبيب ان كانت النجاة ستكتب لاخي اجابها باقتضاب ان الله وحده قادر على كل شئ ولست انا .تلاشى الامل من قلب امي فانهارت وسقطت على الارض لا تقوى على الوقوف فاجتمعت حولها الامهات الجريحات واخذن بمواساتهاقالت لها احداهن ناصحه اياها وكلها ثقه :ان نذرت بان توقدي شموعا وتهديها للعذراء مريم فان ولدك سيعيش شعرت والدتي ان بصيصا من الامل بدا يشرق في اعماقهاوان سلاما قد ولد داخل روحا المظلمه فجثت على الارض وصاحت بصوت متقطع تخنقه العبرات :يا سيدتي يا مريم العذراء ياام المسيح الذي اقام الموتى والذي خلق من الطين كهيئة الطير فصار طيرا باذن الله اسالك بحق ابنك الذي اسمع الصم وانطق البكم وشفى المرضى ان تعيدي الحياة لفلذة كبدي وبينما كانت والدتي والدتي مستمرة بدعائها هذا شعرت بنوع من السلام يعم كيانها واصابها نوع من الخدر اللذيذ فاغمضت عنيها واذا بها تفتحهما بسرعة بسبب الضجيج والزغاريد التي دوت في الردهه واذا بايدي الامهات تمتد اليها لتساعدها على النهوض لتحمل اخي الذي بدا يستفرغ كل ما تحويه امعاؤه نظر الطبيب الى امي باسما وطالبا منها الخروج لانه تاكد من زوال الخطر عن اخي عندما شاهد ه وهو يصرخ ويلوح لوالدتي كي تحتضنه.

#ناديه_كاظم_شبيل (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات